برنامج الأغذية العالمي يوصل مساعدات إلى دارفور لأول مرة منذ أشهر
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
أعلن برنامج الأغذية العالمي، الجمعة، تمكنه من إيصال مساعدات غذائية إلى إقليم دارفور غربي السودان لأول مرة منذ عدة أشهر.
ولم يقدم البرنامج، في منشور عبر حسابه على منصة إكس، أي تفاصيل بشأن كميات هذه الإمدادات الغذائية ولا نوعيتها ولا كيف أوصلها، لكنه حذر من أن الوصول إلى درافور لا يزال محدودا ما قد يؤدي إلى تفاقم كارثة الجوع بهذا الإقليم السوداني.
كما حذر من أن الحرب في السودان تدفع الجوع إلى مستويات قياسية.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع معارك خلّفت حوالي 13 ألفا و900 قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة، فيما لم تتمكن جهود وساطة عربية وأفريقية من إنهاء الصراع.
وفضلا عن تأثيراتها الكارثية على السودان بأكمله، فاقمت الحرب من حدة الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور الذي يضم العديد من مخيمات النازحين، بسبب الاشتباكات التي عطّلت وصول المساعدات الإنسانية الدولية إلى الإقليم.
وبدأت مخيمات اللجوء في دارفور عندما نزح السكان من القرى إلى المدن الكبيرة بحثا عن الأمان بعد اندلاع الحرب في الإقليم عام 2003 بين القوات الحكومية وفصائل مسلحة متمردة، وبحسب آخر تقديرات حكومية في 2019، بلغ عدد هؤلاء النازحين أكثر من مليون و900 ألف.
وفي 20 مارس/آذار الماضي، حذّر حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، من وجود مؤشرات على أن مجاعة ستقع في بعض مناطق الإقليم، بداية الصيف المقبل.
وقال مناوي في وقت سابق بعد اجتماع عقده مع ممثلي وكالات تابعة للأمم المتحدة بالسودان، إنه تم الاتفاق على اعتماد مسارات جديدة لإيصال المساعدات الإغاثية إلى دارفور أحدها يبدأ من مدينة بورتسودان (شرق)، مرورا بالولاية الشمالية، ووصولاً إلى مدينة الفاشر مركز ولاية شمال دارفور، مع إمكانية توزيع المساعدات على جميع ولايات دارفور الخمس.
ولفت مناوي، إلى مسار آخر تم اعتماده لإيصال المساعدات عبر معبر طينة الحدودي مع تشاد، على أن يتم اعتماد مسارات إضافية لاحقًا لإسعاف الوضع الإنساني في الإقليم.
وتتصاعد تحذيرات المنظمات الدولية من اتساع الأزمة الإنسانية في السودان عامة في ظل استمرار الحرب الحالية، التي توشك على دخول عامها الثاني.
يذكر أن منظمة أطباء بلا حدود الدولية كشفت في 5 فبراير/شباط الماضي عن وفاة طفل كل ساعتين في مخيم "زمزم" للنازحين بولاية شمال دارفور، بسبب سوء التغذية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات
إقرأ أيضاً:
العودة إلى منبر جدة- تحديات تحقيق السلام في السودان وسط تصاعد الحرب الدامية
تشهد السودان واحدة من أشد الأزمات تعقيداً في تاريخها الحديث، مع تصاعد المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وتركّز المعارك حالياً حول مدينة الفاشر، معقل الجيش في دارفور. تُطرح تساؤلات حول إمكانية استئناف مسار مفاوضات جدة برعاية سعودية أمريكية، لكن المشهد يبدو مُثقلاً بتحديات عسكرية وسياسية وإنسانية تهدد بإطالة أمد الحرب، أو حتى تقسيم البلاد، خاصة مع تصاعد الحديث عن خطة "الدعم السريع" البديلة المتمثلة في إعلان حكومة موازية من دارفور.
تعقيدات المشهد العسكري
تكثف قوات الدعم السريع هجماتها على الفاشر، سعياً لتحقيق مكاسب ميدانية تمنحها أوراق ضغط عند العودة إلى طاولة المفاوضات، بينما يواجه الجيش السوداني معضلة: إما المضيّ في الحرب لاستعادة السيطرة الكاملة، مع خطر فقدان مكاسب ميدانية في مناطق أخرى، أو القبول بالتفاوض من موقع القوة. لكن المشكلة الأكبر تكمن في التحالفات الداخلية المحيطة بقائد الجيش، والتي تضم فلول نظام البشير وحركات دارفور المسلحة ذات الثارات القديمة مع "الدعم السريع"، ما يجعلها ترفض أي مسار تفاوضي قبل سحق الخصم عسكرياً.
المعضلة السياسية: أجندات قبلية وإقصاء الإخوان
تتفاعل أزمة السودان مع صراعات هويات إثنية وقبلية، حيث تسعى بعض حركات دارفور إلى إضعاف المكون العربي داخل الجيش، الذي تُشكّل قبيلة الرزيقات العربية عموده الفقري، بينما تحاول قوات الدعم السريع تعبئة القبائل العربية في دارفور. وفي الخرطوم، تتعقد الأمور مع سيطرة عناصر منتمية لتنظيم الإخوان المسلمين على القيادة السياسية للحكومة، ما يُضعف الجهود الرامية لبناء توافق وطني شامل.
المخاطر الإنسانية: كارثة تهدد ملايين السودانيين
باتت الأزمة الإنسانية في السودان خارج السيطرة، مع نزوح أكثر من 12 مليون شخص، ومعاناة 25 مليوناً من الجوع الحاد، وتدمير البنى التحتية. الهجوم الأخير على مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر -الذي خلّف عشرات الضحايا- يوضح كيف تُستخدم المدنيين كأداة حرب، بينما تُوثّق الأمم المتحدة انتهاكات قد تصل إلى جرائم حرب، ما يزيد من عزلة الأطراف المتحاربة دولياً.
فرص العودة إلى جدة: هل تكفي الضغوط الدولية؟
رغم تعقيدات المشهد، تلوح في الأفق بعض المؤشرات الإيجابية، مثل زيارة البرهان الأخيرة إلى السعودية، والضغوط الدولية المتصاعدة لوقف الحرب، خاصة مع تداعياتها على الأمن الإقليمي (تشاد، جنوب السودان، البحر الأحمر). لكن نجاح مفاوضات جدة مرهون بتحقيق شروط أساسية:
كسر الإصرار العسكري: عبر إقناع حلفاء الجيش بأن الاستمرار في الحرب سيؤدي إلى انفصال دارفور، وإقناع "الدعم السريع" بأن التمسك بالخطة البديلة (حكومة موازية) سيعرضها لعقوبات دولية.
ضمانات بعدم الإقصاء: يحتاج الطرفان إلى ضمانات بأن المفاوضات لن تؤدي إلى إقصاء كامل لأي منهما من المشهد السياسي أو الأمني.
دور فاعل للمجتمع الدولي: عبر ربط المساعدات الإنسانية بالتقدم في المسار السياسي، وفرض عقوبات على المتمنّعين عن السلام.
التحديات الأكبر: الحرب قد تولد دولة جديدة
أصبح انفصال دارفور احتمالاً واقعياً، خاصة إذا استمرت قوات الدعم السريع في تعزيز سيطرتها على الإقليم، بينما تُظهر حركات مسلحة دارفورية تحالفها مع الجيش رغبة في إضعاف النفوذ العربي. هذا السيناريو لن يؤدي فقط إلى تقسيم السودان، بل قد يفتح باب صراعات إقليمية جديدة، خاصة مع وجود مصالح لدول مثل الإمارات وروسيا وإيران المتورطة بشكل غير مباشر عبر دعمها لأطراف الصراع.
هل يُنقذ السودان من مصير الصوملة؟
المخرج الوحيد يكمن في عقد صفقة سياسية عاجلة ترعاها السعودية والولايات المتحدة، بضغط إقليمي ودولي، تُلزم الأطراف بوقف إطلاق النار، وإعادة انتشار القوات، وإشراك مكونات مدنية في الحكم. لكن ذلك يتطلب جرأة من البرهان وقائد الدعم السريع حميدتي في تجاوز الضغوط الداخلية المتمثلة في التحالفات القبلية والإرث الأيديولوجي للإخوان. السودان أمام مفترق طرق: إما العودة إلى جدة لإنقاذ ما تبقى من الدولة، أو الانزلاق نحو حرب أهلية لا يُعرف مداها.
zuhair.osman@aol.com