لنتوقف، طويلاً، عند القتل الجماعي، أو الإبادة للمدنيين في قطاع غزة لمدة من أكتوبر / تشرين الأول 2023، وطوال ستة أشهر حتى نهاية آذار / مارس 2024، والحبل ما زال على الجرار. وذلك لنسأل، ونطرح أسئلة حول هذه الجريمة الجماعية للمدنيين، بصورة متصلة، يوما بعد يوم على مدى 180 يوماً، وأسبوعاً بعد أسبوع، على طول ستة أشهر.
السؤال الأول: هل سبق وعرف الصراع الفلسطيني ـ الصهيوني، قتلاً جماعياً للمدنيين مثل هذا منذ 75 عاماً، أو حتى منذ مائة عام ونيف؟ بالتأكيد لم يحدث مثل هذا، وما كان من المتوقع، أو المتصوّر، أن يحدث هذا، وذلك سواء على نطاق عالمي، أم على نطاق عربي وإسلامي وفلسطيني.
صحيح أن جرائم ضد المدنيين حدثت كثيراً، بل وتحدث في كل حرب، ولكن ما من إحداها، تشبه ما حدث ويحدث في غزة. وربما نبخس من حجمها، وخطورتها ومغزاها، لو قلنا أن قتل المدنيين في الحربين العالميتين، أو في الحروب مع الاستعمار الغربي، لا سيما في القرن التاسع عشر، جاوزها من حيث عدد القتلى والجرحى من المدنيين بعشرات الملايين. ولكن مع ذلك، لا يمكن أن يقاس، بما حدث في قطاع غزة، لا من جهة الشكل، ولا من جهة المحتوى، ولا من ناحية الهدف والتعمّد، ولا من جانب القاتل وضحاياه. وذلك بدليل، أن ما حدث في غزة شدّ، العالم كله شداً، ترك، وسيترك، من الآثار في أنفس الملايين وعشرات الملايين، من مختلف شعوب المعمورة، كما لم يحدث من قِبَل حتى في الحروب العالمية.
يمكن أن نقول إن الحرب التي شنّها ويشنها الجيش والمستوطنون الصهاينة، حرب مجنونة لا تدخل في إطار "العاقلين" من مرتكبي جرائم القتل الجماعي. أنظروا فقط أننا أمام جريمة ومرتكبها وضحاياها تحت الصورة والمشهد، ولا سيما القتل الجماعي للأطفال، وجثثهم وجراحهم وصراخهم. والمرتكب يفعلها، كأن لا أحد يراه، ويتصرف كأنه "إنسان طبيعي عادي عقلاني" مسموحاً له، أن يفتك بعشرات ومئات الآلاف، كأنه يحصد قمحاً وشعيراً، وربما ما راح يسمعه في داخله من، أصوات، كلها تهتف له، وتصفق إعجاباً.
إن الحرب التي شنّها ويشنها الجيش والمستوطنون الصهاينة، حرب مجنونة لا تدخل في إطار "العاقلين" من مرتكبي جرائم القتل الجماعي.عندما يصل الوضع العقلي والنفسي في قادة الكيان الصهيوني وداعميهم ومشجعيهم إلى هذا الحد، يكون العالم قد دفن، كل ما يمكن اعتباره قانوناً دولياً، وأخلاقاً وقِيماً، وتراثاً إنسانياً وحضارياً على مستوى عالمي، وليس على مستوى محلي فقط. أي هي انتقالة إلى مرحلة الوحوش التي تحكم العالم بألوان من الوحشية التي لم تعرفها الغابة، والمهدّدة للانسان بأسوأ علاقات، وأسوأ ما يمكن أن ينحط إليه البشر.
من هنا عندما لا يجد المرء ما يفسّر ما فعله قادة الكيان الصهيوني ومن ناصرهم وأيّدهم، وحتى الذي بإمكانه ردعهم، فسكت عنهم، بفقدان الصواب أو الجنون. ومن ثم فقدان حتى لبقايا ضمير أو أخلاق أو إنسانية، لا يُبالغ ولا يتجنى، ويقترب من حالة لم تعرف من قبل. ركِّزوا فقط على قتل الأطفال، وما وصله القاتل من درك يخرجه من عالم البشر.
هذا يعني أن الإنسانية جمعاء أصبحت مسؤولة عن وقفه وردعه، والحجر عليه، وإلاّ تهدد كل من له نصيب من إنسانية في العالم. إنه انتقال إلى ما هو فوق البربرية والوحشية والغرائزية اللابشرية.
ولقد كان د.طه عبد الرحمن مصيباً حين وصفه بـ"الشر المطلق" الذي "لا نجد فيه ذرة خير كيفما قلبناه"، وسنجد "كل وجه فيه أكثر إيذاءً من سابقه"(الجزيرة.نت).
هذا يعني أن الإنسانية جمعاء أصبحت مسؤولة عن وقفه وردعه، واجتثاث الجنون الذي وراءه، وإلاّ تهدّد كل ما له نصيب من إنسانية في العالم. إنه سقوط للحضارة الغربية، وما ادّعته من قِيَم ودين. وما أسمته أنواراً وديمقراطية، وحقوق إنسان.
حقاً إنه "الشر المطلق" الذي يتهدّد كل شعوب العالم وحضاراته، حين لا يتوقف وتستمر حمايته، ولا يوقف عند حدّه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطيني حرب احتلال فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القتل الجماعی
إقرأ أيضاً:
تنفيذ حُكم القتل حداً بمصري استدرج آخر وقتله في منزله بمكة
مكة المكرمة
أصدرت وزارة الداخلية، اليوم، بيانًا بشأن تنفيذ حُكم القتل حداً في أحد الجناة بمنطقة مكة المكرمة، فيما يلي نصه:
قال الله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
أقدم / وليد طاهر محمود بشناق ـ مصري الجنسية ـ على قتل / أحمد الأمين محمد حامد ـ مصري الجنسية ـ وذلك باستدراج المجني عليه إلى منزله وضربه وتركه ينزف حتى وفاته ورميه في حاوية وإخفائه.
وبفضل من الله تمكّنت الجهات الأمنية من القبض على الجاني المذكور، وأسفر التحقيق معه عن توجيه الاتهام إليه بارتكاب الجريمة، وبإحالته إلى المحكمة المختصة؛ صدر بحقه حكم يقضي بثبوت ما نسب إليه، وأن قتله المجني عليه كان على وجه الحيلة والخداع ولشناعة ما أقدم عليه، فقد تم الحكم بقتله حداً لقتله المجني عليه غيلةً، وأصبح الحكم نهائياً بعد استئنافه ثم تأييده من المحكمة العليا، وصدر أمر ملكي بإنفاذ ما تقرر شرعًا.
وقد تم تنفيذ حكم القتل حداً بالجاني / وليد طاهر محمود بشناق ـ مصري الجنسية ـ يوم الثلاثاء 24 / 5 / 1446هـ، الموافق 26 / 11 / 2024م، بمنطقة مكة المكرمة.
ووزارة الداخلية إذ تعلن عن ذلك لتؤكد للجميع حرص حكومة المملكة العربية السعودية على استتباب الأمن، وتحقيق العدل، وتنفيذ أحكام الشريعة الإسلامية في كل من يتعدى على الآمنين ويسفك دماءهم، وينتهك حقهم في الحياة، وتحذر في الوقت نفسه كل من تسوّل له نفسه الإقدام على مثل ذلك بأن العقاب الشرعي سيكون مصيره.
والله الهادي إلى سواء السبيل.