لفتني منذ أيام قليلة، وخلال متابعتي لصفحات الأخبار على منصات التواصل الاجتماعي، مقطع لرئيسة تحرير شبكة "روسيا اليوم" RT مارغريتا سيمونيان، تجيب على سؤال لمراسل BBC والذي شكك في نزاهة الانتخابات الرئاسية الروسية التي جرت في الشهر الماضي، والتي فاز بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث كان سؤال المراسل حول جدية المنافسين في هذه الانتخابات، وكان رد سيمونيان شافي ووافي ومختصر "لماذا تعتقدون دائما أن أسلوب حياتكم أفضل من أسلوب حياتنا ؟! لماذا يجب أن نفعل كما تفعلون أنتم؟! نحن ببساطة لسنا أنتم" وجوابها غير متوقع للمراسل وربما للمتابع أيضا.
"لسنا أنتم" قالتها بقوة وجرأة، قالتها بصوت ملايين البشر الذين لا يعيشون في أوروبا وأمريكا، قالتها وكأنها أخرجت ما في الأفئدة تجاه من يحاول أن يملي رغباته وقوانينه، قالتها في وجه من يحاول إلصاق التهم في من لا يتماشى مع توجهاته أو حتى لا يعجبه ! هم مجموعة من البشر صاغوا قوانين معينة لخدمتهم، رغم أنها قوانين هشة يمكن تفنيدها ببساطة ويمكن فضحه ازدواجيتها في أول موقف أو قضية، والشواهد كثيرة جداً لا يتسع المجال لذكرها الآن ولعل أهمها في الساحة هو ما يحدث اليوم في غزة، من مجازر بحق المدنيين، وانتهاكات بالجملة للقوانين والأعراف الدولية، وكان آخرها استهداف بعثة المطبخ المركزي العالمي في غزة، وهي منظمة خيرية غير ربحية جل همها توزيع المساعدات الغذائية على المنكوبين حول العالم.
"لسنا أنتم"، عبارة مختصرة توصف الاختلاف الطبيعي بين البشر، فمن يعيش في قرية يوماي الصينية لا يمكن أن يكون في أي حال من الأحوال كمن يعيش في نيوهامشير أو ماساتشوستس، ولا يمكن استنساخ القوانين في هاتين الولايتين الأمريكيتين وتطبيقها على القرية الصينية، فطبيعة البشر تختلف، وكذلك التضاريس الجغرافية وطبيعة المناخ والعادات والتقاليد والأديان والأعراق. التنوع طبيعي جدا ومفهوم في كل بقاع الأرض، إلا أن السياسة الغربية لا تود فهم هذا الاختلاف، تعيش في وهم أنها دائما على صواب وباقي الكرة الأرضية بحاجة إلى نجدتها من الضياع.
لا أكره الغرب ولا يمكننني نكران إنجازاتهم، إلا أنني أكره الغطرسة والنرجسية والنفاق والازدواجية الواضحة للعيان في سياستهم. حتى في القضايا البيئة، نجد هجومهم الشرس على الدول النفطية بينما لا تزال بعض دولهم تستخدم الفحم لتوليد الطاقة ! وذلك لسبب بسيط وهو أن أغلب الدول النفطية ليست غربية (باستثناء الولايات المتحدة والتي تعتبر من المتضررين من السياسة النفطية). وفي هذا السياق أيضا أتذكر الكلمة الجريئة لرئيس غيانا محمد عرفان في رده على سؤال مذيع BBC حول العلاقة الطردية بين استخراج النفط والغاز من أرض غيانا وبين ارتفاع نسبة الانبعاثات الكربونية والتلوث، هنا تغير أسلوب الرئيس عرفان وقالها بصراحة "أنتم دمرتم البيئة بسبب ثوراتكم الصناعية والآن تحاضرني عن التغير المناخي ؟!".
ربما الدول الغربية بحاجة إلى صراحة رئيس غيانا ومارغريتا سيمونيان، ليستوعبوا الواقع الحالي، الصراحة التي توقظهم من الوهم الذي عاشوه طوال السنين الماضية، فليست تصنيفاتهم للعالم كدول عالم أول وثاني وثالث صحيحة، ولا باقي العالم بحاجة لأن يكون مثلهم.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
أحمد الخير: نسعى لتأمين التوافق وهذا ما نريده من الرئيس المقبل
أكد عضو تكتل "الاعتدال الوطني" النائب أحمد الخير أن "التكتل يعمل تحت سقف معادلة وطنية واضحة عنوانها تأمين التوافق على مرشح رئاسي يتمتع بالمواصفات المطلوبة للمرحلة المقبلة".
وعدد الخير هذه المواصفات"، وقال: "على الرئيس المقبل أن يكون ملتزما أجندة لبنانية خالصة، وحكما بين اللبنانيين، وصادقا في قسمه لتطبيق دستور الطائف، وملتزما الآليات الدستورية في تشكيل الحكومات، والعمل معها كسلطة تنفيذية تحت سقف دستور الطائف، وما تفرضه المصلحة الوطنية من تكامل وتعاون بين رئيسي الجمهورية والحكومة، وأن يحظى أيضا بثقة المجتمعين العربي والدولي التي نحن في أمس الحاجة إليها، وأن يؤمن التزام لبنان تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار والقرار الدولي 1701 كاملا، وأن يكون ضنينا بانتماء لبنان العربي وبأفضل العلاقات مع أشقائنا العرب الذين لم يتخلوا عن لبنان، رغم كل الأذى الذي لحق بهم من بعض الجهات اللبنانية، وقادرا على فتح صفحة جديدة في العلاقات اللبنانية – السورية تطوي الصفحات السوداء التي تسبب بها نظام الأسد البائد، إضافة إلى قدرته على وضع لبنان مع الحكومة المنوي تشكيلها على سكة التعافي الاقتصادي، والعمل على ورشة الاعمار، وتنفيذ ورشة الإصلاح المطلوبة لاخراجنا من جهنم التي أوصلنا إليها العهد الرئاسي السابق".
وقال ردا على سؤال عن تقدم خيار قائد الجيش العماد جوزاف عون في الملف الرئاسي: "إن خيار التوافق على العماد جوزاف عون هو اليوم الخيار المتقدم، فهو يتمتع بمواصفات المرحلة المقبلة، وعلى قدر تحدياتها، لكن الأمور حتى اللحظة رهن التطورات في المقبل من الأيام التي تفصلنا عن جلسة الانتخاب".
وردا على سؤال عما إذا كانت هناك مخاوف شمالية من التطورات السورية، قال الخير: "إن المخاوف في الشمال كانت موجودة أيام وجود النظام السوري الساقط، والذي ارتكب الفظائع في بلده وبلدنا، وبحق شعبه وشعبنا، وتحديدا في طرابلس منطقة الشمال. أما اليوم، ومع سقوط هذا النظام المجرم، فسقطت معه كل المخاوف، والناس في طبيعة الحال متفائلون بالخير، وكلها أمل بمرحلة جديدة من العلاقة بين لبنان وسوريا من دولة طبيعية الى دولة طبيعية، في ظل ما تشهده سوريا من مرحلة انتقالية وخطاب مدني ووعي وطني كبير لمواجهة كل التحديات، وتعبيد الطريق أمام انتقال حضاري للسلطة وقيام دولة جديدة نفتح معها، كما كل العرب والعالم، صفحات جديدة تطوي كل الصفحات السوداء التي عشناها مع نظام الأسد البائد".