السودان: مشاركة الأطفال في النزاع المسلح وعواقب الصراع عليهم!!
تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT
تقرير: حسن إسحق
توطئة
يشهد السودان منذ عقود مشاركة الأطفال وتجنيدهم قسرا بالنزاعات المسلحة، لكن بات الوضع يأخذ مزيدٍا من التدهور مع اندلاع النزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في ١٥ أبريل ٢٠٢٣. وقد تورط كلا الطرفين - بحسب تقارير حقوقية- في ارتكاب انتهاكات جسيمة ضد الأطفال وخاصة قوات الدعم السريع التي لها النصيب الأكبر من خلال الاختطاف أو التهديد أو الإكراه أو تجنيدهم قسرا أو التلاعب بهم، في حين يدفع الفقر بآخرين من الأطفال بمشاركة النزاعات بهدف جلب الدخل إلى أسرهم أو لحماية مجتمعاتهم المحليّة.
أطفال مقاتلون في صفوف قوات الدعم السريع
في تقرير للمرصد السوداني لحقوق الإنسان في شهر أغسطس الماضي، أكد بظهور أطفال جنود بين صفوف قوات الدعم السريع في المعركة، التي هاجمت فيها سلاح المدرعات بمنطقة الشجرة جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم، حيث أكد المرصد أنه تلقي بلاغات أدلى بها شهود عيان حول القتلى والأسري من داخل القوة التي هاجمت قاعدة المدرعات بالشجرة معظمهم أطفال دون سن الثامنة عشرة، بحيي مايو والانقاذ في جنوب الخرطوم.
يري مراقبون إن هناك أدوار عديدة يلعبها الأطفال المشاركون في النزاعات المسلحة، إضافة إلى المعاناة التي يتعرضون لها، مثل الأذى الجسدي والنفسي علاوة على أنهم مجرمون وضحايا في نفس الوقت. تلعب منظمة اليونيسف أدوارا ايجابية في إعادة تأهيل الأطفال (الجنود السابقون)، وأهمية الدعم النفسي والاجتماعي لهم، ويجب أيضا معرفة العوامل المساهمة في مشاركتهم في النزاع، مع تورط بعض الإدارات الأهلية في استخدام أساليب متعددة لمشاركتهم، منها الإكراه والمكافأة من خلال الكسب المادي.
أهمية قرار مجلس الأمن ( ٢٠٠٥) في توفير الحماية للأطفال
يجب وضع اعتبار لدور المبادرات الدولية والإقليمية والوطنية في توفير الحماية للأطفال ومنعهم من الوقوع في النزاعات المسلحة، رغم الجهود الدولية لإنهاء هذه الممارسات، إلا أن الواقع على الأرض يختلف تماما، حيث إن مشاركة الأطفال في النزاع لها أسباب عديدة، أبرزها الفقر وانعدام الفرص التعليمية، والتوترات العرقية والدينية.
ففي عام ٢٠٠٥ صدر القرار رقم ١٦١٢ عن مجلس الأمن الدولي، واضعا إطارا الزاميا لآلية الرصد والابلاغ في البلدات التي تنتشر فيها ظاهرة تجنيد الأطفال وتتضمن القائمة ستة انتهاكات جسيمة، القتل والتشويه، تجنيد الأطفال، واستخدامهم كجنود، الاعتداء على المدارس أو المستشفيات، والاغتصاب، والانتهاكات الجنسية الخطيرة، اختطاف الأطفال، قطع سبيل المساعدات الإنسانية عن الأطفال)، في ذات الوقت، حدد الإطار دور الآلية في جمع وتقديم معلومات موضوعية ودقيقة وموثوقة عن عمليات تجنيد الأطفال، واستخدامهم كجنود، مما يؤدي الي استمرار دوامة العنف.
البراءة المسروقة
تقول شارون أيشا أوجيما مسؤول برنامج الرصد والتوثيق بالمركز الإفريقي للعدالة ودراسات السلام في مقال لها " البراءة المسروقة": التجنيد القسري للأطفال في النزاع المسلح في السودان انفجر منذ بداية النزاع المسلح في أبريل ٢٠٢٣، حيث نزح ما يقارب من مليون طفل بسبب القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. مما جعلهم عرضة لانتهاكات، موضحة أن عدد الأطفال الذين يتم تجنيدهم في الصراع مثير للقلق، وتبقي المناطق المهمشة في اقليمي دارفور وكردفان هي الأكثر تأثرا من هذه الظاهرة.
فقد أكد المركز الإفريقي للعدالة ودراسات السلام وجود جنود أطفال من خلال مقاطع الفيديو المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي وروايات شهود عيان، حيث تورط جنود أطفال لا تتجاوز أعمارهم ١٤ عامًا في القتال، وقد قام المركز مؤخراً بتوثيق حوادث تجنيد ما لا يقل عن ٢٠ طفلاً من قبل قوات الدعم السريع في جنوب دارفور، في سبتمبر ٢٠٢٣، سلمت القوات المسلحة السودانية ٣٠ من الأطفال المجندين للجنة الدولية للصليب الأحمر، في وقت اتهم فيه عدد من الشهود الإدارة الأهلية بالتورط في عملية التجنيد مستخدمين، الإكراه والتخويف تارة والوعود لجلب مكاسب مادية أو مالية تارة أخرى.
ووفقا للمركز، فمع اشتداد الصراع، سلكت القوات المسلحة السودانية نفس السبيل وقامت بتجنيد العديد من الأطفال، مشيرا الى إن سلوك كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في السودان يُظهر بوضوح الازدراء والتجاهل التام لحقوق الإنسان الدولية والإقليمية، والقوانين الإنسانية الدولية التي تتطلب حماية الأطفال في حالة الصراعات المسلحة، ضافة إلى إن قوات الدعم السريع أجرمت منذ بداية النزاع باستخدام الجنود الأطفال، ومع ذلك، ومع اشتداد الصراع، سلكت القوات المسلحة السودانية نفس السبيل وقامت بتجنيد العديد من الأطفال.
مهام مختلفة للأطفال في النزاعات المسلحة
يقول موقع الأمم المتحدة في تقرير له عن مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة:،يشاركون لأطفال بشكل مباشر في القتال، إلا أن دورهم لا يقتصر على القتال، ويتم استخدام العديد من الفتيات، والفتيان أيضًا في مهام الدعم التي تنطوي أيضًا على مخاطر ومشقة كبيرة، وأن تختلف مهامهم، من المقاتلين إلى الطهاة والجواسيس، والرسل وحتى العبيد الجنسيين.
فبغض النظر عن دورهم، فإن الأطفال المرتبطين بأطراف النزاع يتعرضون لمستويات حادة من العنف - كشهود، وضحايا وكمشاركين قسريين. يصاب البعض ويضطرون إلى العيش مع الإعاقة كما يتم تجنيد الفتيات واستخدامهن من قبل القوات والجماعات المسلحة، فهن يعانين من نقاط ضعف تنفرد بها جنسهن، ومكانتهن في المجتمع ويعانين من عواقب محددة، بما في ذلك الاغتصاب والعنف الجنسي، والحمل، والمضاعفات المرتبطة بالحمل، والوصم والرفض من جانب الأسر والمجتمعات المحلية.
يشكل تجنيد الأطفال واستخدامهم، سببا لإدراج أطراف الصراع المسلح في مرفقات التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة عن الأطفال والصراع المسلح، وفي نفس الوقت هناك العديد من الطرق التي يمكن للأطفال من خلالها الارتباط بالقوات والجماعات المسلحة، ويتم اختطاف بعض الأطفال وضربهم لإرغامهم على الاستسلام، بينما ينضم آخرون إلى الجماعات العسكرية هرباً من الفقر، أو للدفاع عن مجتمعاتهم، بسبب الشعور بالانتقام أو لأسباب أخرى.
عواقب الصراع على الجنود الأطفال
بغض النظر عن كيفية تجنيد الأطفال وأدوارهم، فإن الجنود الأطفال هم ضحايا، وتترتب على مشاركتهم في الصراع آثار خطيرة على سلامتهم الجسدية والعاطفية، وعادة ما يتعرضون للانتهاكات ويشهد معظمهم الموت والقتل والعنف الجنسي، ويضطر العديد منهم إلى ارتكاب أعمال عنف، ويعاني البعض الآخر من عواقب نفسية خطيرة طويلة الأمد، إن إعادة إدماج هؤلاء الأطفال في الحياة المدنية جزء أساسي من العمل لمساعدة الأطفال الجنود على إعادة بناء حياتهم من جديد.
المبادرات الدولية بشأن مشاركة الجنود الأطفال في الاعمال العدائية
تشير قواعد بيانات القانون الدولي الإنساني المنشورة علي موقع اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى حظر البروتوكولان الإضافيان الأول والثاني في مشاركة الأطفال في الاعمال العدائية، اضافة الي ذلك، تتضمن اتفاقية حقوق الطفل والميثاق الافريقي لحقوق ورفاهية الطفل نفس الحظر. فبموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن استخدام الأطفال للمشاركة بشكل فعال في الاعمال العدائية يشكل جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، كما إنها مدرجة كجريمة حرب في النظام الأساسي للمحكمة الخاصة لسيراليون.
في المادة ’’ ٢٢‘‘ فمن الميثاق الافريقي لحقوق ورفاهية الطفل، في فقرته حول النزاعات المسلحة، يؤكد بأن تتخذ الدول الأطراف في هذا الميثاق جميع التدابير اللازمة لكفالة عدم مشاركة أي طفل مباشرة في أي صراعات، وخاصة عدم تنجيد أي طفل، وأن تتعهد الدول الأطراف في هذا الميثاق باحترام قواعد القانون الإنساني الدولي وتطبيقه في حال نشوب نزاع يؤثر علي الطفل بصفة خاصة.
في إطار جهودها لحظر تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة، قد بادرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، -التي تعتبر منظمة دولية محايدة ومستقلة - بمهمة توفير الحماية والمساعدة لضحايا الحروب المدنيين والعسكريين علي السواء، عملت علي نشر وتطوير احكام القانون الدولي الإنساني لسنة ١٩٧١، بعدما تنبين للمنظمة وجود قصور في معاهدات جنيف لسنة ١٩٤٩عن معالجة مشكلة الطفل المحارب بعد استمرار تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة. كما ينص بروتوكولي جنيف ١٩٧٧لمنع تجنيد الأطفال في المادة ٧٧/٢ من البروتوكول الأول، على أنه يجب على أطراف النزاع اتخاذ كافة التدابير اللازمة التي تكفل عدم اشتراك الأطفال الذين لم يبلغوا بعد سن الخامسة عشره في العمال العدائية بصورة مباشرة، وعليها أن تمتنع عن تجنيد هؤلاء الصغار في قواتها المسلحة.
تنص المادة ٧٧ (٢) من البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف المعقودة في ١٢ أغسطس ١٩٤٩ والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة، و(البروتوكول الأول) وُقع في جنيف، في ٨ يونيو ١٩٧٧، على إنه " يجب على أطراف النزاع اتخاذ كافة التدابير اللازمة، التي تكفل عدم اشتراك الأطفال الذين لم يبلغوا بعد سن الخامسة عشره في الأعمال العدائية بصورة مباشرة، وعلى هذه الأطراف، بوجه خاص، أن تمتنع عن تجنيد هؤلاء الصغار في قواتها المسلحة"
حظر تجنيد الاطفال
في بحث لأستاذة كاثرين بيلي عبدي المساعد في قسم دراسات الطفل والشباب بجامعة "ماونت سانت فنسنت" الكندية، بعنوان ’’ الوقاية والحماية والمشاركة، الأطفال المتأثرون بالنزاعات المسلحة‘‘ تقول إن المواثيق الدولية تهدف إلى حماية الأطفال المتأثرين بالنزاعات المسلحة، يوفر القانون الدولي الانساني الحماية للأطفال الذين اجبروا علي الهجرة في سياقات النزاع المسلح، توجد بع اربعة مجالات رئيسية، حظر تجنيد الأطفال، واستخدامهم كجنود، مسؤولية حماية التعليم أثناء النزاعات المسلحة.
تُبين كاثرين، غالبًا ما تفتقر البيئات الهشة والصراعات إلى عوامل الحماية لضمان صحة الأطفال وسلامتهم، مما يؤدي إلى تفاقم وتداخل أنواع العنف، أثناء النزاعات المسلحة، يتعرض الأطفال لأشكال متطرفة من العنف، ويتحملونها، وفي بعض الحالات يرتكبونها، ومن ضمن الانتهاكات الجسيمة المرتكبة ضدهم، التجنيد، واستخدامهم كجنود، القتل والتشويه، والاغتصاب، الهجمات على المدارس أو المستشفيات، وغيرها من أشكال العنف الجنسي، والاختطاف، والحرمان من وصول المساعدات الإنسانية.
الحلول لأزمة أطفال الحرب
في إطار منظومة الأمم المتحدة، ينبغي أن تتولى "اليونيسف" مسؤولية إعادة إدماج الأطفال الجنود السابقين وأولويتهم الأولى هي إعدادهم للعودة إلى الحياة المدنية، بحيث يعد الدعم النفسي والاجتماعي والتعليم أو التدريب من أهم البرامج في إعادة الإدماج. تُعد محاولة لم شمل الأطفال مع أسرهم ومجتمعاتهم أمرًا ضروريًا أيضًا، ولكن جهود التوعية والمصالحة تكون ضرورية في بعض الأحيان قبل الترحيب بعودة الطفل إلى المنزل. إن إعادة إدماج الجنود الأطفال السابقين هي عملية طويلة، وتحتاج إلى دعم واسع النطاق من المجتمع الدولي، ومن خلال مساعدة الأطفال المتأثرين بشدة بالصراع، فإن الأمم المتحدة تساهم في بناء مستقبل سلمي لبلدهم.
ختاما
تزايد تجنيد الأطفال في الجماعات المسلحة، فبحسب الأمم المتحدة، تم تجنيد أكثر من ١٠٠ طفل من قبل القوات والجماعات المسلحة في السودان بين عامي ٢٠١٨ و٢٠٢٠، وتعمل العديد من الجهات والمنظمات المختصة بإيقاف مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة، وأن الدولة السودانية ملزمة بتطبيق المعايير الدولية، باعتباره طرفا في اتفاقية حقوق الطفل، وطرفا في البروتوكول الاختياري للطفل، الذي يرفض عدم مشاركة الأطفال في الاعمال القتالية (٢٠٠٤)، والسودان طرف موقّع على معاهدات جنيف والبروتوكول الاختياري، ومصادق عليه دون تحفظ، وموقّع أيضا على اتفاقية حقوق الطفل.
ishaghassan13@gmail.com
//////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الأطفال فی النزاعات المسلحة القوات المسلحة السودانیة مشارکة الأطفال فی قوات الدعم السریع الأطفال فی النزاع تجنید الأطفال فی الجنود الأطفال الأمم المتحدة النزاع المسلح من الأطفال فی الاعمال العدید من من خلال
إقرأ أيضاً:
وما حرب السودان إلا بيان للناس للسامعين وللطرشان!
د. احمد التيجاني سيد احمد
@على مدار أكثر من 18 شهرًا، استمرت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مما دفع البلاد إلى حالة من الفوضى والانهيار. وسط هذا الدمار، برزت أنشطة تهريب الذهب على الحدود السودانية المصرية كواحدة من الظواهر التي تسلط الضوء على تداخل المصالح الاقتصادية والسياسية والجريمة المنظمة.
**تهريب الذهب: تجارة الحرب والصراع**
@مع استمرار الحرب، أصبح الذهب السوداني مصدرًا ثمينًا لدعم الاقتصاد المتهاوي وتمويل الأطراف المتصارعة. بحسب تقارير صحيفة “ميدل إيست آي”، فإن عشرات الآلاف من المهربين وعمال المناجم السودانيين ينشطون على الحدود المصرية السودانية، حيث يتم تهريب الذهب عبر شبكات معقدة ومتعددة الجنسيات.
@المهربون يشترون الذهب مباشرة من عمال المناجم الصغار أو الأسواق في ولايات مثل نهر النيل والبحر الأحمر، ثم ينقلونه بطرق غير شرعية إلى مصر. تختلف الأساليب المستخدمة؛ من إخفاء الذهب في الملابس إلى تحميله على السيارات عبر الحدود. هذه التجارة تدفع بوقود رخيص وأسلحة في الاتجاه المعاكس، مما يزيد من تعقيد المشهد السوداني.
**الذهب المهرب للإمارات وروسيا**
@تهريب الذهب السوداني لا يقتصر على مصر فقط؛ بل يمتد أيضًا إلى الإمارات العربية المتحدة، التي تعد واحدة من أكبر مراكز تجارة الذهب في العالم. بحسب تقارير دولية، يُهرَّب الذهب السوداني إلى دبي عبر شبكات منظمة تضم تجارًا محليين وإقليميين. الإمارات تستورد الذهب السوداني دون توثيق كافٍ، ما يسهم في تعميق الأزمة الاقتصادية في السودان، حيث تُستنزف الموارد الوطنية بشكل غير شرعي.
@في الوقت ذاته، يذهب جزء من الذهب السوداني إلى روسيا عبر شبكات تهريب تعمل بتنسيق مع شركات أمنية روسية مثل “فاغنر”، التي يُقال إنها تدعم قوات الدعم السريع مقابل الحصول على الذهب. الذهب السوداني يمثل مصدر تمويل مهم لروسيا في ظل العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب الحرب في أوكرانيا، مما يجعل الصراع السوداني جزءًا من لعبة جيوسياسية أكبر.
**دور الكيزان وقوات الدعم السريع في التهريب الموسع**
@الصراع في السودان ليس فقط بين الجيش وقوات الدعم السريع، بل يتداخل مع شبكة أعمق تشمل عناصر النظام السابق (الكيزان) الذين يستخدمون نفوذهم لتوسيع عمليات التهريب. النظام الإسلامي السابق لا يزال يحتفظ بعلاقات مع شبكات التهريب، ويُعتقد أنه يستفيد بشكل مباشر من تهريب الذهب لتمويل نشاطاته واستعادة نفوذه.
@من الجهة الأخرى، تُسيطر قوات الدعم السريع على معظم مناطق تعدين الذهب في دارفور وأجزاء من كردفان، وتستخدم هذه الموارد لتأمين أسلحتها وتمويل حربها ضد الجيش السوداني. يُقدَّر أن قوات الدعم السريع تشرف على عمليات تهريب منظمة تشمل الذهب والبشر عبر الحدود مع تشاد وليبيا، بالتعاون مع جهات دولية وإقليمية.
**تهريب البشر وشبكات الجريمة المنظمة++
@الجبال والصحاري الممتدة بين شمال السودان وجنوب مصر توفر بيئة خصبة لتهريب البشر. لا يقتصر الأمر على السودانيين؛ بل يشمل أيضًا إثيوبيين وإريتريين وآخرين من دول أفريقية أخرى. هذه الشبكات لا تؤدي فقط إلى نزوح البشر، بل تسهم في زعزعة الأمن الإقليمي وتوسيع نطاق الجريمة المنظمة.
**البعد السياسي والإقليمي**
@تهريب الذهب والبشر يعكس تعقيد المصالح الإقليمية. مصر التي تسعى إلى تعزيز احتياطياتها الذهبية تُتهم بالاستفادة من الحرب السودانية عبر تغاضيها عن شبكات التهريب. وفي نفس الوقت، تتباين مواقفها بين دعم الجيش السوداني علنًا ومواجهة اتهامات بالتورط في دعم أحد أطراف الصراع.
@في سياق أوسع، يمثل تهريب الذهب تحديًا سياسيًا يتجاوز الحدود السودانية المصرية. فوجود لاعبين دوليين مثل روسيا وشركات تعدين متعددة الجنسيات يعزز من الأبعاد الجيوسياسية لهذه القضية.
**دروس من التاريخ واستشراف المستقبل**
@السودان، كغيره من بلدان المنطقة، يعاني من هيمنة الإسلاميين على السلطة، مما أدى إلى انفجار صراعات داخلية ونهب للموارد. ما يحدث في السودان اليوم ليس مجرد أزمة محلية، بل هو بيان واضح لحقيقة الصراع على الموارد في ظل غياب الاستقرار السياسي.
@تهريب الذهب إلى مصر، الإمارات، وروسيا مثال حي على كيفية استغلال النزاعات الداخلية لخدمة أجندات اقتصادية وسياسية. مصر، التي تحاول تأمين مصالحها الاقتصادية، قد تجد نفسها يومًا ما في مواجهة تداعيات هذه السياسات على علاقاتها الإقليمية، خصوصًا مع دول الخليج والاتحاد الأفريقي.
**الخلاصة: حرب لا رابح فيها**
@وما حرب السودان إلا بيان للناس؛ درس عميق لمن يستمع. الدمار الاقتصادي، النزوح البشري، واستنزاف الموارد الطبيعية في السودان هي شواهد على ثمن الحروب التي لا رابح فيها. في النهاية، تبقى الحاجة ملحة لوقف الصراع وضمان مستقبل يعيد للسودان استقراره وللمنطقة أمنها.
نواصل
د. احمد التيجاني سيد احمد
٢٠ نوفمبر ٢٠٢٤ روما إيطاليا
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com