الإيرانيون يطالبون في يوم القدس العالمي بمقارعة إسرائيل
تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT
طهران – مثل كل عام، شارك اليوم الجمعة مئات آلاف الإيرانيين في مسيرات "يوم القدس العالمي" رافعين الأعلام الإيرانية والفلسطينية وأعلام حركات المقاومة المتحالفة مع طهران وسط هتافات "الموت لإسرائيل ولأميركا، ولسنا محايدين في معركة الحق والباطل، ونتوق إلى مقارعة إسرائيل".
قد لا تكون هذه المشاهد جديدة على الإيرانيين الذين اعتادوا المشاركة في المسيرات السنوية الداعمة للقضية الفلسطينية منذ أن دعا مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله الخميني، بعد 4 أشهر فقط من انتصار ثورة 1979، المسلمين إلى إحياء يوم القدس في يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان.
لكن التطورات الإقليمية حوّلت المناسبة إلى حدث ذي أهمية قصوى لطهران.
فعلاوة على المجازر التي ارتكبها الاحتلال طوال 6 أشهر بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، يحل يوم القدس 2024 بعد مضي 4 أيام على الهجوم الإسرائيلي على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل قائدين كبيرين في الحرس الثوري و5 مستشارين عسكريين آخرين.
وحاورت الجزيرة نت عددا من المشاركين في مسيرات يوم القدس بالعاصمة طهران، تفاوتت مطالبهم من سلطات بلادهم حيال إسرائيل بين الإدانة في المحاكم والأوساط الدولية والرد المباشر بعد استهداف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق. بيد أنهم يجمعون على "ضرورة المساهمة في تحرير أولى القبلتين بكل ما أوتيت الثورة الإسلامية من قوة".
وفي شارع "الثورة الإسلامية" حيث ساحة "الفردوسي" وسط طهران، يذكّر الحاج حميد رضا (72 عاما) "بالدعم الغربي المطلق للعدو المحتل منذ وعد بلفور عام 1917 ثم تسليح منظمة الهاغاناه والتغطية على جرائم الحرب التي ارتكبتها في فلسطين والمسارعة في الاعتراف بتشكيل الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة".
وأكد في حديثه للجزيرة نت أنه "لا يفل الحديد إلا الحديد وأن المسجد الأقصى سوف يحرر بسواعد من حديد لأن ما يُحتل بالقوة لن يتحرر إلا بها".
أما الحاجة بتول (61 عاما) فتقول للجزيرة نت إنها "لا ترى حلا للقضية الفلسطينية بغير حذف إسرائيل من الخريطة لأن الاحتلال لا يفكر إلا في القضاء على الجمهورية الإسلامية واحتلال أراضي الدول الإسلامية".
وأكدت أن الدم الإيراني قد اختلط بالدم الفلسطيني دفاعا عن القدس الشريف، وأن الهجمات الإسرائيلية على الأهداف الإيرانية في سوريا والمجازر في غزة لن تجلب لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنجازا مهما ليتظاهر بالنصر"، قائلة "الطير يرقص مذبوحا من الألم".
في حين اعتبر الشاب مهران (24 عاما) أن القصف الإسرائيلي على القنصلية وضع بلاده عشية يوم القدس أمام "ثنائية الانتقام وتفادي التصعيد".
ورأى -في حديثه للجزيرة نت- في "تحويل طهران إلى قدرة نووية عامل ردع سيضع حدا للغطرسة الصهيوأميركية حيال إيران من جهة، ونصرة للأقصى المبارك من جهة أخرى".
وبعد أن دأب الإيرانيون في المسيرات السنوية خلال العقود الماضية على المطالبة بدعم القضية الفلسطينية والتنديد بجرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، احتلت الهجمات الإسرائيلية على المصالح الإيرانية في سوريا حيزا كبيرا من هتافات يوم القدس 2024 والتي طالبت بالانتقام.
وعلى هامش تشييع المشاركين في مسيرات القدس بطهران ضحايا الهجوم على القنصلية، أوضح الباحث الإستراتيجي علي رضا تقوي نيا أن يوم القدس "يحل علينا هذا العام في وقت ترى فيه إسرائيل نفسها متورطة في أطول حرب تخوضها منذ نصف عام وارتكبت خلالها أبشع الجرائم وتكبدت أكبر عدد من الضحايا".
وفي حديثه للجزيرة نت، يشير الباحث الإيراني إلى "انعدام آمال الصهاينة في تحقيق النصر في معركة طوفان الأقصى".
ويقول إنه بحلول يوم القدس "تقترب تل أبيب من تحدي الزوال أكثر أي وقت مضى، إذ يهرب مئات آلاف المستوطنين من البلدات المحاذية لقطاع غزة ولبنان، ناهيك عن تزايد الهجرة العكسية من كيان الاحتلال واحتدام ضغط الشعوب على الأنظمة الغربية بسبب دعم ساستها لآلة القتل الإسرائيلية في غزة".
واعتبر "حضور الإيرانيين الواسع في تشييع جثامين ضحايا هجوم القنصلية بمثابة استفتاء شعبي حول كيفية الرد الإيراني على الانتهاكات الإسرائيلية ونصرة الأقصى المبارك"، مؤكدا أن فعاليات يوم القدس هذا العام تعيد القضية الفلسطينية مرة أخرى إلى واجهة الملفات العالمية وتذكّر بضرورة وضع حد لمأساة فلسطين.
من ناحيته، قرأ سكرتير اللجنة السياسية في جمعية الدفاع عن الشعب الفلسطيني أحمد رضا روح الله زاد فعاليات يوم القدس 2024 في سياق "معركة طوفان الأقصى التي شكلت منعطفا في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني".
وفي تصريحه للجزيرة نت، رأى زاد في "المشاركة الشعبية الكبيرة بفعاليات يوم القدس العالمي إشادة ودعما لمعركة طوفان الأقصى ولرؤية الإمام الخميني التي رسمت -قبل أكثر من 4 عقود- خريطة تحرير القدس الشريف".
وأوضح أن نتائج المعركة الراهنة مع إسرائيل تتواصل مختلفة عن كل الحروب التي خاضتها "الصهيونية العالمية" وأدت إلى تفكيك الإمبراطورية العثمانية واحتلال الأراضي الفلسطينية.
وخلص إلى أن "الكيان الصهيوني لم يبلغ من الضعف والعزلة ما بلغه بحلول يوم القدس 2024 مما يؤكد نجاعة خيار المقاومة وهشاشة نظرية الردع لدى الكيان".
وعشية يوم القدس العالمي، تفاعل مغردون إيرانيون على منصات التواصل الاجتماعي حول الردع النووي بين من يرى أن الترسانة النووية الإسرائيلية لم تمنع أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وآخرين يرون في حرمة تصنيع القنبلة الذرية عاملا لتمادي إسرائيل في استهداف المصالح الإيرانية بسوريا.
وطالب المغردون الإيرانيون تحت وسم "القنبلة الذرية" و"إيران النووية" بصناعة قنبلة واحدة على أقل تقدير.
في المقابل، رأى الباحث الإستراتيجي علي رضا تقوي نيا في بلوغ بلاده "مرحلة تمكنها من صناعة القنبلة أيّ وقت تشاء عامل ردع أمام التعنت الإسرائيلي والأميركي، بدلا من صناعتها لأنها محرمة وفق الشريعة الإسلامية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات یوم القدس العالمی الإیرانیة فی للجزیرة نت فی مسیرات
إقرأ أيضاً:
كيف رمضان بدون الأقصى؟ سؤال ينكأ جراح فلسطينيي الضفة
انتصف شهر رمضان المبارك، ومرت الجمعة الثانية في المسجد الأقصى بحضور 80 ألف مصل فقط، في انخفاض واضح مقارنة بالسنوات الماضية، حيث سجلّت الجمعة الثانية عام 2023 حضور 250 ألف مصل، وذلك بفعل تضييقات الاحتلال غير المسبوقة للعام الثاني على التوالي على دخول فلسطينيي الضفة الغربية المدينة الفلسطينية المقدسة المحتلة.
ورغم أن الدخول لم يكن متاحا وسهلا قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فإنه لم يكن بهذه الصعوبة، حيث حصر الاحتلال دخول فلسطينيي الضفة إلى القدس في رمضان بيوم الجمعة، وحدد عدد المسموح لهم أسبوعيا بـ10 آلاف فقط.
كما اشترط توفر تصريح دخول وبطاقة ممغنطة (بطاقة ذكية تصدرها سلطات الاحتلال) سارية المفعول، ومغادرة القدس قبل حلول المساء، وحدد أعمار الداخلين بمن تجاوزت أعمارهم 55 عاما للرجال و50 عاما للنساء وأقل من 12 عاما للأطفال، مما يعني حظرا تاما لدخول عنصر الشباب، وانتقاء 10 آلاف من أصل نحو 3 ملايين و400 ألف نسمة هم سكان الضفة المحتلة.
#صابرون: اعتقال 11 شاباً من عمال الضفة الغربية غرب القدس المحتلة بحجة الدخول دون تصاريح. pic.twitter.com/76DgBkCn72
— صابرون (@SabronPS) February 25, 2025
إعلان من صعب إلى أصعبخلال السنوات الماضية، كان السبيل أمام الممنوعين من دخول القدس عدة طرق للوصول إلى الأقصى: القفز من فوق جدار الفصل العنصري ، أو المرور من ثغرة فيه، أو دفع مبالغ كبيرة والاختباء داخل مركبة تمر من الحاجز العسكري وسط مخاطر عالية قد تصل حد الاعتقال والسجن أو الأذى الجسدي.
وحتى تلك الطرق الخطيرة لم تعد متاحة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث شدد الاحتلال إجراءاته على الحواجز ومحيطها، وصاعد من تنكيله بحق من يتم القبض عليهم خلال محاولتهم دخول القدس أو بعد نجاحهم في الدخول.
كما عمدت شرطة الاحتلال -في انتهاك غير مسبوق- إلى اقتحام المسجد الأقصى ومصلياته خلال ساعات الفجر أو صلاة القيام، والبحث بدقة عن أي مصل من الضفة يحمل الهوية الفلسطينية، الأمر الذي أنهى حالة الأمان التي كان يعيشها الفلسطيني داخل المسجد ممن استطاع الوصول بشق الأنفس.
وفي ظل ذلك المنع والتقييد، سألت الجزيرة نت بعضا من فلسطينيي الضفة الذين اعتادوا الاعتكاف في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، وحرموا هذا العام. فأجابوا أن رمضان كان على الدوام فرصة ذهبية لوصال الأقصى الشريف، وسط تخوفات أن يصبح هذا المنع أمرا واقعا بسبب تمريره للعام الثاني، مستذكرين أهالي قطاع غزة الذين يحظرون تماما عن المسجد الأقصى.
"يوميا أشاهد الصور ومقاطع الفيديو التي كنت التقطتها في الأقصى، وأعيش على ذكرياتها، وأبكي شوقا" هذا ما قالته شذى حسن من مدينة رام الله شمال القدس، مضيفة أنها تنتظر رمضان سنويا بفارغ الصبر "لأنه كان الأمل الوحيد لدخول المسجد".
وتصف المواطنة رمضان الحالي والماضي بـ"الموحش" مضيفة أن المسجد الأقصى هو الدواء لقلبها. وأكملت "أكثر ما أشتاق إليه وأفتقده جدا هو اعتكاف العشر الأواخر، وبالرغم من كل التحديات التي كانت تواجهنا آنذاك إلا أن لتلك الأيام والليالي سعادة خاصة".
أما إباء شريدة من مدينة نابلس شمال الضفة، فقالت إنها تذهب إلى المسجد الأقصى برفقة عائلتها منذ عمر السادسة، ومنذ ذلك الحين حتى عمر الـ23 لم تقطع الصلاة في المسجد الأقصى في رمضان أبدا.
إعلانوأضافت بتأثر "بالنسبة لي رمضان هو المسجد الأقصى، والمسجد الأقصى هو رمضان، أنا بدون المسجد الأقصى حرفيا كالسمكة بدون ماء، وهذا أول رمضان يمر عليّ بدون الأقصى".
واختنقت العبرات في عيني براءة وأثرت على صوتها الذي ارتجف قائلا "أحاول أن أتناسى، وألا أشاهد أي مقطع متعلق بالأقصى.. لقد كان رمضان يشحننا لسنة كاملة، فوجودنا في الأقصى المبارك كان يشعرنا بقيمة الرباط ، كنا نُذل في الطريق ونتعب كثيرا لكن ذلك كان يزول بمجرد رؤية القبة الذهبية".
#شاهد | مسن فلسطيني يتحدث بحرقة عن منع الاحتلال دخوله إلى القدس للصلاة في المسجد الأقصى في الجمعة الثانية من رمضان pic.twitter.com/BE1ONss4jz
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) March 14, 2025
الأقصى حياة كاملةيستذكر محمد النتشة من مدينة الخليل (جنوب الضفة) رفقاءه في الاعتكاف وشد الرحال إلى الأقصى والذين غيّبتهم سجون الاحتلال أو استشهدوا برصاصه خلال الأشهر الماضية، ويقول "لم تكن الطريق يوما معبّدة إلى الأقصى، ومهما ضاعفوا العقبات سنحاول بعون الله ونأمل أن نصله ونعتكف فيه، كلما ذهبنا إلى الأقصى ازداد الشوق.. إنه حياة كاملة".
وفور أن سألنا "ب ش" التي فضلت عدم نشر اسمها: ماذا يعني رمضان بدون الأقصى؟ وانهمرت دموعها ودعت "يارب لا تحرمنا، يا رب رُدّنا إليه وأكرمنا" وكان التأثر واضحا على الشابة وهي ترى المستوطنين من جميع أنحاء الضفة يقتحمون المسجد الأقصى بكل سهولة، بينما تمنع هي بشكل كامل منذ عامين.
وقد وصفت صعوبة الوصول قائلة" كنا نتعرض لأعلى درجات القهر والذل والإهانة أثناء محاولتنا الوصول إلى المسجد الأقصى سابقا، وكنا ندفع مبالغ مالية وصلت إلى 140 دولارا على الفرد لقطع مسافة قصيرة نحو القدس".
وختمت قائلة "الأقصى بوصلة الأمة، فإذا ضاعت البوصلة ضاعت الأمة، كل الطوفان قام لأجل الأقصى، ووفاء للدماء النازفة يجب أن نحافظ عليه، وكلنا يقين بأن الله سيردنا إلى المسجد الشريف قائمين معتكفين بصحبة إخواننا في غزة".
إعلان