أخبارنا:
2025-02-07@02:32:14 GMT

الزيادة في سعر البوطا.. هل هي مجرد كذبة أبريل؟!

تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT

الزيادة في سعر البوطا.. هل هي مجرد كذبة أبريل؟!

بقلم: إسماعيل الحلوتي

في خضم مسلسل ارتفاع الأسعار المتواصلة حلقاته منذ شهور، والذي انعكست آثاره سلبا على غالبية المواطنات والموطنين، سواء منهم المنتمون للطبقات الفقيرة وذوو الدخل المحدود أو للطبقات المتوسطة، ولاسيما في هذا الشهر الفضيل رمضان حيث تتضاعف المصاريف اليومية. وفي الوقت الذي مازالت آلاف الأسر المغربية الفقيرة تنتظر حدوث "معجزة" للاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر، وإن كانت تعلم مسبقا أنه حتى في حالة ما إذا تحقق حلمها وحصلت على تلك ال"500" درهم في الشهر، فإنها لن تكون كافية للتخفيف عنها من أعباء الحياة وتكاليفها.

أبت بعض الجهات إلا أن تروج أخبارا زائفة عن استعداد حكومة عزيز أخنوش للزيادة في سعر "البوطاغاز" بما قدره 10 دراهم دفعة واحدة ابتداء من فاتح أبريل 2024 ليقفز بذلك ثمن القنينة من فئة 12 كيلو غراما إلى 50 درهما عوض أربعين فقط.

ذلك أنه بينما كان الحديث يدور بحنق ومرارة حول إقدام السلطات على توقيف "الدعم المباشر" لعدد من الأسر المغربية الفقيرة، ويتساءل الكثيرون منهم عن المعايير المعتمدة في انتقاء الفئات المستهدفة، خاصة منهم أولئك الذين فوجئوا بإشعارات على المنصة الخاصة بالدعم، تخبرهم من خلالها برفض طلباتهم واستبعادهم من قائمة المستفيدين، تحت ذريعة عدم توفرهم على شروط الاستفادة وفق معايير جديدة بما في ذلك امتلاكهم لقنينة غاز ذات الحجم الكبير وهاتف نقال، بعد أن كانوا يستفيدون منذ نهاية شهر دجنبر 2023، مما أثار حالة من السخط وموجة عارمة من الغضب، فإذا بمعظم المغاربة يتفاجؤون بعزم الحكومة تنفيذ وعدها في رفع الدعم تدريجيا عن غاز البوتان، عبر تفعيل قرار الزيادة في سعر "قنينة الغاز"، ليصبح ثمن "البوطاغاز" من فئة 12 كيلوغراما هو 50 درهما، وهو ما اعتبره البعض هدية مسمومة في هذه العشر الأواخر من شهر الغفران رمضان، خاصة أنه سبق للحكومة أن أعلنت عن هذا القرار ضمن إجراءات التقليص التدريجي لنفقات دعم الدولة. 

بيد أنه لم يلبث أن اكتشف المواطنون بأن الأمر لا يعدو أن يكون "كذبة أبريل"، بعد أن مر اليوم الأول من شهر أبريل بسلام، وبقيت "البوطاغاز" في مكانها دون أن يصيبها ما يجعلها تحلق بهم بعيدا في الهواء.

وهنا كان لا بد من التساؤل حول ما إذا كان أمر الزيادة في "البوطاغاز" مجرد "كذبة أبريل"؟ يبدو أنه ليس كذلك، وإنما يرجح أن يكون "بالون اختبار" مادامت الحكومة أعلنت في وقت سابق عن نيتها في إنهاء مرحلة استفادة الجميع من دعم "البوطاغاز"، رافضة أن يستمر الأغنياء في شراء قنينات الغاز بنفس الثمن المخصص للفقراء، وهو ما أكده رئيسها عزيز أخنوش عندما كشف في أواخر شهر أكتوبر 2023 إبان مداخلة له أمام أعضاء البرلمان في جلسة عمومية مشتركة بين مجلسي النواب والمستشارين، عن عزم حكومته إقرار العمل بالسجل الاجتماعي الموحد وصرف الدعم المباشر للأسر المستحقة، موازاة مع الشروع في الإلغاء التدريجي للدعم المخصص لقنينات الغاز مع مطلع شهر أبريل 2024، وأضاف قائلا بأن "البوطا" التي تباع للمستهلك ب"40" درهما حاليا، يصل سعرها الحقيقي إلى 130 و140 درهما، وهو ما تضطر معه الدولة إلى أداء الباقي من الميزانية العامة.

وبالرغم من كون الزيادة في أسعار قنينات الغاز لم تدخل حيز التنفيذ صباح يوم الاثنين فاتح أبريل 2024 كما كان مبرمجا لها بعد المصادقة على قانون المالية برسم سنة 2024، ومن أن حالة من القلق والتوجس استبدت كثيرا بالمواطنات والمواطنين، فإن هذا لا يعني أن الحكومة ستتراجع عن قرار الرفع التدريجي لدعم غاز البوتان ومن ثم الزيادة في سعر "البوطاغاز"، وإنما أرادت فقط تأجيل ذلك إلى حين نهاية شهر رمضان وصدور قرار حكومي رسمي، تفاديا لكل ما من شأنه أن يتسبب في إثارة المزيد من الاحتقان وتهديد الاستقرار والسلم الاجتماعي.

إننا لا نعترض عن الزيادة في سعر "البوطاغاز" بشكل تدريجي إلى أن يصل 70 درهما سنة 2026، مادام الهدف هو إلغاء صندوق المقاصة وقطع الطريق أمام كبار الفلاحين والأثرياء الذين يقدمون على شراء أعداد كبيرة منها بنفس ثمن الفقراء، بيد أننا نرفض بشدة حرمان آلاف الأسر الفقيرة من الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر بدعوى ارتفاع "المؤشر"، ونطالب بإعادة النظر فيه حتى تعم الفائدة على قدم المساواة بين كافة المستحقين، والزيادة العامة في أجور الموظفين والعمال ومعاشات المتقاعدين، الذين لا نعلم الجهة التي تصر على إقصائهم عند إقرار أي زيادة مهما كانت جد هزيلة.

 

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: الزیادة فی سعر

إقرأ أيضاً:

في مناقب الباقر العفيف (1 – 3)

لقد عشت ومعي العديد من الأصدقاء المقربين من الراحل العزيز، الدكتور الباقر العفيف، مراحل صراعه مع المرض، عن كثبٍ، منذ أن اكتشف إصابته به منذ حوالي سبع سنوات. وقد ظل الأمل يحدونا، طيلة هذه السنوات، أن يتحقق له منه الشفاء التام، خاصةً وأن دورات العلاج الأولى التي امتدت لسنواتٍ، وتنوَّعت بين العلاج التقليدي في الولايات المتحدة، والعلاج البديل في كل من ألمانيا والمكسيك، قد أحدثت إبطاءً ملحوظًا في تقدم المرض. ومما أنعش أملنا في تحقُّق الشفاء التام له، أن سرطان البنكرياس يُعدُّ الأخطر، فهو لا يمهل من يصيبه سوى بضعة شهور. لذلك، ما أن تعدت مقاومة الأخ الباقر له العامين، هدأت مخاوفنا قليلاً، وأصبحنا أكثر أملاً في بلوغه التعافي التام. وعمومًا مهما كان نوع المرض، ومهما كانت درجته من الخطورة، فإن الشفاء التام منه يحدث أحيانا. إلى جانب ذلك، فإن الأدب القرآني ينبهنا قائلاً: "وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ".
إلى جانب ما تقدَّم، كانت لدى الباقر همة عالية لا تعرف الونى. كما أن الله حباه بخاصية الصبر الجميل، والتركيز العالي على معيشة اللحظة الحاضرة، دون شكوى، والانحصار في أداء واجباته التي نذر لها نفسه في التنوير، وفي الفعل السياسي، والناشطية المدنية. كل تلك الخصائص النادرة، التي اتسم بها الباقر، وعلى رأسها عدم الشكوى، جعلتنا نشعر أنه في طريقه إلى التعافي. لكن، في الشهور الست الأخيرة إزدادت عليه وطأة المرض، ومع ذلك ظل منشغلاً بالهم العام، بأكثر مما هو منشغلٌ بأمر نفسه. عاش الباقر ممسكًا بالميزان، بدقة، بين تدهور حالته الصحية وتفاقم الآلام والمقاساة، وبين أداء ما يراه واجبًا عليه. لم يجزع الباقر قط من يد الموت التي كانت تمد براثنها إليه، ولم يبعده ذلك عن الانشغال بالهم العام، حتى بلغ الكتابُ أجله، وأسلم الروح إلى بارئها راضيًا مرضيا.
الواجب المباشر
في وصيته التي قمت بنشرها الأسبوع الفائت، أشار الباقر إلى "الواجب المباشر". و"الواجب المباشر" تعبيرٌ استخدمه الأستاذ محمود محمد طه ليسمى به سلسلة من ندوات التربية الداخلية للجمهوريين والجمهوريات التي كان يقيمها. وقد هدفت ندوات الواجب المباشر إلى تنمية قدرة الفرد على معرفة أي واجباته هو الأوجب، الذي ينبغي أن يجد عنده الأولوية على غيره. كانت تلك الندوات ضمن مئات الندوات الداخلية التي طرقت مواضيع أخرى متعلقة بالسلوك وبالعرفان. ولقد كانت أولى الندوات الداخلية التي حضرتها للأستاذ محمود محمد طه، في منزل أحد إخواننا الجمهوريين في عام 1972، واحدةً من ندوات "الواجب المباشر". حينها، كنت طالبًا في السنة الثانية في كلية الفنون. وهو الوقت الذي بدأت أتعرف فيه على فكر الأستاذ محمود محمد طه وأقترب من الدخول في مجتمعه الصغير الذي صنعه.
ما تعلمته من جلسات الواجب المباشر، أن معرفة الواجب المباشر ومنحه الأولوية تعتمد على عنصرٍ آخر، هو الحيدة العقلية. والحيدة العقلية لا تأتي إلا عن طريق العبادة المجوَّدة والتَّفَكُّر الذي يقود إلى الرضا بما اختاره الله لك. وقد ورد في حكم ابن عطاء الله السكندري، قوله: "من وثق بحسنِ اختيارِ الله له، لم يتمنّ غير الحالة التي هو فيها". وهذا مقامٌ لا يقومه إلا من بلغوا شأوًا في التوحيد والمعرفة بالله والرضا به. فالمرء قد يختار، أحيانًا، واجبًا أقلَّ مباشرة، وأقل أهمية، فيندفع إلى أدائه، جاعلاً منه واجبًا مباشرًا، في حين يكون السبب هو مجرد الهروب من الواجب المباشر الحقيقي، الذي يكون أداؤه أكثر مشقةً من الذي اختاره. فالمرء، على سبيل المثال، قد يتحجج أمام نفسه ويخدعها بأن واجبه المباشر هو زيارة قريبٍ له مريض في المستشفى، ليتجنب واجبًا آخر يقتضي منه سفرًا شاقًا وخروجًا عن الروتين المعتاد. وهذا مجرد مثال لنقيس عليه عليه.
الذي أعاد إلى ذهني ذكرى تلك الأيام وتلك الجلسات ما شاهدته من الباقر في الأعوام الأخيرة من حياته الخصبة المثمرة. لقد جسَّد الباقر العفيف ما تلقاه من تربيةٍ علي يد الأستاذ محمود محمد طه، في هذا المضمار، تجسيدًا لافتًا. لم يعذر الباقر نفسه، وهو تحت ضغط الآلام الهائلة واعتلال الصحة وضعف البدن عن واجبٍ قط. وهذا من المَحَكَّات التي يظهر فيها نور المعرفة الذي يجعل صاحبه قادرًا على تحييد عقله وتحديد أي الواجبات أوجب، وهو ما يقود إلى الإمساك بزمام النفس، وإلزامها بأداء الواجب المباشر في الوقت المطلوب. لقد كان في وسع الباقر أن يجعل من الإخلاد إلى الراحة، بين جلسات العلاج التي تتقارب أحيانًا، وتتباعد أحيانًا أخرى، عذرًا عن المشاركة في العمل العام، لكنه، لم يفعل. لقد ظل يقوم برحلاتٍ متعاقبة في أوقاتٍ متقاربةٍ من أمريكا إلى شرق إفريقيا. شملت أديس أبابا ونيروبي وكمبالا، وهي تمتد أحيانًا إلى عشرين ساعة، وهي مما يصعب حتى على الأصحاء.
مركز الخاتم عدلان
عندما تعرَّفتُ على الباقر في نهايات سبعينات القرن الماضي، كان طالبًا في كلية التربية بجامعة الخرطوم. ولقد لمحت فيه منذ ذلك التاريخ، سمات الشخصية المستقلة دفَّاقة الحيوية. افترقنا عقب إعدام الأستاذ محمود محمد طه في عام 1985، ولم ألتقه مرةً أخرى، إلا عندما زرته في مانشستر في عام 1997، وهو في معمعة التحضير لدرجة الدكتوراه. ثم افترقنا مرة أخرى ولم نلتق إلا في واشنطن حوالي عام 2005، عندما جرى اختياره زميلا باحثًا في معهد الولايات المتحدة الأمريكية للسلام، لمدة عام. وحين قدمت في واحدةٍ من زياراتي من قطرٍ إلى الخرطوم، في عام 2007، بعد غيابٍ مستمر عن السودان، بلغ 18 عامًا، وجدته قد أسس مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية. كنت أزوره في كل زيارة لي من الدوحة إلى الخرطوم، وأدهش من مقدراته الإدارية وصبره على العمل. كان الباقر يسكن في الطابق الثاني من مبنى المركز، لا يفصل بين غرفته ومكتبه سوى جدار. ويمكن أن يلخص المرء حياته في تلك الأيام بأنها انتقالات متكررة بين سرير نومه وكرسيه في مكتبه المجاور لغرفته، الذي كان يجلس عليه، أحيان كثيرة، لأكثر من اثنتي عشر ساعة في اليوم.
تأسس مركز الخاتم عدلان في يوليو 2007م وتم إغلاقه ومصادرة أصوله بواسطة مفوضية العون الإنساني في 31 ديسمبر 2012. وقد ظل المركز منخرطًا عبر سنواته الخمس تلك في صراع لا يتوقف مع مفوضية العون الإنساني التي يهيمن عليها جهاز الأمن الكيزاني. كانت تلك الفترة هي فترة ما بعد اتفاقية نيفاشا. وكان على السلطات أن تبدي مرونة تجاه حرية الرأي وإفساح المجال لأنشطة المجتمع المدني المختلفة. لكنها كانت تمنح المساحة باليد اليمنى، ثم لا تلبث أن تقلصها باليد اليسرى, فالكيزان، كما هو دأبهم، لا يخشون شيئًا مثلما يخشون مناخ الحرية والديمقراطية وحيوية المجتمع المدني. لقد كان المركز في سنواته الخمس تلك شعلة من النشاط لا تهدأ أبدًا. فقد أجرى العديد من الدورات التدريبية للشباب من الجنسين في مختلف جوانب بناء القدرات. كما أقيمت فيه الندوات في مختلف المواضيع، إلى جانب العروض الموسيقية. أيضًا، أسس المركز ناديًا للسينما، كما شرع في إصدار الكتب. تزايد الإقبال على المركز، الأمر الذي أزعج السلطات. باختصار، حرك المركز ركود المجال العام، وركود المجال العام حالة يعشقها الكيزان ويعملون على خلقها واستدامتها. لذلك، ما أن انتهت الفترة الانتقالية، وانفصل الجنوب، سعوا عبر عديد المسوغات الواهية إلى إغلاقه. فكان الإغلاق وكان الانتقال إلى يوغندة.

(يتواصل الأسبوع المقبل).

elnourh@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • موعد صرف مرتبات شهر فبراير 2025 وموعد الزيادة
  • الزيادة السكانية خطر يهدد التنمية.. تحركات برلمانية عاجلة ومطالب بحوافز للأسر الملتزمة
  • مصطفى مدبولي: الحكومة تعطي أولوية خاصة للحد من الزيادة السكانية
  • مدبولي: حوكمة ملف الزيادة السكانية هيخلي البلد في حتة تانية
  • باسل رحمي: نتعاون مع البنك الدولي والوكالة الإيطالية والجمعية المصرية للاستثمار المباشر لتقديم الدعم
  • «إعادة إعمار الشمال».. كذبة إسرائيلية تهدد بانفجار أزمة في الأراضي المحتلة
  • دونتشيتش: ظننت أن انتقالي إلى ليكرز "كذبة أبريل"
  • في مناقب الباقر العفيف «1 – 3»
  • كرستيانو رونالدو: القول بأنى ليس كاملاً هو كذبة
  • في مناقب الباقر العفيف (1 – 3)