يعزز الكيان الصهيوني جاهزيته الدفاعية، في ترقب للرد الإيراني المحتمل على الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق، وقررت سلطات الاحتلال تعليق منح تراخيص المغادرة للجنود، والتشويش على إشارات نظام تحديد المواقع، واستدعاء جنود احتياطيين إضافيين، في ظل حالة الغليان التى تشهدها المنطقة، كما توعد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بإلحاق الأذى بمن يؤذي كيانه.

 
وقال جيش الاحتلال إنه يعمل على تعزيز إجراءاته الدفاعية، في ظل حالة الغليان التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط إثر الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق، والذي أودى بحياة سبعة من أفراد الحرس الثوري، بينهم عميدان. ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، قتل أيضا في الهجوم خمسة مقاتلين سوريين وآخر من حزب الله. 
وقال نتنياهو: "منذ سنوات تعمل إيران ضدنا سواء بشكل مباشر أو عبر وكلائها، لذا فإن إسرائيل تعمل ضد إيران ووكلائها دفاعيا وهجوميا، ونعرف كيف ندافع عن أنفسنا وسنعمل وفقا لمبدأ بسيط مفاده من يؤذينا أو يخطط لإيذائنا، سنؤذيه". 
كما أعلن جيش الاحتلال أنه "تقرر تأجيل الأذونات الممنوحة للوحدات القتالية مؤقتا"، مشيرا إلى أن القوات الإسرائيلية "في حالة حرب ويتم مراجعة مسألة نشر الجنود باستمرار وفقا للاحتياجات". وقال أيضا إنه يدعو إلى إرسال جنود احتياطيين إضافيين لوحداته الجوية والاستخبارات والدفاع المدني. 
وأكد المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاجاري التشويش على إشارات نظام تحديد المواقع في خطوة دفاعية بمواجهة أسلحة معينة مثل الصواريخ والطائرات المسيّرة. وقال: "عززنا تأهب وحداتنا القتالية حيث تدعو الحاجة.. عززنا الأنظمة الدفاعية ولدينا طائرات جاهزة للدفاع وجاهزة للهجوم في سيناريوهات مختلفة". 
وآثرت تل أبيب عدم التعليق على هجوم دمشق، لكن محللين اعتبروا الضربة تصعيدا إسرائيليا في حملة ضد وكلاء إيران الإقليميين، ما ينطوي على مخاطر اندلاع حرب أوسع نطاقا. 
ويرى محللون أن هذه الضربة تشكل تصعيدا خطيرا في الحملة الإسرائيلية الأوسع نطاقا لتقويض النفوذ الذي اكتسبته إيران في سوريا على مدى العقد الماضي. وتسببت الطريقة التي وقع بها الهجوم في موجات صدمة هزت المنطقة المضطربة بسبب العدوان الصهيوني على غزة. 
في هذا السياق، قال جريجوري برو المحلل في مجموعة يوراسيا: إن الأمر غير مسبوق، وإنه لا يتذكر قيام أي دولة باستهداف مباشر للوجود الدبلوماسي لدولة أخرى بتلك الطريقة. وتابع: "اعتقد ضباط الحرس الثوري، على الأرجح، أنهم في مأمن طالما بقوا في المجمع الدبلوماسي، لا أتخيل أن أي ضابط في الحرس الثوري يشعر بالأمان حاليا". ومع تعهد الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بالثأر، تنطوي تبعات الهجوم على مخاطر زيادة تصعيد الصراع الذي يتمدد بالفعل في الشرق الأوسط منذ اندلاع حرب غزة. وجاء في منشور خامنئي بالعبرية: "بعون الله سنجعل الصهاينة يندمون على جريمتهم العدوانية على القنصلية الإيرانية في دمشق". 
وقال مسئول إيراني بارز إن طهران مضطرة لاتخاذ رد فعل جدي لردع إسرائيل عن تكرار مثل تلك الهجمات أو التصعيد. لكنه أضاف أن مستوى الرد سيكون محدودا ويهدف للردع دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل، وقال مصدر أمني إيراني آخر إن بلاده ستعدل أساليبها في ضوء الهجوم. 
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: إيران نتنياهو جیش الاحتلال الهجوم على

إقرأ أيضاً:

هل تعدل سوريا مسار العلاقات التركية- الإيرانية؟

يتعدى تأثير المتغيرات الأخيرة في سوريا الشأن السوري الداخلي لتلقي بظلالها الكثيفة على المنطقة برمتها، من حيث مساحات التنافس الإقليمي في سوريا نفسها، وخارجها، ثم العلاقات البينية بين القوى الإقليمية الأساسية، وفي مقدمتها تركيا وإيران.

ذلك أن سوريا كانت في مقدمة البلاد والقضايا التي تتنافس فيها الدولتان، ومع سقوط نظام الأسد حليف طهران وموسكو وسيطرة الإدارة الجديدة الحريصة على علاقات مميزة مع أنقرة، انقلبت المعادلات الإقليمية في المسألة السورية بشكل جذري وكبير وسريع.

ما قبل سقوط النظام، كانت الولايات المتحدة تستأثر مع قوات سوريا الديمقراطية بالسيطرة على مناطق شرق نهر الفرات، والتي هي "سوريا المفيدة" عمليا وليس حسب تسمية النظام، حيث الثروات المائية والزراعية ومصادر الطاقة. وفيما تبقى من سوريا، أدارت روسيا، الحليف الرئيس والأقوى للنظام وذات النفوذ الأكبر في سوريا، العلاقات بين الأطراف الأخرى، حيث تتواجد القوات التركية في الشمال، والمجموعات المحسوبة على إيران في عدة مناطق، بينما تنسق "إسرائيل" هجماتها في سوريا ضد حزب الله وإيران معها.

تنقلب هذه المعادلة رأسا على عقب، فإيران خارج المعادلة تماما تقريبا، وروسيا مكتفية بضمانات أولية بخصوص قواعدها العسكرية، فيما يُنظر لتركيا على أنها أكبر الكاسبين من سقوط النظام سياسيا واقتصاديا وأمنيا واستراتيجيا، بينما استغلت دولة الاحتلال الفترة الانتقالية لتوسيع احتلالها وفرض أمر واقع جديد وتقويض قدرات الدولة السورية الجديدة، في محاولة لوضعها أمام عدة خيارات صعبة
اليوم، تنقلب هذه المعادلة رأسا على عقب، فإيران خارج المعادلة تماما تقريبا، وروسيا مكتفية بضمانات أولية بخصوص قواعدها العسكرية، فيما يُنظر لتركيا على أنها أكبر الكاسبين من سقوط النظام سياسيا واقتصاديا وأمنيا واستراتيجيا، بينما استغلت دولة الاحتلال الفترة الانتقالية لتوسيع احتلالها وفرض أمر واقع جديد وتقويض قدرات الدولة السورية الجديدة، في محاولة لوضعها أمام عدة خيارات صعبة؛ في مقدمتها التطبيع أو المواجهة أو البقاء ضعيفة وتحت ضغط "إسرائيل" التي تتواجد قواتها على مسافة قريبة من العاصمة.

فكيف تنعكس هذه المتغيرات الجوهرية على العلاقات التركية- الإيرانية؟

يشكل التنافس السمة الرئيسة للعلاقات بين القوتين الإقليميتين، لعدة عوامل في مقدمتها الخلفية التاريخية وبنية الدولة وطبيعة نظام الحكم ومنظومة التحالفات وغيرها، حيث تتلاقى مصالحهما في بعض القضايا والملفات وتتعارض في بعضها الآخر.

تتعارض مصالح الجانبين في كل من سوريا والعراق والبحر الأسود وكذلك في جنوب القوقاز والبلقان وآسيا الوسطى، بينما تتلاقى مصالحهما في القضية الفلسطينية والتعاون الاقتصادي ورفض التدخلات الخارجية في المنطقة ومواجهة منطق العقوبات. ولذلك لطالما كانت تركيا متنفسا لإيران في ظل العقوبات الأمريكية، كما ساهمت مع البرازيل في بلورة الاتفاق الثلاثي بخصوص الملف النووي الإيراني عام 2010.

ساعد كل ذلك على إبقاء المساحة الأساسية في العلاقات في مستوى التنافس وليس الصدام المباشر، بما يتناغم مع كون البلدين يملكان الحدود المشتركة الأهدأ في المنطقة في التاريخ الحديث، على ما افتخر به أحمد داود أوغلو في كتابه "العمق الاستراتيجي". ورغم أن سوريا تحديدا شكلت مساحة للمواجهة غير المباشرة والتصعيد السياسي والإعلامي، إلا أن ذلك لم يصل لدرجة المواجهة المباشرة، والتي استطاع الطرفان بإرادة سياسية مشتركة تجنبها، ثم أتى مسار أستانا ليشكل ضمانة لعدم حصولها.

الآن، يأتي المتغير السوري بعد تطورات إقليمية ودولية مهمة تغذّي نفس السياق. فقد تجنبت تركيا التماهي مع الموقف الغربي في الحرب الروسية- الأوكرانية، مبقية على علاقات أكثر من جيدة مع روسيا، فضلا عن أن انشغال الأخيرة في الحرب الأوكرانية مضافا للمتغير السوري؛ يعني أنها ستنكفئ مرحليا عن المنطقة بما يسهم في اختلال موازين القوى فيها.

كما أن الحرب الأذربيجانية- الأرمينية انتهت أو تكاد بعد المواجهة الأخيرة، وثمة أطروحات يمكن أن يساهم في تعزيز ليس فقط الأمن والاستقرار، وإنما كذلك التعاون الإقليمي الذي يشمل إلى جانب البلدين كلا من روسيا وتركيا وإيران وجورجيا، كالإطار السداسي الذي اقترحته أنقرة.

الأهم أن العدوان الأخير على غزة والذي امتدت نيرانه نحو كامل المنطقة نقل أنقرة من موقع المتضامن مع الفلسطينيين إلى مربع الشعور بالتهديد الذاتي من دولة الاحتلال ومشاريعها الإقليمية، ما يجمعها مع طهران في هذا السياق. فأردوغان نفسه أشار إلى قرب قوات الاحتلال نسبيا من حدود بلاده (على بعد ساعتين ونصف)، ووزير دفاعه أجاب بالإيجاب على سؤال بخصوص احتمال استهداف "إسرائيل" تركيا بشكل مباشر، ونظّم البرلمان التركي جلسة سرية لمناقشة المخاطر التي تتهدد تركيا بسبب السياسات "الإسرائيلية" وسبل مواجهتها. في المقابل، هددت "إسرائيل" الرئيس التركي بمصير الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، بعد تلميحه باحتمال استخدام القوة لحماية الفلسطينيين مستقبلا، كما نصحت لجنة "ناجل" المكلّفة من حكومة نتنياهو بالاستعداد لحرب محتملة مع أنقرة.

بعد كل ما سبق، يأتي الزلزال السوري ليخرج سوريا من مساحة المواجهة بين تركيا وإيران إلى حد كبير، فما هي البدائل المتاحة والممكنة؟

إما نقل المنافسة المحتدمة إلى ساحات أخرى واحتمال رفعها لمستوى المواجهة وبالتالي استنزاف الطرفين فيها، وهو سيناريو محتمل جدا وسيكون العراق هو الساحة المرشحة له، وإما التخلي عن منطق الفترة السابقة والتعامل وفق المعطيات الجديدة والتغيرات الجذرية في المنطقة والبحث عن مساحات التعاون
إما نقل المنافسة المحتدمة إلى ساحات أخرى واحتمال رفعها لمستوى المواجهة وبالتالي استنزاف الطرفين فيها، وهو سيناريو محتمل جدا وسيكون العراق هو الساحة المرشحة له، وإما التخلي عن منطق الفترة السابقة والتعامل وفق المعطيات الجديدة والتغيرات الجذرية في المنطقة والبحث عن مساحات التعاون.

لقد كسبت أنقرة كثيرا في الملف السوري لكنها سعت منذ اللحظة الأولى لطمأنة مختلف الأطراف، المساندة والمعارضة، إلى أنها لن تستأثر بالمشهد وبأن التغيير هناك لن يكون على حساب أحد أو للانتقام من أحد، وقد عضّدت تصريحات رئيس الإدارة الجديدة أحمد الشرع هذا التوجه.

كما أن تركيا تسعى في السنوات الأخيرة لتخفيف حدة الخلاف وتدوير زواياه مع مختلف الدول والأطراف، وإيران قد لا تكون استثناء هنا، لا سيما وأن أنقرة لا تتماهى تماما مع المواقف الأمريكية والغربية وتحديدا حلف الناتو الذي تتمتع بعضويته. كما أن لديها هواجسها بخصوص الموقف الأمريكي من قوات سوريا الديمقراطية، وفرضية التدخل الخارجي لخلط الأوراق في سوريا، وهو ما يمكن أن يلتقي مع هواجس طهران بخصوص إمكانية استهدافها من قبل "إسرائيل" و/أو الولايات المتحدة، ما يعني أن الأخيرة ستستشعر الحاجة لدور تركيا في فتح مسار حوار مع واشنطن، وشيء شبيه لتأسيس علاقة مستقبلية مع سوريا الجديدة.

في الخلاصة، تُوفِّرُ التطورات والمتغيرات الكبيرة إقليميا ودوليا في السنوات الأخيرة دوافع ملموسة لإحداث تغير جذري في طبيعة ودينامية العلاقات بين تركيا وإيران، بما يخفف من مساحات الاحتكاك والاستنزاف ويقوّي الطرفين في مواجهة التحديات الكثيرة التي بات بعضها مشتركا. فهل يمكن أن تتشكل قناعة لدى صانع القرار في العاصمتين بضرورة اعتماد توجه من هذا القبيل؟ لأن توفر الإرادة السياسية سيكون كفيلا بوضع الأسس السليمة والأرضية القوية لتغير كبير من هذا النوع، وما دون ذلك يبقى استحقاقات وأدوات يسهل تأمينها.

x.com/saidelhaj

مقالات مشابهة

  • واشنطن تطرح صفقة طويلة الأمد مع إيران.. لا حرب ولكن!
  • واشنطن تطرح صفقة طويلة الأمد مع إيران.. لا حرب ولكن! - عاجل
  • الخارجية الفلسطينية: سياسة التهجير تعكس محاولات الاحتلال لخلق حالة من الفوضى
  • تركيا توجه فصائل الجيش الوطني السوري للانضمام إلى الإدارة الجديدة بدمشق
  • تركيا توجه فصائل الجيش الوطني السوري للانضمام للإدارة الجديدة بدمشق
  • الحكومة الإيرانية توضح لـبغداد اليوم دوافع الهجوم على ظريف
  • إيران تعلن الحصول على طائرة متطورة من روسيا
  • إيران تتحدث عن "مشاورات" للتعامل مع سياسات ترامب تجاه طهران
  • إيران تنفي طلب «التفاوض المباشر» مع الولايات المتحدة
  • هل تعدل سوريا مسار العلاقات التركية- الإيرانية؟