ثلاثة حوادث غير متزامنة وقعت في أحلك الظروف التي تعيشها البلاد. الأول المواجهة الدموية التي حصلت على أطراف عين الرمانة بين عدد من شبان المنطقة وآخرين من المنطقة المقابلة كانوا في تظاهرة. ولولا تدّخل الجيش لكان وقع المزيد من الضحايا. أما الحادث الثاني فهو دموي أيضًا ووقع على كوع الكحالة بين أبناء البلدة وعناصر تابعة لـ "حزب الله" عندما وقعت شاحنة أسلحة على هذا الكوع الخطر بعدما حاول البعض مصادرتها قبل أن يتدّخل الجيش ويفصل بين الذين تبادلوا إطلاق النار.

الحادث الثالث لم يكن دمويًا عندما اعترض أهالي بلدة رميش الحدودية على إقدام عناصر من مجاهدي "المقاومة الإسلامية" على نصب منصة لإطلاق الصواريخ على إحدى التلال المشرفة على البلدة. لكن تدّخل الجيش حال دون تفاقم الوضع وتدحرجه إلى ما لا تحمد عقباه.
ففي كل مرّة كان الاستقرار الداخلي والسلم الأهلي مهددين كان الجيش دائمًا بالمرصاد ليس في عين الرمانة أو الحكالة أو رميش فقط، بل في كل مكان من لبنان، حيث الحاجة ماسة إلى جود فاعل للجيش الوطني المحصّنة تركيبته الداخلية والملقح ضد "فيروس" الطائفية والمذهبية. فلا خوف عليه اليوم من الانقسام على نفسه كما حصل في العام 1975، إذ أصبح بعد 49 سنة محصنًا أكثر، خصوصًا بعدما أصبحت لديه مناعة ضد أي تدّخل سياسي في شؤونه الداخلية، وهو أثبت أنه لكل الوطن وليس لفئة محدّدة دون أخرى، وأنه الضمانة الأكيدة لوحدة داخلية معرّضة للاهتزاز عند المنعطفات الخطيرة، التي غالبًا ما يكون لها ارتباطات خارجية وتأثيرات داخلية لها علاقة بالتركيبة المجتمعية الهشّة، والتي تُترجم حاليًا بالامتناع الجماعي عن انتخاب رئيس للجمهورية، وإن كان البعض يفضّل استمرار الشغور الرئاسي على أن يؤتى برئيس "صورة على الحائط".
قيل في غفلة من الزمن أن الأمن الداخلي ليس من صلاحية الجيش، بل من مهمة قوى الأمن الداخلي، التي تقوم بدورها كاملًا، ولكن عندما يتعلق الأمر بما يمكن أن يهدّد السلم الأهلي فإن مساندة الجيش قوى الأمن الداخلي تصبح من ضرورات الضرب بيد من حديد على أيدي كل من يحاول العبث بأمن الناس، خصوصًا أن "الخلايا الإرهابية النائمة" لا تزال تتحين الفرص لإثارة الفتن الداخلية. فوجود الجيش بما لديه من هيبة في الأماكن الحساسة لا يزال يخيف جميع الذين يحاولون الاصطياد في المياه العكرة.
وكما استطاع الجيش، بما له من صدقية ورصيد شعبي، أن يفصل بين المتقاتلين في محيط عين الرمانة والكحالة، وحال دون تفاقم الوضع في رميش، فإن المطلوب اليوم وقبل الغد أن ينتشر عند الحدود الجنوبية عملًا بالقرار 1701، وأن يقوم بمهمة الدفاع عن كل لبنان في حال قررت إسرائيل القيام بأي مغامرة عسكرية ضد لبنان، وبالتالي نزع أي حجة تتلطى وراءها تل أبيب لتبرير اعتداءاتها على القرى الحدودية الأمامية، وتاليًا لشن غارات عدوانية على كل الأراضي اللبنانية.
فوجود الجيش على الحدود الجنوبية كما على الحدود الشمالية والشرقية كما في الداخل ضرورة وطنية، ولذلك فإن تقويته وزيادة عديده وتسليحه بأحدث الأسلحة المتطورة هي أكثر من ضرورة وطنية إن لم نقل ضرورة قومية. فكما أو وجود الجيش في الداخل وعند الملمات الكبرى حاجة ماسة للحؤول دون تفاقم أي حادث أمني أو أي احتكاك داخلي فإن وجوده على الحدود الجنوبية هو أكثر من حاجة ماسة لنزع فتيل التفجير ولفصل الساحة الجنوبية عن أي ساحة أخرى، وحصر مسألة التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يعاني ما يعانيه في غزة بالمواقف السياسية ورفع الصوت في وجه المحتل في المحافل الدولية.
فدور الجيش أن يكون حيثما يدعوه الواجب، سواء في الداخل أو على الحدود، وبالأخص الحدود الجنوبية، في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن عبر موفدها آموس هوكشتاين إلى تطبيق القرار 1701 تدريجيًا، بعدما تبلّغ لبنان استعداد المجتمع الدولي على دعم الجيش وتطوير قدراته، عدّة وعديدًا. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الحدود الجنوبیة عین الرمانة على الحدود

إقرأ أيضاً:

تفاصيل اجتماع حزب الله مع وفد حماس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استعرض الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله مع وفد قيادي من حركة حماس آخر التطورات الأمنية والسياسية في فلسطين عمومًا وغزة خصوصًا وأوضاع الجبهات في لبنان واليمن والعراق.

وأكد الطرفان على "مواصلة التنسيق الميداني والسياسي وعلى كل صعيد بما يُحقّق الأهداف المنشودة".

ومنذ 7 أكتوبر انخرط نصرالله بالحرب مبررا ذلك بأنه "نصرة" لغزة وجزءا من معادلة وحدة الساحات التي تجمع حلفاء طهران في المنطقة.

وبانخراط نصرالله ذاك بات كل الشعب اللبناني محصورا في طوق من الخطر الذي يهدد حياته بظل أوضاع معيشية واقتصادية هي الأسوأ في تاريخ البلاد على الإطلاق.

وتتسارع حدة التوتر على جبهة لبنان، لا سيما مع اختيار الحزب الرد على اغتيال قادته من خلال توجيه الصواريخ والمسيرات على الشمال الإسرائيلي، ليكون عنوان أيام لبنان الفائتة وربما القادمة الرد والرد المضاد على هاوية حرب متوقعة في أي لحظة.

وفي السياق، اقترح المبعوث الرئاسي الأمريكي آموس هوكستين بنزع السلاح في جنوب لبنان، وانسحاب قوات الرضوان مسافة 10 كيلومترات عن الحدود؛ سيضفي الشرعية على هجوم إسرائيلي هدفه إعادة الأمن إلى الشمال.

وبحسب اقتراح هوكستين، سيتم إزالة الأسلحة الثقيلة لحزب الله، بما في ذلك الصواريخ وقاذفات قذائف الهاون والطائرات بدون طيار من المنطقة، وفي المقابل، توافق إسرائيل على بعض التعديلات على الحدود بين البلدين.

وبانتظار رد الحزب على مقترح المبعوث الأمريكي آموس هوكستين يتوقع مسؤولون إسرائيليون أن نصر الله سيرفض المقترح وبالتالي سيقدم لإسرائيل المسوغات لشن الحرب واكتساب دعم الحلفاء.

ونظرا لاتساع قدرات حزب الله العسكرية منذ حرب 2006 حتى اليوم ستكون الحرب القادمة إن وقعت أسوأ حرب يعيشها لبنان المنهك من انقسامات سياسية حادة تلعب إيران دورا بارزا فيها.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: الحل السياسي والدبلوماسي هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق بين لبنان وإسرائيل
  • حريق هائل في شمال إسرائيل إثر سقوط صاروخ من جنوب لبنان.. فيديو
  • بيلاروس: لن نتسبب في تصعيد التوترات على حدود أوكرانيا.. لكننا سنرد على أي استفزازات
  • تفاصيل اجتماع حزب الله مع وفد حماس
  • أهم مشكلة تعاني منها السيارات الكهربائية
  • «القاهرة الإخبارية»: حكومة نتنياهو تقرر الاستمرار في الحرب على غزة رغم الإخفاق الداخلي
  • بأكثر من 200 صاروخ.. حزب الله يقصف مقار الاحتلال في الجليل والجولان
  • هذه هي أبعاد مهمة المبعوث الأميركي في فرنسا
  • إسرائيل تكشف تفاصيل الهجوم على مقر الجيش في لبنان عام 82
  • لإجراء محادثات بشأن لبنان.. هوكستين في باريس