الكاتب الساخر والباحث في علم الأثار د- فتح العليم عبد الله في حوار عن التاريخ الاجتماعي والمخالفات الاجتماعية
تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT
حاوره: خالد البلولة
يعد الدكتور فتح العليم عبد الله أحد المختصين في في علم الأثار والباحثين في التاريخ الاجتماعي السوداني ورائد من رواد الكتابة الساخرة،تخرج في جامعة الخرطوم يعمل أستاذا مشاركا بقسم الاثار كلية الاداب جامعة امدرمان الاهلية منذ العام 1988م وحتى الأن وأصدر عددا من الكتب تناولت بعض حكايات وملامح التاريخ الاجتماعي منها كتاب الرقراق طبع بطابع العملة السودانية 2010م وكتاب أرض الطيبين عن دار النشر التربوي عام 2007م وعجائب الخرطوم السبعة وعزيز أنت يا وطني وهو مثل سائر السودانيين الذين شردتهم الحرب، التقيته بمدينة الدوحة حيث طاب له المقام مؤقتا ،التي جاء اليها زائرا وليس غائرا كما يقول أهل السودان عندما تلتقي عزيزا بعد غياب (جيتنا زائر ولا غائر) حاولت أقلب معه بعض الاوراق المطوية في تاريخ حياتنا الاجتماعية التي يسميها هو(المخالفات الاجتماعية)
**كثير من التاريخ الإجتماعي في السودان مسكوت عنه،وينظر اليه بحذر شديد مارايك ؟
التاريخ الاجتماعي في كل المجتمعات مسكوت عنه وليس في السودان ،ويسمى (المتروك عمدا)واذا لاحظت تجد الاكثر شهرة في التاريخ اخبار الحروبات والانتصارات او الاشياء القابلة للنشر الاشياء المسكوت عنها لا تنتشر بسهولة وربما يخجل منها الناس لكنها تنتشر سريعا فالاشياءالمعتادة والمشرقة لا تجد حظها من الرواج،فالرقص على صوت النقارة وقت الحصاد حاجة عادية مالوفة لكن اذا وجدت مجوعة ترقص على جثث موتاه في الخفاء يجد حظه في الذيوع والانتشار،في فترة ما كان المجتمع مجتمعا ذكوريا وفي وسطه إنتشرت مخالفات اجتماعية وكتب عنها الرحالة الأجانب بعد أن غادروا البلاد خشية الانتقام لانهم يكتبون الحقائق مجرد
**ومع ذلك كتب عدد من المؤرخين مؤلفات تناولت التاريج الاجتماعي؟ صحيح وهناك كتب في التاريخ الاجتماعي تمس شرف وثوابت المجتمع السوداني كتبها عدد من المؤرخين منهم جيمس بروس 1779 م في كتابه(رحلات لاكتشاف مصدر النيل- الجزء الرابع ص (648) وذكر فيه انه زار شندي في القرن 18 وكانت تحكمها امراة قوية وهي والدة ادريس الفحل واخت المك ود عجيب ,لم يشهد عهدها مخالفات سوى تجارة الرقيق وليس لها يد في ذلك ،وهناك ايضا كتاب رحلات الي بلاد السودان لمؤلفه جون لويس بوكهارت وهو رحالة فرنسي.
**يعد كتاب تاريخ الخرطوم تحت الحكم المصري من كتب التاريخ الاجتماعي التي اثارت ضجة كبيرة وتناول الكثير من المسكوت عنه في التاريخ الاجتماعي السوداني؟
الكتاب عبارة عن اطروحة علمية حصل بها صاحبها الدكتور احمد أحمد سيد احمد علي درجة الدكتوراة من جامعة القاهرة كلية الاداب قسم التاريخ في عام 1963م، وجدت صدفة في سوق الازبكية بمصر والكاتب والده كان في جيش الهجانة في عين شمس واعتقد أنه أخفى نفسه خوفا من بعض الاسر التي تعرض لها من خلال سرده لبعض الظواهر والممارسات المسكوت عنها يومذاك والتي هزت الضمير السوداني لكنها تظل حقائق وأورد اسماء بعض الاسر وتعرض لعوالمها السرية.
**ارتبط التاريخ بالأحداث الماضية واكتشاف الانشطة البشرية وتفسير المعلومات حول هذه الأحداث،ومع ذلك قد تتداخل الاختصاصات بين علوم اخرى؟
قد يتساءل شخص ما(هو التاريخ ده حق منو؟)او كفرع من فروع العلوم لمن يتبع؟ على سبيل المثال اذا طلبت من المؤرخين نبذة تاريخية عن تاريخ الصيدلة في السودان يتم أحالتك الي الجهات المختصة في الصيدلة او السموم او وزارة الصحة باعتبارها الجهات المختصة،واذا ذهبت الي وزارة الصحة لجمع معلومات عن تاريخ الطب السوداني يتم احالتك الي قسم التاريخ بليات الاداب،.لذلك التاريخ حاوية الاحداث،يشمل التاريخ الاجتماعي والثقافي والصحي والسياسي والحربي،فهو عبارة عن أنشطة بشرية لكل السلوكيات التي تظهر في التاريخ الانساني.
**كتابة المذكرات والسير الذاتية تعد من التاريخ وتحفل بالكثير من التفاصيل، في السودان لا نحتفي بكتابة السير الذاتية واذا كتبت تكتب بكثير من التجمل ،ويعد الشيخ بابكر بدري نموذجا خارقا للعادة،ما رايك؟
في تقديري أن بابكر بدري رجل شجاع وصادق ويمتلك جرأة لا نظير لها مقارنة بالمجتمع الذي يعيش فيه وفي وقت كانت ثقافة التابو مسيطرة علي أذهان الناس،إطلعت على النسخ الثلاثة قبل تنقيحها ،أهدتني لها ستنا بدري عمة قاسم بدري قبل ثلاثة عقود،وفقدتها بعد أن اجتاح التتار الجدد الخرطوم ومن ضمنها منزلي.بابكر بدري لا يعتد به من قبل المؤرخين كمصدر تاريخي لجرأته وتم حذف الكثير مما كتبه بعد تنقيح سيرته الذاتية ومازالت الناس تبحث عن النسخة الاولي من لكتاب غير المنقحة.التاريخ يكتب الحقائق مجردة ومن ضمنها السير الذاتية لكننا نتعامل بالقول الماثور(اذكروا محاسن موتاكم) او(عفا الله عما سلف).
**رغم أن علم الاثار له أرتباط وثيق مع التاريخ وعلم الإناسة مازلنا ننظر اليه نظرة متخلفة لانحتفي به مثل التخصصات الأخرى؟*
علم الأثار رغم أنه علم يختص بدراسة البقايا المادية التي خلفها الانسان مثل المباني والقطع الفنية والادوات والفخار والصناعات على اختلاف أنواعها،ويهتم بدراسة المحيط الذي يعيش فيه الانسان والظاهر الطبيعية المرتبطة به كالزلازل والبراكين والمناخ ودراسة الثروة الحيوانية ودراسة الثروة النباتية والحيوانية فهو تخصص مكلف جدا ولا يوجد في السودان الا في جامعتين في السودان جامعة الخرطوم وجامعة شندي،.فالاثار تنقسم الي نوعين أثر مادي ويسمى الاثار وأثر شفاهي مثل الروايات التي تحكى وطالب الاثار يدرس علوم مختلفة المناخ والجيولوجيا والكيمياء وهنالك علم من خلاله يتعرف الاثاري على عمر الشجرة الأشجار والفروع والجذور في مجتمع الغابات وأسمه علم (الديندروكرونولجي) وهي أن الشجرة تصنع حلقة حول جذعها سنويا ولذلك تجد أن عمرها يساوي عدد حلقاتها وتفيد كثيرا في معرفة التاريخ للمنطقة والموجودات فيها وحولها فالشجرة التي عمرها 300 سنة تجد لها 300 حلقة. فالجثامين تحت الأرض غير مرتبة ويصعب التعرف على الشخص كم عاش من السنوات؟ لكن توجد مادة كربونية تحدد تاريخ موت الشخص،لكن لاتسطيع أن تحدد كم عاش من السنوات ؟!وكمية الكربون في الشخص الذي عاش سبع سنوات هي نفسها في الشخص الذي عاش مائة عام او يزيد.
** اتنشار الدراما التركية عبر الفضائيات لها تاثير واضح على المجتمعات العربية لكن الحياة الاجتماعية السودانية تاثرت بالاستعمار التركي والثقافة المصاحبة له؟
الاتراك بعدما غزوا السودان بحثا عن الرجال والاقوياء والذهب مكثوا 60 عاما تركوا ثقافتهم التي احدثت تاثيرا واضحا على مجمل الحياة الاجتماعية في السودان ويظهر هذاالتاثير فى جوانب كثيرة منها نظام الغذاء طريقة المائدة(الصفرة) ونظام الملبس(الزي الافرنجي والطربوش والماكولات (العدس والفول المصري وسمي بهذا الاسم لان كان ياكله المصريين في السودان) ولا ننسى تاثير اللغة (شفخانة /اجزخانة الاشلاق/كرباج /دفتردار/مسحاج الة النجارة)وكان القصاص في السودان قبل الاتراك يتم بالسيف وادخلوا الاعدام بالرصاص والشنق بالنبوت).
**مالذى استفدته من دراسة الاثار؟
واحدة من فوائد العمل في الاثار أنها اتاحت لنا فرصة لزيارة مناطق اثرية داخل وخارج السودان وتقريبا زرت معظم المواقع الاثرية في السودان ومصر واليونان ،تعلمت من الاثار الصبر والشدة فانت تعمل في مواقع خارجية في الحر الشديد والبرد القارص ،المدرسون الذين ياتون للتنقيب ياتون في فصل الشتاء وتتكلف الجهة التي تاتي بالمنقبين الاجانب بالتكلفة مقابل ان يكون لديهم جزء من المقتنيات 51% للسودان و49 % للجهة المنقبة.
**(فيك يا مروي شفت كل جديد) تعد مدرسة مروي الثانوية علامة فارقة في مسيرة د. فتح العليم عبد الله حدثنا عن تجربتك في تلك المؤسسة التعليمية ؟
قال ضاحكا :(انت جيت في حتة فيها دقداق كتير) تعد مدرسة مروي الثانوية حاضنة وحاوية للمواهب كنت طالبا محظوظا من ضمن الاربعين المحظوظين، الذين تم قبولهم بمدرسة مروي الثانوية وكان يومذاك يمتحن عدد كبير من الطلاب من مدارس متعددة ،ويختاروا منهم 40 طالبا فقط يسمونهم الفائزين، والتحاقهم بالمدرسة الثانوية في ذلك الوقت ،يعني انت تفارق اسرتك لاول مرة وتلتقي بطلاب من مناطق شتى لاول مرة، فمدرسة مروي هي البراح الاوسع الذي يجمع شتات مختلف من الطلاب ولاننا جئناها من مناطق بعيدة ويصعب علينا الذهاب الي اهلنا كل خميس او كل 15 يوم كنا نتبادل الزيارات مع طلاب القرى القريبة من مروي.وظلت علاقاتك ممتدة ومستمرة مع زملائنا في المدارس الثانوية، ونذكر منهم على سبيل المثال الاستاذ عبد الله سيد أحمد مستشار في مجلس الوزراء بقطر وكان طالبا موهوبا حيث كان يحرر صحيفة اسمها نبتة وكان يقدم برامج في الاذاعة ايام دراسته بالجامعة ،وهناك ود- عمر النجيب وزير الصحة في حكومة الثورة وصلاح قرينات في لجنة حقوق الانسان بجنيف،وفي مروي لا انسى معلمي ابراهيم احمد طه (ابراهيم التكاسي) فهذا المعلم الانسان مكتبة تمشي على قدمين وقد حبب الي اللغة الانجليزية، في وقت كنت لا احب مادة الرياضيات (لان الله من خلقني خلقني طالب ادبي) وبيتنا مافيه زول ادبي الا عمك ده وزوجتي خريجة اقتصاد. وبعض ابنائي تخرجوا في مدرسة العلوم الرياضية.
شكرا جزيلا ..
khalidoof2010@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: التاریخ الاجتماعی فی السودان فی التاریخ عبد الله
إقرأ أيضاً:
السيد القائد: الذكرى السنوية للشهيد من المناسبات المهمة التي يحييها شعبنا ولها قدسيتها في مضمونها وأهدافها
يمانيون/ خاص
أكد السيد القائد أن قضية شهداء مسيرتنا وشعبنا، ومنذ اليوم الأول، هي قضية الأمة وفق التوجه القرآني.
وقال السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، كلمة له اليوم الخميس، حول آخر تطورات العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان والمستجدات الإقليمية والدولية، أن الذكرى السنوية للشهيد من المناسبات المهمة التي يحييها شعبنا ولها قدسيتها في مضمونها وأهدافها ولها بركاتها وآثارها الطيبة.
ونوه قائد الثورة إلى أن الذكرى السنوية للشهيد تهدف إلى ترسيخ قيم وثقافة ومكاسب الجهاد والتضحية في سبيل الله تعالى والاستنهاض للأمة تجاه مسؤولياتها، وتهدف إلى تمجيد عطاء الشهداء الذي حقق الله به النتائج المهمة للأمة.
ولفت السيد القائد إلى أن الأمم تمجد من يضحون بأنفسهم للخلاص من سيطرة الأعداء ودفع شرهم.. مؤكداً أن منزلة الشهداء في سبيل الله تعالى وقيمة الشهادة هي منزلة عالية ومرتبة رفيعة تفوق كل عطاء وتضحية.
وأضاف أن الشهادة في سبيل الله تعالى فوز عظيم طالما لا بد من الرحيل من هذه الحياة واستثمار واع لما لا بد من حصوله للإنسان.. مؤكداً أن التكريم العظيم – المعنوي والمادي – للشهادة ومقامها الرفيع يدل على أهمية الجهاد في سبيل الله وفضله.
وشدد قائد الثورة على أن الجهاد في سبيل الله تعالى هو ضرورة حتمية لكي تسود قيم الحق والخير والعدل والرحمة ولدفع الأشرار وحتى لا تبقى الساحة خالية لهم.