أشرف غريب يكتب.. «جودر» بين شغف الخيال ومتعة الإبهار
تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT
فى زمان غير هذا لم تكن حكايات «ألف ليلة وليلة» تنقطع عن شاشة شهر رمضان، ومن قبلها ميكروفون الإذاعة المصرية حتى كان البعض يسخر من هذا التمازج، متسائلاً عن مشروعية صيام الشهر الكريم بدون حكايات ألف ليلة وليلة وفوازير رمضان؟ فلما غابت تلك الحكايات شعرنا بهذا الغياب، وبات السؤال عن أسباب توقفها وعن سر التعلق بها؟ إلى أن عادت هذه السنة فى حلقات «جودر» وعاد معها الحنين إلى هذا العالم الساحر.
أما أجيالنا فقد ارتبطت إذاعياً بحكايات زوزو نبيل وعبدالرحيم الزرقانى فى صياغة بديعة للراحل طاهر أبوفاشا، ومع انتقالها للتليفزيون ما زلنا نذكر حكايات نجلاء فتحى لحسين فهمى ومزجها بين الماضى بسحره وبين اللحظة الراهنة بكل ما كانت تثيره من مفارقات صاغها بخفة روح الكاتب الراحل أحمد بهجت وأخرجها عبدالعزيز السكرى، ما زلنا نذكر أيضاً إبداعات الكاتب طاهر أبوفاشا والمخرج فهمى عبدالحميد: شريهان عروس البحور والعجوزة أم منقار، أو حليمة وفاطيمة وكريمة، ليلى علوى والأشكيف، وغير ذلك من الحكايات التى ملكت علينا صبانا وشبابنا.
وكنت دائماً مهموماً بعلاقة الصورة التليفزيونية باستثارة الخيال فى عمل كألف ليلة وليلة قائم فى معظمه على هذه العوالم الغيبية أو الخارقة، حتى إننى سألت الشاعر الكبير طاهر أبوفاشا (1918 - 1989) أشهر من كتب حكايات ألف ليلة وليلة للإذاعة ثم التليفزيون عن هذه الإشكالية، فوافقنى الرأى بأن الصورة تأخذ من جموح الخيال لدى المتلقى على عكس العمل الإذاعى، الذى كانت تكفى فيه جملة المارد الذى يخرج من المصباح كى تثير خيال المستمعين كل بحسب قدرته على الجموح بخياله، وفى ذلك إثراء للعمل وميزة إضافية فى عوامل نجاحه، أما من يتصدى لتحويل ألف ليلة وليلة إلى عمل مرئى فهو أمام تحد كبير عليه أن يضع له حلولاً فنية.
وقد تذكرت هذا الخاطر وأنا أتابع حلقات «جودر» المأخوذة من عالم ألف ليلة وليلة الساحر، لا سيما مع هذا التقدم المذهل فى وسائل الإبهار البصرى، الذى ربما لا يترك الفرصة لخيال المشاهد كى يذهب بعيداً عما يراه على الشاشة، وربما هذا الذى جعل أنور عبدالمغيث، مؤلف «جودر»، والمخرج إسلام خيرى يبحثان عن عوامل إضافية بخلاف وقائع القصة الأصلية تحقق لهما مزيداً من الإثارة والتشويق، وحقيقة الأمر فإن القالب الذى صاغ فيه عبدالمغيث وإسلام خيرى بناءهما الدرامى كان ذكياً ولافتاً، حيث أضفى هذا القالب تلك الإثارة المرجوة على «حدوتة» جودر (ياسر جلال)، ابن تاجر الأقمشة الذى يترصده الجان من أجل تحقيق مبتغاهم بالدخول فى صلب تفاصيل علاقة الملك شهريار، الذى هو ياسر جلال أيضاً ونديمته أو زوجته -أو أياً ما كانت- شهرزاد (ياسمين رئيس)، صحيح أننا نعرف مسبقاً أنه لن يقتلها قبل أن تفرغ من قص حكاياتها المثيرة، لكننا نترقب كل يوم كيف ستنجو هذه المسكينة من سيف مسرور المتحفز دائماً للدم، وبتنا أمام بناء درامى قائم على صيغة القصة داخل القصة، وهى «تيمة» محببة تستوجب من المشاهد الانتباه وهو يتنقل بين الأصل والفرع، أو لعله لا يفرق بين ما هو أصل وما هو فرع، وربما هذا هو ما جعلنى كنت أفضل اختيار ممثل آخر لدور شهريار بخلاف ياسر جلال، حتى نتجنب هذا الحد من كسر الإيهام.
وفى «جودر» وبخلاف الصراع الظاهرى بين حنكة شهرزاد ومكرها من جانب، وإصرار شهريار على قتلها وتحريض مسرور على التخلص منها من جانب آخر، يحتدم الصراع الأزلى فى حكاية جودر نفسه بين الخير والشر، بين الإنس والجان، بين القناعة والطمع، وتلمح فيها ظلاً من حكاية قابيل وهابيل، أو يوسف وإخوته، أو بعضاً من عالم «كونت دى مونت كريستو»، ولكن فى إطار غيبى فانتازى تخيلى يحكم دائماً حكايات شهرزاد لشهريار حتى تحول بينه وبين تنفيذ حكم الإعدام فيها، وذلك فى إطار من الإبهار البصرى وقدرة على توظيف الإضاءة جمالياً ودرامياً، وبراعة فى استخدام الجرافيك وحيل الكومبيوتر، فإذا ما أضفنا إلى ذلك كله فخامة الأزياء وأداء الممثلين المقنع والموسيقى والاستعراضات المميزة أصبحنا على يقين من أن متعة الخيال فى عالم ألف ليلة وليلة ليست وحدها التى تبقينا كل يوم فى مقاعدنا أمام شاشة التليفزيون لنتابع حكاية شهرزاد لشهريار عن ذلك البطل التراجيدى، الذى فرضت عليه الأقدار مواجهة شرور الإنس والجان معاً قبل أن ينجح جودر فى تأكيد الحقيقة الدائمة فى كل صراع بأن الخير غالب وأن الشر غارب مهما طالت السنون.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الدراما السباق الرمضانى جودر ألف لیلة ولیلة
إقرأ أيضاً:
نداء عاجل للسيد محمد شياع السوداني : إطلاق سراح الإعلامي علي الخيال واجب أبوي!
بقلم : د. سمير عبيد ..
أولا :حسب الأعراف الحكومية والإدارية في الدول تبقى جنابك الأب للعراقيين جميعا بحكم موقعك الرسمي. وبالتالي يفترض ان يكون قلبك كبير ورحيم ورؤوف وغير عجول بالقرار والعقوبة/خصوصا وانت تمارس العمل العام والذي يصادفك فيه من يحبك ومن يبغضك” والحالة طبيعية ” /فحتىالله تعالى تعرض للمعارضة بقيادة ابليس ولم ينسفه ويعاقبه وهو قادر جلّت قدرته .. بل تراهن معه وقال له اذهب وسنرى النهاية ! ثانيا:-أخي السيد السوداني ان بعض مستشاريك شطّار بصنع الازمات لجنابك. وآخرين شطّار باستفزاز الشعب والناس ليكونوا ضدك. لان هؤلاء يشتغلون عندك ويمثلون وجهات نظرك …. فالرجاء غربل مستشاريك بسرعة ، وتصالح مع الإعلام والصحافة ومع الصحفيين والإعلاميين بحوار هادىء وبناء من خلال سماع وجهات نظرهم وهذا سيحسب لجنابك ! ثالثا : اروي لجنابك هذه الحادثة ( الملك الأردني الحسين بن طلال رحمه الله تعرض للقذف والشتم في الإعلام وفي الصحافة مرارا من قبل المعارض ليثشبيلات – توفى اخيرا- وعندما اعتقلته السلطات الأردنية .. ذهبت بعد منتصف الليل الملك بنفسه ” وهذه مشهودة ومعروفة ” ففتح السجن واخرج ليث شبيلات ووضعه في سيارته الخاصة وذهب له لبيت والدة ليث شبيلات ” لانه كان يعيش مع والدته ” فقرع الباب ففتحت والدته وبساعة متأخرة واذا جلالة الملك في الباب بشخصه ولحمه ودمه فقال لها استلمي ( ابنك ليث ..بس اريد منك تلوي أذانه ان لا يشتم الناس ويشتم الدولة والملك بعد الإن وضحك معها وغادر ) فخلد الموقف ودخل الكتب والحكايا السياسية التي يتداولها الاجيال وها نحن نرويها الآن !
رابعا:-احمد الجلبي رحمه الله في فترة المعارضة كان المعترضون يقفون فوق رأسه وهو جالس ويشبعونه شتائم وكلام بذيء وعندما ينتهون من الشتائم والغضب يقول لهم ( استريحوا خل نشرب شاي وكلشي يتعدّل ) ناهيك عن مواقف نوري السعيد المشابهة لتلك المواقف !
خامسا : فالرجاء منك اخي السيد السوداني
— ارسل احد مستشاريك للسجن ليصطحب الاعلامي علي الخيال ويعيده إلى اسرته ووالدته
— اصدر عفو وتنازل عن جميع الصحفيين والإعلاميين والمعارضين الذين رفعت صدعهم دعاوى قضائية بإسم جنابك وبإسم الحكومة والوزراء …
— هكذا نلملم لحمتنا ونعطي امل طيب خصوصا ونحن دخلنا سنة جديدة وهي ٢٠٢٥ فليكن شعاركم فيها التسامح والصفح !
سمير عبيد
٢ يناير ٢٠٢٥