سودانايل:
2024-11-26@13:12:25 GMT

حماس والأردن ومثقفي السعودية وتوكفيل

تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT

طاهر عمر

أتذكر جيدا أن مثقفي السعودية كانوا من أكثر المثقفين العرب حنقا على موجات الربيع العربي. و كانوا أكثر فرحا عندما آلت موجات الربيع العربي الى أيدي حركات الإسلام السياسي في تونس و مصر و ليبيا و قد فشلت جميعها و من حينها لم يفوّت مثقفي السعودية فرصة الشماتة على دول موجات الربيع العربي و ما آلت إليه من فشل حيث فشلت عشرية الغنوشي في تونس و فشلت مصر في التحول الديمقراطي و لم تقصّر السعودية و دول الخليج في دعم السيسي في تأسيس نظام حكم تسلطي في مصر و قد ساعدته في تخطي إختناقاته الإقتصادية و حتى أزمة مصر الإقتصادية الأخيرة و أموال رأس الحكمة.


عندما إنتصرت ثورة ديسمبر في السودان كانت السعودية و مصر و دول الخليج من أكثر الدول نشاط في عرقلة التحول الديمقراطي في السودان الى لحظة تدخل امريكا و إنذارها للسعودية و مصر لعدم عرقلة التحول الديمقراطي في السودان و بعدها إنسحبت مصر من ظاهر أمرها و العرقلة و بداءت تقف بجانب الجيش البرهاني و كأن أمر السودان لا يؤثر على إقتصادها و أزماته المتسلسلة أما السعودية وقفت موقف المتفرج من ازمات السودان الإقتصادية مقارنة بدورها في فك إختناقات مصر السيسي الإقتصادية و حتى حدث ما حدث من حرب عبثية في السودان قد أراحت السعودية و دول الخليج و مصر و كأنها تريد أن تقول للسودانيين ألم نقل لكم أن التحول الديمقراطي في السودان لا مكان له في عالم عربي ملئ بالسلاطين و الملوك و الامراء و غيرهم من نظم قد عافتها ظاهرة المجتمع البشري؟
الغريب في الأمر أن كثير من المفكرين في العالم العربي قد نبّهوا دول الخليج و السعودية بأن موجات الثورات العربية قد تنتكس في أول الأمر إلا أنها ستعاود الكرة أكثر عنف و لا تقف أمامها أي تبريرات واهية من مثقف إستكان لأنساق الطاعة و موروث سلطة الأب و ميراث التسلط كما كان يردد مشاري الذايدي قبل إنتصار ثورة ديسمبر في السودان و كنس الكيزان و بعد نجاح ثورة ديسمبر وقفوا موقف المتفرج و لا مساعدة لحكومة حمدوك كما فعلت السعودية و دول الخليج مع مساعدة السيسي الحاكم المصري و هو يؤسس لنظام حكم تسلطي يحارب التحول الديمقراطي في مصر و يصب في دلتا نظم حكم ملوك الخليج و سلاطينهم و امراءهم.
على أي حال طرحت السعودية مشروع 2030 إلا أنه مشروط بنجاحها في نقل التجربة الصناعية الغربية حتى تخرجها من حيز المجتمعات التقليدية الى حيز مجتمعات ما بعد الثورة الصناعية و حتى اللحظة لا توجد أي مؤشرات واضحة تدل على أن السعودية قادرة على نقل التجربة الصناعية الى حيز مجتمعها التقليدي و إذا نجحت السعودية في نقل التجربة الصناعية فعلى المدى البعيد محكومة بعلاقة الرأسمالية و طردية العلاقة مع النظم الديمقراطية و يصبح أن مصير دول الخليج و السعودية على المدى البعيد محكوم بالتحول الديمقراطي و الإصلاح السياسي طال الزمن أو قصر.
صحيح في الوقت الحاضر أن السعودية و دول الخليج تعيش في رفاه دول بسبب ما يقابل دخلها لسلعة أي البترول الطلب عليها عالمي إلا أن المجتمع البشري اليوم و بفضل التقدم التكنلوجي لم يوفر التغيير فيه أي مجتمع مهما كانت رفاهيته الإقتصادية من رفع مطالب الحرية و لذلك مصير السعودية و دول الخليج و مسألة الإصلاح السياسي يكاد يتطابق مع مصير الصين كلما إزداد إزدهارها الإقتصادي زاد همها و قلقها بما يتعلق بالإصلاح السياسي و مسألة التحول نحو النظم الديمقراطية.
و من هنا نقول أن فرح مثقفي السعودية بفشل موجة الربيع العربي في ليبيا و تونس و مصر و سوريا و اليمن بسبب خفة الأخوان المسلمين لم يتم و خاصة في هذه الأيام بعد خطابات قادة حماس الفلسطينية و محاولة إشعال ساحة الأردن في محاولة للهروب الى الأمام كعادة كيزان العالم العربي و هذا ما فتح باب هموم مثقفي السعودية و كعادة كيزان حماس و مسألة خلط الأوراق يريدون إشعال الأردن في محاولة للهروب الى الأمام.
و في نفس الوقت هروب حماس الى الأمام و محاولة إشعال الأردن بالفوضى و الخراب صحّى في نفوس مثقفي السعودية أن الإصلاح السياسي المؤجل في السعودية و دول الخليج قد أصبح أمام مهب رياح الفوضى و الحراك من أجل الخراب لأن مثقفي السعودية كانوا قساة مع ثورات الربيع العربي التي تنشد الحرية و لم يتفهموا أن ثورات الربيع العربي كانت تنشد غاية الغايات أي الحرية و سيدفع الثمن كل من يسد مجرى التاريخ الأمامي لأن الإنفجار سيأتي من الأبواب الخلفية كما يحصل من خوف لمثقفي السعودية من محاولة حماس و إشعال الأردن.
ثورات الربيع العربي في تونس و مصر و ليبيا و السودان قد أعلنت أن نظام الأشياء القديم في العالم العربي و الإسلامي التقليدي قد تأهب للخروج من التاريخ و للأسف لم يصادف ذلك رغبات مثقفي السعودية و دول الخليج فوقفوا موقف المفضوح من ثورات الربيع العربي و كان ينبغي مساعدة كل من تونس و مصر و ليبيا و السودان في هزيمة تيارات الإسلام السياسي و المضي نحو التحول الديمقراطي و هيهات لأن فاقد الشئ لن يعطيه فمن اين لمثقفي السعودية و دول الخليج مخزون من مفهوم الحرية و تحول المفاهيم فيما يتعلق بمفهوم الدولة كمفهوم حديث و مفهوم ممارسة السلطة في مجتمعات ما بعد الثورة الصناعية و هذا هو بيت القصيد؟
نقول لمثقفي السعودية أن ثورات الربيع العربي رغم فشلها بسبب تيارات الإسلام السياسي إلا أن جذوة الثورة لا تنطفي و لكم في الثورة الفرنسية مثل فمثلما عرقل الأخوان المسلمين ثورة الربيع العربي كذلك قطع نابليون مسيرة الثورة و نصب نفسه امبراطور و لكن إستمرت مسيرة المطالب بالحرية الى لحظة إنتصارها في فكرة قيم الجمهورية و كذلك فان مسيرة الحرية في العالم العربي بعد موجات الربيع العربي لن تقف و همّها سيقلق كل من وقف شامت على فشلها بسبب الأخوان المسلمين.
نذكّر مثقفي السعودية بموقف فيلسوف و مؤرخ و عالم اجتماع فرنسي و هو توكفيل كانت الثورة الفرنسية قد حكمت على أثنين من أسرته بالإعدام و لكن لم يجعله ذلك الحكم ضد الحرية كجذوة للثورة الفرنسية و أتمنى أن يتفهم مثقفي السعودية موجات الربيع العربي مثلما تفهم توكفيل الثورة الفرنسية و غاية الشعوب الحرية.
في ختام المقال أتمنى للأردن أن ينجو من فتن الأخوان المسلمين و مؤمرات حماس الفلسطينية و نفس الوقت نقول لمثقفي السعودية أن مسيرة الحرية على المدى الطويل لن توفر أي نظام حكم تسلطي و مسألة مكافحة تيارات الإسلام السياسي لن تكون بالإستكانة لنظم حكم تسلطية بل بمفاتحة نظم الحكم القديمة و التقليدية بأن زمننا زمن الحداثة و قد قضت على جلالة السلطة و قداسة المقدس كما يقول بودلير و أحسن الطرق و أقصرها أن التغيير على المدى البعيد لا محالة آت و هذه هي مسيرة البشرية تراجيدية و مأساوية و أحسن من يضبط إيقاعها هي معادلة الحرية و العدالة.
و بالتالي أحسن شئ يفعله مثقفي السعودية التكفير عن شماتتهم في موجات الربيع العربي و قد فشلت بفعل التيارات الإسلامية و للسعودية باع طويل في تغذية تيار الصحوة الإسلامية قبل أن تحترق يدها بثقاب الإرهاب بسبب دعمها للتيارات الإسلامية في زمن الصحوة و قبل أن تهاجم التيارات الإسلامية السعودية في موجات إرهابية تعاطف فيها العالم مع السعودية في حربها ضد تيارات الصحوة الإسلامية و بعدها قد رأينا ولي العهد السعودي و هو يبعد رجال الدين من المشهد السعودي و يقول معهم و بفكرهم لا يمكن أن تكون هناك حداثة و لا تنمية اقتصادية و اجتماعية.
جيد أن تعي السعودية بأن الجماعات الإسلامية لا يمكن أن تحقق نقلة في التنمية لأن التنمية مشروطة بالحداثة و حرية الفرد و لكن ينبغي على المثقف السعودي أن يدرك بأننا نحن في زمن الفرد و المجتمع و الإنسانية و هذا ما يجعلنا نقول لهم أن موروث الإنسانية يسمح لكم أن تتبنوا فكرة التحول الديمقراطي على المدى الطويل و هذا يتطلب منكم أن تدركوا الفرق ما بين الحداثة و التحديث و الحاصل في السعودية تحديث و الذي تحتاجه السعودية حداثة.

taheromer86@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: السعودیة و دول الخلیج التحول الدیمقراطی فی الأخوان المسلمین الإسلام السیاسی العالم العربی فی السعودیة دول الخلیج تونس و مصر فی السودان على المدى إلا أن

إقرأ أيضاً:

الشرق الأوسط ومذكرة اعتقال نتنياهو على طاولة "مجموعة السبع"

يجتمع وزراء خارجية مجموعة السبع قرب روما اليوم الإثنين لإجراء محادثات تستمر يومين وتركز على النزاع في الشرق الأوسط بحضور نظرائهم الإقليميين، وكذلك على الحرب في أوكرانيا.

وسيناقش الاجتماع مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت والمسؤول العسكري في حركة حماس محمد الضيف.

وتبدأ الأعمال بعد ظهر الإثنين بحضور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع جلسة أولى مكرسة للوضع في الشرق الأوسط والبحر الأحمر بعد خمسة أيام على استخدام الولايات المتحدة حقها في النقض "فيتو" في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة.

وقالت وزارة الخارجية الإيطالية في بيان إنه "ستتم مع الشركاء مناقشة سبل دعم الجهود الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة ولبنان والمبادرات الهادفة لدعم السكان وتعزيز أفق سياسي موثوق به من أجل استقرار المنطقة".

وسيتناول اليوم الثاني من المناقشات، يوم الثلاثاء، الحرب في أوكرانيا والوضع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بحضور وزراء من دول آسيوية عدة.

كما سيناقش وزراء مجموعة السبع أيضا الأزمات المستمرة في هايتي والسودان وفنزويلا.

توازيا سيجتمع وزراء خارجية دول منطقة البحر الأبيض المتوسط في روما، للمشاركة في النسخة العاشرة من "الحوارات المتوسطية" بمشاركة دول غرب البلقان للمرة الأولى.

ومن بين المشاركين وزراء خارجية كرواتيا والأردن ومصر والهند وليبيا ولبنان واليمن وفلسطين، إضافة إلى ألبانيا والبوسنة والهرسك ومقدونيا الشمالية والجبل الأسود.

وتتولى إيطاليا الرئاسة الدورية لمجموعة الدول السبع (فرنسا والولايات المتحدة واليابان وكندا والمملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا) وقد أدرجت في جدول أعمال هذا الاجتماع جلسة حوارية موسعة ستضم وزراء من السعودية ومصر والأردن والإمارات وقطر، فضلا عن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، حسبما ذكرت "فرانس برس".

مقالات مشابهة

  •  في أبطال الخليج| الاتفاق يواجه العربي القطري لحسم التأهل
  • المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط يزور السعودية لبحث وقف إطلاق النار
  • وزير المالية يترأس وفد السودان المشارك في الاسبوع العربي للتنمية المستدامة بالقاهرة
  • «دخل الربيع يضحك» .. واقع إنساني خاص وتنوع بين قصص الحب والالالم
  • "الزراعة": تخفيض قيمة رسوم حماية حقوق الملكية الفكرية لأصناف الفراولة للتصدير لدول الخليج العربي
  • وقف إطلاق النار...خلال أيام أو إلى الربيع المقبل
  • الشرق الأوسط ومذكرة اعتقال نتنياهو على طاولة "مجموعة السبع"
  • السودان يشارك في الأسبوع العربي للتنمية المستدامة في نسخته الخامسة
  • السعودية.. تدوينة من حساب الأهلي بعد خسارة الهلال أمام الخليج تشعل تفاعلاً
  • “شركة الخليج العربي للنفط” تستأنف تصنيع وشحن قطع الغيار محليًا