رغم الحرب في غزة... الفلسطينيون سيشاركون في ألعاب باريس الأولمبية
تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT
إعداد: رومان ويكس | حسين عمارة تابِع إعلان اقرأ المزيد
"سنكون أفضل مما كنا عليه في أولمبياد طوكيو". نادر الجيوسي لم يكف طوال المقابلة عن ترديد: اللجنة الأولمبية الفلسطينية لم تستسلم، وعلى الرغم من الحرب المستمرة بين إسرائيل وحماس، فإن العلم الفلسطيني سيرفرف على نهر السين في 26 يوليو/تموز المقبل خلال حفل افتتاح أولمبياد باريس.
لقد دفع الرياضيون، مثل جميع الفلسطينيين، ثمنا باهظا في هذا الصراع. "من الرياضيين والمدربين إلى الموظفين، فقد المشهد الرياضي الفلسطيني ما لا يقل عن 170 شخصا"، يوضح نادر الجيوسي، مشيرا إلى أن هذا الرقم على الأرجح أقل من الواقع نظرا لصعوبة التواصل مع غزة وإحصاء القتلى. بين من فقدهم الوسط الرياضي الفلسطيني مدرب فريق كرة القدم الأولمبي هاني المصدر ونجم الكرة الطائرة إبراهيم قصية. "يضاف إلى هذه المآسي تدمير البنية التحتية في القطاع: ملعب اليرموك، مقر اللجنة الأولمبية، والعديد من الملاعب الأخرى... إذا توقفت الحرب اليوم، فإن 70 بالمئة على الأقل من سكان غزة سيكونون بلا مأوى، لذلك دعونا لا نتحدث حتى عن أماكن لممارسة الرياضة".
يدرك نادر الجيوسي أن المأساة المستمرة حطمت خطط اللجنة لأولمبياد 2024 في باريس، في حين تم وضع برنامج لمساعدة ومراقبة الرياضيين لأول مرة في تاريخهم في المسابقة. ومع ذلك ، فهو يؤمن بقدرة الرياضيين الفلسطينيين على الصمود. في الشهر الماضي، انتزع لاعب التايكوندو عمر إسماعيل تذكرة للألعاب الأولمبية. وعلى الرغم من الإعداد الناقص جراء الحرب، فإن العديد من الرياضيين الفلسطينيين يأملون في المشاركة بدعوة من اللجنة الأولمبية الدولية، وهو ما يؤمن به نادر الجيوسي بشدة.
فرانس24: كيف أثرت الحرب بين إسرائيل وحماس وغزو غزة على أهداف اللجنة الأولمبية الفلسطينية؟
نادر الجيوسي: توقفت ممارسة الرياضة تماما في فلسطين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. عندما وقعت تلك الأحداث، كنا مع وفدنا في الصين لدورة الألعاب الآسيوية في هانغتشو. وهناك كتبنا التاريخ بميدالية هالة القاضي البرونزية في الكاراتيه.
ومنذ ذلك الحين، ما فتئنا نقضي الكثير من وقتنا في محاولة ضمان سلامة الوفد. نحن ندرك الواقع جيدا، لكننا ما زلنا نحاول تحقيق هدفنا. لأول مرة ، قمنا بإعداد برنامج إعداد أولمبي لتأهيل الرياضيين. ومع ذلك، اضطررنا للتوقف في أسوأ لحظة ممكنة. العام الذي يسبق الألعاب الأولمبية هو أهم لحظة في الدورة الأولمبية. لذا فإن التوقف لأكثر من ستة أشهر في ذلك الوقت يدمر خطة إعداد رياضيينا. حاولنا التكيف من خلال تقصير قائمة الرياضيين الذين نتبعهم ونواصل العمل معهم.
هذا يدل على أننا نأخذ الأمر على محمل الجد. لقد كنا حاضرين في الألعاب الأولمبية منذ أتلانتا في عام 1996. تمكنا من الحصول على تأهل تاريخي في التايكوندو. بفضل الله، تمكنا من تحقيق هدفنا. ونجحنا في التأهل مباشرة لأولمبياد باريس. وهو تأهل تاريخي بالفعل [فهي المرة الثانية في تاريخ الألعاب الأولمبية التي يدين فيها فلسطيني بحضوره للتأهل وليس لدعوة من اللجنة الأولمبية - ملاحظة المحرر].
ما هي العواقب الملموسة للحرب على عمل اللجنة الأولمبية؟
خلال 40 يوما، فعلنا كل شيء حتى يتمكن بطلنا في رفع الأثقال محمد حمادة ومدربه، وهو أيضا شقيقه، من الخروج من غزة. كان بطل العالم للناشئين وقريبا جدا من التأهل للأولمبياد. لسوء الحظ، عندما بدأت المأساة، كان يعيش في شمال غزة. كان يعيش في واحدة من أولى المناطق التي غزتها إسرائيل.
عقليا ونفسيا، يتمتع محمد حمادة بقوة كبيرة. حتى إنه استمر في التدريب في الشهر الأول. هناك مقاطع فيديو له يتدرب في المنزل وسط أصوات الطائرات الحربية والمسيرات... لكن المجاعة بدأت في غزة وخسر حوالي خمسة عشر كيلوغراما من وزنه. وهو رقم كبير جدا بالنسبة لرافع أثقال… لذا ساعدناه على الخروج من غزة. تقدمنا بطلب نيابة عنه للحصول على دعوة في حالة فشله في التأهل لبطولة تايلاند.
هذا مثال واحد من بين العديد من الأمثلة الأخرى، لكنه يعطي فكرة عن كل ما يتعين على اللجنة الأولمبية الآن القيام به إضافة لعملها الرياضي الأساسي. ولكن من واجبنا أن نفعل ذلك. نحن في خدمة الرياضيين لوضعهم في أفضل ظروف الأداء.
كيف يتمكن الرياضيون من الحفاظ على هدوئهم والتركيز على أهدافهم في الألعاب الأولمبية في هذا السياق؟
إنه شيء قمنا ببنائه ووضع أسسه. إنهم مدركون وناضجون بما فيه الكفاية لفهم أن ما يفعلونه ليس حلما فرديا. يتعلم رياضيونا أنهم لا يمثلون أنفسهم. إنهم يمثلون بلدنا وتاريخنا وقضيتنا. هذه هي قاعدة هرمنا الأولمبي. هذه هي الرسالة التي يكررها رئيس لجنتنا الأولمبية، جبريل الرجوب، على مسامع رياضيينا طوال الوقت. ونحن ننقل هذه الرسالة إلى جميع رياضيينا وإلى جميع صغارنا. نحن نحاول تحويلهم إلى بشر يدركون القضية التي يمثلونها، ويفهمون معنى أن تكون فلسطينيا ويفهمون أي مثال يجب أن يكونوا عليه.
هذه هي الطريقة التي يحافظ بها رياضيونا على تركيزهم وهدوئهم. نحن نعيش هذا الوضع منذ 75 عاما. إذا سمحنا لأنفسنا بالانزعاج، فسوف نتعرض للهزيمة سريعا. يجب أن نكون أقوياء نفسيا. وسنكون حاضرين في الألعاب الأولمبية.
ما الدعم الذي تلقيتموه منذ بداية الحرب؟
لقد دعمتنا الدول العربية الشقيقة التي استضافت معسكرات تدريب فرقنا. تدرب لاعبو كرة القدم لدينا في المملكة العربية السعودية وتمكنوا من تحقيق أداء تاريخي في يناير/كانون الأول الماضي، حين وصلوا إلى دور الستة عشر في كأس آسيا. بعض الرياضيين لدينا يتدربون في الكويت وفي الدوحة... إننا نتلقى دعما هائلا من البلدان التي تؤمن بتطلع الفلسطينيين إلى تمييز أنفسهم في مجال الرياضة، وتدعمنا في هذه العملية.
فيما يتعلق باللجنة الأولمبية الدولية، نحن على اتصال دائم بهم. قال الرئيس توماس باخ بنفسه إنه سيبذل قصارى جهده لضمان مشاركة فلسطين في الألعاب الأولمبية في باريس. إنه يرى أنه من المهم جدا أن نكون حاضرين، مثل أي بلد. ونحن نحترم موقفه ودعمه هذا. كما جددنا التزامنا بالميثاق الأولمبي ولوائح اللجنة الأولمبية الدولية بنسبة 100 بالمئة.
تميز العامان الأخيران بغزو أوكرانيا ودعوات لاستبعاد الرياضيين الروس والبيلاروسيين من الألعاب. فهل تأسفون لاستبعاد اللجنة الأولمبية الدولية سيناريو مماثل لإسرائيل؟
بصفتنا لجنة أولمبية فنحن نتجنب التورط في الشؤون السياسية. نحن نفضل التركيز على الرياضة. ولن نعلق على وجود الروس أو الأوكرانيين في الألعاب الأولمبية. وفيما يتعلق بحضور الإسرائيليين في الألعاب الأولمبية ، فهذا ليس موضوعا محل نقاش بالنسبة لنا. إذا أراد قادتنا السياسيون مناقشته والتصريح به، فسوف يتحدثون عنه في وسائل الإعلام. في اللجنة الأولمبية، نحن هنا لتوفير أفضل الظروف الممكنة لرياضيينا.
يمكن أن ترى الألعاب الأولمبية مواجهة فلسطينية إسرائيلية في الميدان. هل هذا موضوع نقاش داخل اللجنة؟
هل تعتقد أننا نشعر بالتوتر بشأن مقابلة الإسرائيليين؟ إننا نلتقي بهم في مدننا وفي مدارسنا. وهم يوقفوننا ويلقون القبض علينا في الشارع. بشكل عام، فإنهم مسلحون. لذا، فإن مثل هذا النوع من المواجهات في الألعاب الأولمبية ليس مصدر قلق لرياضيينا.
نحن نعلم أنه يمكن أن يحدث، لكننا هنا للقيام بواجبنا الرياضي. نحن هنا للتنافس وتمثيل بلدنا بأفضل طريقة ممكنة.
ماذا يعني لك أن يرفرف علم بلادك في 26 يوليو/تموز في حفل الافتتاح؟
في خضم كل هذه الفظائع والمجازر، سيرى الناس رجالا ونساء مصممين على رؤية حلمهم يتحقق. أعتقد أن هذه ستكون رسالة سلام عظيمة للعالم بأسره، من شأنها أن تظهر ما يمكن أن يكون عليه الفلسطينيون في المستقبل. ولكنها أيضا رسالة لأجيالنا القادمة، لأطفالنا الذين فقدوا أحلامهم جراء القنابل والصواريخ. سيرى هؤلاء الأطفال أمثلة نموذجية لرياضيين تمكنوا من الذهاب إلى أولمبياد باريس والتأهل لمسابقات التايكوندو. ستكون لحظة تاريخية بلا شك!
النص الفرنسي: رومان ويكس | النص العربي: حسين عمارة
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج طوكيو إسرائيل باريس غزة فلسطين الصين الألعاب الآسيوية الألعاب الأولمبية باريس تايلاند الألعاب الأولمبية السعودية آسيا الكويت الدوحة اللجنة الأولمبية الدولية فرنسا أولمبياد باريس فلسطين منتخب فلسطين الحرب بين حماس وإسرائيل للمزيد إسرائيل للمزيد إيران الحرس الثوري الإيراني حزب الله الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا اللجنة الأولمبیة الدولیة فی الألعاب الأولمبیة
إقرأ أيضاً:
تزايد المخاطر التي تهدد الاقتصاد الإسرائيلي.. احتمالات حدوث أزمة مالية ورادة
بحسب معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي، فإن ثلاثة أحداث وقعت في وقت واحد: انتهاء وقف إطلاق النار في غزة والعودة إلى القتال، والموافقة على الميزانية الإشكالية للعام 2025، وعدم الاستقرار السياسي، تشير إلى تزايد المخاطر التي تهدد الاقتصاد الإسرائيلي، وتزيد من احتمالات حدوث أزمة مالية.
وبشأن الحدث الأول فقد أدى نشاط الجيش في قطاع غزة ولبنان إلى تجدد التهديد الصاروخي على "إسرائيل" وهجمات الحوثيين من اليمن. وإلى جانب عنصر عدم اليقين الذي يصاحب هذه المرحلة من الحرب وأهدافها، فإنه يجعل من الصعب أيضاً على الاقتصاد أن يعمل، بعد أن بدأ يعود إلى طبيعته في الأسابيع التي سبقت ذلك.
على سبيل المثال، يؤثر العودة إلى القتال سلباً على النمو في "إسرائيل" بعد تجنيد جنود الاحتياط؛ سيتعين على الشركات مرة أخرى العثور على بديل للموظفين الذين سيتم تجنيدهم مرة أخرى، بالإضافة إلى ذلك، تزداد التكلفة المرتبطة بتجنيد جنود الاحتياط.
وأظهرت دراسة أجرتها وزارة المالية الإسرائيلية في عام 2024 أن التكلفة الاقتصادية لجندي الاحتياط تبلغ نحو 48 ألف شيكل شهريا (الشيكل يساوي 0.26 دولار).
لقد تطلب تمويل الحرب حتى الآن جمع ديون بمبالغ ضخمة، والتي تجاوزت حتى جمع الديون خلال أزمة كورونا في عام 2020. وبالتالي، فقد بلغ مجموع الديون 278 مليار شيكل في عام 2024 مقارنة بـ 265 مليار شيكل في عام 2020. وأدت هذه الزيادات، إلى جانب نمو الناتج المحلي الإجمالي شبه الصفري، إلى زيادة كبيرة في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، من 60% في عام 2022 إلى 69% في عام 2024.
الحدث الثاني الذي يقوض استقرار الاقتصاد الإسرائيلي هو إقرار الكنيست لأكبر ميزانية للدولة على الإطلاق، والتي بلغت قيمتها نحو 620 مليار شيكل.
في ظاهر الأمر، ينبغي أن يكون إقرار ميزانية الدولة علامة إيجابية على الاستقرار السياسي والاقتصادي. ولكن الميزانية التي تمت الموافقة عليها تشكل إنجازا سياسيا لحكومة بنيامين نتنياهو، ولكنها تشكل فشلا اقتصاديا للبلاد، بحسب التقرير.
لقد أكد بنك "إسرائيل" ووزارة المالية مراراً وتكراراً أن أولويات الحكومة الحالية لا تتوافق مع التحديات الاقتصادية التي تواجه دولة "إسرائيل". ولذلك، فليس من المستغرب أن تكون هناك فجوة كبيرة بين توصيات الهيئات المهنية بشأن ميزانية عام 2025 والميزانية التي تمت الموافقة عليها فعليا. وتتضمن الميزانية الكثير من القرارات المتعلقة بالقوى العاملة، بما في ذلك رفع اشتراكات التأمين الوطني، وتجميد شرائح ضريبة الدخل، وتقليص أيام النقاهة، ورفع ضريبة القيمة المضافة، وهو ما قد يضر بمستوى الطلب في الاقتصاد. كما يتضمن تخفيضات واسعة النطاق في ميزانيات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية.
وعلى النقيض من ذلك، تفتقر الميزانية إلى محركات النمو الرئيسية، ولا تتضمن تخفيضات كبيرة في أموال الائتلاف غير الضرورية، كما أن الأموال التي وعدت بها "قانون النهضة" لإعادة إعمار غلاف غزة والشمال لم يتم تضمينها أيضاً. وبدلاً من تلك البنود التي قد تشجع النمو والاندماج في سوق العمل، تتضمن الميزانية مخصصات كجزء من اتفاقيات الائتلاف، والتي تحفز عدم التجنيد في الجيش الإسرائيلي وعدم المشاركة في سوق العمل. علاوة على ذلك، فإن توزيع الأموال على المؤسسات المعفاة من الضرائب في التعليم الحريدي والتي لا تدرس المواد الأساسية يؤدي إلى إدامة المشكلة وتفاقمها، لأن التعليم الذي تقدمه لا يزيد من قدرة طلابها على الكسب في المستقبل.
الحدث الثالث هو عدم الاستقرار السياسي الذي يرافق عودة الثورة القضائية ومحاولات إقالة المستشار القانوني للحكومة ورئيس الشاباك.
منذ بداية الحرب، قامت ثلاث وكالات تصنيف ائتماني بخفض التصنيف الائتماني لـ"إسرائيل". وفي كل التقارير التي أصدروها منذ انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، أشاروا إلى الخوف من عدم الاستقرار السياسي وتفاقم الاستقطاب في المجتمع الإسرائيلي.
وفي العام الماضي، هاجم وزير المالية سموتريتش قرارات شركات التصنيف الائتماني في عدة مناسبات، مدعيا أن الشركات تتعامل مع قضايا غير اقتصادية، وأنه يتوقع نموا مرتفعا للاقتصاد الإسرائيلي بعد نهاية الحرب.
ولكن هناك مشكلة أساسية في هذه الحجة؛ إذ تشير دراسات واسعة النطاق في علم الاقتصاد إلى أن المؤسسات الاقتصادية والسياسية تؤثر على نمو وازدهار البلدان. على سبيل المثال، أظهر الفائزون بجائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2024 (درون أسيموجلو، وسيمون جونسون وجيمس روبيسون) أن البلدان التي تتمتع بمؤسسات ديمقراطية وسيادة قانون مستقرة تميل إلى الازدهار اقتصاديا، في حين تكافح البلدان ذات المؤسسات الضعيفة لتحقيق نمو كبير في الأمد البعيد.
وهذا يعني أنه حتى من منظور اقتصادي بحت، فإن إضعاف السلطة القضائية يؤثر على التصنيف الائتماني للبلاد. ولذلك، يتعين على وكالات التصنيف الائتماني أن تعالج القضايا السياسية في كل دولة تدرسها لتقييم المخاطر المستقبلية التي تهدد الاقتصاد. والخلاصة هي أن عدم الاستقرار السياسي يساهم في ارتفاع تكاليف تمويل الديون، كما يتضح من ارتفاع علاوة المخاطر في "إسرائيل" في عام 2023، حتى قبل بدء الحرب.
ولكي نفهم بشكل أفضل تأثير العمليات الثلاث التي تحدث معا على القوة المالية لـ"إسرائيل"، كما يراها المستثمرون الدوليون، فمن المفيد أن ننظر إلى التقلبات في عقود مقايضة الائتمان الافتراضي (CDS)، وهو عقد مالي يستخدم كأداة للحماية من إفلاس الجهة المصدرة للدين. وبعبارة بسيطة، فهو تأمين ضد خطر عدم سداد الديون. كلما ارتفع مؤشر مقايضة مخاطر الائتمان في بلد ما، زاد قلق المستثمرين بشأن الاستقرار الاقتصادي في البلاد. ويتغير هذا المؤشر يوميا، مما يتيح لنا الحصول على رؤية فورية حول مخاطر الائتمان في البلدان.
ويظهر مؤشر مقايضة مخاطر الائتمان الإسرائيلي (بالدولار) لمدة 10 سنوات منذ 1 كانون الثاني/ يناير 2023، أن مخاطر الائتمان الإسرائيلي بدأ في الارتفاع بشكل معتدل في بداية عام 2023 وقفز بشكل كبير مع اندلاع الحرب. وواصل مؤشر أسعار المستهلك (CDS) اتجاهه الصعودي ولكن بدرجة معتدلة في العام الأول من الحرب.
وفي ضوء الإنجازات التي تحققت ضد إيران بعد الهجوم الإسرائيلي في تشرين الأول/ أكتوبر 2024، انخفض مؤشر القوة النسبية (CDS) بشكل حاد. واستمر تراجعه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، مع توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان. ومع استئناف القتال في قطاع غزة في أوائل آذار/ مارس 2025، ارتفع مستوى الدفاع الصاروخي الإسرائيلي مجددا. والمعنى العملي لهذه العلاوة هو أن الأسواق تضع في الحسبان مخاطر أكبر للإفلاس في "إسرائيل".
يميل هذا المؤشر إلى أن يسبق قرارات شركات التصنيف الائتماني. على سبيل المثال، خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني لـ"إسرائيل" في شباط/ فبراير وأيلول/ سبتمبر 2024، بعد فترة طويلة من ارتفاع أسعار مقايضة مخاطر الائتمان. وبشكل عام، انخفض التصنيف الائتماني لـ"إسرائيل" بحسب وكالة موديز من مستوى ما قبل الحرب A1 إلى المستوى الحالي Baa1 مع نظرة مستقبلية سلبية. ويعتبر هذا المستوى قريباً جداً من مستوى Ba1، وهو المستوى الذي تعتبر فيه السندات سندات غير مرغوب فيها.
إن الانخفاض إلى هذا المستوى قد يدفع "إسرائيل" إلى أزمة مالية حيث ستجد صعوبة في جمع الديون في الأسواق المالية لتمويل نفقاتها (بما في ذلك نفقات الحرب).
وهناك احتمال لقيام شركات التصنيف الائتماني بخفض تصنيف "إسرائيل" مرة أخرى.
وينصح التقرير القادة الإسرائيليين بأن يأخذوا في الاعتبار أن الأمن القومي الإسرائيلي مرتبط بالطريقة التي تنظر بها الأسواق المالية إليه.
ويضيف: بالنسبة للأسواق المالية، فإن "إسرائيل" تعيش حالة من الاضطراب الأمني والسياسي والاجتماعي، وكل هذا لا يحدث في فراغ؛ هذه العمليات الثلاث تجري على خلفية الحروب التجارية وعدم اليقين في الاقتصاد العالمي في ضوء السياسات الاقتصادية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.