عبد الرحمن الحرمي: الأمة تحتاج زيادة بدائرة اليقين وثبات المال مرتبط بالشكر
تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT
قال الداعية الإسلامي الدكتور عبد الرحمن الحرمي، إن ما نحتاجه دائما هو اليقين بأن الله هو الرزاق، وتكفل بخلق الأرزاق وخلق المرزوقين وتكفل بتقسيمها وإيصالها، مضيفا أنه ما نقص مال من صدقة، وكل واحد تحت ظل صدقته.
وأوضح الحرمي -في الحلقة الـ26 من "برنامج الشريعة والحياة في رمضان"- أن النبي محمدا ﷺ يعرف النفس الأمارة بالسوء، مؤكدا أن الأمة تحتاج زيادة في دائرة اليقين بأن ما عند الله لا يؤتى إلا بطاعته "فأرزاق الله مكتوبة ومحسومة" مستدلا بآية "وفي السماء رزقكم وما توعدون".
وأكد أن رمضان شهر عظيم يكشف النفس التي يصعب عليها القيام والصوم، إذ يأتي ليفضحها ويرغمها على الطاعات، مبينا أن رسالة الإسلام رسخت مكارم الأخلاق ومنها البذل والعطاء والسخاء التي كان يتصف بها العربي.
ونبه إلى ضرورة المبادرة بإخراج الصدقة فورا في حال النية "وإلا سيأتي إبليس بجنود التسويف والتأجيل"، مضيفا أن المال عزيز على النفس ولا يأتي بشكل سهل.
ويؤكد أنه عندما يعطي الغني المال للفقير فإنه بذلك يزيل الحسد والغل من قلوب الفقراء، ويحظى بدعاء بالسعادة وراحة البال، كاشفا أن أول أمنية من أمنيات الدار الآخرة هي الإنفاق.
صور الإنفاق
وأكد الحرمي أن هوان الدنيا يسهل على المرء في العطاء، مبينا أن صور الإنفاق والبذل لا حصر لها "فالصدقة دليل وبرهان على الإيمان"، وأضاف "المؤمن لا يخاف من الصدقة إذا كان يؤمن بما عند الله، والله أكرم مما تظن فإذا أعطاك أغناك، وإذا أغناك أدهشك وأكرمك".
وبذل الوقت والجهد والعلم والمعرفة دون الخشية أن ينافسه آخرون من صور الإنفاق -وفق الحرمي-، "فالشحيح أيضا بالكلمة كمن رأى إنجازا أمامه وخجل أن يمدحه"، مؤكدا أنه يمكن الوصول إلى الله عز وجل ودار كرامته من خلال خادمك، أو موظف بسيط تعرض لظلم، أو فك دين.
وحول انحسار دور الوقف في المجتمعات المسلمة، قال الحرمي، إن الإنسان إذا علم فوائد الشيء أحبه فإذا أحبه أبدع فيه، مؤكدا أن الصحابة علموا في مسألة الوقف فائدة كبيرة، "وهي أن سفر الآخرة طويل ويحتاج إلى زاد طويل والعمر لا يفي بذلك".
وشدد على أهمية كفالة اليتيم، معتبرا الكريم "قريبا من الناس والجنة وبعيدا عن النار"، كما أكد أن ثبات المال وزيادته مرتبط بالشكر "فالزيادة تعني ضمنا حفظ النعمة".
إشكاليات اليوموحول إشكاليات اليوم، أشار الداعية الإسلامي، إلى أن من يعيش في عالم الغنى أصبح لديه ثقافة "الكماليات ضروريات" إذ بات غير قادر على تلبية احتياجاته التي يعتقد أنها ضرورية، ولهذا أصبح لديه خلل في نمط تفكيره وبات حائلا أمام البذل والعطاء.
وأضاف أن الإنسان عندما يبحث عن العلامات التجارية يدخل في دائرة الديون، مبينا أن شريحة الوسط بدأت تقلد الأغنياء، "لذلك أصبح هم الناس اليوم ماذا يأكلون ويشربون وأين يسافرون".
وبين أن الإشكالية في الوقت الحالي تكمن في أن الغني بشحه أصبح ينفق كإنفاق الفقير، في حين انسحب الأخير من الساحة، مشددا على أن الفقير يتوجب عليه أن يعطي ما يستطيع ولو شيئا قليلا فيما يجب على الغني أن يبذل ماله ليس كغيره.
غزة وطوفان الأقصى
وفيما يخص العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أكد الداعية الإسلامي، أن هناك جيلا قادما على "طوفان الأقصى" أضاف للأمة مفاهيم وأوقف أخرى كانت تتسرب إليها، مشيدا بتبني أطفال الإسلام قيم المقاطعة.
وحول معاناة الغزيين، قال الحرمي، "عار على أمة المليار أن يروا ويشاهدوا أطفال غزة ونساءها ورجالها وكأننا ننتظر أن يركعوا"، قبل أن يستدرك بالقول إن "أهل غزة يركعون مرة واحدة لله عز وجل في صلواتهم"، مطالبا المسلمين بمواصلة مشاهدة جرائم الاحتلال في غزة حتى لا ينسوا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات
إقرأ أيضاً:
تشييع يخلده التاريخ: تجديد العهد والتزام نهج التضحية
محمد عبدالمؤمن الشامي
في يوم من أيام المجد والشرف، احتشدت الأمة في وداع شهداء الوطن، الأمينين العامين لحزب الله، السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين. هذه اللحظات الخالدة تبرز شجاعة ورؤية قادة عظماء شكلوا تاريخ الأمة بإيمانهم وتضحياتهم.
عندما بدأ التشييع، تلاشى الحزن أمام العزيمة والإرادة القوية التي جسّدها القائدان. لم يكن هذا اليوم مُجَـرّد وداع، بل تأكيدًا على أن الأبطال الحقيقيين يخلدهم التاريخ، وأن الإرث الذي تركوه سيظل نبراسًا للأجيال القادمة.
كان هذا التشييع استثنائيًّا بكل المقاييس، حَيثُ اجتمعت الحشود من مختلف الأقطار لتوديع القائدين. لم يكن هذا الحدث مُجَـرّد جنازة عادية، بل كان بمثابة ملحمة وطنية تعبر عن حجم الحب والاحترام الذي حظي به السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين.
السيد حسن نصر الله، الذي قاد الأمة نحو العزة والكرامة، لم يكن مُجَـرّد زعيم، بل كان رمزًا للمقاومة والإصرار. كان صوته يهز عروش الظالمين، ويمنح المستضعفين أملًا في نصر قادم. واليوم، حين يودعه الأحرار، فَــإنَّهم لا يبكون قائدًا فحسب، بل يبكون ابنًا لكل بيت، وأخًا لكل مقاوم، وأبًا لكل من سار على طريق العزة.
أما السيد هاشم صفي الدين، فقد كان شريكًا في هذه المسيرة البطولية، حمل همّ الأمة على كتفيه، وساهم في بناء قوة لا تُقهر. فقده لم يكن خسارة لفرد، بل كان خسارة للأمة بأسرها. إن روحه ستظل حية تلهم الأجيال القادمة، وتضيء طريق السائرين على درب المقاومة.
هذا التشييع المهيب لم يكن مُجَـرّد حدث محلي، بل حضره وفود من مختلف أقطار العالم، جاءت لتقدم واجب العزاء وتعبر عن تضامنها مع الأمة في مصابها الجلل. وكان هذا الحضور رسالة قوية للأحرار في جميع أنحاء العالم تؤكد بقائهم على العهد مع محور المقاومة ضد قوى الطغيان والاستكبار العالمي، وتؤكد التزامهم نهج وطريق التضحية الذي جسده الشهيدين العظيمين على طريق القدس. هذا الحضور هو تأكيدٌ على أن العهد مُستمرّ والنهج باقي.
دموع الأحرار في هذا اليوم ليست دموع ضعف، بل هي دموع الوفاء والعهد بأن المقاومة لن تتوقف، وأن الراية التي حملها هؤلاء القادة ستظل مرفوعة، وأن نهجهم سيبقى حيًّا في القلوب.
رحل الجسد، ولكن الروح باقية، والصوت الذي دوّى في ساحات العزة لن يُمحى من ذاكرة الأحرار. سيرتهم ستظل منارة يهتدي بها المقاومون، وستبقى دماؤهم وقودًا يُشعل جذوة النضال حتى تتحقّق الأماني التي أفنوا حياتهم من أجلها. إن هذا اليوم ليس مُجَـرّد وداع لرموزٍ خالدة، بل هو تجديد لعهدٍ لا يُنكث، وإحياء لمسيرةٍ لا تنطفئ، وتأصيل لنهجٍ صنع من الضعف قوة، ومن الألم صمودًا.
سلامٌ على الأرواح الطاهرة، وسلامٌ على من كانوا رمزًا للشرف والصمود. إن نصر الله وصفي الدين ليسا مُجَـرّد اسمين يُذكران، بل هما قضيةٌ باقية، ومسيرةٌ لا تتوقف، وعهدٌ لا يُنكث. وإنّا على العهد.