كتبت هيام قصيفي في" الاخبار": مع فشل متصاعد للمبادرة واتصالات تشكيل الحكومة أكثر من مرة، ومن ثم الدخول بخطى متعثّرة في ملف رئاسة الجمهورية، عانى الدور الفرنسي إرباكات متعددة، ساهم فيها تعدد الموفدين الفرنسيين ودخول أكثر من شخصية على خط الملف الرئاسي، وتعارض وجهات النظر في أحيان كثيرة بين الإليزيه والخارجية والسفارة في بيروت، حتى في التفاصيل الصغيرة.


مع حرب غزة، عاودت فرنسا الأسلوب نفسه، ولكن هذه المرة بأدوات جديدة (وزير خارجية ورئيس استخبارات خارجية جديدان)، وبإمساك الإليزيه بمفاصل اللعبة الخارجية، لكنها انتهت بين اقتراحات وأوراق يجري تبادلها إلى مراوحة أقرب إلى الفشل.
في الملفين، لا تزال الانتقادات والسلبيات أكثر من الإيجابيات، ما أدّى إلى تراجع دور الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في الملف الرئاسي، ولو أنه أصبح أكثر حضوراً في العلاقة مع أطراف اللجنة الخماسية. ولا يتعلق ذلك بملاحظاته على القيادات اللبنانية وسوء ممارستها للعمل السياسي، بقدر ما يتعلق بمفهوم عمل مختلف بينه وبين فريق الإليزيه، وهو أمر ينسحب على أكثر من معني بشؤون لبنان.
وفي ملاحظات معمّقة إزاء التعثر الفرنسي في ملفَّي الرئاسة والجنوب، يعيد الإليزيه، رغم ملاحظات إقليمية وداخلية، نسخ الأسلوب نفسه المستمر منذ سنوات رغم أنه أثبت فشله. وهو في إعطائه مجالاً رحباً لحكومة تصريف الأعمال ولحزب الله، ساهم بشكل فعال في عدم التوصل حتى الآن إلى أي ملامح حل للأزمتين الراهنتين. فرغم كل ما يقال، لا تزال الخطوط مفتوحة بين باريس وحزب الله، لكنّ هناك تساؤلات عما قدّمه الحزب حقيقة إلى فرنسا. فحتى الآن ما يظهر هو العكس. أعطت باريس الحزب مجالاً رحباً للتواصل وللانفتاح الفرنسي والأوروبي، وكذلك قدّمت إليه أكثر مما بادرها هو بتقديم ما يؤدي إلى ضمان تسويات سياسية. وثمة انطباع بأن الحزب يبقي قنوات الحوار مفتوحة، لكنه ضمناً ينتظر ما قد يقدّمه الأميركيون فيعطيهم ما لم يعطه للفرنسيين. وتجربة الوساطة المتعثّرة في الجنوب دليل واضح، رغم ما يعنيه لفرنسا بسبب وجود قوة فرنسية عاملة ضمن اليونيفل.
على الخط الحكومي يمكن القول إن باريس تبقي مجال التنسيق قائماً، وهو ما يجعل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مرتاحاً في دوره، رغم اعتراضات محلية على خطوات تقوم به حكومته في غياب رئيس الجمهورية. هذا الاطمئنان يسمح للحكومة بالتصرف من دون ملاحظات خارجية، ولا سيما من فرنسا التي لولا تغطيتها لما كانت الحكومة استرسلت في مسارها. إضافة إلى تنسيق - الحزب غير بعيد عنه - في مجالات مختلفة ولا سيما الاقتصادية منها، عبر مشاريع تحظى بتغطية الطرفين. ولا يخرج أداء الحكومة عن إطار «تطبيعي» للوضع الداخلي، بفعل اقتناع ضمني بأن باريس لن تقف في مواجهة الحكومة، لمصلحة أطراف سياسية أخرى تعترض على أداء الحكومة دورَ رئيس الجمهورية. وبين حزب الله والحكومة يصبح ملف الرئاسة ضائعاً ولا يتقدم خطوة إلى الأمام. وهذا التعثر لا يتعلق فحسب بملف الجنوب الذي أردات فرنسا من خلاله التعويض عن فشلها السابق وإبقاء خيط رفيع من الاتصالات موصولاً معها، إنما كذلك لأن الانطباع الذي يتكرّس حتى في الدوائر الفرنسية أن ما سيُعطى لفرنسا لن يكون على القدر الذي تشتهيه إدارة ماكرون في لعب دور إنقاذي. فالحل والربط جنوبياً ورئاسياً لا يزالان في يد واشنطن. لكن للأطراف الثلاثة مصلحة في إبقاء التواصل قائماً، وخصوصاً فرنسا من باب الحضور في لبنان ولو شكلياً، حتى تصل اللحظة المناسبة.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: أکثر من

إقرأ أيضاً:

بعد الجدل حول تمثال الحرية.. هل تستطيع باريس استعادة هديتها التاريخية من واشنطن؟

في خطوة غير مسبوقة، دعا السياسي الفرنسي وعضو البرلمان الأوروبي، رافائيل غلوكسمان، الولايات المتحدة إلى إعادة تمثال الحرية إلى فرنسا، زاعمًا أن أميركا لم تعد تستحق هذا الرمز الذي قدمته باريس لها قبل ما يقارب 140 عامًا.

اعلان

وجاءت هذه التصريحات خلال خطاب ألقاه غلوكسمان أمام أنصاره في حزبه اليساري الصغير "المكان العام"، حيث قال: "لقد كان تمثال الحرية هديتنا لكم، لكن يبدو أنكم تحتقرونه. لذا، أعتقد أنه سيكون أكثر سعادة معنا".

وعكست هذه التصريحات صدمة أوسع في الأوساط السياسية الأوروبية من التغيرات الجذرية التي أحدثها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في السياسات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة.

وأضاف غلوكسمان أن القيم التي يمثلها التمثال، مثل الحرية والديمقراطية، لم تعد تُحترم بالشكل الكافي في الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن فرنسا قد تكون المكان الأنسب لاستضافة هذا الرمز التاريخي في الوقت الحالي.

هل يمكن لفرنسا "ترحيل" التمثال من أميركا؟

ورغم مطالبات غلوكسمان، فإن احتمال استعادة فرنسا لتمثال الحرية يكاد يكون مستحيلًا. فبحسب منظمة اليونسكو، التي أدرجت التمثال ضمن قائمة التراث العالمي، فإن النصب الشهير هو ملك للحكومة الأميركية.

وقد أُهدي التمثال إلى الولايات المتحدة في الأصل عام 1886 كرمز للصداقة بين البلدين، بمناسبة الذكرى المئوية لاستقلال أميركا. وعلى الرغم من أن التصميم والنحت كانا فرنسيين، فقد تكفلت الولايات المتحدة ببناء القاعدة، بينما غطت فرنسا تكاليف التمثال نفسه.

السياسي الفرنسي وعضو البرلمان الأوروبي، رافائيل غلوكسمانPascal Bastien/Copyright 2025 The AP. All rights reserved.

ولم يتأخر الرد الأميركي على التصريحات الفرنسية. فقد علّقت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، قائلة إن على فرنسا أن تكون "ممتنة" للدور الأميركي في الحربين العالميتين الأولى والثانية.

وأضافت بلهجة حادة: "نصيحتي لذلك السياسي الفرنسي المغمور هي أن يتذكر أن الفرنسيين لا يتحدثون الألمانية اليوم إلا بفضل الولايات المتحدة الأميركية". لكن هذا الرد تجاهل دور فرنسا المحوري في دعم استقلال الولايات المتحدة خلال حربها ضد بريطانيا.

المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، تقول بأن تمثال الحرية سيبقى مكانهتوتر في العلاقات بين باريس وواشنطن

وفي حين أن حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون لم تدعم دعوة غلوكسمان، إلا أن العلاقات الفرنسية-الأميركية تمر بفترة حساسة. فباريس تتعامل بحذر مع سياسات ترامب، إذ يسعى ماكرون للتعاون معه في بعض الملفات، بينما يعارضه بشدة في قضايا أخرى مثل التعريفات الجمركية.

وفي الوقت نفسه، كان رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، أكثر حدة في انتقاداته لترامب، واصفًا تعامله مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ"الوحشي"، ومحذرًا من أن تأجيل المساعدات العسكرية لكييف قد يمنح روسيا انتصارًا استراتيجيًا.

من جهته، لم يخفِ غلوكسمان انتقاداته، حيث وصف ترامب بـ"السلطوي" واتهمه بأنه "يُقدّم أوكرانيا على طبق من فضة" لروسيا.

Relatedبرج إيفل مغطى بحجاب إسلامي.. فيديو دعائي يثير جدلاً واسعاً في فرنساماكرون يواجه تشكيك ترامب: فرنسا كانت وستبقى حليفًا مخلصًا للناتوفي ظل التقارب بين واشنطن وموسكو.. وزراء دفاع أوروبا يناقشون استراتيجية جديدة لدعم أوكرانيا تمثال الحرية... رمز تحت الجدل السياسي

استشهد غلوكسمان في خطابه بالكلمات الشهيرة للشاعرة الأميركية إيما لازاروس عن التمثال، الذي وصفته بـ"المرأة القوية التي تحمل المشعل"، والتي وعدت بأن يكون وطنًا "للمتعبين، والفقراء، والجماهير المتعطشة للحرية".

واختتم حديثه قائلاً: "اليوم، هذا البلد لم يعد ما كان عليه".

وعلى الرغم من الجدل السياسي المحتدم، فإن تمثال الحرية سيبقى، كما يبدو، في موقعه الشهير المطل على نيويورك، شاهدًا على العلاقات المتقلبة بين أميركا وفرنسا.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاهد: مطالبين بوقف "الإبادة الجماعية في غزة".. ناشطون يهود يحتلَون تمثال الحرية في نيويورك شاهد: تنصيب نموذج مصغر لتمثال الحرية بالسفارة الفرنسية بواشنطن شاهد: من فرنسا إلى أمريكا.. وصول النسخة المصغرة من تمثال الحرية إلى جزيرة إليس فرنساالولايات المتحدة الأمريكيةدونالد ترامبالبيت الأبيضحرية التعبيرتمثالاعلاناخترنا لكيعرض الآنNextعاجل. مع استئناف الغارات.. كاتس يهدد حماس: "أبواب الجحيم" ستفتح في غزة والحركة تعلن مقتل رهينة إسرائيلي يعرض الآنNext اشتباكات دامية بين لبنان وسوريا... تصعيد مؤقت أم شرارة لانفجار أوسع؟ يعرض الآنNext بيرو: إعلان حالة الطوارئ في ليما بعد مقتل مغنٍ شهير واندلاع موجة عنف واسعة يعرض الآنNext كيف يحتال تجار المخدرات على القانون السويدي لبيع القنب الهندي بشكل قانوني؟ يعرض الآنNext "وول ستريت جورنال": ترامب أعطى الضوء الأخضر لإسرائيل لاستئناف الحرب اعلانالاكثر قراءة حريق مأساوي في ملهى ليلي بمقدونيا الشمالية.. والأهالي يرفضون تسليم جثث أبنائهم كوريا الجنوبية: تصادم بين مسيرة إسرائيلية الصنع ومروحية ولا إصابات أعاصير وحرائق غابات وعواصف ترابية تجتاح عدة ولايات أميركية وتودي بحياة 39 اليمن: ضحايا ما زالوا تحت الأنقاض جراء الغارة الأمريكية وعمليات البحث مستمرة هل اقتربت نهاية الحرب الروسية الأوكرانية؟ اتصال مرتقب بين ترامب وبوتين يوم الثلاثاء اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبحركة حماسسورياضحاياغزةإسرائيلالصراع الإسرائيلي الفلسطيني حزب اللهالاتحاد الأوروبيوقف إطلاق النارلبنانهيئة تحرير الشام الموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • باريس: لسنا مسؤولين عن التوترات مع الجزائر
  • بسبب دوري أبطال أوروبا.. تعديل موعد مباراة باريس ونانت بالدوري الفرنسي
  • بعد الجدل حول تمثال الحرية.. هل تستطيع باريس استعادة هديتها التاريخية من واشنطن؟
  • باريس سان جيرمان يظفر بنقاط الكلاسيكو أمام مارسيليا ويقترب من لقب الدوري الفرنسي
  • باريس سان جيرمان يقترب بشدة من حسم لقب الدوري الفرنسي
  • باريس سان جيرمان يتخطي مارسيليا بثلاثية ويحسم كلاسيكو الدوري الفرنسي
  • إنريكي يعلن تشكيل باريس سان جيرمان لمواجهة مارسيليا في كلاسيكو الدوري الفرنسي
  • قائمة باريس سان جيرمان استعدادًا لكلاسيكو فرنسا أمام مارسيليا
  • وزير الداخلية الفرنسي يلوّح بالاستقالة إذا تراجعت باريس عن موقفها بشأن المهاجرين الجزائريين
  • وزير الداخلية الفرنسي يهدد بالاستقالة إذا لينت باريس موقفها في ملف الجزائر