نايف القانص لا تمارس السلطة في الفراغ و خارج الإطار الإجتماعي الذي يحدد مكانها وزمانها، ونحن نعيش ضمن جغرافيا الجمهورية اليمنية في شبهة الجزيرة العربية الحاضن للمكون الإجتماعي المتنوع قبلياً ومذهبياً، علينا التعايش مع الزمن الذي نحن نعيش فيه لأننا جزء من هذا العالم المتقدم الذي يعيش في القرن الواحد المحكوم بالتكنولوجيا، وأن نرتبط به ونتعايش معه ضمن سياسة تحفظ لنا أمننا واستقرارنا واستقلال قرارنا السيادي وتبادل المصالح المشتركة، ونبتعد عن استنساخ الماضي وجلب قوانين عفى عليها الزمن وعهود ما قبل 1400عام تلك أمم ذهبت بخلافاتها وحساناتها وسلبياتها ما علينا هو الإستفادة من التجارب الماضية لتجاوز الهفوات أما أن تستجلب الماضي وخلافاته ونضع المجتمع خارج الواقع المعاش والعالم الذي يتناوله بين يديه بلمسة زر فهو خروج عن المنطق بل عن العالم كله، الأمر الذي قادنا إلى هذا الصراع والتناحر والتخلف والإهتمام بسفاسف الأمور و بالقضايا ذات الخلافات الدائمة والإبتعاد عن القضايا الجامعة التي من شأنها أن تكون منطلقاً لرأب الصدع ونبذ الخلافات.

إن المسألة العقيدية الأكثر أهمية، في علم السياسة الغابر، كانت مسألة الشرعية التي تستمدها الدولة من الشعب وتستند عليها لتثبيت شرعيتها الدولية، وقد رأينا أهميتها في الوقت الحاضر، وليست أقل أهمية، ولا أقل حضوراً، فهي أيضاً تعالج التأليف نفسه للمجتمع السياسي، الذي يمكن أن يكون من نسيج متجانس، مبني على وجود أمة طبيعية تؤمن بحق الحياة لكل أبناء الشعب والبشرية التي هي من عناصر مختلفة وغير متجانسة مجتمعياً، لكنها مرتبطة بحق الحياة للجميع بعيدا عن شعارات الموت والدمار وخراب الأوطان. إن علم السياسة، هو علم الدولة، وكل ما له صلة بالدولة، وليست عهود الخلفاء إلى ولاتهم، أو نصوصاً قرآنية تفسر حسب فهم طائفة بما يحقق لها التمكين من الدولة ومقدراتها. اليوم أصبح هذا العلم مميزاً تماماً، أي الأمر السياسي في جميع الحقائق والقيم التي تدخلها العلاقات السياسية، التجمعات السياسية، السلطة السياسية، المؤسسات السياسية، الأحزاب السياسية، الأحداث السياسية، الأفكار السياسية، الحياة السياسية وحتى الثورات السياسية، فالمؤسسات العامة ليست فقط المؤسسات الحاكمة، ولكن ايضاً المؤسسات الإدارية والتشريعية، لأنها أيضا يجب أن تحتوي على سلسلة من الأجهزة الضرورية التي تربط بين القمة في السلطة الحاكمة والقاعدة من عامة الشعب بما يؤمن صيانة الحريات وإدارة الخدمات العامة، فمن دون هذه المؤسسات لا يمكن أن تكون دولة، فعندما تتجاوز هذه المحددات لن تكون سوى عصابات وإقطاعيات ومليشيات تفرض نفسها بقوة السلاح لنهب مقدرات الشعب وحكمه بالحديد والنار وافتقارها لأدني مقومات الدولة الفاقدة للشرعية الوطنية والدولية. يجب على الأفراد والمجتمع وعامة الشعب اليمني استيعاب الحقائق التي حاولت كل جماعة أن تخفيها وتصور نفسها منقذة للشعب، مستفيدة من أخطاء سابقيها حتى تمكنت من الوصول إلى السلطة تحت مبرر ثورة على الظلم والدكتاتورية، لم تكن في الحقيقة سوى متاجرة بالدين والدم والقيم الثورية معاً، فلم يكونوا غير ثوار عنيفين وجلادين ضد الثورة والشعب ولن تقوم للشعب قائمة مالم تعود الحياة السياسية وتستمد السلطة شرعيتها من الشعب، وعلى المجتمع الدولي مساعدة الشعب اليمني في استرجاع حقوقه وسلطته وأمنه واستقراره من خاطفيها المليشيات المتناحرة المغتصبة للسلطة ولكل مقومات الحياة في اليمن. كاتب يمني

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

11 فبراير.. نهايةٌ بتسوية مبادِر عدوّ

محمود المغربي

يمكن للدول والشعوب أن تستوردَ القمح السكر الأدوية السيارات وأي شيء آخر أما ثورة فهذا غير وارد؛ كون الثورات منتجًا محليًّا، لا تستورد بل تُصنَع في الداخل.

وأعتقد أن ما حدث في 11 فبراير هو استيراد ثورة، ومن غير المعقول أن نسمِّيَ شيئًا مستوردًا بالوطني، كما أن الثورات تكون عفوية وغير مستنسخة ونقية لا تعرف الكذبَ والخداع والتزوير بعكس ما حدث في ساحات 11 فبراير من تزوير وكذب وخداع لم تشهد اليمن له مثالًا.

والأهم من ذلك أن الثورة تغييرٌ شامل وجذري وانقلاب على ما كان سائدًا وغير قابلة لتدوير من خرج عليهم الشعب وأسقطتهم الثورة بعكس ما انتهت به أحداثُ 11 فبراير تسوية ومبادرة جاءت من الخارج ومن بلد كان جزءًا من المشكلة ومعاناة اليمن وأبنائها وسببًا في سخط وخروج الناس في 11 فبراير.

مبادرةٌ أعادت تدويرَ رموز النظام وتوزيع السلطة والنفوذ عليهم، بل تم تسليمُ مقاليد البلاد لمن هم أكثرُ فسادًا وظلمًا وفشلًا وتابعيةً للخارج من رموز النظام السابق الذي كانوا هم سببًا في سخط وخروج الناس عليهم إلى الساحات.

هذا الأمر قد خلق سخطًا وقهرًا في نفوس أبناء الشعب اليمني وعدم رضا عما وصلت إليه الأمور، ودافعًا لما حدث بعد ذلك من خروج شعبي في 21 سبتمبر 2014 للتعبير عن رفضهم لما حدث من انقلاب على 11 فبراير وتصحيح المسار وتحقيق أهداف وطموحات من خرجوا بعفوية وصدق ووطنية في 11 فبراير 2011م، وقد تحقّق لهم وللوطن ما كان يحلم به كُـلّ أبناء الشعب اليمني وهو الإطاحة بكافة رموز النظام السابق وكل من هيمن على السلطة والثروة لأربعة عقود.

ثورةٌ مسحت كُـلّ الوجوه الفاسدة والفاشلة والعميلة من ذاكرة الشعب اليمني ومن صفحات التاريخ وطمست معالم حقبة مهينة متسمة بغياب الدولة والقانون والعدل والمساواة وبتسلط وعنجهية وغطرسة بيت الأحمر وشلة قليلة هي أسوأ ما عرفت اليمن وسادت فيها ثقافة الفساد وصعد فيها كُـلّ فاشل ومتسلق وتم أقصى وتهميش كُـلّ صادق ومؤهل ووطني وأغلب أبناء الشعب اليمني.

المصيبة أن هناك من يحن لتلك الفترة ومن يرغب في عودة تلك الوجوه وتلك الحقبة واللطخة السوداء في تاريخ بلادنا وشعبنا والتي لا نزال نعيش تبعاتها وندفعُ ثمنها حتى اليوم.

صحيح أن ما جاء بعد ثورة 21 سبتمبر كان سيئًا من نواحٍ وأن المواطن لم يلمسْ تغييرًا كاملًا -أو حتى كبيرًا- وهذا أمرٌ طبيعي؛ نتيجة ما أحدث أُولئك الفاسدون من تدمير في جسد الوطن وَبنية الدولة والمجتمع وفي أخلاقيات وثقافة الناس، وهي أمور يصعُبُ إصلاحُها ومعالجة آثارها في يوم وليلة، كما أن الفرصة لم تُتَحْ لمن جاء بعدهم لإصلاح ذلك وإحداث تغير يلمسه الناس نتيجة محاولات الخارج استعادة ما فقدوا من مصالحَ وهيمنة على بلادنا ورغبتهم في إعادة أدواتهم العفنة إلى السلطة بكل الوسائل، ومن تلك العوائق العدوان على بلادنا والحصار والحروب الاقتصادية والثقافية والإعلامية، بالإضافة إلى محاولات رموز تلك السلطة والمنتفعين منهم استعادة ما فقدوا من سلطة ومصالح وجاه ودخل مادي كبير وغير مشروع وكل هذا أشغل من جاء عن محاولات الإصلاح والنهوض بالوطن وزاد من معاناة الناس لكن كُـلّ ذلك سيتغير بوجود قيادة صادقة ووطنية.

مقالات مشابهة

  • وزير فلسطيني: الاحتلال دمر 90% من مقومات الحياة في غزة
  • شنكر: على السلطة السياسية أن تعطي الأمر للجيش لنزع السلاح
  • والي الخرطوم: مؤسسات التعليم العالي من أوائل المؤسسات التي بادرت باستئناف نشاطها من داخل الولاية
  • خبير بـ«الأهرام للدراسات السياسية»: نتنياهو يعلم أن أيامه في السلطة معدودة
  • إسماعيل رضوان: غزة ليست عقارا للبيع ونثمن موقف اليمن الذي أكد بأن اليد على الزناد إذا ما نكث العدو بالاتفاق
  • 11 فبراير.. نهايةٌ بتسوية مبادِر عدوّ
  • «السني» يلتقي المبعوثة الأممية إلى ليبيا.. منافشة التحديات التي تواجه العملية السياسية
  • سوريا.. «هيئة التفاوض والائتلاف الوطني» يعلنان الالتزام بقرار «حل المؤسسات» ودمجها بالدولة
  • نقيب الموسيقيين: ندعم القيادة السياسية في موقفها ضد تهجير الفلسطينيين
  • من ساحات الاعتصام إلى قصور الفساد.. قادة نكبة فبراير في اليمن مطلوبون للمحاكمة