رغم الدمار الذي أصاب الأراضي الزراعية المحيطة به ومن بينها تلك التي كان يعمل بها، فإن المهندس الزراعي الغزّي يوسف صقر أبو ربيع، ابن مدينة بيت لاهيا، قرر ألا يقف مكتوف اليدين أمام المجاعة التي تضرب شمال قطاع غزة.

المهندس الشاب الذي كان ينعم بالخير والرزق الوفير كل عام مع قدوم موسم جني الفراولة، واجه ما لم يتوقعه هذا العام، حيث شهد أول موسم منذ أكثر من 50 عاما يأتي من دون فراولة في مدينة بيت لاهيا، التي تشتهر بإنتاج هذه الفاكهة، يقول أبو ربيع للجزيرة نت "قبل أن أتخصص في هذا المجال كان والدي مزارعا، ونشأت وتربيت في بيئة زراعية، ونحن متخصصون في زراعة الفراولة ونشتهر بها على مستوى العالم من حيث الجودة والإنتاج".

المهندس الزراعي يوسف صقر أبو ربيع: نشأت وتربيت في بيئة زراعية ونحن متخصصون في زراعة الفراولة (الجزيرة)

حرمته الحرب من صوبته (دفيئته) الزراعية التي دمرت بالكامل، كما حرمته من مكاسب الموسم الذي كان يعتمد عليه وبقية مزارعي بيت لاهيا، ووصل الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث انتقلت المدينة من الوفرة والخضروات والفواكه المتنوعة إلى الجوع، وهو أمر لم يرض يوسف أبو ربيع الذي قرر أن يبادر بشكل فردي.

محاولات الزراعة عقب الحرب تحت إشراف المهندس الزراعي يوسف صقر أبو ربيع (الجزيرة) اكتفاء ذاتي من الكوسة والجرجير والملوخية

يقول يوسف أبو ربيع للجزيرة نت "قررت في ظل الجوع الذي يعاني منه شمال غزة تقديم مبادرة من منطلق تخصصي في المجال الزراعي لزراعة البيوت وأماكن الإيواء التي تضم النازحين لكي ننتج غذاءنا بأنفسنا، وأتمنى المشاركة والمساندة في هذه الفكرة المنتجة لبلدنا الصامد".

ويتابع "في الفترة الماضية أنقذتنا نبتة الخبيزة من الموت جوعا، وتعايشنا معها، لكن اليوم صارت شحيحة بسبب انتهاء موسمها ودخول مواسم أخرى، اليوم لا توجد أي وسيلة أخرى للبقاء على قيد الحياة سوى إيجاد حلول مبتكرة لنحصل على القدر اليسير من الغذاء".

وأضاف "لذا قررت أن أعود إلى عملي ومعي عدد من المزارعين، ورغم الصعوبة والمخاطرة الكبيرة جدا، نحاول إنقاذ الموقف بأن ننتج للبلد ونبدأ من محاصيل سريعة مثل الكوسة والجرجير والملوخية، التي لا تستغرق وقتا طويلا، رغم قلة المياه وعدم توفر الوقود لتشغيل مواتير الري وغيرها من الاحتياجات الأساسية المهمة، لكن الأمر لن يقف عندنا".

تتلخص فكرة يوسف أبو ربيع في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء في قطاع غزة (الجزيرة)

تتلخص فكرة يوسف في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء في القطاع، إذ يقول "فكرت كثيرا كيف يمكن أن أنعش القطاع وأن نقوم بعمل يكفينا ذاتيا، منّا وفينا بصفتنا أناسا عاديين، وليس فقط بوصفنا مزارعين متخصصين، سوف أتابع وأساعد من يريد، لذا أدعو من كل شخص في غزة ما زال حيا إلى أن ينسى الحرب ويدعها خلف ظهره وأن يساهم في الزراعة، أحلم بأن نزرع كل شيء نراه، أرضا وسطوحا وبيوتا".

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4شاهد.. كيف تقضي المرأة الفلسطينية بغزة يومها العالمي؟list 2 of 4حرب غزة والأوضاع الاقتصادية تلقي بظلالها على استعدادات المسلمين لاستقبال رمضانlist 3 of 4بيع الفوانيس.. مهنة رمضانية لم تختفِ في غزة رغم الحربlist 4 of 4نساء غزة.. أمهات مثاليات وسط الجحيمend of list

وتابع "هذه بالضبط فكرة المبادرة أن تصبح الزراعة في البيوت، وأن يساهم الجميع في توفير أوعية مهما كانت للزراعة داخلها، وأن نستغل كل الموارد المتاحة والموجودة. المسألة تحتاج تربة من طين ورمل وبعض السماد والبذور لنحصل على بعض الخضروات خلال الفترة القادمة كالملوخية والكوسة والفاصوليا، نعم هي أشياء بسيطة لكنها قابلة للزراعة وسريعة النمو".

فكرة المبادرة أن تصبح الزراعة في البيوت وأن يسهم الجميع في توفير أوعية مهما كانت للزراعة داخلها (الجزيرة)

ويتبرع يوسف أبو ربيع بتوفير البذور والشتلات، على أن يوفر المنضمون إلى مبادرته المياه لأنها "صعبة جدا وشحيحة".

المقاومة بـ"البذور"

يقول أبو ربيع "بهذه الطريقة سنعزز صمودنا بالعطاء ومحاولة البقاء، ونعمل على تغيير الوضع الذي نعيش فيه والذي لن يعد ممكنا أن يستمر بهذا الشكل، فإذا ظللنا نحيا في انتظار المساعدات وما يصلنا منها، سواء عبر الإنزال الجوي أو من المعابر، فلن نسلم حيث الكثير من التدافع والقتل المتعمد للناس ممن ينتظرون المساعدات، والمشكلات اللانهائية، يجب أن نصنع ونزرع أكلنا بأيدينا".

يوسف أبو ربيع: يجب أن نصنع ونزرع أكلنا بأيدينا (الجزيرة)

المهندس الشاب الذي درس مقاومة أمراض النبات، توقع أن يتم استهدافه بسبب فكرته، لكنه يقول "سأواصل تطبيق فكرتي رغم الخطورة، وأتحدث بكل صراحة أنني لا أتوقع أن يتم تركي، ولا أن أكمل الحياة لأنني أقوم بعمل شيء كفيل بإثارة جنون المحتل، فبقدر ما تم ارتكابه بحقنا من خنق وقتل وتدمير ومحو لكل مظاهر الحياة، فأنا أحاول بالمقابل أن أنهض رغم كل ما يصير بحقنا، ومرة أخرى أقول سوف أنسى كل ما مضى وأبدأ من جديد، صحيح أن هذا أمر مرهق جدا، فالظروف المحيطة بنا صعبة جدا لكننا نحاول تحدي الواقع والظروف الصعبة، وبإذن الله أشعر بالتفاؤل أننا سوف نستطيع وننجح، ونوصل للعالم كله أن شعب غزة منتج كما كان قبل الحرب".

يوسف أبو ربيع: أريد أن تصل إلى العالم أننا شعب ما زال يبحث عن سبل الحياة والصمود (الجزيرة)

شارك يوسف أبو ربيع فكرته عبر صفحته الشخصية، كما شارك مقاطع للأطفال في محيط سكنه يساعدونه في غرس البذور، وقد حظي بعدد كبير من المشاركات والتعليقات التي أبدى أصحابها تشجيعهم له ولفكرته، يقول أبو ربيع "أريد أن تصل صورتنا للعالم بأننا شعب ما زال يبحث عن سبل الحياة والصمود والبقاء، رغم كل ما يتم ارتكابه بحقنا، سوف نعود كما كنا قبل الحرب، ونحن نقدر أن نعود، رغم أن كل شيء تم تدميره، يسعدني الدعم وتوصيل الفكرة والصوت، هذا يعني لي الكثير".

يذكر أنه عقب يومين فقط من إطلاق المبادرة، استهدف قوات الاحتلال منزل عائلة أبو ربيع، لكن يوسف أبو ربيع ما زال مصرا على نشر فكرته وتحقيق حلمه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات ما زال

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يقصف مدرسة للنازحين في بيت لاهيا شمال القطاع.. ويقصف سيارة في خان يونس

أعلنت وسائل إعلام فلسطينية استشهاد عدد من المدنيين وإصابة آخرين إثر قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي في وقت مبكر اليوم مدرسة تؤوي نازحين بحي السلاطين غرب بيت لاهيا شمالي قطاع غزة.

كما استشهد 3 فلسطينيين وأصيب آخرون الليلة في غارة استهدفت مركبة مدنية قرب مدينة حمد شمال غربي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.

واستهدف قصف سيارة بمنطقة مواصي القرارة شمال غرب مدينة خان يونس.



وتتواصل جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة لليوم الـ360 على التوالي، حاصدة مزيدا من أرواح المدنيين العزل، خصوصا من النساء والأطفال.

واستشهد أمس الأحد، عدد من المواطنين وأصيب آخرون بجروح، إثر استهداف طيران الاحتلال مناطق في قطاع غزة.

وأحدث هذه الجرائم كانت في شمال قطاع غزة، حين قصفت طائرات الاحتلال محيط مستشفى كمال عدوان في مخيم جباليا، ما أدى إلى استشهاد مواطنين على الأقل.

وأشارت مصادر محلية، إلى استشهاد ثلاثة مواطنين على الأقل وإصابة عدد آخر  في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية في محيط مفترق الشعبية وسط مدينة غزة.

واستشهد مواطن، فجر الأحد، إثر قصف الاحتلال منزلا في مخيم جباليا.

وأفادت مصادر طبية، باستشهاد شاب وإصابة عدد آخر بجروح مختلفة، بعد استهداف طيران الاحتلال الإسرائيلي منزلًا لعائلة أبو نصر في منطقة العلمي بمخيم جباليا شمال قطاع غزة.

ونشرت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، الأحد، إحصائية جديدة بشأن أعداد الشهداء والجرحى على إثر العدوان المتواصل على غزة لليوم الـ359 يوما على التوالي.



وقالت الوزارة إن حصيلة الشهداء في قطاع غزة ارتفعت إلى 41 ألفا و595، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وأضافت المصادر ذاتها، أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 96 ألفا و251 منذ بدء العدوان، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.

وأشارت إلى أن تسعة شهداء ارتقوا، وأصيب 41 آخرون، خلال الساعات الـ24 الماضية، مشيرة إلى أن عددا من الضحايا لا يزالون تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

مقالات مشابهة

  • استشهاد فلسطيني في قصف العدو منزلا جنوب خان يونس
  • ارتفاع حصيلة القتلى الصحفيين إلى 174 fالقصف الإسرائيلي على غزة
  • عقيل معلقا على تصريحات الكوني بشأن مراسيم الرئاسي: ليس لديكم سيطرة على الميليشيات التي تحاصركم
  • الاحتلال يقصف مدرسة للنازحين في بيت لاهيا شمال القطاع.. وسيارة في خانيونس
  • الاحتلال يقصف مدرسة للنازحين في بيت لاهيا شمال القطاع.. ويقصف سيارة في خان يونس
  • شمال سيناء تنظم 3 ندوات توعوية ضمن مبادرة "أسرتك ثروتك"
  • شهداء وإصابات في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة شمال قطاع غزة
  • سيارات متنقلة ضمن مبادرة "أطفال بلا مأوى" لإنقاذ المشردين وحمايتهم.. وأستاذة علم اجتماع تحذر من تجاهل المجتمع لهم
  • 3 شهداء في قصف الاحتلال شمال ووسط قطاع غزة
  • استشهاد 3 فلسطينيين في قصف إسرائيلي شمال ووسط قطاع غزة