معركة مسيحيي الجنوب.. رابحة ام خاسرة؟
تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT
واحدة من اهم قواعد الخطاب السياسي والاعلامي المعارض لـ "حزب الله" والذي يرفعه خصوم الحزب المسيحيون بشكل اساسي، هو الحديث عن واقع القرى المسيحية في الجنوب، وان سكان هذه القرى لا يريدون الحرب التي يفرضها الحزب عليهم، اذ يقوم بإستخدام اراضيهم لاطلاق الصواريخ ما يستدعي ردّا اسرائيلياً وهذا بحد ذاته يزيد المخاطر الامنية على السكان، لذلك بات الصوت مرتفعاً جداً إنطلاقاً من هذه القضية التي بات لها موقع كبير على الساحة السياسية، اقله خلال هذه المرحلة.
ولعل الحدث الاخير عن محاولة "حزب الله" إطلاق صواريخ من اراضي بلدة رميش، باتت قضية رأي عام مسيحي إلى حدّ ما، وهذا ما يطرح السؤال عن الفوائد والارباح السياسية التي قد تحققها القوى المسيحية من هذا الخطاب وكذلك الخسائر التي ستترتب على هذه القوى في الوقت نفسه؟ فهل يمكن عملياً الإستمرار بمثل هذا التصعيد؟ وهل يمكن ان يؤدي إلى توتر حقيقي بين القرى المسيحية والقرى المجاورة؟
يجاهر "حزب الله" بأنه يحاول تجنيب القرى المسيحية اي معركة ويتجنب القيام بأي عمل عسكري من اراضيها، اقله في المرحلة الحالية التي لا تزال الحرب فيها منخفضة الوتيرة، لكن هذا الخطاب الحزبي لا يملك صدقية لدى خصومه، الذين يجدون انهم يحققون الكثير من المكاسب من التصعيد في هذه القضية بالذات، واحدى هذه المكاسب هي شدّ العصب المسيحي العام وجعله مخاصماً للحزب وهذا مضرّ بشكل واضح لصورة الحزب الوطنية ويجعله أقل قدرة على المناورة السياسية والاعلامية.
كما ان المعارضين يجدون أن توفير مساحات شعبية وجغرافية في عمق الجنوب اللبناني معارضة للحزب، تضغط عليه وتجعله أكثر ليونة في المفاوضات الحاصلة ومستعدا اكثر لتقديم التنازلات خصوصاً أن القرى المسيحية في الجنوب غير فارغة، وجزءا كبيرا من سكانها يرتادها بشكل دوري ومستمر، وعليه فإن اظهار واقع الجنوب غير موافق بكليته على خيارات الحزب الاستراتيجية هو بحدّ ذاته انتصار سياسي في وجه الحزب لا يمكن إغفاله او تجاوزه بالتوازي مع كل التطورات والظروف المحيطة.
في الوقت نفسه تخاطر القوى المسيحية بالواقع المسيحي في الجنوب، اذ ان الذهاب الى مثل هذا التصعيد الاعلامي بشكل مستمر قد يخلق اشكالات بين القرى ذات الغالبية المسيحية وجيرانها، في حين أن المرحلة الحالية تشهد نوعا من التلاقي والتقارب السني – الشيعي خصوصا في قرى العرقوب، بمعنى آخر قد لا يستطيع "حزب الله" بشكل دائم ضبط الاشكالات وقد تفلت الامور منه .
من دون ادنى شكّ أن التماسك الشيعي الشيعي، والإلتقاء المسيحي المسيحي جعل الفرز السياسي فرزاً طائفياً بالكامل، وأدى الى تحويل الخلاف الى اشتباك شيعي مسيحي، وهذا يزيد من مخاطر اي ضخّ اعلامي بإتجاهات معينة، خصوصاً في لحظة المعركة الحرب التي تجعل من ردود الفعل الانفعالية ممكنة وغير قابلة للضبط، وعليه فإن الايام المقبلة قد تشهد المزيد من التشنج بين اهالي المنطقة او اقله على مواقع التواصل الاجتماعي مع ما يعنيه ذلك من امكانية ارتفاع نسبة المخاطر. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
حروب خاسرة
أسماء الجرادي
الحروب فصول دامية من تاريخ البشرية تُكتب بالدم والدموع بين ظلمٍ وعدوانٍ يُقابله وصمودٍ وإرادةٍ، ومن أكثر الحروب وحشية تلك الحروب التي قادتها الدولة الشيطانية (أمريكا)، تلك الدولة التي بنت إمبراطوريتها على جماجم ودماء الأبرياء، من اليابان إلى الفلبين، ومن العراق إلى أفغانستان، ومن إيران إلى فلسطين ولبنان واليمن وسوريا، صورة متكررة من الجرائم ترتكبها أمريكا بوقاحة دون رادعٍ أو ضمير.
في فلسطين، تدعم أمريكا الإحتلال الصهيوني بأحدث الأسلحة والقنابل الفتاكة، لتقتل شعبًا أعزل يسعى للحياة بكرامة، ما تسببت في إرتقاء عشرات الآلاف من الشهداء، ولم تكن فلسطين وحدها هدفًا لهذا العدوان؛ فكل من وقف إلى جانب المظلومين هناك كان هدفًا لهذه الدولة الجائرة، من لبنان والعراق إلى اليمن، كانت حروب الشيطان الخاسرة، وحديثنا هنا عن اليمن، البلد الصامد بوجه هذا الطغيان.
قبل عشرة أعوام، صدر قرار الهجوم على اليمن من قلب البيت الأبيض، تحت ستار ما سُمّي بالتحالف العربي لإعادة الشرعية ، لتمارس آلة الحرب الإجرام على الأرض وقُتل الأبرياء، شُرّدت العائلات، حُوصرت اليمن ودُمرت البنى التحتية ، في محاولة لتركيع الشعب اليمني وإخضاع قيادته الحرة، لكنهم لم يُفلحوا، ولم يستسلم الشعب اليمني بل قاوموا وأنتصروا، ورغم الظلم والجبروت أثبتوا؛ أنهم أصحاب إرادة لا تعرف الإنكسار، محققين إنجازات عسكرية عظيمة، بصناعة الصواريخ والطائرات المسيرة، التي ضربت عمق المنشآت الحيوية والعسكرية في دول العدوان، وأجبرت العدو على الخضوع، وأنتزع اليمن بقوته السلام، وتوقف العدوان، لكن إرادة الصمود لم تتوقف.
ثم جاءت الحرب الصهيونية الاخيرة الظالمة على غزة، مدعومةً أمريكيًا وغربيًا، وكان اليمن حاضرًا في مقدمة المدافعين، عن إخوانه في غزة، رفض الصمت أمام تلك الجرائم المتزايدة، ومنع مرور السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر والعربي؛ للضغط على الكيان لإيقاف مجازره بحق الفلسطينيين. وردًا على هذا الموقف الشجاع، شكّلت أمريكا تحالفًا جديدًا، أوسع عالمياً في محاولة لترهيب اليمنيين، وإجبارهم على فتح الطرق البحرية لسفن الإحتلال.
أمريكا ومعها إسرائيل وبريطانيا وحلفاؤهم، واصلوا مسلسل الإجرام، فقتلوا العشرات من الأبرياء، وأستهدفوا المنشآت المدنية والوطنية، لكن كلما زادت جرائمهم وأرتقت الأرواح شهداء إزداد اليمنيون بأسًا وعظمة وكبرياء ، وكلما نزف جرحٌ على أرض اليمن، كان الغضب يشتعل في قلوبهم ويتحول الألم إلى شجاعةٍ وإستبسالٍ في مواجهة العدو، فتصاعدت العمليات اليمنية، وإزدادت الضربات ضد إسرائيل والسفن الأمريكية والبريطانية، وضُربت حاملات الطائرات والبوارج الحربية، وجميع القطع العسكرية التي تتجرأ على الأقتراب من سيادة اليمن، وأُغرقت سفنهم وعادت حاملات الطائرات الواحده تلو الأخرى، يجرون أذيال الهزيمة بعد أن تعرضن لضربات القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير المتتالية.
واليوم ارسلت أمريكا حاملات طائرات جديده؛ لتسفك أكبر قدر ممكن من الدم اليمني لعلهم يخضعون ، لكنها ما إن وصلت حتى استقبلتها النيران اليمنية ولن تجد هنا سوى الغضب والمقاومة، فاليمنيون يعرفون طريقهم جيدًا، ويدركون أن الحرب ستنتهي ليس كما تشتهي واشنطن، بل كما يقررونها هم.
أما الطائرات التجسسية MQ9، التي كانت رمزًا للهيمنة الأمريكية، فلم تعد تُحلّق يومًا إلا لتسقط بنيران اليمنيين، في مشهد يُعلن إنهيار قوةٍ كانت يومًا تُحسب أنها لا تُهزم،وأما التهديدات بالتدخل البري، التي يطلقها الصهاينة وأعوانهم، فبرغم إدراكنا لجبنهم وخوفهم من تنفيذ مثل هذه المغامرة، فإن الشعب اليمني بقيادته وقواته المسلحة، جاهزٌ لكل الأحتمالات، مستعدٌ للمواجهة، مستبسلٌ في الدفاع عن أرضه، وواثقٌ بنصر الله.
هذه هي حروب أمريكا، وهذه هي بداية النهاية لجبروتها في اليمن، حيث تظن أنها ستُحكم قبضتها، لكنها تجد هيبتها تهتز، وأن أسطورتها تُهدم وقوتها تغرق. اليمنيون شعبٌ حمل السلاح بعزيمة، وقاتل بإيمان، ومهما خسر وضحى وتألم، لن يسمح لأي عدوان أن يمر دون رد، وستُكتب في هذه الأرض صفحات من التاريخ المشرق، تروي قصة إرادة شعوبًا لم تقهرها آلة الحرب، وسيكون اليمن شاهدًا على سقوط القوة الأمريكية، وزوال الطغيان، ودرسًا للعالم عن أن إرادة الشعوب، بإذن الله، هي الأقوى وسيكون النصر حليف المؤمنين وهذا وعد الله رب العالمين.