فضل الله: لمزيد من الحذر لمواجهة مغامرات العدوّ
تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT
القى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:
"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله؛ هذه التَّقوى الَّتي جعلها الله عز وجلّ هدف الصِّيام والمقياس الذي يقيس به الصائم نفسه ليعرف مدى تأثير الصيام عليه واستفادته منه، عندما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183].
وقال: "البداية من غزة التي دخلت شهرها السابع من دون أن تبدو في الأفق أي بوادر لحل ينهي مأساة أهلها، حيث لم يبدِ الكيان الصهيوني ولا يبدو أنه سيبدي أي رغبة بالالتزام بقرار الأمم المتحدة الذي يدعوه إلى وقف إطلاق النار أو أن يدخل في مفاوضات تفضي إليه، بل نشهد لدى هذا العدو تمادياً في مجازره والتي شهدها العالم بعد انسحابه من مستشفى الشفاء وما خلّف وراءه من قتل وتدمير للمستشفى والذي جعل أكبر المستشفيات في غزة غير قادر على الاستمرار بأداء دوره في هذه المرحلة وحتى بعدها، أو في الاستهداف المتعمد للعاملين في مجال الإغاثة الذين قدموا من أوروبا وكندا وأستراليا وأميركا بهدف سد رمق المجاعة عن أهالي غزة والتخفيف من وقع الحصار عليهم والتخفيف من محنتهم، وذلك بهدف إغلاق أي باب لمساعدة الفلسطينيين، ودفع من يريد القيام بهذا العمل الإنساني إلى التراجع عنه كالذي يحصل".
اضاف: "قد أصبح واضحاً أن الكيان الصهيوني لن يتوقف عند هذا الحد، بل يستعد للخطوة التي يراها ضرورية لتحقيق هدفه بالسيطرة على القطاع وفرض إرادته عليه وهي الدخول إليه، رغم كل والمآسي التي قد يتسبب بها والتحذيرات المتواصلة من الدول الداعمة له. ومع الأسف، يجري ذلك كله على عين العالم وسمعه، من دون أن يبدي أي موقف جاد وعملي لإيقاف المجازر التي يرتكبها هذا الكيان، أو يوقف مد يد العون له، ويكتفي ببيانات الإدانة والشجب والتي قد تصل إلى حد التهديد ولكنه الخالي من المضمون. وقد علمتنا التجارب ألا نُخدع بالكلمات بل أن نحدق بالأفعال".
وتابع :"لقد أصبح واضحاً أن الضوء الأخضر الذي منح للعدو في حربه، ما زال مستمراً لاستكمال بجرائمه في تجويع هذا الشعب حتى تحقيق هذا الكيان لأهدافه التي لن تنتهي باستعادة أسراه، بل يهدف إلى تصفية الوجود الفلسطيني في غزة، وهو ما يؤكده مضي هذا الكيان بإنهاء أي مظاهر للحياة فيها. وهو سيواكب هذه المرحلة بإسكات أي صوت يشير إلى جرائمه وارتكاباته والذي برز أخيراً في القرار الذي اتخذه الكنيست الصهيوني الذي يتيح له إقفال أي مؤسسة إعلامية وفي الاستهداف المستمر للإعلاميين المتواجدين في غزة، حيث وصل أعداد الذين استشهدوا منهم حتى الآن أكثر من مئة وخمسين صحافياً ممن تلاحقهم طائرات العدو ومسيراته وهم في بيوتهم أو في مواقع عملهم. ورغم كل هذا لا يزال الشعب الفلسطيني على صبره وصموده مصراً على البقاء في أرضه رغم سياسة الحصار والتجويع والتدمير ومواجهاً لهذا الكيان بكل بسالة"، مكررا عوته إلى "ضرورة إسناد هذا الشعب بكل السبل، لجعله قادراً على الاستمرار في صموده وثباته في أرضه وفي مواجهته لهذا العدو".
وأردف: "فيما نحيي كل الذين يقفون مع الشعب الفلسطيني وقضيته والذين باتوا يبذلون الدماء ويقدمون التضحيات الجسام في هذا الطريق، والتي كان آخرها ما نتج عن الاستهداف المباشر الذي تعرضت له قنصلية الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سوريا في تجاوز خطير لكل الأعراف الدبلوماسية، وهو بذلك يسعى لإيقاف شريان هذا الدعم المستمر للشعب الفلسطيني، بل إن هذه الجريمة ستدفع الجمهورية الإسلامية إلى المضي قدماً في هذا الخيار الذي تراه واجباً عليها رغم كثرة التضحيات".
وقال: "نصل إلى لبنان الذي لا يكف العدو الصهيوني عن الاستهداف المستمر لقراه ومدنه، فيما يواصل تهديداته للبنان بإعلانه الانتقال من مرحلة الدفاع إلى الهجوم أو عبر التدريبات التي يجريها لمهاجمة قرى ومدن لبنانية أو إعلان مصادقة وزير حربه على عمليات تطاول العمق اللبناني. فيما تواصل المقاومة التصدي البطولي لهذا الكيان على قاعدة العين بالعين والسن بالسن، رغم الإمكانات والقدرات التي يمتلكها هذا العدو".
وأعلن "إننا أمام ما يجري، ندعو مجدداً إلى مزيد من الحذر لمواجهة مغامرات هذا العدو، وأن يكون البلد في حالة طوارئ بعدما أصبح واضحاً أن تهديداته لن تتوقف عند هذه الحدود التي تقف عليها. وفي الوقت نفسه ندعو إلى تحصين الوضع الداخلي لتعزيز المناعة الوطنية الداخلية، والكف عن كل ما يهدد هذه الوحدة، وإلى الإسراع بملء الشغور على الصعيد الرئاسي أو الحكومي أو في المواقع الأخرى ليكون هذا البلد قادراً على تجاوز صعوبات هذه المرحلة وتحدياتها. وقال: "وهنا ندعو كل الذين يتحدثون عن ضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي والاستحقاقات الأخرى إلى أن يكون هاجسهم في ذلك هو إزالة العقبات أمام هذا الاستحقاق بدلاً من التصويب على هذا الفريق أو ذاك أو هذا الموقع أو ذاك، وأن تنصب جهودهم على صيغة توافق، والتي تبقى هي الطريق الأسلم لعلاج أزمات البلد وتأمين استحقاقاته".
واضاف: "نعود إلى فلسطين، إلى القدس، حيث نلتقي في هذا اليوم؛ آخر جمعة من شهر رمضان، اليوم الذي أعلنه الإمام الخميني (رض) يوماً عالميّاً للقدس، وقد أراد بذلك أن لا ينسى المسلمون القدس، وأن تبقى حاضرةً في وجدانهم وعقولهم، وأن يأخذوها بالحساب عندما يخطّطون للمستقبل، فلا تبقى أسيرة من يعبث بتاريخها ومقدّساتها وهويتها. ونحن في هذا المجال، لا خيار لنا إلّا أن نلبّي هذا النداء ونستجيب له، ونراه واجباً علينا، لأننا معنيّون بأن نقف مع كلّ قضيّة حقّ وعدل، وأيّ قضيّة هي أكثر عدالة من قضية فلسطين؟! فلا يمكن أن نسكت على احتلال بلد أو ظلم شعب أو انتهاك مقدَّسات.. ولأن القدس ترتبط بتاريخنا وملتقى الرّسالات السماويّة، فهي مهد السيّد المسيح (ع)، وفيها المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى ومسرى نبيّهم(ص)، ومنطلق معراجه".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: هذا الکیان هذا العدو فی هذا
إقرأ أيضاً:
حزب الله اللبناني يتحدث عن قضية حصر السلاح.. الدولة لديها فرصة
تحدث حزب الله اللبناني، الجمعة، عن قضية حصر السلاح بيد الدولة، مشيرا إلى أن الدول اللبنانية موجودة الآن على طول الحدود، ولديها فرصة لكي تمارس دورها وبيدها السلاح، ومعها لجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار، ومعها المجتمع الدولي أيضا.
وقال نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله علي دعموش، خلال خطبة الجمعة، إنّه "لا يمكن حصر السلاح بيد الدولة طالما هناك احتلال"، مضيفا أنه "عندما يكون هناك احتلال وعدوان مستمر، فإنّ السلاح هو زينة الرجال، وعلى الجميع أن يتصدى لهذا الأمر بكل الوسائل".
وتابع دعموش قائلا: "هذا حق لا يمكن أن نتخلى عنه مهما كانت التضحيات"، متسائلا: "ماذا فعلت الدولة اللبنانية حتى الآن أمام الخروقات والاعتداءات اليومية الإسرائيلية؟ على الأقل أقنعونا بجدوى حصرية السلاح بيد الدولة".
وذكر أن ما يتعرض له لبنان من احتلال واعتداءات واستباحة لسيادته، يهدف إلى الضغط من أجل "استدراجه" نحو التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، مستدركا: "شعبنا يرفض التطبيع مع العدو، ولن يسمح بأن يذهب لبنان نحو التطبيع مع العدو الذي دمر البلد".
وشدد على أنّه "كما لم يتأثر شعبنا بالضغوط في المراحل السابقة، ولم تُسقطه الحروب والاعتداءات، لن يسقط تحت وطأة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية الجديدة".
ورأى أنه "من واجب الدولة حماية بلدنا من مخاطر التطبيع، ومن أطماع العدو الذي يحاول بتواطؤ أمريكي الدفع نحو مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، وربط إعادة الإعمار والدعم المالي الخارجي بشروط سياسية تؤدي إلى تجريد لبنان من عناصر قوته".
وأردف قائلا: "لن نقبل أن يخضع موضوع الإعمار لأي شروط سياسية أو غير سياسية، وما نريد أن نؤكد عليه أنَّ مشروع إعادة الاعمار هو مسؤولية وطنية تقع على عاتق الدولة بالدرجة الأولى، ويجب أن تتحمل الدولة هذه المسؤولية بصورة جدية، وأن تمنع العدو من فرض شروط أو تعقيدات أو أمر واقع على الحدود الجنوبية لعرقلة هذا المشروع أو منع الأهالي من العودة إلى قراهم وممارسة حياتهم الطبيعية".
وأشار إلى أن "حزب الله مصمم على استكمال ما بدأه على صعيد إعادة الإعمار، ودفع التعويضات مهما كانت الصعوبات، لأنّ مشروع إعادة الإعمار هو جزءٌ من مقاومة الاحتلال، ولكن ما نقوم به لا يُعفي الدولة من مسؤولياتها".
وختم قائلا: "المقاومة اليوم تعطي الفرصة للدولة لتقوم بواجباتها تجاه شعبها ومواطنيها، وإشعارهم بأن هناك دولة تقف إلى جانبهم وتحميهم وتدافع عنهم وتمنع العدو من استباحة قراهم، وألّا تكتفي بمواقف رفع العتب، فإنَّ تقصيرها وتغافلها لا يترك للنّاس من خيار سوى القيام بكلّ ما يمكن للدّفاع عن حياتهم وأرزاقهم".