قال الدكتور أسامة قيس الدريعي الرئيس التنفيذي لشركة بيت المشورة للاستشارات المالية إنه لا يمكننا أن نطلق على العملات الرقمية عموما أنها محرمة، بهذه الطريقة قد نحجم واسعا، بدليل أن كثيرا من دول العالم تسمح بها وتتعامل معها، ولكن الأزمة في موضوع العملة الرقمية أنها ليس لها ضامن، وليس لها جهة مصدرة نستطيع التحاكم إليها، وهذا الخوف الرئيسي لكل البنوك المركزية العربية والإسلامية.

وأثار الدكتور أسامة في حواره مع الجزيرة نت تساؤلات حول مصدر وغطاء مالي للعملات الرقمية في حال فقدانها، ومن يقوم بضمانها، ولم تقم العملات الرقمية بالإجابة على هذه الأسئلة حتى الآن. وفي حال توفير إجابات عن هذه الاستفسارات، ستكون العملات الرقمية مقبولة في جميع البنوك الإسلامية.

وأشار إلى أنه في حال وجود مؤسسة أو كيان معتمد يقوم بضمان العملات الرقمية، فإن التعامل معها لن يكون مضرًا، فالعملات، سواء كانت عادية أو مشفرة، ليست مشكلة في النصوص الشرعية، وليست جوهرًا في الحرمة. بل الحرمة تتعلق بوجود غطاء مالي ومضمون، حيث تصدر الدولة العملة مدعومة بغطاء من الذهب، وهذا ما يفتقده العملات الرقمية المشفرة.

وعن الفرق بين البطاقات الائتمانية في البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية قال الرئيس التنفيذي لشركة بيت المشورة إن البطاقة الائتمانية في البنوك التقليدية تعتمد على “الربا”، بمعنى أن المال الذي تأخذه من هذه البطاقة هو قرض ولا بد له من فوائد والفائدة حرام، أما في البنوك الإسلامية فهي بعيدة عن “الربا”، ويتم التعامل من خلالها بعقود المرابحات وبالإجارة والقرض الحسن، وكل هذه العقود الشرعية التي تطبق في البنوك الإسلامية نحن نتعامل بها كل يوم ولكن دون أن نشعر.

وأشار أنه ووفق دراسات أجريناها وجدنا أن كل فرد منا يتعامل ما بين 3 و5 عقود شرعية يوميا لكنه لا يشعر بهذه العقود ولا كيفية تطبيقها، ومثال على ذلك “الشراء من البقالة”.. لو سألنا أنفسنا ما نوع العقد الذي بيننا وما بين صاحب البقالة؟ وكذلك محطة البترول والخياط وغيرهم.. هذه العقود البسيطة هي نفسها العقود المركبة المعقدة في البنوك الإسلامية، ولا تختلف إطلاقا، المختلف فقط هو الإجراء، فإذا فهمنا العقود التي نقيمها يوميا سيسهل علينا فهم تعاملات البنوك الإسلامية ومنظومتها.

وشبّه الدكتور أسامة البنوك الإسلامية في العالم بـ”تاجر” في سوق مالي ضخم وسط تجار آخرين عمالقة (البنوك التقليدية)، وهذا التاجر يتعامل وفق ضوابطه وضوابط الآخرين في الوقت ذاته، لكن دون أن يتنازل عن أي من أصول شريعته المالية الإسلامية.

وأكد الدريعي أن منظومة التمويل الإسلامي استطاعت الحفاظ على بنيتها وكيانها من السقوط والتعثر خلال الأزمات المالية العالمية لأنها محمية بقوة “الضوابط الشرعية”، وهي القوة التي حمت المنظومة المالية الإسلامية من الانهيار خلال أزمة “بيع الرهون” أو الديون في العام 2008، فمنظومة التمويل الإسلامي لا تدخل في عالم “بيع الديون” لأنها حرام.

بالنسبة للاتهامات التي توجه للإسلام بأن نظرته للمال تعتبر تقييدية مقارنة بالأفكار الليبرالية والعلمانية التي تؤمن بمطلقية حرية التصرف في المال، أوضح الدريعي أن الشريعة الإسلامية قد حددت “معايير” محددة للتعامل مع المال. ففي الحياة، لا يوجد شيء بدون ضوابط تنظمه وتحكمه، وإلا فإن الأمور ستصبح “فاشلة وغير فاعلة”. يُمكن أن نرى ذلك من خلال مثال بسيط، عندما تقود السيارة في الطريق، فإنك تواجه إشارات مرورية وعوائق مطبية وتوجيهات للطريق، وهذه المعايير ضرورية للقيادة الآمنة. وبناءً على ذلك، فإن المال لا يمكن أن يكون مجرد مسألة غير منظمة يتعامل معها الناس بطريقة عشوائية.

وأضاف: وضع الشرع ضوابط محددة التعامل مع المال، وأمرنا بالانتباه لها في تعاملاتنا المالية، وأما ما تبقى من قضايا، فنأخذ ما شئنا ونتعامل كما نشاء وفق الضوابط، وهذا هو المعيار الشرعي الذي وضع معايير معينة للتعاملات المالية، وقال للمسلم قس عليها كل معاملاتك المالية، فإذا توافقت مع هذه المعايير افعل ما شئت، وإذا اختلفت فيجب قياسها بمعايير وضوابط أخرى، تُخرج لنا منظومة مختلفة من خلال ما تسمى بالهندسة المالية.

وأكد أن الهندسة المالية هي التي تعطي نظرة ثاقبة لتعاملات معينة، يخرج منها منتج مالي جديد قد لا يكون في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، على سبيل المثال “البطاقات الائتمانية”، وهي جانب من جوانب التكنولوجيا، لم تكن موجودة في عصر النبوة والصحابة.. فكيف كُيّفت هذه البطاقات الائتمانية؟ كيفت من خلال المعايير والضوابط التي وضعها الفقهاء، فنحن اليوم لا نحمل مالا، ولا نتعامل بالمال، وإنما نتعامل مع ما يسمى بـ”الديجتال ماني”، التي أعملت فيها المعايير الشرعية المنضبطة، وطبقت تطبيقا عمليا يسهل حياة الناس.

الشرق القطرية

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی البنوک الإسلامیة العملات الرقمیة من خلال

إقرأ أيضاً:

الرقابة المالية: التكامل بين البورصات العربية من شأنه تعزيز الوزن النسبي في المؤشرات الدولية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ألقى الدكتور محمد فريد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، الكلمة الافتتاحية في فعاليات مؤتمر "بورتفوليو ايجيبت" السابع تحت عنوان "البورصات العربية .. تنافس أم تكامل؟"، بحضور الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بتمويل خطة عام 2030 للتنمية المستدامة، وأحمد كجوك وزير المالية، وأحمد الشيخ رئيس البورصة المصرية، ورامي الدكاني الأمين العام لاتحاد أسواق المال العربية.

حيث أكد الدكتور محمد فريد، أن البورصات تقوم بدور محوري في تعبئة المدخرات بما يعزز من مستويات الادخار القومي مع تخصيصها بالكفاءة المطلوبة بتوجيهها للمشروعات الاستثمارية بالقطاعات الاقتصادية والإنتاجية المختلفة الأمر الذي يسهم في زيادة مستويات التوظيف والتشغيل، مؤكداً أن أسواق رأس المال بما تمتلكه من تقنيات تكنولوجية متقدمة وتشريعات مرنة ومتطورة قادرة على دعم جهود الحكومات في تحقيق مستهدفات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

أشار رئيس الرقابة المالية في هذا الصدد إلى أن النجاح المنفرد أمر شديد الصعوبة في ظل التوترات والاضطرابات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة حالياً، مؤكداً على أهمية التكامل أكثر من أي وقت مضى لتحقيق ما نصبو إليه لمجتمعاتنا العربية وتشكيل مستقبل ينفع الجميع.

تابع الدكتور فريد، أن التكامل بين البورصات العربية من شأنه تعزيز الوزن النسبي في المؤشرات الدولية، قبلة صناديق الاستثمار العالمية في توجيه وتخصيص رؤوس أموالهم للاستثمار، وهذا أمر يتطلب النظر جيداً إلى كافة الأطر التشريعية والقواعد التنفيذية الحاكمة للقيد والتداول والطرح بأسواق المال العربية بما يعزز من مستويات التجارة البينية في الأوراق المالية بين بلدان منطقتنا العربية.

تابع رئيس الهيئة، قد يكون من الملائم حالياً الحوار بشأن توحيد الأطر التشريعية والتنظيمية والتنفيذية الخاصة بأسواق الكربون لتعزيز تأثيرها وتجاوز صعوبات فاعليتها، مؤكداً أن الهيئة تعمل على تنفيذ أجندة إصلاحات تتضمن سياسات تعزز من دور البورصات في تحقيق مستهدفات التنمية المستدامة باستخدام التكنولوجيا المالية وأدوات الذكاء الاصطناعي، مؤكداً أن تطوير أدوات وحلول تمويل مبتكرة تزيد مساهمة البورصات في النمو الاقتصادي وكذلك تعزيز مستويات الادخار اللازم للاستثمار كمطلب أساسي للتشغيل والتوظيف.

قال الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إننا بحاجة إلى رؤية واضحة وموحدة بين البورصات العربية لمواجهة التحديات الحالية، لزيادة فرص منافستها عالمياً في ظل التوترات الجيوسياسية التي تطرأ على المنطقة، مضيفاً أن البورصات يمكن أن تعكس صورة للاقتصاد وأن تكون مرآة حقيقة له، بشرط تمثيل الشركات الموجودة بكل القطاعات الاقتصادية بالقدر الكافي ضمن الشركات المقيدة لديها.

أجاب الدكتور فريد خلال كلمته، على التساؤل الذي طرحه عنوان المؤتمر، بأن هناك تكامل غير مقصود وتنافس مقصود بين البورصات العربية في الوقت الحالي، موضحاً أن التكامل غير المقصود يأتي من محاولة كل سوق أن يطور نفسه بشكل دوري في محاولة لزيادة حجم السوق بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، أشار إلى أن التكامل غير المقصود يشمل أيضاً عمل البورصات الدائم على جذب مستثمرين ومتعاملين جدد يبحثون بدورهم على فرص استثمارية في أسواق إقليمية أخري قد تكون مجاورة للسوق المحلي الذي بدأ المستثمر تعاملاته به، خاصة ما إذا كانت الفرص الاستثمارية جاذبة بشكل أكبر.

أوضح الدكتور فريد، أن التنافس المقصود بين البورصات العربية أمر محمود وهو أمر واقع تسعى إليه بشكل طبيعي، وذلك عن طريق تشجيع عدد أكبر من الشركات على القيد في البورصات من خلال محفزات مختلفة أبرزها تخفيض التكاليف الخاصة بذلك.

أضاف رئيس الرقابة المالية، أن أهم أساليب التكامل والربط بين البورصات هو تأسيس سوق مشترك للبورصات العربية، والذي بدأت محاولات العمل عليه منذ عام 2004، بقيادة رئيس اتحاد البورصات العربية ورئيس اتحاد هيئات أسواق المال العربية، حينها الدكتور صعفق الركيبي، موضحاً صعوبة تنفيذ هذه الفكرة منذ وقتها حتى الآن، حيث يتطلب هذا النوع من المنصات توحيد وتنسيق واسع النطاق للتشريعات والقواعد والأنظمة المنظمة لعمليات تداول الأوراق المالية.  

أكد أنه وفي الوقت نفسه مازال هناك فرص حالياً لبدايات تعاون عربي مشترك قد تنتج في النهاية سوق مشترك للبورصات العربية، موضحاً أن التكامل قد يكون في صورة قواعد محددة وأنظمة تكنولوجية مساندة لأنظمة التداول الموجودة بالبورصات العربية، وهو أمر لا يوجد ما يمنعه حالياً.

لفت إلى أن عمليات التداول التي تتم من خلال منصة مركزية تهيئ فرص التعامل بصورة جماعية في الأوراق المالية للشركات المقيدة في بورصات البلدان المتكاملة، وتتفق البورصات المشاركة في هذه المنصة على شروط الإدراج وتحدد الإجراءات المنظمة لعمليات التداول وشروط عضوية الوسطاء.

أضاف أن مجال أسواق الكربون يمثل فرصة للتعاون بين البورصات العربية في الوقت الحالي، نظراً للمتطلبات العالمية التي تتجه لتخفيض الانبعاثات الكربونية من كافة الشركات، وتحديداً بعد أن أطلقت مصر أول سوق كربون طوعي منظم ومراقب من جهات الرقابة على أسواق المال في مصر وأفريقيا في شهر أغسطس الماضي.

كما حضر الدكتور محمد فريد، رئيس الرقابة المالية، اجتماعاً مع رؤساء البورصات العربية المشاركين في المؤتمر وذلك لمناقشة فرص التعاون المشترك، وهم كل من عبدالله النعيمي، الرئيس التنفيذي لمجموعة سوق أبوظبي للأوراق المالية، وعبدالعزيز العمادي، رئيس اتحاد أسواق المال العربية والرئيس التنفيذي بالوكالة لبورصة قطر، ومازن الوظائفي، الرئيس التنفيذي لبورصة عمان – الأردن، وأحمد الشيخ، رئيس البورصة المصرية، ورامي الدكاني، الأمين العام لاتحاد أسواق المال العربية، بحضور الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بتمويل خطة عام 2030 للتنمية المستدامة.

مقالات مشابهة

  • كبير العلماء بالأزهر يجيب: هل الربح من "التيك توك" حلال؟
  • كيف يمكن تداول عقود فروقات تداول العملات الرقمية؟
  • أسعار العملات اليوم الثلاثاء 1-10-2024 في البنوك.. كم تبلغ الآن
  • تراجع أسعار العملات العربية والاجنبية أمام الجنيه بختام تعاملات اليوم 30-9-2024 بجميع البنوك الحكومية والخاصة
  • الرقابة المالية: نعمل على تنفيذ أجندة إصلاحات لتعزيز دور البورصات في تحقيق مستهدفات التنمية
  • الرقابة المالية: التكامل بين البورصات العربية من شأنه تعزيز الوزن النسبي في المؤشرات الدولية
  • الجزائر غاضبة من تصريحات مسؤول مالي في الأمم المتحدة وتطلب اعتذارا
  • سعر الريال العماني في البنوك اليوم الأحد 29-9-2024
  • 12.88 جنيها.. سعر الريال السعودي في البنوك اليوم الأحد 2024-09-29 " آخر تحديث "
  • متوسط أسعار العملات في مصر أول تعاملات الأسبوع بجميع البنوك وسط تقلبات السوق