في نقلة نوعية نحو مستقبل الحوسبة، أعلنت شركتا "مايكروسوفت" و"كوانتينوم" (Quantinuum) عن تحقيق تقدم كبير في تكنولوجيا الحوسبة الكمومية، وهو ما يعزز إمكانية الاعتماد عليها ويجعلها أقرب إلى التطبيق العملي تجاريا، بحسب ما أوردته وكالة رويترز.

وقد يمثل هذا الإنجاز لحظة محورية في السباق التكنولوجي المستمر لتسخير قوة ميكانيكا الكم في أداء العمليات الحاسوبية التي تتجاوز قدرات الحواسيب الكلاسيكية الحالية التي نعرفها.

وشهد السباق نحو التفوق في مجال الحوسبة الكمومية تنافس شركات كبرى مثل "مايكروسوفت" و"غوغل" و"آي بي إم"، إلى جانب العديد من الدول، على ابتكار أجهزة تستفيد من خصائص عالم ميكانيكا الكم المعقد.

إذ تبشر الحواسيب الكمومية بسرعات معالجة فائقة غير مسبوقة، وهو أمر قد يحدث ثورة في مجالات مختلفة عبر إجراء عمليات حسابية علمية معقدة للغاية قد تستغرق ملايين السنين من الحواسيب التقليدية.

ولفهم أبعاد هذا الإنجاز علينا أن نشرح قليلا بعض المفاهيم الأساسية في هذا المجال.

فمن أهم عناصر تشغيل الحواسيب الكمومية هي وحدة "الكيوبت"، وهي النظير الكمي لوحدة "البت" في نظام الحوسبة الثنائي التقليدي.

لكن من المعروف أن وحدة "الكيوبت" حساسة للغاية وعرضة للأخطاء حتى بأقل قدر من الاضطرابات، وهو ما يشكل عقبة هائلة أمام التطبيق العملي للحوسبة الكمومية.

وللتغلب على ذلك، يستخدم الباحثون في الغالب عددا أكبر من وحدات "الكيوبت" الفيزيائية لتطبيق أساليب تصحيح الأخطاء، وبالتالي توليد مجموعة أصغر وأكثر استقرارا من وحدات الكيوبت "المنطقية" لتنفيذ مهام الحوسبة الفعلية.

وفي الإنجاز الذي ذكرته شركة مايكروسوفت، بالتعاون مع شركة كوانتينوم، استخدمت خوارزمية تصحيح الأخطاء لتحويل 30 وحدة كيوبت فيزيائية إلى ما يقرب من 4 وحدات كيوبت منطقية يمكن الاعتماد عليها في تنفيذ مهام الحوسبة.

ويمثل هذا الإنجاز، كما أشار إلى ذلك جيسون زاندر، نائب الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت للمهام والتقنيات الإستراتيجية، تقدما قياسيا في مجال تصحيح الأخطاء الكمومية، إذ يتميز بانخفاض كبير في معدلات الخطأ عبر آلاف التجارب.

وقال في تصريحه لوكالة رويترز: "أجرينا أكثر من 14 ألف تجربة منفردة بدون خطأ واحد، وهذا يفوق بـ800 مرة أي تجربة مسجلة". كما ذكرت مايكروسوفت أنها تخطط لإطلاق هذه التقنية لعملائها في مجال الحوسبة السحابية خلال الأشهر القادمة.

ورغم هذا التطور، لا تزال الرحلة نحو حاسوب كمومي يعمل بكفاءة كاملة وقادر على التفوق على الحواسيب الخارقة الكلاسيكية؛ رحلةً شاقة وصعبة.

ولا يزال معيار تحقيق 100 وحدة كيوبت يمكن الاعتماد عليها، والذي يعد ضروريا لتجاوز قدرات الحواسيب الخارقة التقليدية، هدفا بعيد المدى.

ومع ذلك، أعرب إلياس خان، الرئيس التنفيذي للمنتجات بشركة كوانتينوم عن تفاؤله بأن هذا التقدم الأخير قد قلص الفترة الزمنية لتحقيق هذا الهدف بعامين على الأقل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات

إقرأ أيضاً:

صخر الشارخ.. قصة العربي الذي جعل الحواسيب تتحدث بالعربية

في اليوم العالمي للغة العربية، الذي يصادف الـ 18 من ديسمبر، والذي يأتي وسط سباق تكنولوجي، يستذكر العرب مسيرة الشارخ والكثير من الإنجازات التي قدمها، أبرزها تلك المتعلقة بإخضاع التكنولوجيا لخدمة اللغة العربية، فقد كان الأول في هذا المجال، والأكثر تأثيراً وخلوداً أيضاً.

مسيرة فريدة
ولد الشارخ في الكويت عام 1942م، ونشأ ليصبح أحد الشخصيات الأكثر تأثيرًا في عالم الأعمال والتكنولوجيا. حصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 1956م، ثم الماجستير من كلية وليامز الأمريكية عام 1968م. وشغل العديد من المناصب المرموقة، منها نائب مدير الصندوق الكويتي للتنمية وعضو مجلس إدارة البنك الدولي، وساهم في تأسيس بنك الكويت الصناعي.

ريادة التكنولوجيا العربية
التحول الأبرز في مسيرة الشارخ كان تأسيسه لشركة «صخر» لبرامج الحاسوب عام 1982م، التي فتحت آفاقًا جديدة للغة العربية في عالم التكنولوجيا. استعان بالعالم المصري نبيل علي لتطوير أسس اللغة العربية وقواعدها في الحواسيب، مما أثمر عن إطلاق أول حاسوب عربي يحمل اسم «صخر».

إنجازات بارزة
قدمت شركة «صخر» إسهامات تقنية استثنائية، من برامج الترجمة إلى الرقمنة والنطق الآلي. كما ساهمت في إدخال القرآن الكريم والسنة النبوية إلى الحواسيب، وطورت برامج التعرف الضوئي على الحروف والترجمة الآلية. وحازت على ثلاث براءات اختراع من مكتب براءات الاختراع الأمريكي.
دعم الثقافة العربية
إلى جانب التكنولوجيا، كان الشارخ داعمًا كبيرًا للثقافة العربية. أسس مشروع «كتاب في جريدة» بالتعاون مع اليونسكو عام 1997م، وأطلق «معجم الشارخ» عام 2019م، الذي يُعد من أهم المعاجم الحديثة المتاحة مجانًا على الإنترنت. كما أنشأ أرشيفًا للمجلات الثقافية والأدبية، وموّل مشاريع ثقافية عدة، منها «مركز دراسات الوحدة العربية».

إرث خالد
لم تقتصر إنجازات الشارخ على التكنولوجيا والثقافة، بل كان أيضًا أديبًا. أصدر روايات ومجموعات قصصية، أبرزها «قيس وليلى»، و»أسرار»، و»الساحة».

جوائز وتكريمات
حصل الشارخ على العديد من الجوائز، منها جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 2021م، وجائزة الدولة التقديرية من الكويت عام 2018م.

فقيد الأمة
وبرحيل محمد الشارخ في يوم الأربعاء 6 مارس 2024م عن عمر ناهز الـ 82 عامًا، تخسر الكويت والعالم العربي شخصية استثنائية كرست حياتها لخدمة اللغة العربية، وترك بصمة عميقة في التكنولوجيا والثقافة، ليظل اسمه خالدًا في ذاكرة الناطقين بلغة الضاد.

مقالات مشابهة

  • «خالد غُلام» يصدر بياناً بشأن الإنجاز الجديد للمؤسسة الخاص «بإنتاج النفط الخام»
  • محافظ الجيزة يوجه رؤساء الأحياء والمدن بسرعة إنجاز مشروعات الخطة الاستثمارية
  • أبل تستعد لإطلاق MacBook Air M4.. ثورة جديدة في عالم الحواسيب المحمولة
  • صخر الشارخ.. قصة العربي الذي جعل الحواسيب تتحدث بالعربية
  • إنجاز تاريخي.. مسبار باركر يقترب من الشمس إلى مسافة غير مسبوقة
  • «دبي للأمن الإلكتروني» ينظّم «المنتدى العالمي الحكومي للحوسبة السحابية»
  • برعاية أحمد بن محمد.. “دبي للأمن الإلكتروني” ينظم “المنتدى العالمي الحكومي للحوسبة السحابية”
  • إنجاز فريد.. نظام الجواز الإلكتروني الجديد يدخل حيز التنفيذ في العراق
  • «دبي للأمن الإلكتروني» ينظم «المنتدى العالمي الحكومي للحوسبة السحابية» 21 يناير
  • جوجل تطلق رقاقة «Willow» الكمومية.. كيف تؤثر على مستقبل العملات المشفرة؟