لم أكن وحدى من خرج بهذا الانطباع بعد الاستماع إلى خطاب الرئيس السيسى عقب أدائه اليمين الدستورية الثلاثاء الماضى لفترة رئاسية جديدة. كثيرون غيرى لاحظوا أن الرئيس لم يكن سعيدا، وتخلى عن عادته فى الخروج على النص المكتوب، ومداعبة مستمعيه ومحاولة الاشتباك مع مخاوفهم وقلقهم وآمالهم. عن نفسى لاحظت دموعا فى عينيه وهو ينهى خطابه، فإذا لم تكن، فالعتب يكون على النظر.
فى التاريخ المصرى، الذى أعود إليه كثيرا فى تلك اللحظات شديدة البأس والظلمة والسواد بحثا عن العون والعبر، أن سعد زغلول الذى قاد ثورة 1919 التى استهدفت تحقيق الاستقلال الوطنى، وإرساء قواعد الحياة النيابية والدستورية وربط بينهما كهدف رئيسى للثورة، لم يكن مفكرا سياسيا، لكنه كما وصفه المستشار «طارق البشرى «فى كتابه «شخصيات تاريخية» رجل دولة، يعبر عن سياساته من خلال المواقف العملية والقضايا الجزئية، وهو يتخذ المواقف السياسية وفقًا للوقائع التى تحيط به، وهو يتصلب فى المطالبة بها، لأنه يستلهم صلابته من صلابة الحركة الشعبية ومدى ثقتها فى احتضانه لمطالبها، والتعبير عن أهدافها، ولهذا أصبح زعيما لها. لم يفرض «سعد زغلول» زعامته على الثورة وعلى الشعب، ولكن الأخيرهو من اختار بمحض إرادته سعدا زعيما لثورته.
لم يستكن «سعد زغلول «لتلك الثقة، لكنه عززها بما اكتسبه من تجارب وبما يحمله من مؤهلات حين انفتح على الحركة الشعبية واستوعب تطلعاتها وأشواقها للحرية وللاستقلال الوطنى والعدل الاجتماعى، وهى نفس الأهداف التى صاغتها التيارات الوطنية والديمقراطية المختلفة ،وبات بحكمته يبلورها ويعبر عنها تعبيرا واضحا لا لبس فيه، فى خطبه ومفاوضاته مع حكومات الاحتلال البريطانى، وفى رده وتفنيده لحجج معارضيه، وسعيه لوضع تلك الأهداف موضع التنفيذ حين تولى رئاسة الوزراة بعد أن نجحت بزعامته الثورة.
لكل هذه الأسباب ولغيرها ،منحه الشعب الثقة فى أول وزارة يشكلها بعد قيام الثورة ،حين حاز حزب الوفد على 90% من مقاعد البرلمان.وكان ذلك ترجمة لما وصفه به طارق البشرى «لا يتراخى تراخيا تسبقه به الجماهير، أوإحدى كتلها الواسعة. ولا «يقفز بعيدا بما يقطع أواصر ارتباطه بها. لهذا لم يكن قبول الجماهير بزعامته ومحبتها له، سوى تعبيرعن الاختيار الحر، لم تفرضه عليها ضغوط إدارية أو نفوذ مادى.
استدعى تلك الخبرة التاريخية ومصر تدخل خلال السنوات الست القادمة بقيادة الرئيس السيسى مرحلة حساسة وصعبة تتطلب كما قال الرئيس فى خطابه مشاركة وتماسك الكتلة الوطنية ، لكى تتجاوز مصر العقبات التى تعترض تنفيذ برنامجه الرئاسى.لكن المؤكد أن ذلك لن يكون ممكنا مع استمرار السياسات القائمة التى قادت لأزمات اقتصادية واجتماعية طاحنة أفقدت الماطنين الثقة فى الحاضر والمستقبل. فهل يمكن أن تتماسك الكتلة الوطنية والمواطن لا يستطيع أن يوازن بين دخله واحتياجات الحياة المعيشية التى تتدهور يوما بعد آخر بفعل انهيار قيمة العملة الوطنية ؟ أليس مما يدعو إلى الدهشة أن ندعو للتماسك الوطنى والحبس الاحتياطى دون سقف مازال مستمرا، ويخضع لظروف الملاءمة السياسية، أكثر مما يخضع لحكم القانون ؟وكيف يمكن أن يسود التماسك الوطنى وكل فرد فى المجتمع يعلم علم التجربة والمعاينة أن مجريات حياته واحتياجات أبنائه ،لا تمضى بيسر ولاتمر دون خليط هائل من الرشوة والفساد وانعدام الضمائر والذمم فى أوساط بعض من ينيط بهم القانون تنفيذه؟ كيف يحافظ المجتمع على تماسكه وأجهزة أعلامه لا هم لها سوى تبرير سياسات لا تعبر عن أهله ومواطنيه، وبعضها كفيل بتعريض البلاد لحروب طائفية واجتماعية ؟
الشعب ينتظر لكى يعلى من مبادئ التماسك الوطنى تغيير السياسات لا تغير الوزارات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ثورة 1919 على فكرة أمينة النقاش الرئيس السيسي أدائه اليمين الدستورية
إقرأ أيضاً:
الخارجية تبارك انتصار المقاومة الفلسطينية في غزة
الثورة نت/..
باركت وزارة الخارجية والمغتربين انتصار المقاومة الفلسطينية في غزة على الكيان الصهيوني الغاصب وإجباره على وقف العدوان ورفع الحصار.
وأكدت الوزارة في بيان، أن غزة انتصرت منذ اليوم الأول عندما حطمت كل الأساطير التي كان يروج لها الكيان الصهيوني حول قدراته العسكرية والاستخباراتية، وأعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة، وأوقفت عجلة التطبيع، وعززت من سقوط الكيان الصهيوني أخلاقياً وإنسانياً وكشفت وجهه الحقيقي للعالم.
كما أكدت أن الكيان الصهيوني فشل في تحقيق أهدافه المتمثلة في القضاء على المقاومة، وتهجير الشعب الفلسطيني، وتصفية القضية الفلسطينية بفضل الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني الذي قدم الغالي والنفيس وضرب أعظم الأمثلة في التضحية والفداء.
وأشارت الوزارة إلى أن الشعب الفلسطيني تعرض منذ ما يربو عن ١٥ شهرا لعدوان وإبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لم يسبق لها مثيل في التاريخ، أدت إلى استشهاد أكثر من 46 ألف وإصابة أكثر من ١١٠ آلاف جلّهم من النساء والأطفال فضلاً عن تدمير غزة.
ولفتت إلى أن الكيان الغاصب ارتكب كافة الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني في انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
ودعا البيان المجتمع الدولي إلى إجبار الكيان الصهيوني الذي لا عهد له ولا ميثاق على تنفيذ الاتفاق بالإضافة إلى تقديم كافة أشكال الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني والمساهمة في إعادة إعمار غزة.
وأشادت الوزارة بمواقف جبهات الإسناد والمواقف الإيجابية التي تبنتها كثير من الدول والشعوب الحرة نصرة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، مشددة على أن الأمن والاستقرار في المنطقة لن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال الصهيوني وإقامة الدولة الفلسطينية وإعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
كما أكدت أن الجمهورية اليمنية ستراقب مسار تنفيذ الاتفاق ومدى احترامه من قبل الكيان الصهيوني المجرم في ظل جهوزية عسكرية عالية.
وجددت الوزارة التأكيد على موقف الجمهورية اليمنية الثابت قيادة وحكومة وشعباً، المساند للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وقضيته العادلة.