إسرائيل تترقب وإيران تنضج ردها على نار هادئة
تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT
لم تكد تمر دقائق على العدوان الصهيوني على مقر القنصلية الإيرانية في دمشق «يوم الاثنين، في الأول من أبريل»، وأسفر عن استشهاد 13 شخصا من بينهم سبعة من قادة الحرس الثوري، حتى سيطرت على وسائل الإعلام، وسائط التواصل الاجتماعي، وألسنة الناس أسئلة بعينها: هل ترد إيران؟ متى سترد إيران؟ كيف سترد إيران؟
وفي كثير من الأحيان، لم تخل الأسئلة من التهكم، بصريح العبارات، أو بالتلميحات، حتى جاء بيان المرشد الإيراني علي خامنئي التي قال فيه: «سيعاقب رجالنا الشجعان النظام الصهيوني، سنجعله يندم على هذه الجريمة وغيرها»، ثم تصريح الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وقال فيه: «هذه الجريمة الجبانة لن تبقى من دون رد قطع».
التعليقان، وعلى الأخص تعليق خامنئي، أخذ كثيرين إلى حسابات أخرى، وحبس أنفاس معظم المراقبين في العالم، فالعدوان أكثر من كونه عدوانا على مقر دبلوماسي، وأقسى من نتائجه التي أودت بحياة هذا العدد الكبير من القادة، فهو استهداف للكبرياء وللكرامة الإيرانية، ونتيجته الختامية، لن تخرج عن أمرين اثنين، إما أن ترد طهران بقسوة تثبت وتؤكد «خطورة اللعب مع إيران»، وإما، فإن سمعة الجمهورية الإسلامية ستكون على محك ينخر هيبتها إلى أجل غير معلوم.
العدو الصهيوني من ناحيته أخذ الأمور على محمل الجد، ولكن في الوقت بدل الضائع، فردة الفعل الأمريكي كان ظاهرها في غاية العنف، حيث أكدت الولايات المتحدة استيائها من «الضربة»، وعدم علمها المسبق بها، وهي تصريحات مناقضة لما كشفته مصادر أمريكية وإسرائيلية لموقع «أكسيوس» الأمريكي من أن تل أبيب، أبلغت الإدارة الأمريكية قبل دقائق من توجيه ضربتها الجوية، دون طلب موافقة أمريكية مسبقة، وأن «الضربة» جاءت متزامنة مع اجتماع عُقد عبر الفيديو بين مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، «جيك سوليفان»، ووزير الخارجية، «أنتوني بلينكن»، وكبار المسؤولين الصهاينة لبحث بدائل الاجتياح البري لمدينة رفح الفلسطينية، وأن مسئولا أمريكيا قال «إن الضربة الجوية في سوريا لم يتم طرحها خلال الاجتماع الذي استمر نحو 90 دقيقة»، أما البيت الأبيض فأعرب صراحة عن قلق الولايات المتحدة من احتمالات نشوب حرب واسعة النطاق بين إسرائيل وإيران.
كثير من المراقبين، شككوا في صدق وشفافية التصريحات الأمريكية، واعتبروها مناورة، ورغبة في التملص، لكن مواقف العديد من المحللين الأمريكيين، الذين عبروا عن صدمتهم من العدوان، ومالوا إلى التأكيد على أن طهران سترد وبعنف، وتواتر ردود الفعل العالمية، وبخاصة الغربية، أجبرت الكيان الصهيوني على اتخاذ تدابير احترازية، ليكن أولها تعطيل شبكات الـGPS، والتشويش على أنظمة الملاحة في كامل الكيان، بما في ذلك تل أبيب لتضليل التهديدات، المتمثلة في هجمات صاروخية من إيران، ما أدى إلى حدوث فوضى في الخدمات المعتمدة بالنسبة للمواطنين، حيث تظهر العديد من المناطق الإسرائيلية أنها في مصر وبلدان محيطة، بحسب وسائل إعلام عبرية، ما قد يؤدي إلى حدوث كارثة غير مسبوقة، إذا ما ضل صاروخ إيراني هدفه بسبب التشويش وأصاب منطقة في مصر، أو سوريا، أو لبنان.
كذلك، قام العدو الصهيوني بحسب يديعوت أحرونوت، بإخلاء عدد من مقراته الدبلوماسية في البحرين ومصر والأردن والمغرب وتركيا خشية رد إيراني بينها السفارات، وإن هي إلا ساعات، حتى بلغ عدد المقرات التي تم إخلاؤها 28 ممثلية دبلوماسية حول العالم.
أيضا، أظهر الكيان الصهيوني مرونة غير مسبوقة على صعيد ملف التفاوض على هدنة أو وقف الحرب على غزة، قالت يديعوت أحرونوت، إنها مرونة ناتجة عن ضغوط أمريكية هائلة، وتأكدت صحة هذه الضغوط من خلال تسريبات إعلامية أكدت أن الرئيس بايدن منع نتنياهو «خلال مكالمة هاتفية» من التحدث عن أي عملية إسرائيلية محتملة في رفح، وأنه أبلغ نتنياهو عن ميله إلى تعليق مفاوضات صفقة السلاح المستقبلية إلى تل أبيب أمام الكونجرس، وبأن بايدن أبلغ نتنياهو «بحدة» بأنه يدفع إلى عقد قمة حول المفاوضات مساء السبت في القاهرة.
تل أبيب التي استباحت صم أذانها «على الأقل منذ طوفان الأقصى» عن كل حملات اللوم والإدانة، لا يبدو أنها ستكون قادرة على الاستمرار في هذه الاستباحة، بعدما زادت جرعات التقريع، في أعقاب الغارة على القنصلية الإيرانية، خاصة وأنها فتحت أقواس جر المنطقة إلى حرب موسعة، على مصاريعها، وهو احتمال قوي، لا تريده الولايات المتحدة، ولا أوروبا، ولا غيرهما، الأمر الذي قد يجبر الصهاينة على ابتلاع أي رد إيراني، حتى ولو كان عسير الهضم، لكن القادة العسكريين الصهاينة، لا يرون الأمر بهذه البساطة، فأوضاعهم الميدانية، والتسليحية، أقل من رهانات الحكومة المصغرة، وأدني بكثير من سقوف نتنياهو، وقد يكون في وسعهم استيعاب رد إيراني «باليستي»، ولكن، ماذا لو كان الرد مشتركا بين إيران وكل فصائل محور المقاومة؟ وماذا لو نفذ حزب الله عملية برية، وهو احتمال يطرحه العديد العسكريين الصهاينة، من بينهم اللواء المتقاعد «نوعام تيفون»، القائد السابق لفرقة دائرة الرقابة الداخلية؟
عمليا، يمكن القول بأن إيران حققت انتصارا «مبدئيا»، بإدخال «إسرائيل» في دائرة من الاحتمالات المرعبة، وها هي تغرقها في دوامة من اللوغاريتمات المخيفة.. لكن هذا، وأكثر من لا يمكن أن يعفي إيران من الرد الموجع، وهذا ما قلته لأحد المصادر الإيرانية، فأجاب: إن أشهى المأكولات الإيرانية، هي التي تطهى على مهل، وعلى نار هادئة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إسرائيل قضية فلسطين تل أبیب
إقرأ أيضاً:
إيران تخترق دفاعات إسرائيل عبر هجمات الحوثيين
أثار فشل منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية، في التصدي لآخر موجتين من الهجمات التي شنتها ميليشيا الحوثي على إسرائيل، تساؤلات بشأن مدى استفادة إيران من ثغرات في طبقات الحماية التي تشغلها إسرائيل للتصدي للهجمات الجوية.
وتسبب هجومان خلال الأيام الأخيرة في سقوط صاروخين بشكل مباشر على مناطق مأهولة في إسرائيل، ما أدى لإصابة عدد من الإسرائيليين، وفتح تحقيق حول فشل اعتراض الصواريخ الحوثية.وقال موقع "والا" الإسرائيلي إنه "بعد اعتراض الهجومين الصاروخيين الإيرانيين في أبريل (نيسان) وأكتوبر (تشرين الأول)، كان لدى المؤسسة الأمنية شعور بأن نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي، الذي تم بناؤه باستثمار مليارات الدولارات، سيخلق بالفعل جداراً ضد إيران".
فشلت محاولات اعتراضه.. سقوط صاروخ أطلق من اليمن قرب تل أبيب - موقع 24قال الجيش الإسرائيلي اليوم السبت إن صاروخاً أطلِق من اليمن أصاب الأراضي الإسرائيلية قرب تل أبيب، بعد فشل محاولات اعتراضه. وأضاف الموقع: "أُطلقت مئات الصواريخ على إسرائيل، وكانت الأضرار طفيفة، لكن الهجمات الحوثية الأخيرة تثير المخاوف من أن الإيرانيين يعرفون أيضاً كيفية استخلاص الدروس من ساحة الاختبار الكبيرة، سواء في عمليات الإطلاق من إيران نفسها، أو في عمليات الإطلاق الآتية من اليمن التي ينفذها الحوثيون".
ويتكون نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي حالياً من 4 طبقات، صواريخ أرو-3 الاعتراضية، التي تعمل في الفضاء، وصواريخ أرو-2 الاعتراضية، التي تعمل في الطبقات العليا من الغلاف الجوي، وهي مصممة لاعتراض الصواريخ الباليستية.
كما تضم منظومة الدفاع الجوي منظومة "مقلاع داود"، وهو نظام اعتراض مصمم للتصدي للصواريخ الباليستية قصيرة المدى وصواريخ كروز، وكذلك منظومة القبة الحديدية، التي من المفترض أن تعترض الصواريخ البدائية والطائرات بدون طيار.
وبحسب الموقع الإسرائيلي "يركز التحقيق الأكثر شمولاً الذي تجريه القوات الجوية بالتعاون مع مديرية الدفاع الجوي بوزارة الدفاع وصناعة الطيران وشركة رافائيل على مسألة الخطأ الذي حدث بالضبط، وخاصة ما إذا كان حادثاً لمرة واحدة أم أنه سلاح يكسر قواعد اللعبة قدمه الإيرانيون للحوثيين". إسرائيل تكشف سبب فشل اعتراض صاروخ أطلقه الحوثيون - موقع 24كشفت القناة 12 العبرية، السبب وراء فشل منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية في اعتراض صاروخ حوثي، أسفر عن إصابة 16 شخصاً في تل أبيب. وأضاف أن "حقيقة العديد من الصواريخ الاعتراضية فشلت في تدمير الهدف تقلل من احتمال حدوث خلل فني في الصواريخ الدفاعية نفسها، ما يشير لاحتمالات أخرى".
وتابع: "التحقيقات الاولية تشير إلى أن الصواريخ التي استخدمتها ميليشيا الحوثي مؤخراً هي تطوير للصاروخ الإيراني القديم شهاب 3، لكن إيران تمتلك أيضاً صواريخ باليستية أكثر تقدماً، مثل "عماد" و"خيبرشكن"، وكلاهما تقول إيران إن لديهما القدرة على الإفلات من الصواريخ الاعتراضية من خلال القدرة على المناورة بعد دخولها الغلاف الجوي".
وبحسب الموقع "من المحتمل أن يكون الإيرانيون قد بدأوا في الأيام الأخيرة بإطلاق صواريخهم الأكثر تطوراً من اليمن، ما يشير إلى احتمال أن يكون الإيرانيون أجروا مزيداً من التغييرات على صواريخهم الباليستية، ويقومون باختبارها في ظروف حقيقية، وتحت غطاء الحوثيين".