طهران تشيع قتلى الحرس الثوري في ضربة دمشق تزامنا مع إحياء يوم القدس
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
سرايا - ردد الآلاف في طهران ومدن إيرانية أخرى هتافات مناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل خلال إحيائهم الجمعة تزامنا مع "يوم القدس"، مراسم تشييع سبعة عسكريين من الحرس الثوري قتلوا في ضربة نسبت لإسرائيل استهدفت قنصلية طهران في دمشق.
وقضى سبعة من أفراد الحرس الثوري، بينهم ضابطان كبيران، في قصف جوي أدى الى تدمير مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق الاثنين.
وأقيمت مراسم التشييع المركزية في ميدان فردوسي ومحيطه في طهران، حيث تجمع الآلاف مردّدين هتافات "الموت لإسرائيل" و"الموت لأميركا"، وفق صحفي في وكالة فرانس برس.
ورفع المشاركون الأعلام الإيرانية والفلسطينية، ورايات حزب الله اللبناني، إضافة إلى صور العسكريين القتلى مرفقة بشعار "شهداء على طريق القدس".
كما رفعت في الساحة لافتة كبيرة كتبت عليها عبارة "سنجعل الصهاينة يندمون" على قصف القنصلية، والتي قالها المرشد الإيراني علي خامنئي بعد ضربة الاثنين في دمشق.
وجدد القائد العام للحرس الثوري اللواء حسين سلامي في كلمة خلال المراسم، التوعد بـ"معاقبة" إسرائيل.
وشدد على أن "أي عمل يقوم به أي عدو ضد نظامنا المقدس لن يمر بدون ردّ"، مؤكدا أن "النظام الصهيوني لن ينجو" من التبعات "ويدرك جيدا ما سيحصل".
ولفّت جثامين القتلى السبعة، وبينهم ضابطان كبيران، بالعلم الإيراني، ووضعت على متن شاحنتين وسط الساحة.
وكان خامنئي أقام في حسينية الإمام الخميني في طهران الخميس، الصلاة على جثامين العسكريين، بمشاركة مسؤولين عسكريين وأفراد عائلات القتلى السبعة.
وأدى قصف القنصلية الى تدمير المبنى. ونعى الحرس الثوري اللواء محمد رضا زاهدي، والعميد محمد هادي حاجي رحيمي، والعسكريين حسين أمان اللهي، والسيد مهدي جلالتي، ومحسن صداقت، وعلي آقا بابايي، والسيد علي صالحي روزبهاني.
ومن المرتقب أن يوارى زاهدي الثرى في مسقط رأسه أصفهان بعد المراسم المقامة في طهران.
ورفعت خلال المراسم صور القتلى السبعة، إضافة الى صور اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الموكل العمليات الخارجية في الحرس الثوري، والذي اغتيل بضربة جوية أميركية في بغداد في كانون الثاني/يناير 2020.
وشارك في مراسم التشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وسلفه حسن روحاني، والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، والقائد الحالي لفيلق القدس العميد إسماعيل قاآني.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بلغت الحصيلة الإجمالية للضربة التي استهدفت دمشق الإثنين 16 قتيلا.
وحمّلت الجمهورية الإسلامية عدوها الإقليمي اللدود إسرائيل، المسؤولية عن الضربة، وتوعدت بالرد عليها.
وقال خامنئي في بيان نشره موقعه الالكتروني الرسمي في الثاني من نيسان/أبريل "سينال الكيان الخبيث عقابه على أيدي رجالنا البواسل، وسنجعلهم يندمون على هذه الجريمة ومثيلاتها، بحول من الله وقوّة".
والثلاثاء، قال خامنئي "سوف تستمرّ هزيمة الكيان الصهيوني حتماً. وأما المساعي اليائسة، مثل هذه الخطوة التي أقدموا عليها في سوريا والتي سيتلقّون صفعتها حتماً، هذه الممارسات لن تجديهم نفعاً ولن تعالج مشكلتهم".
بدوره، تعهّد الرئيس إبراهيم رئيسي الردّ على هذا الهجوم، مؤكدا أنّ "هذه الجريمة البشعة لن تمرّ من دون ردّ".
ولم تعلّق إسرائيل رسميا على الضربة.
ومنذ بدء النزاع في سوريا في العام 2011، نفّذت إسرائيل مئات الضربات في مناطق مختلفة من البلاد، مستهدفة مواقع للجيش السوري وفصائل موالية لطهران وأهدافا عسكرية إيرانية.
ونادرا ما تعلق إسرائيل على الضربات في سوريا لكنها تؤكد أنها لن تسمح لإيران الداعمة للرئيس السوري بشار الأسد، بترسيخ وجودها على حدودها.
وتعد إيران من أبرز الداعمين للأسد، وتؤكد وجود أفراد من قواتها المسلحة في سوريا في مهام "استشارية".
"يوم القدس"
وتكثّفت الضربات في خضمّ الحرب المستمرة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
ورأى سلامي في كلمته الجمعة أن "الكيان الصهيوني يتنفّس اليوم في غرفة الرعاية الخاصة السياسية والأمنية والنفسية الأميركية، وعندما يتم إزالة جهاز التنفس الاصطناعي الغربي هذا من أنف الكيان الصهيوني سينهار وهذا الأمر قريب".
وأقيمت مراسم التشييع في إطار إحياء طهران "يوم القدس العالمي" الذي دعا إليه مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله الخميني في أعقاب انتصار الثورة عام 1979. ويشهد هذا اليوم المقام سنويا في يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان، مسيرات مؤيدة للفلسطينيين في إيران وعدد من دول الشرق الأوسط.
وإضافة إلى المسيرات في طهران، بث التلفزيون الرسمي الإيراني مشاهد من تحركات أخرى في مناطق متعددة، خصوصا مدن كبرى مثل مشهد (شمال شرق) وقم (وسط) وسنندج وشهركرد (غرب).
وأقيمت تجمّعات إحياء ليوم القدس في عدّة بلدان في المنطقة، أبرزها سوريا ولبنان والعراق والبحرين واليمن.
وفي سوريا، حضر المئات عرضا عسكريا أقامته فصائل فلسطينية في مخيم اليرموك للاجئين بجنوب دمشق، ولوّحوا بأعلام فلسطينية، بينما رفعت على شرفات المباني المدمّرة جراء النزاع السوري، أعلام سوريا وإيران وحزب الله، وفق ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس.
وفي شارع فلسطين في العاصمة العراقية بغداد، تجمّع حوالي ألفي شخص هاتفين "نعم للجهاد، نعم للمقاومة ونعم لفلسطين"، في مقابل "كلا كلا أميركا وكلا كلا إسرائيل". ورُسم علم أميركي كبير على الأرض داسه المتظاهرون.
وإحياء ليوم القدس، احتشد الآلاف من أنصار الحوثيين في ميدان السبعين بالعاصمة اليمنية صنعاء.
وحمل المتظاهرون العلمين اليمني والفلسطيني، وأحرقوا العلمين الأميركي والإسرائيلي، هاتفين بعبارات مناهضة للولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل. ومن بين تلك الهتافات "آخر جمعة في رمضان... يوم القدس لها عنوان" و"يا عرب يا مسلمين... قضيتنا فلسطين".
وفي البحرين، شهدت مناطق عدة تظاهرات بمناسبة يوم القدس دعت إليها أحزاب المعارضة، من دون تنظيم تظاهرة مركزية.
وبدأ مئات المتظاهرين بالخروج إلى الشوارع منذ منتصف ليل الخميس الجمعة، وتحديدا في منطقة البلاد القديم في ضواحي العاصمة المنامة وبني جمرة في شمال البلاد. وتخلّل التجمعات إطلاق الغاز المسيل للدموع من قبل قوات الشرطة.
وعقب صلاة الجمعة، خرج المئات للتظاهر من مسجد الإمام الصادق في قرية الدراز بشمال البحرين وسط انتشار كثيف للشرطة ولكن من دون مواجهات، حيث داس المتظاهرون العلمين الأميركي والإسرائيلي، وهتفوا "الموت لأمريكا"، و"الموت لإسرائيل" و"نرفض التطبيع"، داعين إلى التضامن مع غزة.
الرد "آت لا محالة"
أما في لبنان، فأكّد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الجمعة أن الرد الإيراني على استهداف القنصلية في دمشق "آت لا محالة"، معتبرا أن هذه الضربة شكّلت "مفصلا" في الأحداث منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وقال نصرالله في كلمة متلفزة ألقاها بمناسبة يوم القدس العالمي "كونوا أكيدين ومتيقنين بأن الرد الإيراني على استهداف القنصلية في دمشق آت لا محالة على إسرائيل".
وأضاف "أين ومتى وكيف وحجم الردّ، هذه أمور نحن لسنا معنيين بالسؤال عنها ولا التدخل بها".
واعتبر أن الضربة على القنصلية الإيرانية في دمشق الاثنين شكّلت "مفصلا" في الأحداث التي حصلت منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وكشف الأمين العام لحزب الله "لم نستخدم بعد السلاح الأساسي ولم نُخرج بعد قواتنا الأساسية"، مضيفا "مع ذلك، حققنا كل هذه الإنجازات في شمال إسرائيل".
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي تعزيز إجراءاته الدفاعية في أعقاب الضربة التي طالت القنصلية الإيرانية في دمشق الاثنين، فيما توعّد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإلحاق الضرر بمن يؤذي إسرائيل.
وقال نتنياهو "منذ سنوات تعمل إيران ضدنا سواء بشكل مباشر أو عبر وكلائها، لذا فإن إسرائيل تعمل ضد إيران ووكلائها دفاعيا وهجوميا"، مؤكدا "نعرف كيف ندافع عن أنفسنا وسنعمل وفقا لمبدأ بسيط مفاده من يؤذينا أو يخطط لإيذائنا، سنؤذيه".
وأعلن حزب الله الجمعة أن ثلاثة من عناصره استشهدوا في جنوب لبنان في تبادل لإطلاق النار مع إسرائيل، كما أعلنت حليفته حركة أمل أيضا استشهاد ثلاثة من عناصرها في غارة إسرائيلية استهدفت أحد مراكزها في الجنوب.
وأفاد جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان أنه قصف "مجمعا عسكريا" تستخدمه حركة أمل واستهدف مناطق عدة في جنوب لبنان.
ونشر متحدث عسكري في منصة اكس أن القوات الجوية الإسرائيلية قصفت بنى تحتية لحزب الله.
ويجري قصف متبادل شبه يومي عبر الحدود اللبنانية الاسرائيلية بين حزب الله، حليف حماس، والجيش الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الحرس الثوری یوم القدس فی سوریا فی طهران فی دمشق
إقرأ أيضاً:
ما خيارات دمشق أمام توجه جيش الاحتلال لبقاء طويل الأمد في سوريا؟
زاد توجه جيش الاحتلال الإسرائيلي لبقاء طويل الأمد في المناطق السورية التي تقدم إليها جيش الاحتلال بعد سقوط نظام الأسد، حجم الضغط على الإدارة السورية الجديدة، التي تعيش تحديات عديدة بعد تسلمها السلطة في سوريا.
وكانت إذاعة الجيش قد أكدت أن الاحتلال قد أقام بهدوء شديد منطقة أمنية داخل الأراضي السورية، مضيفة أن وجود الاحتلال في سوريا "لم يعد مؤقتا حيث يتم بناء 9 مواقع عسكرية بالمنطقة الأمنية، وتعمل هناك 3 ألوية مقارنة بكتيبة ونصف الكتيبة قبل 7 تشرين الأول /أكتوبر 2023"، مؤكدة أن "الجيش يخطط للبقاء بسوريا طيلة عام 2025".
تزامناً، أكدت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدعم احتلال المنطقة العازلة في سوريا لسنوات قادمة.
ومنذ سقوط النظام، كثف جيش الاحتلال ضرباته الجوية، وتحركاته في المنطقة العازلة (منزوعة السلاح) في الجولان السوري المحتل، مستفيداً من انشغال الإدارة السورية الجديدة بفرض الأمن وبسط سيادتها على البلاد.
ولم تعلق الخارجية السورية على التقارير السابقة، وكذلك لم يتسن لـ"عربي21" الحصول على توضيحات من الحكومة السورية، بعد أن امتنعت أكثر من جهة رسمية عن الرد.
وسبق وأن أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع، استعداد بلاده لاستقبال قوات تابعة للأمم المتحدة في المنطقة العازلة المشتركة مع "إسرائيل"، معتبراً أن "غياب الميليشيات الإيرانية وحزب الله في المنطقة ينهي المبررات التي استخدمتها إسرائيل للتقدم فيها".
وأكد أن تقدم "إسرائيل" في المنطقة استند إلى حجج تتعلق بوجود ميليشيات إيرانية وحزب الله، وقال: "لكن بعد تحرير دمشق، لم يعد لهذه الحجج أي أساس".
دمشق أمام معضلة
وعن خيارات الحكومة السورية للتعامل مع خطط جيش الاحتلال، يقول مدير قسم تحليل السياسات في "مركز حرمون للدراسات المعاصرة" الأكاديمي سمير العبد الله، إن هذا الوضع يمثل واحداً من التحديات الاستراتيجية أمام الحكومة السورية الجديدة.
ويوضح لـ"عربي21" أن "دمشق تجد نفسها أمام معضلة التعامل مع التدخلات الإسرائيلية في ظل واقع إقليمي ودولي معقد، ورغم أن الخيارات المتاحة تبدو محدودة، إلا أن هناك عدة مسارات يمكن تبنيها، أهمها المسار السياسي والدبلوماسي الذي يتيح لها إمكانية اللجوء إلى المؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لتقديم شكاوى رسمية بشأن الانتهاكات الإسرائيلية".
وإذ اعتبر العبد الله أنه "رغم أن هذه الخطوة قد لا تؤدي إلى نتائج فورية"، قال: " لكنها تُشكل جزئية من استراتيجية أوسع تهدف إلى كسب شرعية دبلوماسية وتحقيق ضغط دولي على إسرائيل من خلال تفعيل القرارات الأممية المتعلقة بسوريا، والتي لم تجد طريقها للتنفيذ خلال السنوات الماضية".
ويرى الباحث أن الخيار الأكثر واقعية وأمانا هو توظيف القنوات الدبلوماسية والاستفادة من علاقات بعض الدول الإقليمية التي تحتفظ بعلاقات مع إسرائيل، مثل روسيا أو بعض الدول العربية، للعب دور الوسيط في نقل الرسائل وتخفيف حدة التوتر.
واعتبر أن اعتماد هذا النهج قد يمنح الحكومة السورية فرصة لإعادة التموضع دبلوماسيا وتحقيق مكاسب سياسية دون الانجرار إلى مواجهة عسكرية غير مضمونة العواقب، في ظل هذه المعادلة.
وختم العبد الله بقوله: "يبدو أن الاستراتيجية الأكثر حكمة تكمن في الجمع بين الضغط الدبلوماسي وتوظيف الوساطات الإقليمية، مع تجنب الدخول في صدامات مباشرة قد تؤدي إلى نتائج عكسية لا تصب في مصلحة الاستقرار السوري على المدى البعيد".
ومن الواضح، أن دمشق ليست مستعدة حالياً للدخول في مواجهة عسكرية جديدة، ويتفق مع ذلك الباحث في مركز "الحوار السوري" الأكاديمي أحمد القربي، ويقول لـ"عربي21": "كل المؤشرات تؤكد أن حكومة سوريا تتجنب استخدام الوسائل الخشنة للتعامل مع الوجود الإسرائيلي في سوريا".
وأضاف لـ"عربي21" أن "سوريا الدولة المدمرة ليست على استعداد للدخول في مواجهة قد تؤثر على الدولة والإدارة الجديدة".
خيار المقاومة؟
وبحسب القربي، فإن لجوء الحكومة السورية إلى الخيار الأمني أو خيار المقاومة كذلك يبدو مستبعداً، معتبراً أن "من غير الوارد توجه دمشق نحو تشكيل مجموعات مقاومة في المناطق المحتلة، لأن ذلك قد يجر سوريا أيضاً إلى مواجهة عسكرية".
بذلك، يبدو أن الأداة شبه الوحيدة المتاحة أمام دمشق هي "العمل السياسي"، وفق الباحث، الذي أضاف: "صرح الرئيس السوري بأن حجج الاحتلال للتمدد في سوريا غير مبررة، وبالتالي تمارس الإدارة أداة الضغط السياسي على الاحتلال".
وثمة خيارات أخرى أمام الحكومة السورية، وهي اللجوء للمحاكم الدولية، كما يؤكد القربي، مضيفاً، قد يتعين على دمشق العمل على رفع دعاوى أمام المحاكم الدولية، لدفع الاحتلال إلى الالتزام بالاتفاقيات الدولية "اتفاق فض الاشتباك".
وكان الاحتلال قد أعلن في كانون الأول/ديسمبر 2024، انسحابه من اتفاقية "فصل القوات" مع سوريا، بعد أن تقدمت قواته إلى منطقة جبل الشيخ والمنطقة العازلة بين البلدين، بعد سقوط نظام الأسد.
يذكر أن اتفاقية "فض الاشتباك" وقعت عام 1974، بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، وهدفت إلى الفصل بين القوات المتحاربة من الجانبين وفك الاشتباك بينهما.