للوهلة الأولى قد لا يأتي إلى أذهان اللبنانيين عندما يتم ذكر عبارة "إطارات" إلا بعضا من الأمور التي ارتبطت بهذه الكلمة: إغلاق طرقات، ثورة، احتجاجات، تظاهرة، وكل ما كان يدخل في تفاصيله إحراق الإطارات.. فبوجه عام، كانت "الإطارات" وسيلة، يعبّر المحتجون من خلالها عن غضبهم عبر إشعالها، وقطع الطرقات بها.. إلا أنّ اليوم الأمر اختلف، ولم تعد الاطارات تستعمل فقط لقطع الطرقات، إنّما باتت صنعة تدرّ ذهبًا بالمعنى الحرفي للكلمة، حيث انتشرت مصانع لتدويرها عبر لبنان، وأصبحت وسيلة أساسية تدخل في العديد من الصناعات.

  فمن اللا شيء إلى الابتكار، أبصر أوّل مصنع مختص بتحويل الدولاب من مجرد كاوتشوك إلى صناعة مادية لها قيمة النور عام 2011، بعدما قرّر المهندس أحمد شمس الدين أن يستفيد من الإطارات المرمية. وبعد سنة من الابحاث والدراسات، تمكن شمس الدين من أن يطلق مصنعه المختص بالاستفادة من الإطارات عبر عدة عمليات تصل بنتيجتها النهائية إلى مادة يتم بيعها في الأسواق المحلية وتصدّر إلى الخارج. ويقول شمس الدين في هذا السياق أنّه تمكن من توظيف الدولاب لخدمة المجتمع، إذ يصرّ على أن مصنعه قادرٌ على حلّ أزمة رمي هذه الدواليب، التي بطبيعة الحال تعدّ مسألة من الصعب علاجها.   وعلى نفس الوتيرة مشى باسل حجّار، الشاب اللبناني الجامعي الذي قرّر أن يستفيد مما تعلمه في جامعته ليطبقه على أرض الواقع، بعدما لم يتمكن من إيجاد فرصة عمل تلبي طموحاته في لبنان، بالاضافة إلى عدم قدرته على السفر إلى الخارج لأنّه المعيل الوحيد لعائلته.   يقول باسل لـ"لبنان24" أنّه وخلال احتجاجات ثورة 17 تشرين، والتي داوم على المشاركة في تحركاتها، تنبّه لأزمة إطارات السيارات والدراجات والشاحنات في لبنان، حيث رصد في أكثر من منطقة تكدّس هذه الاطارات وتجميعها من قبل أصحاب الكاراجات، والتي كانوا يستغنون عنها بشكلٍ مجانيّ. ومن حينها، دأب حجّار على إعداد خطط ودراسات خاصة تمكن من خلالها التوصل إلى العديد من الصناعات التي يمكن إنتاجها بطريقة إعادة تدوير كاوتشوك الإطارات، عبر طحن مادة المطاط بتقنيات التقطيع الخاصة، وعند طحنها يتحول المطاط إلى حبيبات أو مسحوق حسب التقنية، ويستخدم عندها في الكثير من الصناعات.   وحسب حجّار، فإن أهم الصناعات التي يمكن الاستفادة منها هي تحويل هذا المطاط إلى سجاد اصطناعي، أو حتى إلى سجاد مطّاطي يستخدم في الصالات الرياضية أو في حضانات الاطفال، كما ويتم استخدامه في مزارع الأحصنة والابقار.   ومن الصناعات الاخرى المهمة التي تستطيع المصانع أن تستفيد منها، خاصة على صعيد حبيبات المطاط هي صناعة مادة "الايبوكسي"، حيث أشار حجّار إلى أنّ هذه المادة تستعمل لطلاء أرضيات حافلات النقل لمنع الركاب من الانزلاق في حالة توقف الحافلة، أو السير داخل الحافلة، بالاضافة إلى صنع مواد خاصة بالعزل وأرضيات المباني، وصناعة المواد الإسفلتية.   ومن بين هذه الصناعات، تبرز صناعة واحدة، أتقنت المصانع اللبنانية إنتاجها، حتى أصبحت سلعة ربحية رائجة مطلوبة محليًا، عربيًا، وحتى أوروبيًا، ألا وهي مطاط الإطارات الذي يُستعمل داخل ملاعب الأعشاب الاصطناعية، إذ يقول حجار في هذا السياق أن في لبنان يوجد ما يقارب 2 مليون سيارة، لنعتبر أن كل سيارة بدّلت دولابًا واحدًا في السنة، فإن 2 مليون إطار هو رقم قياسيّ، خاصةً وسط أزمة النفايات التي يعيشها لبنان. وعليه، باتت معظم مصانع تدوير الإطارات في لبنان تلجأ إلى هذه الصناعة التي تعتبر مربحة، وسوقها يمتدّ محليا وعربيًا، خاصةً مع فورة الاستثمار الرياضيّ في الدول الخليجية.   من جهتها تؤكّد اختصاصية في الصحة العامة تواصل معها "لبنان24" أن آثار حرّق الدواليب كارثية، إذ إنّ المواد التي ينقلها الدخان عبر الهواء هي مميتة، ومن شأنها أن تؤدي إلى نوبات عند أصحاب أمراض الحساسية والربو.   وتلفت إلى أن حرق الكاوتشوك أو الإطار الذي يتكون من الحديد والكتان والذي يحتوي على مواد سامة كالزنك والكالسيوم والديوكسين والنيتروجين وثاني أوكسيد الكربون، هو بمثابة الاعدام للذين يتنشقون هذه السموم. وهذه المواد، حتى لو طُمرت فإنّها تعتبر قاتلة، ومن شأنها أن تنتقل بسرعة داخل جسم الإنسان كالديوكسين.   وتشير الاختصاصية، إلى أن معظم المعامل التي تقوم بإعادة تدوير الاطارات والكاوتشوك في لبنان تعتمد تقنيات صديقة للبيئة، ولا تؤدي الى اي انبعاثات ضارة. المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: من الصناعات فی لبنان

إقرأ أيضاً:

نائب وزيرة التخطيط يلتقي ممثلي شركة ETF VINCI الفرنسية لبحث سبل توطين صناعات السكك الحديدية

التقى الدكتور أحمد كمالي نائب وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية بممثلي شركة ETF VINCI الفرنسية  والعاملة في مجال تطوير وبناء وصيانة البنية التحتية للسكك الحديدية، وذلك على هامش مشاركته بمؤتمر الاستثمار بين مصر والاتحاد الأوروبي والمنعقد على مدار يومي 29 و30 يونيو الجاري تحت عنوان "إطلاق العنان للإمكانات المصرية في عالم سريع التغير"، تحت رعاية وبتشريف السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وبحضور أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، ورئيس مجلس الوزراء د.مصطفى مدبولي.


وشارك بالاجتماع وائل زيادة مساعد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية للشئون الاقتصادية والاستثمار، فابريك جويجان رئيس مجلس إدارة شركة ETF VINCI، ماكو تورستان المدير الدولي للشركة.


وخلال اللقاء أشاد  كمالي بالشراكة الممتدة بين مصر وفرنسا، مؤكدًا اهتمام مصر بتعميق صناعة النقل بالسكك الحديدية باعتبارها صناعة مربحة لمصر وفرنسا على حدٍ سواء، مشددًا على أهمية توطين تلك الصناعات نظرًا لحجم السوق المصري وقدرته على النفاذ إلى الأسواق الخارجية خاصة الأفريقية وأسواق منطقة الشرق الأوسط كذلك.


وأوضح كمالي حرص مصر على ضرورة توطين تلك الصناعة بحيث لا يعتمد الأمر على فكرة الاستيراد فقط بل بتوطين تلك الصناعة داخليًا لتحقيق الاستفادة لمصر.


وحول الخط الرابع لمترو الأنفاق؛ أكد  كمالي اهتمام مصر باستكمال أعمال الخط الرابع لمترو الأنفاق باعتباره مشروع مهم جدًا بالنسبة لمصر كأسلوب نقل جماعي يسهم في خفض نسبة الانبعاثات باعتباره من وسائل النقل الخضراء.


وأرجع كمالي فكرة إرجاء العمل حاليًا على مشروع الخط الرابع نظرًا لحرص الدولة المصرية على العمل لتجاوز التحديات الاقتصادية وتراكم الديون الخارجية وتخفيض حجم الدين، مؤكدًا التزام مصر باستكمال المشروعات المستهدفة وتحسين البنية التحتية ومنها وسائل النقل الجماعي خاصة الخضراء منها.


وفيما يخص اللوجيستيات والميناء الجاف بالعاشر من رمضان و٦ أكتوبر، أوضح  كمالي أن قطاع اللوجيستيات من القطاعات التي اسهم في إعطاء دفعة للاقتصاد المصري والتي تهتم بها الدولة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي مع الالتزام باستمرار العمل على المشروع وكذلك مشروعات البنية التحتية المختلفة.


وختامًا تناول كمالي الحديث حول وسائل وأدوات التمويل موضحًا ضرورة أن تتضمن وسائل التمويل توفير التمويل من خلال الشراكة مع القطاع الخاص.
 

مقالات مشابهة

  • نائب وزيرة التخطيط يلتقي ممثلي شركة ETF VINCI الفرنسية لبحث سبل توطين صناعات السكك الحديدية
  • التخطيط تبحث مع شركة ETF VINCI تعزيز التعاون في توطين صناعات السكك الحديدية
  • إعلام عبري يكشف ملامح خطط إسرائيل على حدود مصر مع غزة (صورة)
  • هذه رسالة ميقاتي الحازمة ضد إسرائيل
  • رئيس هيئة الدواء يشارك في جلسة نقاشية حول تحويل مصر لمركز توطين صناعات دوائية
  • قانون جديد للكهرباء و مشاكلها المستعصية
  • وزيرة التخطيط: الدولة أطلقت عددا من الحوافز الاستثمارية لتوطين عدة صناعات
  • التصرف السليم حال انفجار كاوتش السيارة أثناء القيادة بسرعة تتجاوز 100 كم؟
  • عون يشدد على الحفاظ على جودة المنتوج والأسعار
  • ترقبوا يوم الأحد.. هكذا سيُصبح طقس لبنان!