واشنطن "رويترز": وجه الرئيس الأمريكي جو بايدن الخميس إنذارا نهائيا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن عليه حماية المدنيين وموظفي الإغاثة الأجانب في غزة وإلا فقد تكبح واشنطن دعمها لإسرائيل خلال حربها على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).

ويأتي التحذير بعد دعوات أمريكية على مدى أشهر لأن تغير إسرائيل أساليبها العسكرية والتي أودت بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وذلك في أعقاب هجوم إسرائيلي أسفر عن مقتل سبعة من موظفي الإغاثة التابعين لمنظمة ورلد سنترال كيتشن والذي أثار غضبا عالميا.

وأقرت إسرائيل بأن الهجمة كانت خطأ.

ولم يذكر البيت الأبيض تحديدا الخطوات المطلوبة من نتنياهو، كما لم يوضح ما سيترتب على عدم اتخاذها.

ولكن محللين قالوا إن المعنى الضمني للتحذير هو إبطاء عمليات نقل الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل أو تقليص الدعم الأمريكي في الأمم المتحدة.

وقال المحلل ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية، وهي مؤسسة بحثية، "يبدو الأمر كلحظة من لحظات العودة إلى المسيح (لحظة إدراك مفاجئة تُفضي عادة إلى تغيير جوهري)"، في إشارة إلى تعليق بايدن الشهر الماضي بأن علاقته بنتنياهو تتجه نحو نقطة تحول مماثلة.

وذكر دينيس روس الدبلوماسي الأمريكي المخضرم الذي يعمل حاليا في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى "الرئيس، في الواقع، يقول إن (عليهم) تلبية هذه الاحتياجات الإنسانية وإلا فلن يكون أمامي خيار سوى فرض شروط على المساعدة (العسكرية)".

ويحاول بايدن، الذي يسعى لإعادة انتخابه رئيسا في نوفمبر جاهدا تحقيق التوازن بين ضغوط يمارسها الديمقراطيون التقدميون لكبح جماح نتنياهو، والذين يشعرون بالفزع من عدد القتلى من المدنيين الفلسطينيين، وبين المخاطرة بفقدان الناخبين المستقلين المؤيدين لإسرائيل في الغالب. وقاوم بايدن حتى الآن وضع شروط على عمليات نقل الأسلحة.

واندلعت الحرب بعد هجوم شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر وأدى إلى مقتل 1200 شخص، وفقا للإحصائيات الإسرائيلية، ثم ردت إسرائيل بقصف وغزو أسفر عن مقتل أكثر من 33 ألف فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في غزة، معظمهم من النساء والأطفال فضلا عن تدمير جزء كبير من قطاع غزة المكتظ وتشريد معظم سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.

وتتهم إسرائيل حماس باستخدام المدنيين دروعا بشرية.

وذكر البيت الأبيض بخصوص المكالمة الهاتفية بين بايدن ونتنياهو أن بايدن حث إسرائيل على "إعلان وتنفيذ سلسلة من الخطوات المحددة والملموسة والقابلة للقياس للتعامل مع الأذى الذي يلحق بالمدنيين والمعاناة الإنسانية وسلامة موظفي الإغاثة".

وأضاف البيت الأبيض في بيان أن بايدن "أوضح أن السياسة الأمريكية فيما يتعلق بغزة ستتحدد من خلال تقييمنا للتحرك الفوري الذي ستتخذه إسرائيل فيما يتعلق بهذه الخطوات".

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في تعليقات أكثر صراحة "انظروا، سأقول هذا فقط: إذا لم نر التغييرات التي نحتاج إلى رؤيتها، فستكون هناك تغييرات في سياستنا".

وأعلنت الحكومة الإسرائيلية مساء أمس، بعد ساعات فقط من الاتصال بين بايدن ونتنياهو، عدة خطوات لزيادة تدفق المساعدات إلى غزة، منها الموافقة على إعادة فتح معبر إيريز المؤدي إلى شمال قطاع غزة والاستخدام المؤقت لميناء أسدود في جنوب إسرائيل وزيادة المساعدات القادمة من الأردن.

ولم يتضح على الفور ما إذا كانت هذه الخطوات كافية لتلبية المطالب الأمريكية.

نقطة تحول

كانت نقطة التحول بالنسبة لبايدن، وهو مؤيد بقوة لإسرائيل، هي الهجوم الدامي الذي شنته إسرائيل يوم الاثنين على عاملي إغاثة من منظمة ورلد سنترال كيتشن الخيرية التي أسسها الطاهي الشهير خوسيه أندريس.

جاء ذلك في الوقت الذي تكثف فيه إدارة بايدن ضغوطها على إسرائيل للنظر في بدائل للهجوم البري الذي تهدد بشنه على مدينة رفح، آخر ملاذ آمن نسبيا للمدنيين في القطاع الساحلي.

وقال مصدر مطلع على المحادثات شريطة عدم نشر اسمه إن المكالمة، التي استمرت 30 دقيقة، شابها التوتر في بعض الأحيان عندما عبر بايدن عن مخاوفه ودافع نتنياهو عن نهجه بشأن غزة.

ووصف مسؤول كبير في البيت الأبيض المحادثة بأنها "مباشرة جدا وصريحة جدا"، وقال إن نائبة الرئيس كاملا هاريس ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان وبلينكن كانوا حاضرين في المكالمة.

وفيما يخص توقعات الولايات المتحدة، قال المسؤول "نحتاج إلى خطة شاملة بشأن قيامهم بعمل أفضل بكثير هنا. لا يمكنهم قتل موظفي الإغاثة الإنسانية والمدنيين".

ورغم أن بايدن يتجنب منذ فترة طويلة تقليص الدعم الأمريكي لإسرائيل، فقد يكون صبره نفد أخيرا.

وقال مايك سينغ وهو مسؤول سابق في مجلس الأمن القومي كان معنيا بالشرق الأوسط "ستكون هناك دائما نقطة تشعر فيها إدارة بايدن بأن التكلفة المحلية والدولية لدعم الحملة الإسرائيلية في غزة تفوق فائدة ما تمكنت إسرائيل من تحقيقه على الأرض".

وأردف قائلا "الأمر اللافت للنظر ليس أن هذا يحدث، بل أن الأمر استغرق وقتا طويلا".

وقال سينغ، الذي يعمل الآن في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إنه إذا لم تلب إسرائيل شروط بايدن، فمن المرجح أن تتفاوض الولايات المتحدة على قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مثل ذلك الذي أنهى الصراع بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية عام 2006.

وأضاف "وضع شروط على نقل الأسلحة أمر أكثر صعوبة من الناحية السياسية، ومن المرجح أن يواجه معارضة شديدة في الكابيتول هيل (الكونجرس)، وقد يترك إسرائيل عرضة لهجوم من حزب الله أو وكلاء إيران الآخرين".

غير أن بايدن ربما بعث برسالة الشهر الماضي يعبر فيها عما يدور في ذهنه، فبعدما قال إن اجتياح رفح "خط أحمر"، أكد أنه لن يوقف أبدا "جميع الأسلحة لدرجة تجعلهم لا يملكون القبة الحديدية (نظام الدفاع الصاروخي) لحمايتهم".

ولم يقدم صراحة تأكيدات بشأن الأسلحة الهجومية، مما أثار تكهنات بأنه قد يفرض شروطا على عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل، التي تعتمد بشكل كبير على الأسلحة الأمريكية.

وقال جوناثان بانيكوف، النائب السابق لمسؤول المخابرات الوطنية لشؤون الشرق الأوسط، إن بايدن لن يتخذ على الأرجح إجراءات جذرية تعكر صفو العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، مثل حجب الأسلحة باهظة الثمن أو التخلي تماما عن إسرائيل في الأمم المتحدة.

لكنه يستطيع فرض شروط على عتاد عسكري أصغر ويتخذ المزيد من الإجراءات ضد المستوطنين اليهود المتطرفين المشاركين في هجمات على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

وأضاف بانيكوف "إحباط بايدن من الطريقة التي تدار بها الحرب، ومن رئيس الوزراء نتنياهو نفسه، وصل إلى ذروته".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البیت الأبیض نقل الأسلحة إسرائیل فی شروط على أن بایدن

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: موظفو الإغاثة في غزة يتعرضون لمخاطر لا تحتمل

قالت الأمم المتحدة إن المخاطر التي يتعرض لها العاملون في المجال الإنساني بقطاع غزة لا تحتمل، وحثت إسرائيل على زيادة التنسيق الفعال مع منظمات الإغاثة والموافقة على استخدام الأمم المتحدة للمعدات الأمنية الأساسية وأن يسهل الجيش الإسرائيلي إيصال المساعدات.
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة للصحفيين اليوم الثلاثاء "العمليات الإنسانية كانت في مرمى النيران بغزة على نحو متكرر".

وتابع "المخاطر، بصراحة، أصبحت غير محتملة بشكل متزايد".
وأضاف أن رئيس إدارة السلامة والأمن التابعة للأمم المتحدة عقد لقاء أمس الاثنين مع وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي فرع بالجيش الإسرائيلي مسؤول عن نقل المساعدات، لمناقشة الصعوبات التي تواجهها الأمم المتحدة أثناء عملها في غزة خلال الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الأسبوع الماضي إن هناك "انعداما تاما للأمن" في غزة مما يعوق عمليات الإغاثة بينما تلوح المجاعة في الأفق. وقالت الولايات المتحدة إنها تعمل مع الأمم المتحدة وإسرائيل لمحاولة تحسين الوضع.

وذكر دوجاريك "كل يوم، نقيّم الوضع وننظر في كيفية العمل بأمان، سواء بالنسبة لموظفينا، والأهم من ذلك، بالنسبة لمن يتلقون المساعدات".

وتابع "علينا في كل يوم اغتنام أي فرصة سانحة".
وقال جوناثان ميلر نائب مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة لمجلس الأمن في وقت سابق الثلاثاء إن أكثر من 36 ألف شاحنة مساعدات دخلت غزة خلال الصراع المستمر منذ أكثر من ثمانية أشهر. وحملت الشاحنات أكثر من 682 ألفا و180 طنا من المساعدات، التي تشمل مواد غذائية ومياه ومعدات إيواء وإمدادات طبية ووقود.

وأضاف أن المشكلة تكمن في تسلم الأمم المتحدة تلك المساعدات وتوزيعها عقب دخولها إلى غزة.

وقال ميلر "وافقت (إسرائيل) وتوافق على جميع طلبات الأمم المتحدة تقريبا لتنسيق القوافل الإنسانية، وتستمر فترات التوقف اليومية للعمليات ضد الإرهابيين للسماح بتوزيع المساعدات".

مقالات مشابهة

  • مكتب نتنياهو: تلقينا تطمينات أمريكية بشأن شحنات الأسلحة
  • أميركا تلتزم بمواصلة تسليح إسرائيل وتضارب بشأن الذخائر الثقيلة
  • أمريكا تواصلت مع قطر ومصر بشأن مفاوضات صفقة الأسرى المجمدة
  • غالانت يتحدث عن تقدم ملحوظ في موضوع شحنات الأسلحة الأميركية
  • "وول ستريت جورنال" تكشف نقلا عن مسؤولين سبب تباطؤ شحنات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل
  • من واشنطن .. غالانت ينتقد خروج نتنياهو من الغرف المغلقة
  • من واشنطن.. غالانت ينتقد خروج نتنياهو من "الغرف المغلقة"
  • الأمم المتحدة: موظفو الإغاثة في غزة يتعرضون لمخاطر لا تحتمل
  • وول ستريت جورنال: نتنياهو يستغل مزاعم تباطؤ شحنات الأسلحة لأغراضه السياسية الخاصة
  • البنتاغون: الوزير أوستن حث نظيره الإسرائيلي على مضاعفة جهود حماية المدنيين والعاملين في مجال الإغاثة في غزة