طهران – مثل كل عام، شارك اليوم الجمعة مئات آلاف الإيرانيين في مسيرات "يوم القدس العالمي" رافعين الأعلام الإيرانية والفلسطينية وأعلام حركات المقاومة المتحالفة مع طهران وسط هتافات "الموت لإسرائيل ولأميركا، ولسنا محايدين في معركة الحق والباطل، ونتوق إلى مقارعة إسرائيل".

قد لا تكون هذه المشاهد جديدة على الإيرانيين الذين اعتادوا المشاركة في المسيرات السنوية الداعمة للقضية الفلسطينية منذ أن دعا مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله الخميني، بعد 4 أشهر فقط من انتصار ثورة 1979، المسلمين إلى إحياء يوم القدس في يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان.

لكن التطورات الإقليمية حوّلت المناسبة إلى حدث ذي أهمية قصوى لطهران.

صور ضحايا القصف الإسرائيلي على محور المقاومة حاضرة في فعاليات يوم القدس بطهران (الجزيرة) مطالب شعبية

فعلاوة على المجازر التي ارتكبها الاحتلال طوال 6 أشهر بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، يحل يوم القدس 2024 بعد مضي 4 أيام على الهجوم الإسرائيلي على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل قائدين كبيرين في الحرس الثوري و5 مستشارين عسكريين آخرين.

وحاورت الجزيرة نت عددا من المشاركين في مسيرات يوم القدس بالعاصمة طهران، تفاوتت مطالبهم من سلطات بلادهم حيال إسرائيل بين الإدانة في المحاكم والأوساط الدولية والرد المباشر بعد استهداف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق. بيد أنهم يجمعون على "ضرورة المساهمة في تحرير أولى القبلتين بكل ما أوتيت الثورة الإسلامية من قوة".

وفي شارع "الثورة الإسلامية" حيث ساحة "الفردوسي" وسط طهران، يذكّر الحاج حميد رضا (72 عاما) "بالدعم الغربي المطلق للعدو المحتل منذ وعد بلفور عام 1917 ثم تسليح منظمة الهاغاناه والتغطية على جرائم الحرب التي ارتكبتها في فلسطين والمسارعة في الاعتراف بتشكيل الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة".

وأكد في حديثه للجزيرة نت أنه "لا يفل الحديد إلا الحديد وأن المسجد الأقصى سوف يحرر بسواعد من حديد لأن ما يُحتل بالقوة لن يتحرر إلا بها".

أما الحاجة بتول (61 عاما) فتقول للجزيرة نت إنها "لا ترى حلا للقضية الفلسطينية بغير حذف إسرائيل من الخريطة لأن الاحتلال لا يفكر إلا في القضاء على الجمهورية الإسلامية واحتلال أراضي الدول الإسلامية".

وأكدت أن الدم الإيراني قد اختلط بالدم الفلسطيني دفاعا عن القدس الشريف، وأن الهجمات الإسرائيلية على الأهداف الإيرانية في سوريا والمجازر في غزة لن تجلب لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنجازا مهما ليتظاهر بالنصر"، قائلة "الطير يرقص مذبوحا من الألم".

المشاركون في مسيرات يوم القدس في طهران رفعوا لافتات "الموت لإسرائيل ولأميركا" (الجزيرة) عامل ردع

في حين اعتبر الشاب مهران (24 عاما) أن القصف الإسرائيلي على القنصلية وضع بلاده عشية يوم القدس أمام "ثنائية الانتقام وتفادي التصعيد".

ورأى -في حديثه للجزيرة نت- في "تحويل طهران إلى قدرة نووية عامل ردع سيضع حدا للغطرسة الصهيوأميركية حيال إيران من جهة، ونصرة للأقصى المبارك من جهة أخرى".

وبعد أن دأب الإيرانيون في المسيرات السنوية خلال العقود الماضية على المطالبة بدعم القضية الفلسطينية والتنديد بجرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، احتلت الهجمات الإسرائيلية على المصالح الإيرانية في سوريا حيزا كبيرا من هتافات يوم القدس 2024 والتي طالبت بالانتقام.

وعلى هامش تشييع المشاركين في مسيرات القدس بطهران ضحايا الهجوم على القنصلية، أوضح الباحث الإستراتيجي علي رضا تقوي نيا أن يوم القدس "يحل علينا هذا العام في وقت ترى فيه إسرائيل نفسها متورطة في أطول حرب تخوضها منذ نصف عام وارتكبت خلالها أبشع الجرائم وتكبدت أكبر عدد من الضحايا".

وفي حديثه للجزيرة نت، يشير الباحث الإيراني إلى "انعدام آمال الصهاينة في تحقيق النصر في معركة طوفان الأقصى".

ويقول إنه بحلول يوم القدس "تقترب تل أبيب من تحدي الزوال أكثر أي وقت مضى، إذ يهرب مئات آلاف المستوطنين من البلدات المحاذية لقطاع غزة ولبنان، ناهيك عن تزايد الهجرة العكسية من كيان الاحتلال واحتدام ضغط الشعوب على الأنظمة الغربية بسبب دعم ساستها لآلة القتل الإسرائيلية في غزة".

واعتبر "حضور الإيرانيين الواسع في تشييع جثامين ضحايا هجوم القنصلية بمثابة استفتاء شعبي حول كيفية الرد الإيراني على الانتهاكات الإسرائيلية ونصرة الأقصى المبارك"، مؤكدا أن فعاليات يوم القدس هذا العام تعيد القضية الفلسطينية مرة أخرى إلى واجهة الملفات العالمية وتذكّر بضرورة وضع حد لمأساة فلسطين.

أعلام ورموز حركات المقاومة ترفرف في مسيرات يوم القدس بطهران (الجزيرة) نجاعة خيار المقاومة

من ناحيته، قرأ سكرتير اللجنة السياسية في جمعية الدفاع عن الشعب الفلسطيني أحمد رضا روح الله زاد فعاليات يوم القدس 2024 في سياق "معركة طوفان الأقصى التي شكلت منعطفا في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني".

وفي تصريحه للجزيرة نت، رأى زاد في "المشاركة الشعبية الكبيرة بفعاليات يوم القدس العالمي إشادة ودعما لمعركة طوفان الأقصى ولرؤية الإمام الخميني التي رسمت -قبل أكثر من 4 عقود- خريطة تحرير القدس الشريف".

وأوضح أن نتائج المعركة الراهنة مع إسرائيل تتواصل مختلفة عن كل الحروب التي خاضتها "الصهيونية العالمية" وأدت إلى تفكيك الإمبراطورية العثمانية واحتلال الأراضي الفلسطينية.

وخلص إلى أن "الكيان الصهيوني لم يبلغ من الضعف والعزلة ما بلغه بحلول يوم القدس 2024 مما يؤكد نجاعة خيار المقاومة وهشاشة نظرية الردع لدى الكيان".

وعشية يوم القدس العالمي، تفاعل مغردون إيرانيون على منصات التواصل الاجتماعي حول الردع النووي بين من يرى أن الترسانة النووية الإسرائيلية لم تمنع أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وآخرين يرون في حرمة تصنيع القنبلة الذرية عاملا لتمادي إسرائيل في استهداف المصالح الإيرانية بسوريا.

وطالب المغردون الإيرانيون تحت وسم "القنبلة الذرية" و"إيران النووية" بصناعة قنبلة واحدة على أقل تقدير.

في المقابل، رأى الباحث الإستراتيجي علي رضا تقوي نيا في بلوغ بلاده "مرحلة تمكنها من صناعة القنبلة أيّ وقت تشاء عامل ردع أمام التعنت الإسرائيلي والأميركي، بدلا من صناعتها لأنها محرمة وفق الشريعة الإسلامية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات یوم القدس العالمی الإیرانیة فی للجزیرة نت فی مسیرات

إقرأ أيضاً:

في اليوم العالمي للعمال.. الفصل التعسفي والبطالة يجتاحان شرقي القدس

في 27 أبريل/نيسان الماضي كان العامل الفلسطيني عرفات قادوس -الذي ينحدر من إحدى قرى مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية– أحدث الشهداء الذين قضوا خلال محاولتهم الحصول على لقمة العيش بعد سقوطه عن الجدار العازل في بلدة الرام شمال القدس وهو يحاول اجتيازه للعمل في المدينة المحتلة بعد تعمد الاحتلال تجويع الفلسطينيين وإيقاف استصدار "تصاريح الدخول إلى إسرائيل" للعمال.

لحق عرفات بكل من العامليْن رأفت حماد وماهر صرصور اللذين استشهدا في القدس أيضا في مارس/آذار الماضي خلال محاولتهما توفير قوت أطفالهما، ومنذ اندلاع الحرب تعلن شرطة الاحتلال عن نجاحها بشكل شبه يومي في اعتقال عشرات ومئات العمال القادمين من الضفة الغربية خلال محاولتهم الدخول إلى القدس.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2حماس: حسن سلامة يتعرض لتعذيب ممنهج في سجون الاحتلالlist 2 of 2برنامج الأغذية العالمي: الحرب أدخلت السودان في أكبر كارثة جوعend of list

ووفق تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) نشرته في سبتمبر/أيلول الماضي، فإن حرب الإبادة على قطاع غزة أدت إلى تراجع صادم في مؤشر الأنشطة الاقتصادية في القدس المحتلة.

وجاء في التقرير أن نحو 80% من الشركات والمصالح الاقتصادية في القدس توقفت عن العمل جزئيا أو كليا جراء العدوان الإسرائيلي الشامل على الفلسطينيين منذ نحو عام.

ولا تتوفر معطيات رسمية حديثة عن نسبة البطالة في القدس، لكن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني قال في بيان بمناسبة يوم العمال إن معدلات البطالة بين الأفراد المشاركين في القوى العاملة في الضفة الغربية -ومنها القدس- سجلت في العام 2024 نحو 31% مقارنة مع حوالي 18% في العام 2023.

أكدت مصادر محلية ارتقاء الفلسطيني عرفات قادوس من قرية عراق بورين جنوب غرب نابلس، وذلك إثر سقوطه عن جدار الفصل العنصري في بلدة الرام شمال القدس المحتلة، بعد محاولته دخول القدس؛ طلبا للرزق وبحثا عن عمل.

وقادوس هو الثالث -من حَملة الهوية الفلسطينية- الذي يرتقي خلال أكثر من شهر في… pic.twitter.com/GzQa8j8fLP

— القدس البوصلة (@alqudsalbawsala) April 27, 2025

إعلان عضوية دون التزام

وفي اليوم العالمي للعمال ورغم انضمام إسرائيل إلى منظمة العمل الدولية عام 1949 فإنها لا تلتزم بأي من المبادئ التي توردها هذه المنظمة الدولية على موقعها عندما يكون المشغِّل إسرائيليا والعامل فلسطينيا.

ووفق تقرير أصدرته 4 مؤسسات حقوقية إسرائيلية في أبريل/نيسان 2024 وحمل عنوان "القدس الشرقية في ظل الحرب"، فإن 75% من سكان شرقي القدس كانوا يعيشون تحت خط الفقر قبل اندلاع الحرب، وإن نسبة البطالة ارتفعت بشكل غير مسبوق بعد فقدان العديد من العمال وظائفهم بسبب عمليات التسريح الناتجة عن "مخاوف عبّر عنها الزملاء أو العملاء"، وبسبب الشعور بالاضطهاد في أماكن العمل المختلطة (التي تضم عربا ويهودا).

وأدى ذلك وفقا للمنظمات الحقوقية إلى ارتفاع نسبة المقدسيين الباحثين عن وظيفة من 140% قبل اندلاع الحرب إلى 300% في أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي بزيادة قدرها 340%، وأدى الحجم الكبير لفقدان فرص العمل إلى إلحاق ضرر كبير بالأمن الغذائي لهؤلاء.

وأورد معهد القدس لأبحاث السياسات ضمن الأرقام السنوية التي ينشرها بمناسبة "يوم القدس" في تقريره لعام 2024 أن القدس هي واحدة من أفقر المدن، ففي عام 2022 كان نحو 218 ألف مقدسي يعيشون تحت خط الفقر من أصل 384 ألفا و700 يعيشون في هذه المدينة من مسلمين ومسيحيين.

يقدّر مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن نحو 80% من المقدسيين يعيشون تحت خط الفقر (الجزيرة)

وفي إطار المشاركة في القوى العاملة أشار التقرير السنوي لهذا المعهد الإسرائيلي إلى أن نسبة مشاركة العرب -الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و64 عاما- في سوق العمل بلغت 56%، وتشير الأرقام إلى انخراط 83% من الرجال في القدس بسوق العمل مقابل 29% من النساء.

ورغم أهمية مشاركة المقدسيين في تحريك عجلة الاقتصاد بكافة القطاعات في المدينة المحتلة فإن العنصرية والاضطهاد اللذين مورسا ضدهم منذ اندلاع الحرب أديا إلى فقدان كثير منهم مصدر رزقهم، بل تعمّد بعض أرباب الأعمال الإسرائيليين تجويع الأسر المقدسية والإمعان في إهانتها.

إعلان

فعلى سبيل المثال طردت بلدية الاحتلال في بداية الحرب مقدسيين يعملون في مجال المقاولات الزراعية بعد رفضهم زراعة أشجار على شكل علم إسرائيل في إحدى مستوطنات غربي القدس، وطُرد مهندس طبي لنشره آية قرآنية على تطبيق واتساب، وآخرون لأنهم ارتدوا اللون الأسود في بداية الحرب، واعتُبر ذلك حدادا على شهداء غزة.

ويضاف إلى هذه الأمثلة المئات من المقدسيين الذين عانوا من العنصرية على يد مديريهم أو الموظفين اليهود في مكان العمل، خاصة في بداية الحرب، ومن بينها استدعاء الكثيرين منهم لجلسات استماع وتوقيفهم عن العمل مؤقتا لمجرد أنهم تحدثوا باللغة العربية لا العبرية.

‎⁨صالح: عشرات حالات الفصل من العمل كانت تعسفية بسبب مواقف المقدسيين من الأحداث الجارية (الجزيرة) فصل تعسفي

بدوره، رصد مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان عشرات حالات الفصل من العمل بسبب الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ويقول مدير المركز رامي صالح إن الفصل كان تعسفيا ولمجرد إعلان المقدسيين عن مواقفهم التي اعتبرت تحريضية آنذاك.

وأضاف صالح أن الفصل التعسفي للموظفين والعمال من أماكن عملهم يتعارض مع القوانين المحلية الإسرائيلية ومع تلك التي وضعتها منظمة العمل الدولية.

وأشار صالح أن "أغلب القضايا التي تم توثيقها في مركز القدس هي لموظفين مقدسيين من فئة الشباب الذين تداولوا رسائل عبر مجموعات واتساب مغلقة، وتم لاحقا مسح جميع الرسائل إلا أنه تم أخذ صورة للشاشة وإيصالها للإدارة والمشغّلين الذين فصلوا هؤلاء العمال، وأدى ذلك إلى ارتفاع معدلات البطالة في المدينة، خاصة مع تضرر القطاع السياحي وتوقف كافة الخدمات المرتبطة به".

لم تكن هناك قدرة للاعتراض قانونيا -وفقا لصالح- على حالات فصل العمال البسطاء، لأن أمر تشغيلهم وفصلهم يتعلق بالمشغّل الإسرائيلي نفسه الذي يقرر إنهاء التعاقد مع أي شخص في الوقت الذي يريد.

الحموري: العمال المقدسيون يعيشون دائما تحت رحمة المشغّلين الإسرائيليين الذين يهضمون حقوقهم (الجزيرة)

من جهته، قال مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري إن العمال المقدسيين يعيشون دائما تحت رحمة المشغّلين الإسرائيليين الذين يهضمون حقوقهم ولا يساوونهم مع العمال اليهود.

وظهر ذلك جليا خلال جائحة كورونا والحرب الحالية مع فرض وتطبيق قانون الطوارئ، وهو ما نتج عنه فصل الكثير من العمال أو معاقبتهم أو اعتقالهم وتقديم لوائح اتهام ضدهم، وأدى كل ذلك إلى ارتفاع نسبة البطالة بين صفوف المقدسيين بشكل كبير، وفقا للحموري.

إعلان

مقالات مشابهة

  • الخارجية الإيرانية: طهران ستواصل المشاركة بجدية في مفاوضات تستهدف تحقيق نتائج مع أمريكا
  • توقعات بتأجيل المحادثات الأميركية الإيرانية المقررة السبت
  • القدس المحتلة.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى مجددًا
  • في اليوم العالمي للعمال.. الفصل التعسفي والبطالة يجتاحان شرقي القدس
  • القدس في أبريل.. انتهاكات غير مسبوقة للاحتلال في المسجد الأقصى
  • إسرائيل التي تحترف إشعال الحرائق عاجزة عن إطفاء حرائقها
  • فوضى وهلع في إسرائيل إثر حريق ضخم.. صور
  • إيران ترد على تهديدات نتنياهو بتدمير مفاعلاتها النووية… عواقبه على إسرائيل لا يصدق
  • في ذكرى النكبة.. الأعلام الإسرائيلية تغزو القدس والمستوطنون يتوعدون الأقصى
  • بذكرى النكبة.. إغراق القدس بأعلام إسرائيل ومستوطنون يتوعدون الأقصى