السودانيون مابين التقتيل والتشريد: اواخر رمضان.. ذاكرة الدم والرماد
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
لن ينسى السودانيون التاريخ الاسود الذى سجله يوم (23) من رمضان الفائت وماتلاه من ايام اواخر يعايشونها ذكراها بمزيد من الحزن والاسى على ما خلفته حرب الخامس عشر من ابريل اللعينة والتى ارتكب خلالها الجنجويد جرائم القتل والنهب والسلب والخراب والدمار والاغتصاب بحق الشعب السوداني على نحو غير مسبوق.
الطلقة الأولى
كان يوم 23 من شهر رمضان العام الماضي يوماً عادياً، مثل سائر الأيام، حيث كان يتهيأ السودانييون الإستقبال عيد الفطر المبارك بعد أن تبقت أيام معدودات على قدوم العيد، بعدهم خرج قاصداً عمله في دواوين الدولة والأسواق والمواصلات تعمل بصورة اعتيادية، في ذلك الصباح، ليتفاجأ الجميع بتصاعد الدخان بالخرطوم من نواحي المدينة الرياضية واعقبها الهجوم على القيادة العامة والقصر الجمهوري وسدت العربات القتالية والمدرعات الخاصة بالمليشيا الطرقات على نحو مفاجئ ومربك سيما في وسط الخرطوم والكباري الرابطة بين المدن الثلاثة.
ذكرى أليمة
تمر الذكرى الأليمة التي أحالت فرحة السودانيين برمضان وعيد الفطر إلى حزن عريض، حيث تشرد الملايين من منازلهم وديارهم التي سكنها مرتزقة المليشيا غصباً ونهبوا مابداخلها وتركوها بعضها فارغة واطلالاً تسكنها الأشباح والفراغ والتساؤلات والخوف.
رمضان بطعم الحزن
ويقول المواطن تاج السر محمد الزين ل(الكرامة ) أن رمضان هذا العام جاء بطعم الحزن ومرت علينا ذكرى الحرب ونحن بعيدون عن منازلنا نشكو مرارة الغربة واللجوء ونفتقد فيه (الضرا) والخروج إلى الشوارع بموائد الإفطار التي درج السودانيين على إقامتها وقطع الطريق على المارة من أجل مشاركتهم الطعام والفرحة والأجر، ويضيف حتى الأطفال يبكون على مغادرة ديارهم ويفتقدون أصدقائهم واللهو في الطرقات والشعور بالأمان والمحبة.
كابوس نفسي
وتقول الدكتورة هاجر الأمين الإختصاصية الإجتماعية والنفسية ل(الكرامة) ان ذكرى الرابع والعشرون من رمضان كابوس نفسي جثم على صدور السودانيين وخلف جروحاً نفسية بالغة التأثير على كل فئات المجتمع، وبينت هاجر أن الخروج من هذا الوضع النفسي يتطلب الكثير من الوقت والعلاج لتجاوز الصدمة وأشارت إلى أن العودة إلى الديار وحسم الحرب أولى خطوات التخلص من تبعاتها النفسية، لافتة إلى أن الشعور بغياب الأمان والبعد عن الوطن والسكن له آثار نفسية سالبة.
رمضان بلا أحزان
وفي السياق تمنى الشيخ محمد المرتضى رمضان بلا أحزان على أهل السودان وقال في حديثه ل(الكرامة)، عايشنا عام من الحزن يعتصرنا الألم ونفتقد كل شي، ولكن ثقتنا في نصر الله عز وجل كبيرة وثقتنا في القوات المسلحة بحسم الحرب لاتحدها حدود ونأمل العودة إلى منازلنا في القريب العاجل وكل شي قابل للتعويض إلا فقدان الأمل ونأمل أن يكون رمضان المقبل بلا حزن ونعيش فرحته من منازلنا في الخرطوم والجزيرة ويعود الجميع إلى ديارهم من مناطق النزوح واللجوء والمنافي.
تقرير :أشرف إبراهيم
الكرامة
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
بعد إنهاء الإجازة المفتوحة.. عقبات في طريق عودة العمال إلى الخرطوم
تسبب قرار ولاية الخرطوم بعودة العاملين في موعد أقصاه الخامس عشر من يونيو المقبل في صدمة كبيرة للموظفة مقبولة البشير «اسم مستعار»، هذا القرار يضعها في موقف صعب للغاية، حيث إنها مسؤولة عن رعاية والدتها المريضة بالسرطان بعد نزوحهما إلى جمهورية مصر العربية عقب اندلاع حرب 15 أبريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قبل عامين.
تقرير – التغيير
وتقول مقبولة لـ «التغيير» إن العودة إلى العمل في ولاية الخرطوم في الوقت الحالي، يُعرض والدتي لخطر كبير، حيث أنها تحتاج إلى وجودها بالقرب من المؤسسات العلاجية لتجنب أي انتكاسات في حالتها الصحية.
وتضيف: في الوقت نفسه، احتاج إلى الراتب الذي يتم تحويله عبر مؤسستي الحكومية للمساعدة في تلبية احتياجات والدتي.
وأنهت حكومة ولاية الخرطوم والأسبوع الماضي، الإجازة المفتوحة التي كانت قد منحتها للعاملين منذ أبريل 2023 وحددت منتصف يونيو القادم موعدًا أقصى لمزاولة العاملين لعملهم بالعاصمة الخرطوم.
وبررت قرار العودة للعمل بأنه استجابة لمتطلبات مرحلة إعادة الإعمار، ولحاجة الولاية الملحة لعودة الكوادر لتسيير دفة العمل في المؤسسات والهيئات الرسمية.
ومنحت حكومة الخرطوم العاملين مهلة لتوفيق أوضاعهم والعودة إلى مزاولة الدوام الرسمي، على أن تكون المهلة القصوى لذلك حتى منتصف شهر يونيو المقبل.
وتم توجيه مديري وحدات الولاية باتخاذ التدابير اللازمة لتنظيم عودة العاملين كلٌ وفق ظروف وتقديرات وحدته، وبما يتماشى مع متطلبات المرحلة الراهنة، التي تقتضي مرونة في التنفيذ وانضباطًا في الاستجابة.
والثلاثاء الماضي أعلنت حكومة ولاية الخرطوم عن إنتقالها للعمل من مقرها الواقع شرق المدينة بعد أسابيع قليلة من استعادة الجيش السوداني السيطرة على العاصمة.
وابتدرت الحكومة أعمالها من مقرها الرسمي بعقد اجتماع اللجنة العليا للطوارئ وإدارة الأزمة، حيث اضطر أعضاء اللجنة لعقد الاجتماع على الأرض، بعد التخريب الممنهج الذي اطال مبنى الأمانة العامة للحكومة.
استحالة العودةوليست مقبولة وحدها التي تواجه هذه المعضلة، فهناك العديد من الحالات الأخرى التي لديها أسباب مختلفة تمنعها من العودة حاليًا.
ويقول الموظف في وزارة التربية والتعليم ولاية الخرطوم (أ، ب) إنه لا يستطيع العودة إلى الخرطوم في الوقت الحالي، وممارسة وظيفته في الموعد المضروب.
ويضيف لـ «التغيير» أن بيئة العمل يستحيل معها العودة والتعايش معها ما لم تتخذ الحكومة وتنفذ حملة تعقيمية شاملة داخل الأحياء التي تتكدس فيها الجثث ومخلفات الحرب .
وقال إن هذه الحرب افقدتنا المأوى، فالبيت الذي أسكن فيه تعرض للنهب والدمار، ولم يسلم سقف المنزل “الزنك” من السرقة، بالإضافة إلى سرقة الأبواب والنوافذ.
وتابع: “كيف أستطيع العودة في مثل هذا الوضع ولا أملك من المال لإصلاح المنزل في الوقت الراهن”.
واستدرك قائلًا: وهناك أيضاً حوجة ماسة للعائد المادي والمرتب الكامل والامتيازات ولكن الوضع في الخرطوم لا يجعلني استقر مع اسرتي وأطفالي”.
وتعاني أجزاء واسعة داخل ولاية الخرطوم من انعدام المياه والكهرباء، مع انتشار مثل الكوليرا وحمى الضنك الملاريا، إلى جانب عدم توفر السيولة النقدية لعد كبير من المواطنين الذي فقدوا وظائفهم ومدخراتهم منذ انطلاق الشرارة الأولي للحرب التي دخلت عامها الثالث، وظل الكثيرين منهم يعتمدون بشكل أساسي على “التكايا” المطابخ الجماعية للحصول على ما يسدون به رمقهم.
ويقول الموظف في إحدى محليات الخرطوم خالد يوسف لـ «التغيير» : إنه يرفض العودة في الوقت الحالي، ويفضل البقاء في دولة أوغندا التي لجأ إليها قبل عام ونصف من أجل الأمن والتعليم والصحة التي أصبحت معدومة في السودان بسبب الحرب العبثية.
وأشار إلى أنه لن يجازف بحياته وحياة أطفاله لعدم توفر الأمن الكافي والمدارس والمرافق الصحية والخدمية في ولاية الخرطوم التي أصابها دمار كبير.
الخرطوم غير آمنةوفي 27 أبريل الجاري، أكدت الأمم المتحدة، أن عاصمة السودان الخرطوم لا تزال غير آمنة لإعادة تشغيل أنشطتها حتى الآن.
وقالت إدارة السلامة والأمن التابعة للأمم المتحدة، بعد دراسة أجريت بين 14 و19 أبريل، إن وسط الخرطوم يعاني من دمار كبير جراء الحرب.
وأشارت إلى أن وكالات الأمم المتحدة والدولية لن تستطيع الوصول إلى وسط الخرطوم حتى يناير 2026، بسبب وجود كميات كبيرة من المتفجرات الحربية وغياب البنية التحتية الأساسية.
ووجهت إدارة السلامة والأمن موظفي الأمم المتحدة بعدم العودة إلى الخرطوم قبل يناير 2026، بسبب انعدام المياه والكهرباء.
الخرطوم آمنة الآنورغم تأكيد منظمات الأمم المتحدة بأن الخرطوم غير آمنه إلا أن حكومة ولاية الخرطوم لم تتراجع عن القرار الذي يصعب تنفيذه في الوقت الحالي لكثير من الموظفين.
وقال الناطق الرسمي باسم حكومة الولاية الطيب سعد الدين، إن الخرطوم أصبحت الآن آمنة ومشجعة على العودة التي توقع زيادة معدلاتها، مع توفر الخدمات التي تسعى الولاية إلى إعادة الحياة المدنية فيها بشكل تدريجي قبل بدء فصل الخريف.
وعن ظروف العاملين بالولاية الذين لا تسمح ظروفهم في العودة قال في تعميم صحفي، إن الظروف الخاصة بالعاملين الذين سافروا إلى خارج السودان تؤخذ بعين الاعتبار، وذلك بعدما ارتبط بعضهم بمؤسسات تعليمية وما شابه، ولذلك، فقد نص القرار على منح مهلة لتسوية الأوضاع.
قرار سياسيمن جهته، يرى شوقي عبد العظيم، الناطق الرسمي لتنسيقية المهنيين والنقابات السودانية، أن قرار عودة الموظفين للعمل بولاية الخرطوم قرار سياسي، لأن عودة الناس تتطلب توافر خدمات تلبي احتياجاتهم. لأن هناك مشكلات كبيرة تتعلق بالرواتب والمعاشات، بالإضافة إلى تدهور الأمن وانهياره رغم تحرير أجزاء واسعة من الخرطوم.
ويضيف: أن القرار يضع الأسر تحت ضغط كبير للعودة من المناطق الآمنة أو من خارج السودان إلى مقرات العمل في الخرطوم، التي لا تزال تحتاج إلى تأهيل وتنظيف. ويؤكد أن هذا القرار يضع الدولة تحت التزامات كبيرة ويجعل المواطن في حالة ضيق إذا لم تتوفر له الحياة التي كانت متاحة قبل الحرب.
ويعتقد عبدالعظيم في حديثه لـ «التغيير» : أن الهدف من القرار هو إظهار تحرير الخرطوم وانتصار الجيش، بهدف الحصول على تمويل من المجتمع الدولي لإعادة الإعمار وتقديم المساعدات للمواطنين في الولايات المحررة، خاصة ولاية الخرطوم. والأهم من ذلك، منع تحركات قوات الدعم السريع من مهاجمة الخرطوم مرة أخرى وتجنب الكلفة البشرية الكبيرة التي قد تنتج عن ذلك.
ولفت عبد العظيم، إلى أن هذا القرار خطير على المواطن وعلى الحكومة نفسها، خاصة في ظل عدم قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها.
يظل قرار عودة الموظفين بولاية معلقًا حتى يتم معالجة الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى حل أزمة الحرب وإيقاف إطلاق النار. لا يمكن تحقيق الاستقرار دون توفير الخدمات الضرورية وإنهاء الصراع الذي أدى إلى تدمير كل شيء في السودان.
الوسومإنهاء الإجازة التعليم الخدمات الصحة العودة إلى الخرطوم الموظفين قرار سياسي