مسؤول في حركة طالبان: “ربطة العنق” التي يرتديها الرجال ترمز إلى “الصليب” لذا يجب التخلّي عنها!
تاريخ النشر: 28th, July 2023 GMT
عمان- “رأي اليوم”: قال محمود هاشم المسؤول الرفيع في حركة طالبان الأفغانية إن ربطات العنق التي يرتديها الرجال ترمز إلى الصليب لذا ينبغي التخلّي عنها. محمود هاشم شهيد ورور، وهو رئيس إدارة الدعوة والإرشاد، قال بأنه “أحياناً، عندما أتوجّه إلى المستشفيات وغيرها من الأماكن، يستخدم مهندس أو طبيب أفغاني مسلم ربطة العنق”.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
إلى روح هارون هاشم رشيد
حين عملت محررا صحفيا بدءا من عام 1995، أي قبل ثلاثة عقود، لفت نظري أمران، الأول وهو ما يتعلق بما كانت تبعثه وكالات الأنباء من صور من قطاع غزة، إضافة لمواد صحفية متنوعة، كانت تقصد بعث ما يظهر غزة وشقيقاتها بمظهر الخراب والعشوائية ومناظر الفقراء والمعوزين، ما يعني إننا إزاء ظاهرة التركيز بسوء نية على جوانب مختارة من حياة غزة، وكوني محررا ثقافيا أيضا، فقد صرت أقترح مواد تتعلق بالتراث المعماري في القطاع، وجوانب تتعلق بالجوانب المدينية بما يلائم عراقة غزة، أخت يافا، ولعلني في قادم الأيام أكتب شيئا يتعلق بكيفية ظهور غزة بالذات في الصحافة الفلسطينية التي تأسس جزء منها بعد عام 1994، مع تأسيس السلطة الوطنية.
أما الأمر الثاني، فكان ما اعتاد شاعرنا الكبير الراحل هارون هاشم رشيد على بعثه لصحيفة الحياة الجديدة، والذي كان يقرنه مع أجمل القصائد، ألا وهو كتاباته النثرية عن قطاع غزة الحبيب؛ فأراني مدينة غزة كأعرق ما تكون المدن العربية، رأيت غزة الأربعينيات حتى هزيمة عام 1967، قبل أن يضطر شاعر الثورة للبقاء في مصر، ليعود بعد ثلاثة عقود.
وهكذا فقد كانت فرصة لنا لنرى غزة، من خلال مناظير متنوعة؛ فكل بما يرى، وما يبعث من مواد حسب توقعه من موافقة وكالات الأنباء، التي للأسف راحت «تنمط» غزة والغزيين/ات، إضافة للأقلام والكاميرات الواعية والموضوعية التي أرتنا غزة من جوانب متنوعة.
أما المواد التي تحفظنا على معظمها فكانت لصحفيين عشرينيين، في حين كانت المواد الإيجابية لكتاب وصحفيين أربعينيين وخمسينيين وما فوق.
كنا نرى عن بعد كوننا نقيم في الضفة الغربية التي لم يكن من السهل علينا زيارة غزة إلا بتصاريح الاحتلال التي ظلت تقل حتى صارت محدودة.
تعرفت من خلال هارون هاشم رشيد ومن خلال العشرات إن لم تكن مئات المقالات عن غزة، ما لم نتعلمه من مصادر أخرى، ثم ما كان بعدها بقراءة ما تيسر من تاريخ غزة، كمدينة عريقة ضمن شقيقاتها على البحر يافا وحيفا وعكا، وفي الجبال كالقدس ونابلس والخليل، حيث كان من السهل تعميق المعرفة بمكانة غزة ودورها في النهضة الثقافية التي انطلقت في فلسطين أواخر الحكم العثماني، وخلال الاحتلال البريطاني لفلسطين، فالحالة العلمية والثقافية لم تبدأ بالاحتلال البريطاني، بل كانت موجودة في الدولة العثمانية، وقد ارتبطت موضوعيا مع التطور الذي حدث في العالم، من خلال كثافة السكان والمنتوجات وانتشار التعليم والثقافة بل والفنون.
وقعت غزة والساحل الفلسطيني بين مصر ولبنان، وهذا ما أشار إليه الدكتور عادل منّاع، حين ذكر «أن الساحل الفلسطيني تأثّر في النصف الأول من القرن العشرين بنموذجين للحداثة في كل من مصر ولبنان»، علما أن غزة ومدن الساحل وحواضر فلسطين في الجبل، كانت مشاركة في الحداثة التي ظهرت.
ولعل القوة الكامنة في غزة، المدينة الوحيدة التي بقيت من فلسطين على الساحل ما بين نكبة عام 1948 وهزيمة عام 1967، قد تجلت بشكل مهم عند تحليل الوطنية الفلسطينية، حيث أمكن، وأسباب أخرى، الحفاظ على الهُوية الفلسطينية.
قبل فترة، استمعنا لعالم الاجتماع الشاب البروفيسور أباهر السقا، عاشق غزة، وأكثر من يضيء عليها وعلى دورها، فذكرنا بكون غزة من أكبر المدن الفلسطينية، واستعرض سياقات حداثة غزة آخر القرن التاسع عشر، مع تأسيس البلدية، حيث عرفنا من خلال محاضرته كيف تجلى وعي مصطفى العلمي وفهمي الحسيني في التفكير بتخطيط مدينة غزة كمدينة حديثة لها شوارعها وساحاتها وأسواقها، في ظل معيقات سلطات الاحتلال البريطاني، التي سطت على تاريخ غزة حين هدمت جزءا من التراث المعماري العريق في البلدة القديمة، والذي شمل للأسف هدم المسجد الكبير.
كان رئيس البلدية فهمي الحسيني بعيد النظر، حين فكر بالاستفادة من العلم الحديث، حيث استقدم عام 1921 مهندس تخطيط مدن من إيطاليا.
ومن الجميل أن السقا كان موضوعيا حين قارن بين الحكم العثماني والاحتلال البريطاني، حيث إنه حين ذكر عن نوايا الدولة العثمانية بالتطوير، فقد أوضح أن الاحتلال البريطاني فيما بعد رفض التطوير مبررا ذلك بالتكلفة العالية، وربما يفسّر ذلك تسارع التحديث في حواضر الساحل أكثر منها.
وانطلاقا من منظوره التحليلي حلل الدكتور السقا، أستاذ علم الاجتماع في جامعة بيرزيت توسعة مدينة غزة بعد الاحتلال البريطاني حتى نكبة فلسطين عام 1948، وما تم من حراك اقتصادي-اجتماعي؛ مثال ذلك حيّ الرمال، كذلك كحال السكان شرق سكة الحديد وغربها.
من ميزات المدينة الساحات والشوارع العامة، والمتنزهات، ما يعني أن التحديث في بداية العشرينيات، كان يهدف إلى إيجاد مدينة كبيرة فعلا، تكون البنية الأساسية قد تهيأت لها، ولعل الحديث عن وجود 7 دور سينما ناشطة في غزة، له دلالة اجتماعية حول الجمهور الغزيّ.
وبينما كان حديث الدكتور أباهر السقا عن حداثة غزة، تحدث دكتور جوني منصور المؤرخ الحيفاوي المعروف عن حداثة حيفا، ضمن ندوة غنية في مركز خليل السكاكيني في رام الله، حملت عنوان حداثة الساحل، ذكرتنا بما كتبه عالم الاجتماع الفلسطيني المعروف البروفيسور سليم تماري، في كتابه الجيل ضد البحر: دراسات في إشكاليات الحداثة الفلسطينية، الذي صدر قبل عقدين.
إن استمرار دراسة حداثة فلسطين، في سياق النهضة العربية الحديثة، شرط لحيوية الحديث عن الشعب الفلسطيني، الذي كان حاضرا بقوة في وطنه، ما يعني الوقوف ضد أكاذيب الاحتلال التي أشاعت أن فلسطين وطن بلا شعب، لشعب بلا وطن.
ونختتم، بأنه في ظل ذبح غزة، من خلال حرب الإبادة، فإن غزة تزداد حضورا، بتاريخها العريق، حتى لو تعرضت المباني للتدمير، فهناك شعب نشيط محب للحياة، قادر على البناء ثانية، كما فعل دوما بعد كل الزلازل التي ضربت المكان، لكن لم تضرب روحه.