موسكو- بدأت روسيا على ما يبدو مرحلة جديدة في الحرب ضد الولايات المتحدة الأميركية في سوق الطاقة مع إطلاقها مشروع "أركتيتك للغاز المسال 2" لإنتاج المنصات المتنقلة لإسالة الغاز الطبيعي، والذي تراهن موسكو على أنه في غضون سنوات قليلة سيسمح بزيادة حصتها في سوق الغاز الطبيعي المسال عالميا.

وفي ضوء العقوبات القاسية المفروضة عليها بدأت المنافسة الروسية في سوق الغاز الطبيعي المسال الناشئ تأخذ أبعادا جديدة بعد أن أصبحت قضية تسييل الغاز الطبيعي وتصديره أكثر إلحاحا على خلفية انخفاض إمدادات النفط للأسواق العالمية ومحدودية فرص استخدام خطوط الأنابيب.

وجاءت مشاركة الرئيس فلاديمير بوتين في حفل إرساء المشروع -والتي لم يتم الإعلان عنها مسبقا- لتدلل على حجم الطلب الآخذ في الازدياد على هذا الوقود، وأهمية خطوط الإنتاج الجديدة في تعويض خسائر روسيا جراء تفجير خط أنابيب نورد ستريم في سبتمبر/أيلول 2022، والذي تتهم فيه موسكو كييف وجهات غربية بالوقوف وراءه.


ويشمل المشروع إنشاء 3 خطوط تكنولوجية لإنتاج الغاز الطبيعي المسال بطاقة إجمالية تبلغ 19.8 مليون طن سنويا ومكثفات غاز مستقرة تصل إلى 1.6 مليون طن سنويا، وذلك من خلال ما تسمى قاعدة نوع الجاذبية أو نوع الجاذبية البحرية الثابتة أو منصة الجاذبية البحرية، وهي منصة لإنتاج النفط أو الغاز مثبتة على القاع باستخدام وزنها وتوصيلات الجزء السفلى من المنصة.

وبالإضافة إلى ذلك يسمح عدم وجود أعمال بناء مصنع للغاز الطبيعي المسال بتقليل التأثير الضار على البيئة بشكل كبير.

ويتزامن توقيت إطلاق المشروع مع شحن أول خط إنتاج للغاز الطبيعي المسال على طول طريق البحر الشمالي إلى حقل أوترنيي للغاز الطبيعي في شبه جزيرة غيدان في يامال.

فتحة "نهاية العالم"

واشتهرت شبه جزيرة غيدان الواقعة في أقصى شمال روسيا بعد العثور فيها في العام 2014 على فتحة ثانية تشبه تلك التي اكتشفت قبل وقت قصير من ذلك على بعد نحو 30 كيلومترا من حقل غاز بوفانينكوف بقُطر 60 مترا وسميت فتحة "نهاية العالم"، إذ تشكلت نتيجة انطلاق الغاز من أعماق الأرض المجمدة، حيث قال شهود العيان إنهم شاهدوا انبعاث ستار دخاني تبعه انفجار ناري رافقته هزة أرضية قوية.

حرب العقوبات

ويأتي إطلاق هذا المشروع بعد فرض عقوبات قاسية على إمدادات الغاز الطبيعي الروسي في عام 2022، وكان الجزء الأكبر منها يذهب إلى أوروبا، مما أجبر موسكو على إعادة تنظيم وتسريع تطوير إنتاج الغاز الطبيعي المسال الذي لا يخضع للعقوبات.

يذكر أن نقل الغاز المسال أكثر ملاءمة وأرخص ويزداد الطلب عليه باستمرار في أكبر الاقتصادات الآسيوية، مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وتايوان.

وفي وقت تخلت السوق الأوروبية عن خط أنابيب الغاز الروسي زادت من استهلاكها من الغاز المسال، ففي غضون 10 أشهر فقط من العام الماضي -وفقا للاتحاد الدولي للغاز- تلقت بلدان الاتحاد الأوروبي 97 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال، وهو ما يزيد بنسبة 55% على عام 2021.


حصة روسيا من السوق العالمي

يتميز بناء المصنع الجديد بأن تخزين الغاز الطبيعي المسال فيه لا يتم على الأرض، ولكن على منصة خاصة موجودة بشكل دائم في البحر.

وبحسب الخبراء، يؤدي ذلك لتسهيل عملية نقل الغاز الطبيعي المسال إلى الناقلات على طول طريق البحر الشمالي، إما إلى جنوب شرق آسيا أو أوروبا.

ووفقا لتصريحات الرئيس الروسي، فإن تنفيذ مشاريع إنتاج الغاز الطبيعي المسال سيسمح خلال السنوات الخمس إلى الست القادمة باستعادة الحصة التي تريدها روسيا في سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي.

ووفقا لمعطيات الاتحاد الدولي للغاز في يوليو/تموز 2022، تستحوذ قطر وأستراليا على 21% من حصة السوق بـ77 و78.5 مليون طن سنويا على التوالي، ثم الولايات المتحدة بنسبة 18% بإنتاج 67 مليون طن، ثم روسيا بنسبة 8% بإنتاج 30 مليون طن (إمكانات روسيا في إنتاج الغاز الطبيعي المسال تقدر بـ136.7 مليون طن سنويا)، وأخيرا ماليزيا ونيجيريا وإندونيسيا والجزائر وسلطنة عمان.

ويوضح الخبير الاقتصادي مارات بشيروف أن روسيا في ظل الظروف الحالية تعتمد على تنويع سوق الطاقة لديها.

ويؤكد بشيروف -في حديثه للجزيرة نت- أن إرسال أول مصنع معياري للغاز المسال إلى يامال يعد جزءا مهما من إعادة هيكلة تصدير الغاز في روسيا، مؤكدا أنه عندما تنتهي الحرب في أوكرانيا ويتم رفع العقوبات سيعود الغاز الروسي للمرور عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا.

بدوره، يقول الباحث في مركز التقنيات الاقتصادية نيكيتا ماسليكوف -في حديثه للجزيرة نت- إن بوتين يدرك جيدا أن سوقا عالميا للغاز الطبيعي المسال يتم تشكيله حاليا، وينبغي لروسيا أن تحصل على حصتها فيه.

ويؤكد ماسليكوف أن الحديث يدور عن تشكيل سوق عالمي يشمل عددا من الدول الأفريقية ودول أميركا اللاتينية، ويترافق ذلك مع نمو حصة الغاز الطبيعي المسال في قطاع الطاقة العالمي خلال العشرين عاما القادمة، ولذلك تحرص روسيا على حجز مكانتها في السوق العالمي كون ذلك جزءا لا يتجزأ من إستراتيجيتها الجديدة في مجال الطاقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ملیون طن سنویا للغاز الطبیعی فی سوق

إقرأ أيضاً:

أكاديمية السينما تعتذر بعد إغفال اسم المخرج الذي اعتدت عليه إسرائيل

إثر الانتقادات لاستجابتها الأولية للهجوم العنيف على حمدان بلال، المخرج المشارك في فيلم "لا أرض أخرى" الحائز على جائزة الأوسكار، اعتذرت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة الأمريكية، أمس الجمعة، عن تجاهل اسم المخرج حمدان بلال.

وفي رسالة إلى أعضاء الأكاديمية، قال الرئيس التنفيذي للأكاديمية بيل كرامر ورئيستها، جانيت يانغ، إنهما يأسفان لأنهما لم يصدرا بياناً مباشراً عن بلال. وقال شهود إن المخرج تعرض يوم الإثنين الماضي، للضرب من مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، ثم اعتقله الجيش الإسرائيلي.

وأدين الهجوم، الذي جاء بعد أسابيع قليلة من فوز بلال وزملائه المخرجين، بجائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي، على نطاق واسع من العديد من منظمات الأفلام، وآخرين. وأصدرت الأكاديمية يوم الأربعاء الماضي، بياناً يدين "إيذاء الفنانين أو قمعهم بسبب عملهم أو وجهات نظرهم".

ويوم أمس الجمعة، أصدر أكثر من 600 عضو في الأكاديمية التي تضم 11 ألف عضو، رسالة مفتوحة، قالت إن "بيان الأكاديمية لم يرق إلى المشاعر التي تستحقها هذه اللحظة". وكان من موقعي الرسالة جواكين فينيكس، وأوليفيا كولمان، وريز أحمد، وإيما طومسون، وخافيير بارديم، وبينيلوب كروز.

Film academy apologizes for not naming 'No Other Land' co-director in response to attack on him https://t.co/uFFOZq11Do

— The Associated Press (@AP) March 29, 2025

وبعد اجتماع مجلس محافظي الأكاديمية يوم أمس، استجاب كريمر ويانغ ببيان جديد. وكتبا لأعضاء الأكاديمية "نعتذر بصدق للسيد بلال وجميع الفنانين الذين شعروا بعدم دعم بياننا السابق، ونريد أن نوضح أن الأكاديمية تدين هذا النوع من العنف في أي مكان في العالم... نحن نكره قمع حرية التعبير تحت أي ظرف من الظروف".

مقالات مشابهة

  • من النفط إلى الكهرباء: خطة لاستثمار الغاز المصاحب
  • العراق يسارع الخطى للاستغناء عن الغاز الإيراني.. ما هي البدائل القريبة؟
  • أكاديمية السينما تعتذر بعد إغفال اسم المخرج الذي اعتدت عليه إسرائيل
  • موقف عراقي جديد بشأن "الفيتو" الامريكي على استيراد الغاز الايراني
  • رغم العقوبات.. ارتفاع استيراد اوروبا للغاز الروسي بنسبة 18% في 2024
  • «XRG» تستثمر في مشروعات للغاز الطبيعي المسال بموزمبيق
  • العراق يستعد لأكبر قفزة في إنتاج الكهرباء: خطط لتعويض نقص الغاز
  • العراق: صيف ساخن ينتظرنا إذا شملت عقوبات أميركا الغاز الإيراني
  • هل زكاة الفطر لا تجب على الذي عليه دين؟.. دار الإفتاء تجيب
  • وزير البترول: نمضي بخطوات جادة في تنفيذ مبادرة تموين السيارات بالغاز الطبيعي