في الجزء الثاني من كتاب (تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان) تردد نقل نور الدين السالمي من «سيرة ذي الغَبراء»، وترددت عبارة: «قال ذو الغَبراء»، فمن ذو الغبراء هذا؟ هو خميس بن راشد بن سعيد العبري (ت:1271هـ) فقيه وأديب من أهل القرن الثالث عشر الهجري، تتلمذ على عامر بن علي العبادي، وأخذ عن أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصي، وابنه ناصر بن جاعد، وأخذ عنه ولده العلامة ماجد بن خميس العبري (ت:1346هـ).
صدرت نشرة الكتاب عن مكتب المستشار الخاص لجلالة السلطان للشؤون الدينية والتاريخية (سابقًا) سنة 1431هـ/2010م بعناية د.سعيد بن عبدالله العبري، وقد ذكر في المقدمة أن النسخة التي اعتمد عليها نسخة ناقصة ولا تحتوي على بعض الأذكار وفقاً لترتيب المؤلف ومنها الثامن والخمسون والستون والثاني والستون والثالث والستون، كما أن بها نقصا في بعض الصفحات. ولعله ترتب على هذا النقص أننا لا نجد في المطبوع بعض ما نقله نور الدين السالمي في (تحفة الأعيان).
وثمة نسخة أخرى كُتِبت في حياة المؤلف سنة 1258هـ، وعليها إضافات وتصحيحات واستدراكات كثيرة بخطوط مختلفة، وفي أولها تقاريظ للكتاب، والتقريظ في الأدب العربي فن قديم اتجه في موضوع الكتب إلى الثناء على المؤلف وكتابه، وفي التراث العماني له حضور واسع أكدته الأمثلة الكثيرة على تقاريظ الكتب مع اختلاف شكلها النصي بين الشعر والنثر.
ولعل كتاب «شفاء القلوب» من بين أوفر الكتب العمانية حظًا من التقريظ، إذ نال نحو ثمانية تقاريظ شعرية أحدها لمؤلفه، والأخرى لبعض معاصريه وهم: راشد بن عمر بن راشد الغاوي الإزكوي، وناصر بن صالح العدوي البهلوي، وراشد بن سعيد بن أبي نبهان الخروصي، وعبدالله بن حميد بن راشد الغافري، وعلي بن ناصر بن محمد الريامي، ومحسن بن زهران بن محمد العبري، وحميد بن محمد بن رزيق النخلي، وهذا الأخير كتب تقريظه النثري بخطه في تلك النسخة.
قسم المؤلف كتابه إلى ما سماه أذكارًا محل (الأبواب)، لكنها في الغالب متعددة الموضوعات مختلفة الفنون، فهو ينتقل من الفقه إلى الأدب إلى الطب إلى الفلك وهكذا، ففي الذكر الأول مثلا: «مسائل في الشرع، وفيه تسلية القلوب وكشف الكروب، وفيه شيء من الفلك وشيء من الطب لاشتقاق الرجلين ودواء للقروح....»، وقد يختص الذكر بموضوع أو اثنين كما في الذكر العاشر «ذكر العالِم المتعفف، وجوابات الشيخ ناصر بن أبي نبهان للنصارى وهُنَّ سبع مسائل». وفي بعض الأذكار تناول المؤلف بعض الصنائع كما في الذكر السابع عشر: «...وقطع الحديد، وقلع الصبوغات من الثياب، وأدوية تهرب منها الهوام، وعمل المدادات...»، ولعل الطب والفلك من بين أكثر الفنون التي تعرض لها المؤلف، وهذا ينبئ عن اشتغال منه بهما، فهو ينقل عن غيره تارة وقد ينقل بعض مجرباته كذلك.
ولعل النصوص التاريخية من بين أكثر النصوص قيمة في الكتاب، فالمؤلف ينقل أخبارًا شاهدها أو حكايات سمعها أو نقلها عن غيره ثم غابت مصادرها الأصلية، وهو ما حدا بنور الدين السالمي إلى النقل عنه في كتابه. وثمة مخطوط في إحدى الخزائن الخاصة جُمِعت فيه بعض الحكايات من كتاب شفاء القلوب، ويرجّح أستاذنا الباحث سلطان بن مبارك الشيباني أن جامعها نورُ الدين السالمي، ولعل ذلك كان أيام تأليف كتاب تحفة الأعيان.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
فعالية ثقافية في البيضاء إحياءً لذكرى رحيل العلامة مجد الدين المؤيدي
الثورة نت| محمد المشخر
نظم مكتبا الهيئة العامة للأوقاف والزكاة في محافظة البيضاء اليوم فعالية ثقافية لإحياء الذكرى السنوية الثامنة عشرة لرحيل العلامة مجد الدين بن محمد منصور المؤيدي، تحت شعار”الإمام مجد الدين مسيرة علم وجهاد”.
وفي الفعالية بحضور مدير مكتب هيئة الزكاة بالمحافظة حيدر الغريب، أشار عضو رابطة علماء اليمن بالمحافظة محمد أحمد السقاف، إلى دلالات إحياء الذكرى السنوية للإمام الحجة المؤيدي، وما تمثله من محطة دينية تربوية للتزود بالثقافة الإيمانية، والارتباط بالله وآل بيت الرسول.
واعتبر، إحياء ذكرى سنوية العلامة المؤيدي محطة لاستلهام الدروس من أحد أعلام المعرفة والشريعة.. وأشاد بدور مكتبا هيئة الأوقاف والزكاة بالمحافظة في إحياء مثل هذه المناسبات والتعريف بأعلام الهدى، وضرورة تكريس الجهود في تحصيل العلم.
واستعرض جانبا من حياة العلامة المؤيدي، ومواقفه الإيمانية، وتكريس حياته لنشر العلم.
من جانبه أوضح رئيس فرع هيئة المظالم بالمحافظة محمد الحبابي، أن العلامة المؤيدي أحد رموز والأمة الذين ساروا على النهج المحمدي الصحيح وتبصير الناس بعلوم الدين، وتصحيح المفاهيم المغلوطة.. لافتا إلى أن إحياء هذه الذكرى هو إحياء للعلم النافع والتعرف على دور الفقيد في تبصير الأمة و تنويرها وتعزيز روح التسامح والإخاء بين أبنائها.
وأشار إلى اهتمام الفقيد بالهدى والعلوم والجهاد الذي ذكره وحث عليه في كتبه ومؤلفاته.
فيما تطرق، مدير إدارة الإعلام والتوعية في مكتب الزكاة بالمحافظة قاسم الوجيه، الى دور العلامة المؤيدي في توضيح المفاهيم الدينية ومحاربة الثقافات الدخيلة على المجتمع اليمني الحجج والبراهين والمحاضرات العلمية والكتب النيرة واهتمامه بشؤون الأمة وقضاياها.
واعتبر إحياء ذكرى رحيله، محطة للتذكير بمآثر الفقيد وإسهاماته الدينية والعلمية والاجتماعية.
وحث، على ضرورة طلب العلم والعبادة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والسير على نهج أهل البيت -عليهم السلام-والاقتداء بهم في حياتهم العلمية والجهادية.. داعياً إلى الاقتداء به في علمه وجهاده وإلى الاعتصام بحبل الله جميعاً.
تخلل الفعالية عرضا عن سيرة العلامة المؤيدي وقصيدة شعرية بالمناسبة.