بلومبرج: صناعة السياحة عالميا تقفز إلى 11 تريليون دولار و142 دولة تستعيد الحركة
تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT
نشرت وكالة بلومبرج الاقتصادية العالمية، تقريرا أكدت خلاله استمرار التأثير الاقتصادي العالمي لصناعة السياحة والسفر في اكتساب المزيد من القوة هذا العام، حيث من المتوقع أن يصل حجم العمليات السياحية إلى مستوى قياسي قدره 11.1 تريليون دولار، متجاوزة أعلى مستوى سابق لها وهو 10 تريليونات دولار في عام 2019.
وتابع التقرير: "وفي عقد آخر، من المتوقع أن تصبح السياحة صناعة تبلغ قيمتها 16 تريليون دولار، وعند هذه النقطة ستشكل 11.
ويؤكد خبراء المجلس العالمي للسياحة والسفر WTTC، أن الأرقام الأكبر هي الأقل إثارة للدهشة، معتبرين إن نمو صناعة السياحة الذي يتم الإبلاغ عنه الآن يتماشى مع التوقعات السابقة التي أبلغت عنها المجموعة المختصة بالمجلس، وفي العام الماضي، توقعت دراسة مماثلة أن يمثل هذا القطاع 15.5 تريليون دولار بحلول عام 2033، لكن جاء انتعاش السفر القياسي في عام 2023 دون مساعدة كبيرة من الأسواق الصينية والأمريكية، حيث ظل عدد الوافدين الدوليين يتخلف بشكل كبير عن مستويات ما قبل الوباء، لذا فإن احتمال تعافي هذه الأسواق قريبًا هو ما يهيئ إمكانية تحقيق أرقام قياسية هذا العام.
ويمكن تقسيم الحصيلة المكونة من 14 رقمًا التي تتصدر تقرير المجلس العالمي إلى ثلاثة أنواع من معاملات السفر: يشمل الإنفاق المباشر على السفر من الفنادق ومصروفات اليوم والنقل، بالإضافة إلى الاستثمار العام في هذه الأنواع من الخدمات، ثم هناك الإنفاق غير المباشر على السفر، والذي يحدد التأثير المضاعف للإنفاق من تلك الشركات، ومن بين أنواع النفقات المدرجة في هذه الفئة كافة احتياجات الفنادق التي يتن شرائها من الموردين، وأخيرًا، هناك الإنفاق المستحث، وهو ما يفسر الآثار المترتبة على استخدام موظفي الضيافة رواتبهم لتحفيز اقتصاداتهم المحلية.
وتقول جوليا سيمبسون، الرئيس والمدير التنفيذي للمجلس العالمي للسفر والسياحة، في حديث لبلومبرج من بوسطن، إن قطاع السفر في الولايات المتحدة كان أحد الاستثناءات بسبب كيفية تعزيز الدولار، مما يجعل الرحلة إلى الولايات المتحدة أكثر تكلفة بالنسبة للأشخاص في الولايات المتحدة. الدول التي تعاني من التضخم.
وتضيف أن التأخير المستمر في الحصول على التأشيرات كان أيضًا أحد العوامل، فلا يزال الإنفاق على الزيارات الدولية الواردة في الولايات المتحدة أقل من مستويات ما قبل الوباء بأكثر من 25٪. وفي الصين، يتخلف إنفاق الزوار بنسبة 60%، مما يجعلها الاقتصاد السياحي الأقل تعافياً من بين 185 دولة في تقرير المجلس، ومن الجدير بالذكر أيضًا حقيقة استمرار إنفاق المزيد من الأموال على السفر الداخلي مقارنة بالرحلات الدولية. وفي هذا العام، ستحقق رقما قياسيا قدره 5.4 تريليون دولار، بزيادة قدرها 10٪ عن مستويات عام 2019.
وإجمالاً، من المتوقع أن تتجاوز 142 دولة من أصل 185 دولة شملها الاستطلاع مستويات أدائها السياحي لعام 2019 في عام 2024، ومن المتوقع أيضًا أن تشهد جميع هذه الدول تقريبًا نموًا على أساس سنوي، وهذا يعني أن اقتصاد السفر بشكل عام لن يحطم الأرقام القياسية هذا العام فحسب - على افتراض أن كل النتائج تسير كما هو متوقع - ولكنه سيحطم الأرقام القياسية على كل من هذه المستويات المحلية أيضًا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: بلومبرج السياحة دولار الصناعة العالمية الولایات المتحدة تریلیون دولار من المتوقع هذا العام
إقرأ أيضاً:
حكايات المؤسِّسين (2): ما حدث في نيروبي بداية تغيير حقيقي، وهذا ما يُغضب الحركة الإسلامية
د. احمد التيجاني سيد احمد
مقدمة: إرث الفشل السياسي والانهيار الوطني
منذ استقلال السودان في ١٩٥٦، تعاقبت أنظمة حكم مدنية وعسكرية على إدارة الدولة، إلا أن النتيجة كانت واحدة: فشل متواصل في بناء دولة وطنية قائمة على المواطنة والعدالة والتنمية. فقد أفضت الصراعات السياسية وانعدام الرؤية الوطنية إلى سلسلة من الانقلابات العسكرية، بدءًا من إبراهيم عبود (١٩٥٨)، إلى جعفر نميري (١٩٦٩)، ثم عمر البشير (١٩٨٩)، حيث تحولت الدولة السودانية إلى إقطاعيات حزبية ودينية وعسكرية، تدار بعقلية الاستحواذ لا بعقلية الحكم الرشيد.
السودنة: من مشروع وطني إلى هيمنة نخبوية قاتلة
عندما تم تنفيذ “السودنة” عقب خروج الاستعمار، لم تكن عملية لبناء مؤسسات دولة حديثة، بل كانت مجرد إعادة تدوير للنفوذ السياسي داخل نخب معينة، وتهميش لبقية مكونات السودان، خاصة في الجنوب ودارفور والمناطق المهمشة. فبدلاً من تأسيس دولة قائمة على التنوع، تم تكريس سلطة ضيقة على أساس الولاءات القبلية والدينية.
الأحزاب التقليدية: الفشل المستمر
الأحزاب التي ورثت السلطة بعد الاستقلال لم تكن قادرة على تطوير مشروع وطني حقيقي، بل انشغلت بصراعاتها الداخلية والبحث عن السلطة. لم يكن لديها برنامج سياسي واضح سوى توظيف الطائفية والقبلية والدين كأدوات للهيمنة، مما مهد الطريق للحكم العسكري، الذي أتى مدعومًا بفصائل عقائدية كرست سلطتها عبر القمع والتمكين الأيديولوجي.
الإخوان المسلمون وتحويل الدولة إلى أداة للتمكين
مع انقلاب البشير في ١٩٨٩، دخل السودان في مرحلة الحكم العقائدي الأكثر قسوة، حيث تم تصفية الجيش وتحويله إلى مؤسسة اخوانية مؤدلجة تماما، وإنشاء أجهزة أمنية سرية، وتشكيل ميليشيات مسلحة، مثل الدفاع الشعبي، وامثال مليشيات البراء الإرهابية، وأخيرًا قوات الدعم السريع، التي أصبحت تدريجيا بعد سقوط البشير لاعبًا مستقلاً يومن بالتحول الديمقراطي المدني، و بالعلمانية الفدرالية.
حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣: حصاد الفشل والتفكك
بعد سقوط البشير في ٢٠١٩، لم تتمكن النخبة السياسية من الاتفاق على رؤية موحدة لإدارة السودان، مما خلق فراغًا استغله العسكريون لإعادة فرض سيطرتهم. ومع تفاقم الخلاف بين الجيش وقوات الدعم السريع، اندلعت حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣، وهي حرب لم تكن مجرد صراع على السلطة، بل إعلانًا رسميًا لانهيار الدولة السودانية، حيث تحولت البلاد إلى ساحة حرب مفتوحة بين الفصائل المسلحة، دون أي سلطة مركزية قادرة على فرض النظام.
ما حدث في نيروبي: بداية تغيير حقيقي
وسط هذا الخراب، برزت مبادرة **مشروع تأسيس السودان الجديد** في نيروبي تحت رعاية الحكومة الكينية، كأمل جديد لاستعادة السودان من براثن العسكر والمليشيات. اجتمع ممثلو القوى (التي اختارت الديمقراطية والحرية ومناهضة انقلاب البرهان) الحزبية، والمهنية، والشخصيات المستقلة، والإدارات الأهلية، وحركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاقية سلام جوبا، وقوات الدعم السريع، والحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، وآخرون.
الميثاق التأسيسي يهدف إلى بناء دولة مدنية
الميثاق التأسيسي يهدف إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية علمانية تعتمد على التعددية السياسية والإثنية والدينية وحكم القانون، والمواطنة المتساوية، بدلًا من دولة الطوائف والمليشيات. وقد تم الاتفاق على عدة خطوات مفصلية، منها:
١. صياغة الميثاق الذي ينادي بالعلمانية بشكل نهائي والتوقيع عليه.
٢. عرض الميثاق على الدول الإقليمية والدولية لكسب الدعم والتأييد.
٣. مناقشة الدستور وإكمال هياكل الحوكمة.
٤. تكوين حكومة قومية لكل السودان: انتقالية تقنية إسعافية (هدفها الاول ايقاف الحرب وحماية المواطنين و عودتهم الفورية) وإعلانها داخل السودان.
لماذا يُغضب هذا الإسلاميين؟
إن الخطوة التي جرت في نيروبي تمثل تهديدًا وجوديًا للحركة الإسلامية في السودان، لأنها تنسف مشروعهم القائم على استغلال الدولة لصالح فئة أيديولوجية ضيقة. فالإسلاميون يدركون أن نجاح هذا الميثاق يعني نهاية نظام “التمكين”، وانهيار التحالفات العسكرية التي كانوا يستخدمونها للحفاظ على نفوذهم. لهذا، يسعون بكل الوسائل إلى إفشال أي حل سياسي حقيقي، واستمرار الفوضى الأمنية، حتى يظل السودان رهينة للمليشيات والفساد والتقسيم.
خاتمة: هل يكون نيروبي بداية الخلاص؟
بينما يقف السودان على حافة الانهيار الكامل، تمثل مبادرة نيروبي فرصة نادرة لتصحيح أخطاء الماضي وبناء دولة حديثة قائمة على المواطنة والعدالة. ولكن النجاح ليس مضمونًا، فالقوى المتضررة من هذا التغيير ستحارب بكل الوسائل للحفاظ على امتيازاتها. يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيتحد السودانيون لإنقاذ وطنهم، أم ستظل الحروب والانقسامات هي القدر المحتوم؟
نواصل
د . أحمد التيجاني سيد أحمد
٢٦ فبراير ٢٠٢٥ هلسنكي، فنلندا
Sent from my iPhone
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com