جوع ومرض وحرب.. ثالوث يحاصر حياة الطفلة الغزية "مرام"
تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT
تعيش الطفلة الفلسطينية مرام منصور (9 سنوات) في وضع صحي متدهور بسبب نقص الغذاء والدواء في شمال قطاع غزة، نتيجة الحصار الإسرائيلي والحروب المتكررة التي شهدها القطاع.
تلك الطفلة أصبحت طريحة الفراش، ممددة بسبب الكسل والتعب الذي يجتاحها جراء مرضها بالفشل الكلوي، وسوء التغذية الذي أصابها جراء الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
محاصرة بين جدران المرض والجوع
ولم تعد منصور، كما كانت سابقاً، تجري وتلعب مع أشقائها وأولاد عمها، بل أصبحت محصورة في سريرها، مكبلة بالتعب والألم.
ويظهر على ملامحها علامات الحزن والألم والضعف والوهن واضحة جلية على جسدها الرقيق، حيث تعيش حياة هشة ومتزعزع.
وتحاول الطفلة أن تتصدى للمرض والجوع وتبدو متماسكة، لكنها غير قادرة على ذلك حيث تحاصرها الآلام والجوع دائمًا، مما يجعل محاولاتها للتغلب على هذه التحديات بائسة ومحدودة.
حلم الهندسة المعمارية
وتحلم منصور أن تصبح مهندسة معمارية، تطمح لبناء بيت يوفر لعائلتها المأوى الآمن الذي فقدوه جراء مرارة النزوح نتيجة للحرب التي تشن على القطاع.
لكن تعيش الطفلة في حالة من عدم اليقين حيال مستقبلها، فهل ستكون ضحية لنقص العلاج والدواء كثيرًا كما رحلوا من الأطفال بسبب تلك الظروف القاسية؟ أم ستتمكن من مواصلة تعليمها وتحقيق حلمها في أن تصبح مهندسة؟
وتواجه عائلة منصور ظروف مالية واقتصادية صعبة جراء الحصار والحرب على غزة ما يحول من شراء العلاج الازم والطعام في حال توفره.
الأم بين ذكريات الماضي ومأساة الحاضر
وبجانبها، تقف والدة مرام، تشعر بالحزن العميق على ما أصاب طفلتها، فلم تكن تتخيل أن تصل الأمور بها إلى هذا الحد، خاصةً وأنها كانت تعيش حياة مستقرة رغم مرضها قبل الحرب، حيث كان العلاج والطعام متوفرين بسهولة.
وتخشى الأم، دعاء السوافيري (41 عامًا)، على حياة طفلتها التي فقدت من وزنها الكثير بسبب المرض والجوع، وأدى لتدهور في حالتها الصحية.
تقول السوافيري للأناضول: "كانت طفلتي تعاني من الفشل الكلوي ولكن كانت تتلقى العلاج والغذاء المناسب بشكل منتظم، أما اليوم فلا غذاء ولا علاج".
وتضيف: "تدهور وضع طفلتي الصحي يتسارع يوما بعد يوم بسبب عدم توفر العلاج والغذاء في شمال قطاع غزة".
وتشير إلى أن طفلتها تعاني من الجفاف وسوء التغذية وتحتاج للعلاج بشكل عاجل قبل أن تفوت الفرصة وتفقد حياتها كما كثير من الأطفال توفوا جراء سوء التغذية ونقص الدواء.
وتوضح أن حالة صحتها كانت مستقرة ونشطة قبل الحرب، لكن اليوم تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، مما يثير مخاوفها من فقدانها.
وتذكر أنه لا يوجد في مستشفيات قطاع غزة العلاج المناسب لطفلتها، في ظل الحصار والحرب التي يشهدها القطاع.
وتعبر الفلسطينية عن أملها في أن تعود طفلتها إلى حالتها السابقة، نشطة ومليئة بالحيوية، وأن تتمكن من العيش حياة طبيعية مثل باقي الأطفال في العالم، وتنتهي معاناتهم جميعًا من آثار الحرب.
ووفقا لوزارة الصحة في قطاع غزة، بلغ عدد الوفيات في غزة 27 فلسطينيا بينهم أطفال بسبب سوء التغذية الناجم عن الحرب الإسرائيلية على القطاع الذي يقطنه نحو 2.2 مليون فلسطيني.
وجراء الحرب وقيود إسرائيلية، بات سكان غزة ولا سيما محافظتي غزة والشمال على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاما.
ومنذ بدء حربها على غزة في 7 أكتوبر 2023، تستهدف القوات الإسرائيلية بهجمات ممنهجة ومتواصلة المرافق الطبية والمستشفيات في مختلف مناطق القطاع، ما تسبب في تدمير المنظومة الصحية، وكارثة إنسانية وتدهور في البنى التحتية.
وخلّفت الحرب على غزة عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، بحسب بيانات فلسطينية وأممية، ما أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
اتفاق المنامة السوداني الذي يتجاهله الجميع
"إذ نؤمن بضرورة رفع المعاناة عن كاهل شعبنا والتوصل إلى حلول للأزمة السودانية، تنهي الحرب التي بدأت في الخامس عشر من إبريل 2023، والتي يستلزم وقفُها تكاتف أبناء الشعب السوداني بمختلف مكوناته وانتماءاته. وإذ نقرّ بأن الأزمة السودانية منذ الاستقلال هي أزمة سياسية، وأمنية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية شاملة يجب الاعتراف بها وحلّها حلاً جذرياً. وإذ ندرك أنّ الحرب الحالية قد سبّبت خسائر مروّعة في الأرواح ومعاناة إنسانية لم يسبق لها مثيل، من حيث اتّساع النطاق الجغرافي، وأنها دمّرت البنيات التحتية للبلاد، وأهدرت مواردها الاقتصادية، لا سيّما في الخرطوم ودارفور وكردفان. وإذ نؤكد رغبتنا الصادقة في تسوية النزاع المستمر على نحوٍ عادل ومستدام عبر حوار سوداني/ سوداني، يُنهي جميع الحروب والنزاعات في السودان بمعالجة أسبابها الجذرية، والاتفاق على إطار للحكم يضمن لكل المناطق اقتسام السلطة والثروة بعدالة، ويعزّز الحقوق الجماعية والفردية لكل السودانيين" ... بهذه الديباجة، وأكثر، تبدأ اتفاقية المنامة الموقّعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في 20 يناير/ كانون الثاني 2024، وجاءت بعد خمسة أيام من رفض قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان لقاء قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وتأكيده أنه لا حاجة لأيّ تفاوض جديد، بل يجب تنفيذ نتائج قمة "الإيقاد"، التي عُقدت في جيبوتي في ديسمبر/ كانون الأول 2023، على نحوٍ طارئ لمناقشة حرب السودان. وخلصت إلى التزام من قائد الجيش وقائد "الدعم السريع" بالاجتماع الفوري ووقف الأعمال العدائية.
في خطابه إلى القمة العربية الطارئة، أكد البرهان أن أولوليات حل الأزمة (الحرب) هي الالتزام بإعلان جدّة للمبادئ الإنسانية، ووقف إطلاق النار، وإزالة معوقات تقديم المعونات الإنسانية، وتعقب ذلك عملية سياسية شاملة للتوصل إلى توافق وطني لإدارة المرحلة الانتقالية ثم الانتخابات، لكن في 20 يناير 2024، وفي يوم توقيع اتفاق المنامة الذي وقّعه عن القوات المسلّحة الفريق أول شمس الدين كباشي نائب القائد العام للجيش، وعن الدعم السريع "الفريق"(!) عبد الرحيم دقلو، شقيق حميدتي، الذي حصل مثله ومثل غيره من قادة المليشيات على رتب عسكرية من الجيش السوداني، في اليوم نفسه، جمّد السودان عضويته في منظمة الإيقاد! وتحوّلت المنظمة التي كانت قبل أيام "صاحبة دور مهم في الوصول إلى السّلام" إلى "منظمة الجراد" في الخطابات الشعبوية التي تطلقها السلطة العسكرية.
مرّ اتفاق المنامة من دون ضجيج. وربما لو لم يتسرّب خبر التفاوض الذي أكده بعد ذلك تصريح أميركي، لظلّ الأمر في دائرة الشائعات. رغم الحضور الدولي والمخابراتي في التفاوض.
اتفق الطرفان، في البند السابع من وثيقة المنامة، على "بناء وتأسيس جيش واحد مهني وقومي، يتكوّن من جميع القوات العسكرية (القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع، وحركات الكفاح المسلح)، ولا يكون له انتماء سياسي أو أيديولوجيّ، يراعي التنوع والتعدّد، ويمثل جميع السودانيين في مستوياته كافّة بعدالة، وينأى عن السياسة والنشاط الاقتصادي"، واتفق الطرفان في البند 11 على "تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 في مؤسسات الدولة كافّة"، أما البند 19 فقد نصّ على "حوار وطني شامل للوصول إلى حل سياسي، بمشاركة جميع الفاعلين (مدنيين وعسكريين)، دون إقصاء لأحد، عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية التابعة له وواجهاته، بما يؤدي إلى انتقال سلمي ديمقراطي".
بمقارنة اتفاق المنامة بين الجيش و"الدعم السريع" مع إعلان أديس أبابا الموقّع بين تنسيقية القوى الديموقراطية والمدنية و"الدعم السريع" في 2 يناير 2024 (قبل 18 يوم من توقيع اتفاق المنامة) يصعب فهم إدانة الجيش إعلان أديس أبابا! فالإعلان نصّ على أن التفاهمات الواردة فيه "ستطرح بواسطة تنسيقية القوى الديموقراطية والمدنية لقيادة القوات المسلحة لتكون أساساً للوصول إلى حل سلمي ينهي الحرب"، وهو الحل السلمي نفسه الذي نصّت عليه اتفاقية المنامة قائلة: "نجدّد قناعتنا بأن التفاوض هو السبيل الأفضل والأوحد للتوصل إلى تسوية سياسية، سلمية شاملة للنزاعات والحروب في السودان"، وهو ما أكده قائد الجيش في خطابه إلى قمة "الإيقاد"، قبل أن ينقلب على المنظمة ويجمّد عضوية السودان فيها، مدّة قاربت العام.
... سيبقى ما حدث لغزاً للسودانيين فترة طويلة، ضمن ألغاز أخرى تحيط بهذه الحرب. كيف دار هذا التفاوض؟ لماذا لم يجرِ الإعلان عنه، لماذا وقّع عليه نائبا البرهان وحميدتي ثم تجاهله الجميع؟
نقلا عن العربي الجديد