تتجلى عظمة شهر رمضان المبارك، في ارتباطه بفريضتي الصوم والزكاة وما يمثله ذلك من روحانية تنعكس على مستوى واقع المواطن وحياته اليومية وتعامله مع الآخرين.
وبالرغم من الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها أبناء الشعب اليمني، إلا أن اليمنيين لم ينسوا واجباتهم المقترنة بفريضة الصيام والمتمثلة في إخراج الزكاة وتعزيز قيم التآزر والتلاحم والتكافل المجتمعي.


حيث تشكل فريضة الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة المقترنة بالصلاة والتي ورد ذكرها في 82 آية من كتاب الله تعالى، ما يعكس أهميتها في تعزيز التكافل المجتمعي وحماية الفقراء ومن شملتهم مصارف الزكاة الثمانية من الانحراف والبحث عن وسائل دخل غير مشروعة.
وتجسد مشروعية الزكاة في الإسلام إحدى مبادئ التراحم والتكافل الاجتماعي بين أبناء الأمة ووسيلة إصلاح النفوس وتهذيبها من الشح والبخل ودرن الذنوب والمعاصي.
وتكمن حكمة مشروعية الزكاة في الإسلام في تزكية الأموال وتطهير النفس من الشح والبخل باعتبارها فضيلة من فضائل البذل والعطاء، وتطهير المال ومباركة في الرزق وحماية الأسر الفقيرة من التشرد والتشظي بإعطائهم ما يكفيهم لسد حاجتهم كحق مشروع، كما بين سبحانه وتعالى « وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ».
وقد جعل الله تبارك وتعالى الزكاة حقاً واجباً للفقراء والمساكين تُخرج من أموال الأغنياء ليسود الحب بين أفراد المجتمع والتعاون، ويغيب الحسد والحقد والصراع الطبقي ليحل التوافق والتكامل والسلم الاجتماعي.
وألزم الإسلام تسليم الزكاة ليس منًة ولا تطوعاً وإنما حقً للفقراء والأيتام والمساكين، كما جاء في قوله تعالى « إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ».
وعرف العلماء أصناف الزكاة الثمانية المذكورة في الآية الكريمة أن الفقراء هم ممن لا يجدون كفايتهم، والمساكين قسم خاص من الفقراء وهم الذين يتعففون عن السؤال ولا يفطن لهم الناس، فيما العاملون على الزكاة هم الذين يتولون العمل على جمع الزكاة ولو كانوا من الأغنياء، ويدخل فيهم الجبأة والحفظة لها والرعاة للأنعام منها والكتبة لديوانها.
وأوضحوا أن المؤلفة قلوبهم هم الذين يراد تأليف قلوبهم وجمعها على الإسلام أو تثبيتها عليه لضعف إٍسلامهم أو كف شرهم عن المسلمين أو جلب نفعهم في الدفاع عنهم وفى الرقاب يشملون المكاتبين والأرقاء، فيعان المكاتبون بمال الصدقة لفك رقابهم من الرق ويشترى به العبيد ويٌعتقون والغارمون الذين تحملوا الديون وتعذر عليهم أداؤها فيأخذون من الزكاة ما يفيء ديونهم وفى سبيل الله المجاهدون في سبيل الله يٌعطون من الزكاة سواء كانوا أغنياء أم فقراء، ويُنفق من الزكاة على الإعداد للحرب وشراء السلاح وأغذية واحتياجات الجند وابن السبيل المسافر المنقطع عن بلده فيعطى من الزكاة ما يستعين به على تحقيق مقصده.
كما عّرف العلماء الزكاة أنها الجزء المخصص للفقير والمحتاج من أموال الغني، إذ تحسب الزكاة بنسبة 5 ر 2 من المدخرات السنوية إذا تعدت النصاب والزكاة مشتقة في اللغة العربية من زكا، وتعني النماء والطهارة والبركة وإخراج الزكاة طهره لأموال المسلم وتقرباً إلى الله.
وتعكس أهمية الزكاة في الإسلام في كونها ركناً أساسياً من أركان الإسلام، فٌرضت على كل مسلم قادر تنطبق عليه شروط إخراجها سواء ما يتعلق بزكاة الفطرة أو زكاة الأموال من ذهب وثمار وأنعام ونحل ومدخرات وتجارة قال تعالى» إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون».
وأوضحت كتب الفقه أن الزكاة في الإسلام هي أول نظام عرفته البشرية لتحقيق الرعاية للمحتاجين والعدالة الاجتماعية، باعتبارها تشكل نموذجاً مثالياً لانتقال الأموال وعدم بقائها في أيدي الأغنياء وإنما تنتقل إلى الفقراء دون إحراج لهم أو منًة من أحد، وإنما فريضة أحقها الله تعالى لهم.
ويرى العلماء أن إخراج الزكاة يسهم في زيادة تماسك المجتمع وتكافل أفراده والقضاء على الفقر وما يرتبط به من مشاكل اجتماعية واقتصادية وأخلاقية، وحٌدد نصاب الزكاة بعشرين مثقالاً من الذهب وهي تساوى 85 جراما من الذهب الخالص ونصاب الفضة بمائتي درهم، تساوي 595 جراما من الفضة الخالصة، فيما نصاب العملات الورقية هو ما يكافئ 85 جراما من الذهب الخالص ويتغير بتغير قيمة العملة، ومتى امتلك الإنسان النصاب زيادة على حاجاته وحاجات أسرته الأساسية لمدة سنة قمرية وجبت عليه الزكاة.
ويظل اليمنيون حريصون على أداء الشعائر الرمضانية المتمثلة في تأدية الصلوات المفروضة في أوقاتها وإخراج الزكاة والاستزادة من كتاب الله وتعاليمه والتقرب إلى المولى جل وعلا بالدعاء في أن يفرج عنهم الكروب والمحن ما ظهر منها وما بطن، وإحلال السلام على الأرض اليمنية التي عاثت قوى العدوان وأدواتها الفساد ودمروا البنية التحتية وكل مقومات الحياة الإنسانية ومصادر دخل العدد الكبير من اليمنيين.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: الزکاة فی الإسلام من الزکاة

إقرأ أيضاً:

كيف تتوب إلى الله توبة نصوحًا؟ دليل عملي للعودة إلى الخالق

التوبة إلى الله باب واسع مفتوح أمام كل من أذنب أو أخطأ، وهي فرصة عظيمة للعودة إلى رحمة الله ومغفرته، فالله سبحانه وتعالى يحب التوابين ويفرح بتوبتهم. قال الله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ» [البقرة: 222]. ولكن كيف يمكن للإنسان أن يتوب توبة نصوحًا ويبدأ صفحة جديدة مع الله؟

مفهوم التوبة النصوح

التوبة النصوح هي الرجوع الصادق إلى الله تعالى بإخلاص وندم على ما فات، مع العزم على عدم العودة إلى الذنب، والسعي لتعويض ما فات من خير، وقد قال الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا» [التحريم: 8].

خطوات التوبة النصوح

1. الإخلاص لله في التوبة: يجب أن تكون التوبة خالصة لله تعالى، دون رياء أو هدف دنيوي.


2. الندم على الذنب: الندم هو ركن أساسي من أركان التوبة، حيث يشعر الإنسان بحزن حقيقي على ما ارتكبه من أخطاء.


3. الإقلاع عن الذنب: لا تكون التوبة صادقة إلا بترك الذنب فورًا والابتعاد عن كل ما يؤدي إليه.


4. العزم على عدم العودة: يجب أن يعزم التائب على عدم العودة إلى الذنب مرة أخرى، حتى لو واجهته مغريات.


5. رد الحقوق إلى أصحابها: إذا كان الذنب متعلقًا بحقوق الناس، فيجب إعادة الحقوق أو طلب السماح منهم.

 

علامات قبول التوبة

الشعور بالراحة النفسية والسكينة بعد التوبة.

الحرص على الطاعات والعبادات، مثل الصلاة، وقراءة القرآن، والصدقات.

الابتعاد عن رفقاء السوء، واستبدالهم برفقاء صالحين يعينون على طاعة الله.


فضل التوبة في الإسلام

التوبة لا تعيد الإنسان إلى الله فقط، بل تغسل ذنوبه كأنها لم تكن، فقد قال النبي ﷺ: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» [رواه ابن ماجه].

 

وفي النهاية تذكر أن باب التوبة مفتوح أمام الجميع، مهما بلغت ذنوبهم، فالله أرحم من أن يغلق بابه أمام تائب، اجلس مع نفسك، وأخلص نيتك لله، واطلب منه العفو والمغفرة، وتذكر قوله تعالى: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ» [الزمر: 53].

 

مقالات مشابهة

  • الشيخ ياسر مدين يكتب: في الصوم
  • من هو النبي الذي قتل جالوت؟.. تعرف على القصة كاملة
  • من هم الرجال الستة الذين يظهرون قبل نهاية العالم؟
  • مذاهب العلماء في أركان الصيام.. الإفتاء توضح
  • حكم صبر الإنسان عند الإبتلاء بالفقر أو الغنى
  • ذكر نبوي لقضاء الديون: دعاء يعينك على التوفيق
  • حكم تأجيل العمل وقت الدوام ليكون إضافيًّا.. الإفتاء توضح
  • كيف تتوب إلى الله توبة نصوحًا؟ دليل عملي للعودة إلى الخالق
  • لـمـاذا أنـا هـنـا؟
  • معنى الأهلة قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ﴾