بخطأ ساذج.. كشف "عراب الذكاء الاصطناعي" بمخابرات إسرائيل
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
خطأ ساذج لكن لا يغتفر أدى إلى الكشف عن هوية رئيس الوحدة 8200 الإسرائيلية ومهندس استراتيجية الذكاء الاصطناعي، والفاعل هو الرجل نفسه.
فبحسب صحيفة الغارديان، اتضح أن يوسي ساريئيل هو رئيس للوحدة 8200 الإسرائيلية ومهندس استراتيجية الذكاء الاصطناعي بعدما كشف كتاب مكتوب باسم مستعار عن حسابه على غوغل.
ووفقا للغارديان، فإن هوية قائد الوحدة 8200 الإسرائيلية هي سر يخضع لحراسة مشددة.
وساريئيل يحتل أحد أكثر الأدوار حساسية في الجيش الإسرائيلي، حيث يقود واحدة من أقوى وكالات المراقبة في العالم، على غرار وكالة الأمن القومي الأميركية.
ومع ذلك، وبعد قضاء أكثر من عقدين من الزمن في العمل في الظل، كشفت صحيفة الغارديان كيف ترك مسؤول المخابرات المثير للجدل - واسمه يوسي ساريئيل - هويته مكشوفة على الإنترنت.
ثغرة أمنية محرجة
وتتعلق الثغرة الأمنية المحرجة بكتاب نشره ساريئيل على أمازون، وترك أثرا رقميا لحساب غوغل خاص تم إنشاؤه باسمه، إلى جانب معرفه هويته الفريدة وروابط لخرائط الحساب وملفات تعريف التقويم.
وقالت الصحيفة البريطانية واسعة الانتشار إنها تأكدت "من مصادر متعددة أن ساريئيل هو المؤلف السري لكتاب The Human Machine Team، الذي يقدم رؤية جذرية لكيفية قيام الذكاء الاصطناعي بتغيير العلاقة بين الأفراد العسكريين والآلات.
الكتاب نشر عام 2021 باستخدام اسم مستعار يتكون من الحرفين الأولين لاسمه، العميد YS، وهو يوفر مخططا للأنظمة المتقدمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، والتي كان جيش الدفاع الإسرائيلي رائداً فيها خلال الحرب التي استمرت ستة أشهر في غزة.
وفي اتصال بـ"الغارديان"، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن عنوان البريد الإلكتروني لم يكن عنوانا شخصيا لساريئيل، لكنه كان "مخصصا لقضايا تتعلق بالكتاب ذاته".
ومن المرجح أن يؤدي هذا الخطأ الأمني إلى مزيد من الضغوط على ساريئيل، الذي يقال إنه "يعيش ويتنفس" في مجال الاستخبارات، ولكن فترة ولايته في إدارة قسم الاستخبارات الإلكترونية في الجيش الإسرائيلي أصبحت غارقة في الجدل، على ما ذكرت "الغارديان".
وفي وقت لاحق الجمعة، وصف الجيش الإسرائيلي، في بيان لوسائل الإعلام الإسرائيلية، كشف الكتاب عن التفاصيل الشخصية لساريئيل بأنه "خطأ"، مضيفا: "سيتم فحص الموضوع لمنع تكرار حالات مماثلة في المستقبل".
الوحدة 8200
ويُعتقد أن الوحدة 8200، التي كانت ذات يوم تحظى باحترام كبير داخل إسرائيل وخارجها لقدراتها الاستخباراتية التي تنافس قدرات مقر الاتصالات الحكومية البريطانية (GCHQ)، قامت ببناء جهاز مراقبة واسع النطاق لمراقبة الأراضي الفلسطينية عن كثب.
ومع ذلك، فقد تعرضت لانتقادات بسبب فشلها في توقع ومنع هجوم حماس افي 7 أكتوبر من العام الماضي على جنوب إسرائيل، والذي قتل فيه المسلحون الفلسطينيون ما يقرب من 1200 إسرائيلي واختطفوا حوالي 240 شخصًا.
منذ الهجمات التي قادتها حماس، كانت هناك اتهامات بأن "الغطرسة التكنولوجية" للوحدة 8200 جاءت على حساب تقنيات جمع المعلومات الاستخبارية التقليدية.
وفي حربه في غزة، يبدو أن الجيش الإسرائيلي قد تبنى بالكامل رؤية ساريئيل للمستقبل، حيث تمثل التكنولوجيا العسكرية حدودًا جديدة حيث يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لإنجاز مهام متزايدة التعقيد في ساحة المعركة.
الحطام بين الأشجار والضابط الإسرائيلي
كتاب ساريئيل
جادل ساريئيل في كتابه المنشور قبل ثلاث سنوات بأن أفكاره حول استخدام التعلم الآلي لتحويل الحرب الحديثة يجب أن تصبح سائدة. وكتب: "علينا فقط أن نأخذهم من الهامش ونسلمهم إلى وسط المسرح".
يبشر أحد أقسام الكتاب بمفهوم "آلة الأهداف" التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، والتي تشبه أوصافها إلى حد كبير أنظمة التوصية بالأهداف التي يُعرف الآن أن جيش الدفاع الإسرائيلي يعتمد عليها في قصفه لغزة.
على مدى الأشهر الستة الماضية، نشر الجيش الإسرائيلي العديد من أنظمة دعم القرار المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتي تم تطويرها وتحسينها بسرعة بواسطة الوحدة 8200 تحت قيادة ساريئيل.
وهي تشمل نظامي Gospel and Lavender، وهما نظامان لتوصية الأهداف تم الكشف عنهما في تقارير المجلة الإسرائيلية الفلسطينية +972، ومنفذها باللغة العبرية Local Call وThe Guardian.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة به تهدف إلى مساعدة ضباط المخابرات، الذين يُطلب منهم التحقق من أن المشتبه بهم العسكريين هم أهداف مشروعة بموجب القانون الدولي.
وقال متحدث باسم الجيش إن الجيش استخدم "أنواعًا مختلفة من الأدوات والأساليب"، مضيفًا: "من الواضح أن هناك أدوات موجودة لإفادة الباحثين في مجال الاستخبارات والتي تعتمد على الذكاء الاصطناعي".
آلة الأهداف
يوم الأربعاء، سلطت رسالتا +972 و Local Call الضوء على الرابط بين الوحدة 8200 والكتاب الذي ألفه العميد واي إس بشكل غامض.
يذكر أن ساريئيل كتب الكتاب بإذن من الجيش الإسرائيلي بعد عام قضاه كباحث زائر في جامعة الدفاع الوطني الأميركية في واشنطن، حيث طرح قضية استخدام الذكاء الاصطناعي لتحويل الحرب الحديثة.
ويستهدف الكتاب القادة العسكريين والمسؤولين الأمنيين رفيعي المستوى، ويوضح مفهوم "التعاون بين الإنسان والآلة" الذي يسعى إلى تحقيق التآزر بين البشر والذكاء الاصطناعي، بدلا من بناء أنظمة مستقلة تماما.
وهو يعكس طموح ساريئيل في أن يصبح "قائد فكر"، وفقا لأحد مسؤولي المخابرات السابقين. وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان عضوًا قياديًا في مجموعة من الجواسيس ذوي التوجهات الأكاديمية المعروفة باسم "الجوقة"، والتي دعت إلى إصلاح ممارسات المخابرات الإسرائيلية.
ويشير تقرير صحفي إسرائيلي إلى أنه بحلول عام 2017 كان رئيسًا للاستخبارات في القيادة المركزية للجيش الإسرائيلي. وكان ترقيته اللاحقة إلى قائد الوحدة 8200 بمثابة تأييد من المؤسسة العسكرية لرؤيته التكنولوجية للمستقبل.
ويشير ساريئيل في الكتاب إلى "الثورة" التي حدثت في السنوات الأخيرة داخل جيش الدفاع الإسرائيلي، والتي "طورت مفهوما جديدا للحرب التي تركز على الاستخبارات لربط الاستخبارات بالمقاتلين في الميدان". وهو يدعو إلى المضي قدمًا، والدمج الكامل بين الاستخبارات والحرب، لا سيما عند إجراء عمليات استهداف مميتة.
وفي أحد فصول الكتاب، يقدم نموذجًا لكيفية بناء آلة أهداف فعالة بالاعتماد على "البيانات الضخمة" التي لا يستطيع العقل البشري معالجتها.
وقال "تحتاج الآلة إلى بيانات كافية فيما يتعلق بساحة المعركة، والسكان، والمعلومات المرئية، والبيانات الخلوية، واتصالات وسائل التواصل الاجتماعي، والصور، وجهات الاتصال بالهواتف المحمولة". "كلما زادت البيانات وتنوعت، كلما كان ذلك أفضل."
وأضاف إن آلة الأهداف هذه ستعتمد على نماذج معقدة تجعل التنبؤات مبنية "على الكثير من الميزات الصغيرة والمتنوعة"، مع ذكر أمثلة مثل "الأشخاص الذين هم مع عضو في حزب الله في مجموعة واتساب، والأشخاص الذين يحصلون على هواتف محمولة جديدة كل يوم (...) أولئك الذين يغيرون عناوينهم بشكل متكرر".
انقسام داخل المخابرات
يأتي الكشف عن الثغرة الأمنية التي يعاني منها ساريئيل في وقت صعب بالنسبة لرئيس المخابرات الإسرائيلية. وفي فبراير، تعرض للتدقيق العام في إسرائيل عندما نشرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية تقريراً عن الاتهامات المتبادلة داخل الوحدة 8200 بعد هجمات 7 أكتوبر.
يشار إلى أنه لم يتم ذكر اسم ساريئيل في المقال، الذي أشار إلى قائد الوحدة 8200 فقط بالحرف "Y". ومع ذلك، فإن الانتقادات العلنية النادرة سلطت الضوء على انقسام داخل مجتمع المخابرات الإسرائيلي حول أكبر فشل له منذ جيل.
وقال التقرير إن منتقدي سارييل يعتقدون أن إعطاء الوحدة 8200 الأولوية للتكنولوجيا "المسببة للإدمان والمثيرة" على أساليب الاستخبارات القديمة هو ما أدى إلى الكارثة. وقال أحد المسؤولين المخضرمين للصحيفة إن الوحدة التي يقودها سارييل "اتبعت فقاعة الاستخبارات الجديدة".
من جانبه، نُقل عن ساريئيل قوله لزملائه إن يوم 7 أكتوبر "سيطارده" حتى يومه الأخير. وقال: "أتحمل مسؤولية ما حدث بالمعنى العميق للكلمة». "لقد هزمنا. لقد هُزمت."
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الجيش الإسرائيلي الوحدة 8200 الذكاء الاصطناعي قمة الذكاء الاصطناعي الموساد رئيس الموساد الجيش الإسرائيلي الوحدة 8200 أخبار إسرائيل الذکاء الاصطناعی الجیش الإسرائیلی الوحدة 8200
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي وفهم التاريخ: تحديات ومعوقات
تعدُّ تقنية الذكاء الاصطناعي من أكثر التطورات التكنولوجية إثارة في العصر الحديث، حيث نجحت في تحويل العديد من المجالات مثل الرعاية الصحية، التعليم، الصناعات، والاقتصاد. ومع ذلك، يظل الذكاء الاصطناعي يواجه تحديات هائلة في مجالات تتطلب فهماً عميقًا ومعقدًا، مثل فهم التاريخ. فرغم التقدم الهائل الذي حققته الخوارزميات في معالجة البيانات وتحليل الأنماط، يبقى أن التاريخ ليس مجرد سرد للأحداث، بل هو دراسة ديناميكية متشابكة للإنسان والمجتمع.
- السياقات الاجتماعية والسياسية المعقدة
التاريخ ليس مجرد مجموعة من التواريخ والأحداث المفردة، بل هو نسيج معقد من الوقائع التي تتداخل مع بعض العناصر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. على سبيل المثال، لا يكفي مجرد معرفة أن الحرب العالمية الثانية اندلعت في عام 1939. لفهم أسبابها وآثارها، يجب النظر إلى الظروف التي سبقتها، مثل الكساد العظيم، والتحولات الاقتصادية العالمية. يصعب على الخوارزميات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي فهم هذه التداخلات العميقة بين العوامل المختلفة، حيث لا يمكنها دائمًا التقاط المعاني المتعددة للأحداث في سياقها التاريخي.
- البيانات المفقودة والتحيزات التاريخية
الذكاء الاصطناعي يعتمد بشكل كبير على البيانات المدخلة له، وهي غالبًا ما تكون مقتصرة على السجلات المكتوبة أو الشفوية التي قد تكون ناقصة أو متحيزة. على سبيل المثال، قد تكون الروايات التاريخية غير شاملة لبعض الفئات الاجتماعية أو الثقافية. كما أن السجلات التاريخية قد تحتوي على تحيزات، سواء كانت سياسية، ثقافية، أو اجتماعية. مثلًا، قد تغطي السجلات التاريخية في العديد من المجتمعات الغربيّة في العصور الوسطى أو الحديثة تاريخ النخبة فقط، متجاهلة الطبقات الفقيرة أو النساء. هذه التحيزات تشكل عقبة أمام الذكاء الاصطناعي في توفير تحليل شامل وعادل للأحداث التاريخية.
اقرأ أيضاً.. هل يغير الذكاء الاصطناعي مستقبل علاج الأمراض النادرة؟
- التفسير البشري والمعنى الثقافي
التاريخ ليس مجرد تسلسل للأحداث بل هو أيضًا تفسير بشري لتلك الأحداث. البشر ليسوا مجرد شهود على الماضي، بل هم من يخلقون المعاني ويحللونها بناءً على قيمهم ومعتقداتهم. الذكاء الاصطناعي، رغم قوته في معالجة البيانات، يظل عاجزًا عن فهم أبعاد المشاعر، الدوافع، والصراعات الإنسانية التي تلعب دورًا محوريًا في تشكيل التاريخ. على سبيل المثال، قد يكون من الصعب على الذكاء الاصطناعي أن يفهم تمامًا العواقب النفسية والاجتماعية التي خلفها حدث مثل حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة.
- اللغة والمجازات التاريخية
اللغة التاريخية مليئة بالتعابير المجازية والتلميحات الثقافية التي قد تكون غير واضحة للخوارزميات. فالتاريخ لا يُكتب فقط من خلال الحقائق الملموسة، بل من خلال الأساطير، الشعر، الأدب، والمجازات. على سبيل المثال، قد يعبّر كتاب تاريخ عن حدث معين باستخدام لغة شاعرية أو رمزية، وهو ما يتطلب من القارئ البشري استخدام حدسه الثقافي لفهم المعاني العميقة. في المقابل، يواجه الذكاء الاصطناعي صعوبة في فهم هذه الأبعاد الرمزية التي تعد جزءًا لا يتجزأ من فحص التاريخ.
- التغيرات في المفاهيم عبر الزمن
المفاهيم مثل العدالة، السلطة، الحرية، والحقوق، تتغير مع مرور الوقت. ما كان يُعتبر مقبولًا أو طبيعيًا في العصور الماضية قد لا يُعتبر كذلك اليوم. على سبيل المثال، حقوق الإنسان في القرن العشرين لا تشبه بالضرورة حقوق الإنسان في القرون السابقة. ولكن لفهم هذه التحولات بعمق، يحتاج الإنسان إلى النظر في التطور الثقافي والاجتماعي في سياق الزمن، وهو أمر لا يستطيع الذكاء الاصطناعي فهمه بالكامل، لأنه يفتقر إلى الوعي بالتطورات الإنسانية التي شكلت تلك التحولات.
اقرأ أيضاً.. جوجل تزيد استثماراتها في شركة ناشئة للذكاء الاصطناعي
التحديات المستقبلية للذكاء الاصطناعي في فهم التاريخ
على الرغم من هذه التحديات، فإن الذكاء الاصطناعي لا يزال يقدم إمكانيات كبيرة لتحليل التاريخ. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في جمع البيانات وتحليل الأنماط بشكل أسرع وأكثر دقة مما يمكن للبشر القيام به، ولكن يجب أن يظل الإنسان في الصدارة عندما يتعلق الأمر بتفسير السياقات والتعقيدات الثقافية.
في المستقبل، قد يشهد الذكاء الاصطناعي تطورًا في فهمه للتاريخ، وذلك من خلال تحسين تقنيات معالجة اللغة الطبيعية واستخدام التعلم العميق لتطوير نماذج قادرة على تفسير الأحداث البشرية بعمق أكبر. إلا أن الذكاء الاصطناعي لن يكون بديلاً عن التفسير البشري، بل يجب أن يُستخدم كأداة مساعدة في عملية البحث والتحليل.