الخلافات الزوجية تهدد أمان الأسرة ومستقبل الأبناء
تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT
- النزاعات تولّد صعوبة في تلقي الأبناء التوجيه المناسب
-التحديات المالية أحد أسباب عدم استقرار الأسرة
-الحوار الإيجابي وسيلة ناجعة للحد من الخلافات
تهدد الخلافات الزوجية أمان الأسرة واستقرارها ومستقبل الأبناء، وتؤثر بعض الخلافات على نفسية الأبناء حيث يتهربون من الجلوس مع والديهم تفاديا من حصول أي نزاع أوخلاف بحضورهم، ويشير أخصائيو توجيه وإرشاد إلى أن الخلافات الزوجية تفقد الأبناء الإحساس بالأمان وتؤدي إلى عدم قدرتهم على التفاعل مع أفراد المجتمع، وتسهم في تدني مستواهم العلمي والأكاديمي، داعين الزوجين إلى حل خلافاتهم بالحوار وبعيدا عن الأبناء.
يقول راشد بن حمود الريامي: إن النزاعات الأسرية تؤثر بطريقة غير مباشرة في شخصية الأبناء، وعادة الطفل عندما يلتقي بأقرانه يبوح بما يشاهده ويسمعه من نقاشات تدور بين أسرته في المنزل وغير مدرك لما يقوله.
تقول ملاك بنت سعيد الزدجالية: يحتاج الأبناء لكل دقيقة من وقت والديهم، ولكن بسبب الخلافات والمشاجرات المستمرة يفقد الأبناء ذلك الوقت، ويشعرون بالقلق والتوتر أثناء الجلوس مع والديهم خوفا من شجار آخر.
يقول منير بن راشد المحروقي: للأسف كثيرا ما نسمع عن حدوث مشاجرات زوجية يكون ضحيتها الأبناء، حيث تؤدي إلى تأثيرات سلبية في نفسيتهم وينتابهم شيء من الخوف والقلق وقد يؤثرذلك على الصحة الجسدية بسبب شعورهم بالتعب والتفكير في كيفية التخلص من تلك المشاجرات بين والديهم.
وترى نزهة بنت سعد الريامية أن السلوك الخاطئ للوالدين ونزاعهما أمام أطفالهما واضطراب الأسرة يدفع الطفل إلى الشعور بفقدان الأمن، مما يجعله ينظر للحياة نظرة متشائمة، ويتضح ذلك من خلال التعامل مع الأطفال ويمكن معرفة الطفل المستقر.
يقول هلال بن سالم العبري: أخصائي توجيه وإرشاد بمركز الإرشاد الطلابي بجامعة السلطان قابوس: إن الأسرة هي المصدر الأول للأمان بالنسبة للفرد فمن خلالها يستمد الكثير من القيم والمبادئ التي يسير عليها في الحياة ولكن تعتري الأسرة الكثير من التحديات على مختلف الأصعدة وتبقى الخلافات الزوجية هي من أكبر التحديات التي قد تعصف بدور الأسرة الحقيقي لتصبح مصدرا للعديد من التحديات التي قد يواجهها الفرد في حياته.
وأضاف العبري: إن الخلافات الزوجية تعمل على زرع أثرها على الأبناء في مراحلهم المختلفة، فعلى الصعيد الأول تأتي مشكلة عدم الإحساس بالأمان من الصعوبات التي قد يعاني منها الأبناء داخل الأسرة، فإذا فقد الأمان فقدت الكثير من عوامل النجاح، إضافة إلى صعوبة الحصول على التوجيه المناسب مما يؤثر على قيم الأبناء وتوجهاتهم نتيجة الخلافات المستمرة داخل البيئة الأسرية مما يجعل منهم أداة سهلة للتأثر من قبل تيارات مختلفة، من جانب آخر قد تؤثر الخلافات الزوجية على الأبناء فتجعل منهم غير قادرين على التفاعل الاجتماعي السليم وقد يفوق ذلك ليؤثر على مستوياتهم التحصيلية والأكاديمية، داعيا إلى عدم التهاون مع تلك الخلافات وضرورة الوقوف عليها أولا بأول ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها.
وأوضح أن من أبرز الخلافات الزوجية على سبيل المثال مشكلات الغيرة وعدم الثقة بين الزوجين والتي قد تلقي بظلالها على الأبناء فتؤثر على صحتهم النفسية بشكل واضح نتيجة استمرار الوالدين في الخلاف بشكل علني عند الأبناء،كما تعتبر مشكلة الخلافات المرتبطة بالتحديات المالية من الصعوبات التي تعمل على خلق جو من عدم الاستقرار داخل الاسرة وبدوره يؤثر ويرهق الأبناء نتيجة شعورهم بالذنب أمام والديهم.
كما يمكن الحديث عن المشكلات المتعلقة بتربية الأبناء والتي تؤدي إلى التشتت في تلقي التعليمات والتوجيهات من قبل الوالدين مما يخلق منهم أبناء غير واثقين بذواتهم وذلك لأسباب تتعلق بعدم توفر الدعم الأسري الواضح وتضارب وجهات النظر بين الوالدين.
وأضاف: إن السلوكيات غير المقبولة التي قد يمارسها أحد الوالدين أو كلاهما من المشكلات التي تؤثر على الأبناء بأن تجعل منهم نسخًا جديدة من أحد الوالدين مما يؤثر ذلك سلبيا على المجتمع.
وحول آليات علاج الأبناء من أثر تلك الخلافات، بيّن العبري أن الاستشارات النفسية والتربوية والاجتماعية تأتي في المرتبة الأولى للحد من تلك الآثار حيث يخضع الأبناء لتلك الجلسات لمحاولة التخفيف من أثرها النفسي، ومن المهم أن يعي الوالدان أهمية الحوار كأحد الحلول المهمة التي من خلالها يمكن أن نصل للعديد من الحلول الممكنة للتحديات التي تواجهها الأسرة وتعد من العلاجات الناجعة التي يمكن أن تسهم في خفض وتيرة الخلافات الأسرية بحيث يعمل الحوار على زرع الثقة بين الوالدين فتنعكس بصورة واضحة على الأبناء لتعيش الأسرة بأمان وسكينة، مشيرًا إلى ضرورة عدم نقاش الموضوعات المتعلقة ببعض الخلافات أمام الأبناء حتى تبقى صورة الوالدين أمام أبنائهم جميلة يستلهمون منهما الكثير من معاني الود والاحترام، ومن المهم أن تسود لغة الحب والإاحترام بين أفراد الأسرة الواحدة بحيث تنبعث روح المحبة في الأسرة فيسود التعاون والألفة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الخلافات الزوجیة على الأبناء الکثیر من التی قد
إقرأ أيضاً:
المهن التقليدية.. جسر بين ماضي الأجداد ومستقبل الشباب
مختصون: أهمية توثيق العادات والمهن التقليدية بوسائل مكتوبة ومرئية ومسموعة لضمان استمراريتها إدراج مجموعة من المهن التقليدية في المناهج التعليمية لتعزيز الوعي الثقافي بين الأجيال ثقافة المجتمع قال الدكتور أمجد بن حسن الحاج، أستاذ مشارك بقسم علم الاجتماع والعمل الاجتماعي بجامعة السلطان قابوس: تتسم الثقافة بالتراكمية في مكوناتها المادية والمعنوية؛ فكل جيل يورث ثقافة المجتمع إلى الجيل الذي يليه، بالتقليد أو التعليم، داخل الأسرة أو المجتمع، وتتحقق بذلك استمرارية ثقافة المجتمع عبر الأزمان، وهناك أشكال عديدة تورثها المجتمعات إلى الأجيال، أبرزها المهن والعادات، وبذلك تصبح ظاهرة اجتماعية منتشرة بين المجتمعات والثقافات، من خلال حرص الأجداد والآباء على نقل ثقافتهم، وغرسها في أبنائهم وأحفادهم، من خلال تعليمهم وتدريبهم على إتقانها حتى يتم بقاؤها لأجيال طويلة، ويعود توارث المهن والعادات بالفائدة على الفرد والأسرة والمجتمع من خلال أنها تساعدنا على فهم طرق العيش والعلاقات والتفاعلات الأسرية والاجتماعية الموجودة بين الأفراد والأسر في المجتمع، ويعزز التواصل بين الأجيال، وتتضح التغيرات التي حدثت لها عبر مختلف الفترات الزمنية. وأكد أن توارث المهن والعادات يعزز الهوية الثقافية في المجتمع، ويقوي الشعور بالانتماء، ويسهم في الحفاظ على تاريخ المجتمع وثقافته، والمهن والعادات روابط قوية بين أفراد الأسرة والمجتمع؛ فبعض المهن يقوم بها أفراد أسرة معينة، وتوارثها يحافظ على إتقان مهاراتها مما يكون سببا في ارتفاع قيمتها عبر الزمن، وتصبح هذه المهن أحد المكونات المادية المهمة في ثقافة المجتمع، ومصدر دخل للأسرة والمجتمع، إضافة إلى أن هناك عادات تتميز بها المجتمعات، ويتم توارثها جيلا بعد جيل حتى تصبح تقليدًا في المجتمع، مما تصبح أحد أهم المكونات المعنوية التي تميز المجتمع في ذلك الجانب، موضحا أنه من أجل الحفاظ على توارث المهن والعادات فلا بد من توثيق العادات والمهن بوسائل مكتوبة ومرئية ومسموعة لضمان استمراريتها عبر الأجيال، بالإضافة إلى تقديم الدورات في تعليم المهن والعادات، وتمكين أصحاب المهن من الحصول على الدعم المالي والتقني الذي يمكنهم من الانتشار والازدهار، وبقاء المهن والعادات مسؤولية الجميع في المجتمع، وعلينا جميعا أن نفخر ونتفاخر بما أنجزه أجدادنا وآباؤنا خلال حياتهم من خلال تنظيم فعاليات تظهر أهمية المهن والعادات في حياة المجتمع، حتى نجعل توارث المهن والعادات تحدث بشكل تلقائي يساعد في ترسيخ الهُوية والتراث في المجتمع. الحفاظ على الهُوية وقال الدكتور يوسف العطار، استشاري أسري: تعد العادات والحرف التقليدية جزءا أساسيا من هوية الشعوب وثقافاتها، حيث تعكس تاريخها وتراثها الغني، كما يعد توارث هذه العادات والحرف من جيل إلى آخر عنصرا حيويا للحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيز الروابط الاجتماعية، مضيفا أنها تسهم في تعزيز الانتماء والهوية، فعندما يتعلم الأفراد من آبائهم تقاليدهم وممارساتهم، يشعرون بالارتباط بجذورهم الثقافية، مما يعزز الشعور بالفخر والانتماء، هذا الترابط الثقافي يساعد الأجيال الجديدة على فهم تاريخهم وتقاليدهم، موضحا أن المهن التقليدية تعد مصدرًا للرزق، فقد كانت هذه الحرف تُمارَس في الماضي بصفتها مهنًا رئيسية، ولا تزال تمثل قيمة اقتصادية في العديد من الثقافات، ومن خلال تعليم الأبناء هذه الحرف، يمكن الحفاظ على المهارات التقليدية التي تُعد جزءًا من التراث الثقافي، مما يُسهم في دعم الاقتصاد المحلي وتعزيز السياحة الثقافية، كما تعزز التواصل بين الأجيال، حيث تعمل هذه العادات بصفتها وسيلة لتبادل المعرفة والخبرات بين الكبار والصغار، كما أن تبادل القصص والتقاليد يُساعد في إنشاء بيئة تعليمية غنية، حيث يتعلم الأطفال من تجارب آبائهم وأجدادهم. وأشار إلى أن توارث العادات والحرف التقليدية من جيل إلى آخر أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيز الروابط الاجتماعية والاقتصادية، والاستدامة والرفاهية، كما يسهم توارث المهن في سلوك الأفراد بالمجتمع من عدة جوانب، منها تحديد القيم والمبادئ كالاحترام، والكرم، والتعاون، والكرامة، مما يسهم في تعزيز السلوك الإيجابي داخل المجتمع، كما تساعد على تعزيز الهوية والانتماء، حيث تتشكّل الهوية الثقافية، وبالتالي يعزز شعور الأفراد بالانتماء إلى مجتمعهم، ويشعرون بالفخر والارتباط بجذورهم، مما يؤثر على سلوكهم تجاه بعضهم بعضًا، مضيفًا أن توارث المهن يشجع على العمل الجماعي والتعاون بين الأفراد، من خلال المشاركة في الأنشطة التقليدية، مثل الاحتفالات أو المناسبات الاجتماعية، بالإضافة إلى أنها تعد وسيلة لنقل المعرفة والخبرات بين الأجيال، فمن خلال ممارسة هذه العادات يتعلم الأفراد المهارات والخبرات التي تُعد مهمة للحفاظ على التراث الثقافي. واختتم حديثه بالقول: في عصر التكنولوجيا الحديثة، أصبح الحفاظ على المهن التقليدية تحديًا يتطلب جهودًا متكاملة من الأفراد والمجتمعات، وهناك مجموعة من الطرق التي يمكن من خلالها الحفاظ على العادات التقليدية في عصر التكنولوجيا منها التعليم والتوعية، وإدراج مجموعة من المهن التقليدية في المناهج التعليمية يساعد في تعزيز الوعي الثقافي بين الأجيال الجديدة، إلى جانب إقامة مهرجانات واحتفالات تقليدية تعرّف بمثل هذه المهن، ودمج المهن مع أساليب الحياة الحديثة بطريقة مبتكرة، ودعم الحرفيين المحليين من خلال توفير منصات للبيع والتسويق للمنتجات التقليدية. صناعة ماء الورد قال عبدالكريم بن مهنا الصقري، صاحب مصنع لتقطير ماء الورد بالجبل الأخضر: تعد صناعة ماء الورد من أقدم الحرف التقليدية التي ارتبطت بحياة الناس في العديد من الثقافات، ففي المجتمع العماني استخدم الأجداد ماء الورد في استخدامات كثيرة فهو يعد مكونًا أساسيًّا في صناعة الحلوى العمانية، وتم استخدامه في العلاج مثل علاج ارتفاع حرارة الإنسان وفي علاج آلام البطن والصداع وغيرها، واستخدامه في مستحضرات التجميل فهو عنصر أساسي في بعض الخلطات التجميلية التي استخدمتها المرأة العمانية في قديم الزمن، ومع مرور الزمن لم تقتصر هذه الحرفة على فائدتها العملية فحسب بل أصبحت رمزا للتراث الثقافي الذي يجب الحفاظ عليه وتوريثه للأجيال القادمة. وأشار إلى أن العديد من العائلات العمانية في الجبل الأخضر حافظت عبر التاريخ على تقليد تقطير ماء الورد، حيث كان يعد من المهارات التي يورثها الآباء للأبناء، وكانت العائلات تعتمد على هذه الحرفة ليس فقط بصفتها وسيلة لتحضير ماء الورد للاستخدام الشخصي بل أيضا مصدر دخل، موضحا أن عائلته حافظت على هذا الموروث الثمين الذي انتقل من أجدادهم، فحرص آباؤهم على أن يعلمونهم هذه المهنة ليس فقط كعملية تقنية بل نقلوا لنا أيضا الإحساس بأهمية هذه الحرفة التراثية من خلال سرد القصص والتجارب الشخصية حول مزارع الورد وتقنيات التقطير وكيفية مواجهة التحديات في تطوير هذه المهنة، ونحن بدورنا ننقل هذه التجارب لأبنائنا وتدريبهم على المحافظة على هذا الموروث وذلك بالتعليم العملي، فهم يشاركون في قطف الورود في الصباح الباكر ومراقبة خطوات التقطير وشرح الأساسيات مثل كمية الورد المطلوبة ودرجة الحرارة المناسبة ومدة التقطير. وأضاف الصقري: للحفاظ على هذه المهنة نشجع أطفالنا على القيام في الصباح الباكر، حيث يتم قطف الورود وإحضارها إلى المصنع المتعارف باسم «الدهجان» وهو عبارة عن فرن مصنوع من الطين والحجارة وفي الأعلى يتم وضع أوانٍ فخارية تسمى محليا «البرمة»، ويتم وضع الورد فيها ثم نضع فوق الورد إناء صغيرا نحاسيا لتجميع ماء الورد، وتغطية فوهة البرمة بإناء نحاسي وملؤه بالماء ليساعد على تكثيف البخار المتصاعد داخل البرمة ومن خلال التبخير والتكثيف يتم استخلاص ماء الورد، بعدها يُجمع ماء الورد في أوانٍ فخارية ويُترك فترة ليبرد تقريبا ليوم واحد، وبعدها يتم استخراج الطبقة العلوية وتسمى عرق الورد ثم يتم وضع ماء الورد في أوان فخارية لحفظها وهذه الأواني تسمى «الخرس» وتكون جاهزة للاستخدام بعد مرور شهر ونصف الشهر تقريبا من حفظها في الخرس، وبهذه الخطوات المهمة يتم تعليم أطفالنا سر المهنة وحفظها وممارستها في موسم تقطير ماء الورد. وتابع الصقري حديثه بقوله: هنالك العديد من التحديات التي تواجهنا من أجل ترسيخ المهنة والحفاظ عليها عبر الأزمان من بينها قلة وفرة الأدوات التراثية اللازمة لتصنيع ماء الورد وحفظه مثل الأواني الفخارية المناسبة فهي تحتاج لصناعة خاصة وتربة خاصة ومقاييس دقيقة، وعدم توفر مساحة مناسبة لتطوير مصنع ماء الورد؛ فهناك العديد من الأفكار التي تساعد على تطوير هذه الحرفة والتعريف بها خصوصا مع الحركة السياحية التي تشهدها الولاية فنحتاج إلى طرق جديدة للتعريف بهذه الحرفة ووسائل تقنية، ومعرض لعمل عرض تقني مع المعروضات التراثية لهذه الحرفة، بالإضافة إلى نقص الدعم المؤسسي والتسويقي، حيث نواجه صعوبة في تسويق المنتج التقليدي، فالترويج لماء الورد الطبيعي يتطلب توعية مجتمعية بأهميته وجودته مقارنة بالمنتجات المقلدة، كما أن الحرفيين بحاجة إلى دعم حكومي ومؤسسي لضمان استمرارية هذه الحرفة وترويج منتجاتها في الأسواق المحلية والعالمية من أجل بقائها للأجيال القادمة. صناعة الذهب والحلوى فيما استعرض عبدالرحمن الصائغ، صاحب محلات أولاد آدم للذهب والمجوهرات بداية صناعة الذهب في عائلتهم قائلا: بدأ مشوار عائلة أولاد آدم الصائغ منذ 1850م، حيث بدأت سلسلة الصياغة في مسقط مع الحاج عبدالله بن حارب الصائغ بسكة الصفافير جنب مسجد الزواوي -داخل سور مسقط- عند الباب الصغير، ويقع مسجد الزواوي حاليا على نفس الموقع الذي بدأ به الصياغة الحاج عبدالله بن حارب الصائغ، وقد ساهم أفراد عائلة عبدالله بن حارب الصائغ في انتشار التراث العماني في ربوع سلطنة عمان، ثم تناوب على هذه المهنة أبناؤه الحاج يعقوب بن عبدالله الصائغ، الذي كتب المصحف الشريف بخط يده مع ابنه إسحاق وما زالت العائلة تحتفظ بهذه النسخة الأصلية، تم أيضا بناء مسجد صغير في قلب العاصمة مسقط مقابل الباب الصغير في بداية القرن العشرين وأعيد بناء هذا المسجد من قبل الحاج علي بن موسى الرئيسي في سنة 1908م، مشيرا إلى أن الحاج إسماعيل بن يعقوب الصائغ كان ماهرًا في صياغة النقوش العمانية التقليدية، وكان يصنع الأدوات المهنية بنفسه، وأقام محل صياغة الذهب والفضة في بركاء في عام 1920م، وقد طلبت حكومة زنجبار من الحاج إسماعيل زيارة زنجبار لصياغة الذهب والفضة الخاصة بالقصر السلطاني في عام 1925م، وتوارث مهنة الصياغة أبناؤه وأحفاد الحاج يعقوب ومنهم آدم بن إسحاق بن يعقوب الصائغ الذي ولد عام 1910م، وترعرع في أزقة مسقط القديمة ومارس مهنة الأجداد وكان ماهرًا فيها، حيث كان يطلبه السيد شهاب بن فيصل آل سعيد -رحمه الله- لقصر العلم بمسقط لصناعة بعض الهدايا الخاصة والأوسمة للدولة وكذلك ميجر ليزلي تشانسي «القنصل البريطاني» وكانت تربطه علاقة قوية معه، وتمت صياغة أكثر من ألف قطعة للقصر في عهد السلطان سعيد بن تيمور. وأضاف: توسع الأبناء محمد وعبدالحميد هذه المهنة بفتح فروع في أنحاء سلطنة عمان، كذلك تمت التجارة بالأحجار الكريمة وسبائك البلاتينيوم وتم إنشاء حلقة خاصة لحفظ هذه المهنة في العائلة، وحاليًّا يمارس هذه المهنة أبناء محمد وعبدالحميد أبناء آدم الصائغ ويكملون مشوار تجارة الذهب وتعليم أبنائهم وأحفادهم إدارة محلات الذهب وصناعته. وقال عماد الصابري، صاحب محل الديوانية للحلوى العمانية: إن صناعة الحلوى في عائلتهم بدأت عام ١٩٧٧م، موضحا أن الجودة والتفرغ من العوامل المهمة التي ساهمت في انتقال المهنة من جيل لآخر، وتتم الاستعانة بخبرات الآباء للإشراف على جودة الحلوى المقدمة للمستهلك، كما يدرس الأبناء معظم الأساسيات لصناعتها والاحتفاظ بجودة المنتج. المهن التقليدية جزء لا يتجزأ من الهُوية الثقافية والتاريخية لسلطنة عُمان، تمثّل تراث الأجداد وتجسد المهارات التي انتقلت عبر الأجيال، في عصر يتّسم بالتغيّرات السريعة، تبرز أهمية هذه المهن بصفتها وسيلة للحفاظ على الموروثات الثقافية وتعزيز الهوية الوطنية، إضافة إلى ذلك، تشكّل هذه المهن مصدر دخل للشباب العماني، مما يسهم في توفير فرص عمل وتحفيز الاقتصاد المحلي. وأوضح مهنيون ومختصون لـ«$» أن انتقال المهن من جيل لآخر يضمن بقاءها والحفاظ عليها من الاندثار والفناء، وأشاروا إلى ضرورة حفظها وصونها عن طريق توثيق العادات والمهن بوسائل مكتوبة ومرئية ومسموعة من أجل وصولها لأجيال أخرى. |