موقع النيلين:
2025-01-29@06:02:30 GMT

رشان أوشي: التطهير واجب وطني (١)

تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT


إذا كان هناك شيء يصلح شعاراً في هذه المرحلة من مراحل الحرب على السودان، فهذا الشيء هو “التطهير واجب وطني”، على فكرة هذا الشعار قبل أن يتحدث حول مضمونه الجنرال “ياسر العطا”، رفعته أحزاب ثورة أبريل ١٩٨٥ م، في مواجهة عناصر نظام الجنرال “نميري”، هي ذات الأحزاب التي أعلنت النيابة العامة اليوم أسماء بعض من قياداتها مطلوبين لدى العدالة برفقة آخرين.

ففي مرحلة مبكرة من مراحل الحرب، شاع الحديث عن ضرورة “البحث عن بدائل”، بدائل للنادي السياسي القديم الذي تفرق دمه بين عملاء وآخرين عاجزين عن فعل شيء،. عندما تحدث الشعب علنا عن هذا، كانت “قوى الحرية والتغيير_المجلس المركزي” تستعرض مع نفسها ومع غيرها من الأطراف المعنية صوراً متنوعة لقدرتها على تمريغ أنف الجيش في الوحل، وإرغامه على إيقاف الحرب ومصالحة “الدعم السريع” عبر الضغوط الدولية، والتهديد بسلاح العقوبات، ولكنها لم تكن تريد أن تفهم أن كل صيغة غير سودانية لما اصطلحت على تسميته فيما بعد بأنه “الجبهة المدنية_تقدم” هي صيغة محكوم عليها بالفشل مسبقاً.
وعلى مدى ما يقرب من خمسة أعوام هي عمر النظام الذي نتج عن حراك ديسمبر حتى الآن وفي خضم الحرب، حولت قوى الحرية والتغيير المشهد السياسي السوداني إلى ما يشبه حقل التجارب للبدائل المقترحة. ومن الواضح أن كل بديل غير سوداني كان يذهب إلى طريق مسدود، فكانت سرعان ما تعود عنه لتنخرط في البحث عن بديل آخر. ولم تكن النتيجة في كل مرة مختلفة عن سابقتها؛ لأن القاعدة التي تقول إنك لا يمكن أن تفعل الشيء نفسه للمرة الثانية ثم تتوقع نتيجة مختلفة، هي قاعدة لا تزال صحيحة.

إن طبائع الأمور تقول إن الصراع الذي أنتج الحرب، له أسبابه التي أخرجته إلى النور، وما لم نتعامل مع هذه الأسباب نفسها، فليس أمامنا سوى أن ننتظر طوفاناً آخراً، ولكن بثياب مختلفة طبعا؛ لأن التاريخ لا يكرر نفسه بالطريقة ذاتها أو بالشكل ذاته، واهم هذه الأسباب هي اختراق النادي السياسي السوداني مخابراتياً من قبل الدول التي تسعى لاحتلال السودان عبر وكلاء محليين.

في الوقت الذي عقد فيه قادة “تقدم” الآمال العراض على تصريحات “كباشي” واعتبروها غزلاً ربما ينتهي إلى شهر عسل مدني_عسكري جديد في اليوم التالي، إلا أن بإعلانهم مطلوبين لدى العدالة بالسودان، بتهمة المشاركة في جرائم الحرب والتحالف مع العدو، تأكدوا أن “اليوم التالي” الذي ينتظرونه لن يأتي.

أوامر النيابة العامة بالقبض على قادة “تقدم” خير دليل على أن الأيام التالية التي تنتظرها لن تكون إلا سودانية دماً و لحماً ، اذاً عليها أن تستدير من جديد وتفتش عن بديل غير الذي قادها إلى هذا المآل، وغالب ظني أنها في المرة القادمة، ثم في كل مرة تالية، تجد نفسها من جديد أمام ما هربت منه ابتداء عند الخطوة الأولى!
محبتي واحترامي

رشان أوشي

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

المبادرة الغائبة التي ينتظرها الفلسطينيون

#المبادرة_الغائبة التي ينتظرها #الفلسطينيون _ #ماهر_أبوطير

بين يدي أرقام متضاربة حول عدد الأطفال الأيتام في قطاع غزة، بعض الأرقام القديمة حول عدد الأيتام قبل الحرب تتحدث عن أربعين ألف طفل يتيم، وبعض الأرقام الجديدة بعد الحرب تتحدث فقط عن ثمانية وثلاثين ألف طفل يتيم، وهناك تقديرات متفاوتة ومتغيرة ومتناقضة، لكنها كلها من حزمة عشرات الآلاف.

فلسطين وسورية ودول عربية أصبحت من أوائل شعوب العالم من حيث عدد الأيتام، بما يعنيه اليتيم هنا من حاجة وفقر وحرمان وحاجة للدعم والرعاية النفسية، والتعليم، وكأن قدر هذا المشرق، أن يكون الأغنى من حيث الثروات وسط العالم العربي، لكنه أيضا الأغزر في ظاهرة الأيتام، وما ينتج عنها من كلف قاسية.

هناك مؤسسات للأيتام في قطاع غزة، ودور متخصصة لرعايتهم، تم تدميرها خلال الحرب، وعموم الغزيين لا يقبلون بنقل الطفل اليتيم من عائلته إلى عائلة ثانية، أو إلى دور أيتام، حيث أن التكافل الاجتماعي مرتفع جدا، وهذا يعني أن أي طفل يتيم لديه أهل متبقين من هذه الحرب الدموية سينتقلون إلى رعايتها، مع ادراكنا أن كل الوضع الاقتصادي والاجتماعي سيئ، حيث تشير الأرقام أيضا إلى وجود أربعة عشر ألف أرملة، وأرقام مرعبة أيضا حول مبتوري الأطراف، إضافة إلى أرقام الشهداء الذين لا يعرف عنهم أحد أي معلومة لوجودهم تحت الانقاض، أو بسبب الاختطاف وعدم إقرار إسرائيل بمصيرهم، أو انهم قضوا خلال التعذيب.

مقالات ذات صلة بين “بلفور” و “ترامب” 2025/01/26

ارتفاع أعداد الأيتام من نتائج الحرب، وهم بحاجة اليوم إلى مبادرة عربية كبرى، أو فلسطينية، أو عربية فلسطينية، من أجل مساعدتهم، وإدخال الأفراد على خط دعمهم من حيث كفالة الأيتام ماليا، ومساندة هؤلاء، وهكذا مبادرة قد تطلقها أي دولة أمر مهم جدا، حتى لا تبقى قصة الأيتام أيضا تحت صراع التنافس بين جهات عديدة، تجمع المال، ولحاجتنا إلى معلومات محددة”داتا” حول كل طفل، ووضعه، وعنوانه، واحتياجاته، وهذا بحاجة الى جهة متخصصة، لديها القدرة على جمع البيانات في القطاع، وتصنيفها بشكل عاجل، لتحديد الأولويات، إضافة إلى جهة موثوقة تتولى إدارة كل العملية على الصعيد المالي، والحاجة أيضا إلى مساهمة الأفراد الفلسطينيين والعرب في هكذا مشروع ضخم جدا، لتكفيل الأطفال الأيتام.

قطاع غزة أمام مهمات صعبة جدا، من حيث كلف إعادة الإعمار، واستعادة الاقتصاد، والحياة الطبيعية، والتخلص أيضا من الظواهر التي نشأت على خلفية الحرب، مثل لصوص المساعدات، أو حتى الصرافين والتجار الذين يأخذون ثلث قيمة أي حوالة مالية محولة من خارج غزة إلى داخل غزة، وكأن أهل غزة ينقصهم هذا الاجرام والاتجار بدمهم، في الوقت الذي لا بد فيه لجهات موثوقة تولي كل العمليات وتحديدا ما يتعلق بالملف الذي أشرت اليه، أي ملف الأيتام، بما يعنيه من أهمية أيضا تفرض على رأس المال الفلسطيني في كل مكان، القيام بدور مضاعف، خصوصا، ونحن نعرف أن بين الفلسطينيين أغنياء كثر في كل دول العالم، وبينهم أيضا طبقة وسطى متعلمة وتجارية ذات دخل مرتفع، وإذا كنا هنا لا نتهم أحدا في وطنيته أو اهتمامه باحتياجات أطفال غزة، فإن ملف الأيتام تحديدا، بحاجة إلى وقفة مختلفة، تساهم فيها دول أيضا، حتى تكون العملية ممتدة وواسعة، ويشارك بها آلاف القادرين من الفلسطينيين ومن العرب والمسلمين، في ظل حاجة القطاع إلى الدواء والغذاء ومستلزمات كثيرة ومتنوعة، بعد الذي تعرض له القطاع من مجازر.

عشرات آلاف الأطفال الشهداء في هذه الحرب وحروب ثانية، وعشرات آلاف الأطفال الأيتام من نتاج هذه الحرب وحروب ثانية، والفاعل المجرم واحد، لكننا أيضا علينا واجب كبير، في التخفيف عنهم، حيث لا تنفعهم شعاراتنا، ولا دموعنا.

المال الفلسطيني والعربي ساند الغزيين على مستوى الدول وما يقدمه الأفراد أيضا، حتى لا نتورط في إنكار أحد، لكننا نتحدث عن مرحلة ما بعد الحرب ومتطلباتها تحديدا، والمبادرة الغائبة التي ينتظرها الفلسطينيون في غزة، بخصوص الأيتام وكفالاتهم ودور رعايتهم وتأمين احتياجاتهم وتعليمهم، أساسية، خصوصا أن بعض الأيتام أصبحوا بلا أهل أو أقارب بعد إبادة العائلات وهذا أخطر ما في هذا الملف.

الغد

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية: مصر دائما تقدم كل الدعم السياسي والمادي والمعنوي للأشقاء الفلسطينيين
  • أمين عام نقابة التجاريين: العودة حق والإعمار واجب وطني على كل عربي
  • أحمد سامي سليمان: التهجير القسري للفلسطينيين مرفوض.. وتوحيد الصف واجب وطني
  • تركيا تقدم دورات مجانية في وظائف مختلفة مع مكافآت مالية مغرية للمشاركين
  • الألم والوجع الذي احسه السودانيون بسقوط مدني فاق اي احساس آخر طيلة فترة الحرب
  • الحرب القادمة في اليمن… ما الذي تعنيه أوامر ترامب؟!
  • الفارسي: العراقيل في غرب ليبيا تعيق تقدم الحوار السياسي والعسكري
  • وفاة الفكر السياسي الذي أدمن المعارضة وتربى عليه الناشطون في الجامعات وأركان النقاش
  • المبادرة الغائبة التي ينتظرها الفلسطينيون
  • بدر: حماية الجنوب واجب وطني على عاتق الجيش