اتفق محللون سياسيون ومسؤولون غربيون سابقون على أن الموقف الأميركي الداعم لإسرائيل في حربها على قطاع غزة لحقه تغير غير مسبوق بعد تصاعد استهداف المدنيين وعمال الإغاثة الدوليين، لكنهم رأوا ضرورة استمرار الضغط لتطوير هذا التغير وتثبيته.

ووجهت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أقوى توبيخ علني لإسرائيل منذ اندلاع حربها على قطاع غزة، وحذرت من أن السياسة الأميركية بشأن غزة يمكن أن تتغير وأنها ستتحدد بناء على ما إذا كانت إسرائيل ستتخذ خطوات لضمان سلامة المدنيين الفلسطينيين وعمال الإغاثة.

وفي السياق، عرضت مشاهد حصرية للجزيرة إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي النار على فلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات شمالي قطاع غزة، وتعمد قتل مدني فلسطيني يحمل مساعدات بإطلاق النار عليه عدة مرات، ومنع إسعافه حتى استشهاده على مرأى الجنود.

ولكن الدكتور مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، يرى أن هذه المشاهد رغم فظاعتها لا تقدم جديدا، "بل تعكس سلوكا منهجيا للحركة الصهيونية وعصاباتها وجيشها، ولا تختلف عما كان يرتكب من مجازر إبان النكبة عام 1948 وما تلاها من ترك مئات الفلسطينيين ينزفون حتى الموت".

لكنه يرى أن الجديد هو رصد هذه الجرائم وكشفها إعلاميا بهذه الطريقة، وإظهار الوحشية والسادية الهائلة التي لدى الاحتلال حيث يتبارى جنوده في قنص وقتل إنسان مدني أعزل، حاول فقط الحصول على طعام لأطفاله.

استباحة جماعية وحشية

وشدد البرغوثي -خلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- على أن هذه الجرائم تجاوزت اعتبارها جرائم إبادة جماعية، إلى كونها استباحة جماعية إجرامية متوحشة، يتم ارتكابها من قبل الاحتلال أمام عالم لا يمكن اعتبار ردود فعله إلا بأنها "أقل من السخيفة".

ودعا الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية كل شعوب العالم وخاصة الشعوب العربية، إلى النهوض الفوري وتنظيم فعاليات الجمعة، لممارسة كل الضغوط الممكنة، والوصول إلى تحول أكبر في الموقف الأميركي والغربي الذي فُضح انحيازه الكامل للاحتلال.

ويرى البرغوثي أن الظروف باتت مواتية أكثر لذلك، فحتى الولايات المتحدة لم تعد تستطيع البقاء صامتة، مضيفا "الواضح أن الموقف الأميركي كسر ولم يعد باستطاعتهم مواصلة التستر على كل هذه الجرائم، وهناك حديث عن توجيه إنذار ومطالبة بوقف إطلاق نار فوري وعدم القبول ببدء عملية في رفح".

ووصف هذه التغييرات في الموقف الأميركي بالمهمة، مشددا على أنها لم تحدث إلا بسبب صمود الشعب الفلسطيني وبسالته، كما أكد أن غضب الكثير من القيادات الأميركية مرده الأساسي فشل إسرائيل في القضاء على المقاومة واستعادة الأسرى وتحقيق أي نصر كان مأمولا من قبلهم.

لكن البرغوثي يرى أن هذا التحول غير كاف، "فمن الضروري إعلان الإدارة الأميركية بشكل واضح، مطالبة الاحتلال بوقف فوري لإطلاق النار، وخروج قواته من غزة، حتى يتسنى إيصال المساعدات والبدء في ترميم الدمار الهائل الذي أحدثه في القطاع".

بدوره، يؤكد وليام لورانس المسؤول السابق في الخارجية الأميركية، أن حالة الغضب لدى الإدارة الأميركية تزايدت بشكل واضح حيث بدأت تدرك مدى بشاعة الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل، وأنه آن الأوان لاتخاذ إجراءات واضحة.

تغيير حقيقي

ويرى لورانس أن هناك مؤشرات لبداية تغيير حقيقي في الاتجاه الصحيح وإن كان متأخرا، مرجعا ذلك إلى ازدياد سوء الأوضاع الإنسانية، كما شدد على ضرورة مواصلة الضغوط لتطوير هذا التغير وعدم التراجع عنه.

وقال المسؤول الأميركي السابق، إنه رغم أن ذلك التغيير جاء بعد مقتل عمال الإغاثة الدوليين، وهو ما يعكس ازدواجية في المواقف، فإن العزاء أن من شأن مآلاته الحد من الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين في غزة مستقبلا.

في حين دعا وزير الدولة البريطاني الأسبق لشؤون التنمية الدولية آلان دانكن إلى إنهاء بيع بلاده السلاح إلى إسرائيل، كما أدان التطرف في السياسات البريطانية الداعمة لإسرائيل في حربها على قطاع غزة.

ووافق دانكن المتحدثين السابقين على ضرورة ممارسة الضغوط الممكنة على الحكومات الغربية لوقف دعم إسرائيل وبيع الأسلحة لها، مضيفا أن الموقف البريطاني بدأ يتغير بالفعل، بعد الحديث عن ضرورة إيقاف قتل المدنيين والاستيطان في الضفة.

وتساءل الوزير البريطاني السابق مستنكرا عن سبب تفاوض الإدارة الأميركية مع نتنياهو، حيث يرى أن ما يجب هو أن يملوا عليه ما يفعله بمطالبته بضرورة وقف المستوطنات في الضفة وإنهاء الحرب على غزة، مضيفا "الرسالة الأساسية التي يجب توجيهها لإسرائيل: اخرجوا من فلسطين لأنها ليست بلدكم".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الموقف الأمیرکی قطاع غزة یرى أن

إقرأ أيضاً:

مقاطعة العلامات الداعمة لإسرائيل في الأردن تنعش الصناعة المحلية

عمّان – تتواصل حملات المقاطعة في الأردن لسلع وعلامات تجارية وشركات عالمية داعمة للاحتلال الإسرائيلي بعد مرور 18 شهرًا من العدوان على قطاع غزة، الأمر الذي أدى إلى انتعاش المنتجات المحلية وأسهم في إعادة توجيه القوة الشرائية للمستهلك الأردني نحو المنتجات المحلية.

ولم يكن إقبال الأردنيين على صناعتهم المحلية بوصفها بديلًا متاحًا عن المنتج الأجنبي، بل لتزايد الوعي الاقتصادي بجودة الصناعة الأردنية وقدرتها على المنافسة، واعتبارها بديلا فعالا وبصورة دائمة، مما أدى إلى ارتفاع الطلب عليها وتحفيز الشركات الأردنية على تطوير منتجاتها وتوسيع نطاق توزيعها.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2حرب ترامب التجارية تعزز الزراعة البرازيلية وتضر المزارعين الأميركيينlist 2 of 2ارتفاع طفيف في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار اليوم الأحدend of list إنجاز وطني

كشفت دائرة الإحصاءات العامة الأردنية قبل أيام أن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع خلال الربع الأخير من عام 2024 بنسبة 2.7% مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2023، مدفوعًا بتحقيق القطاعات الاقتصادية الرئيسية لمعدلات نمو متميزة، رغم التداعيات التي فرضتها الظروف الاقليمية والمتغيرات الجيوسياسية التي أثّرت على مختلف القطاعات الإنتاجية.

وبذلك تجاوز نمو الاقتصاد الأردني نسبة النمو المتوقعة مسبقا للربع الأخير عند 2.5%.

جانب من حملات المقاطعة التي تضمنت دعم المنتجات الوطنية والعربية (الجزيرة)

ويقول الناشط النقابي في مقاومة التطبيع الدكتور هشام البستاني إن ما كشفته دائرة الإحصاءات العامة يعني أن "حملات المقاطعة للمنتجات الداعمة للاحتلال انطلقت بالمعنى الشعبي منذ الانتفاضة الثانية واجتياح الضفة الغربية عام 2002، واستمرت بوتيرة متفاوتة إلى أن تصاعدت بالشكل العميق الذي نراه اليوم منذ بداية العدوان والمجازر الصهيونية على غزة في معركة طوفان الأقصى" في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

إعلان

ويضيف في تعليق للجزيرة نت أن المقاطعة الشعبية في هذه الفترة بعد العدوان على غزة أخذت بعدًا أكبر من كل حملات المقاطعة السابقة، من حيث حجمها ومداها وتأثيرها وديمومتها.

ويردف أنه ليس من الضروري أن ترى الشركات الداعمة لكيان الاحتلال تأثرًا كبيرًا لتغير مسارها بل يكفي أن تنخفض حصتها السوقية من المبيعات مقابل منافسيها من الشركات الوطنية لترضخ لطلبات المستهلك لأنها من دون القوة الرئيسية للمستهلك تصبح بلا قيمة وتزول.

المقاطعة سلاح

ويوضح البستاني أن المقاطعة ليست أداة عبثية لا معنى لها بل أداة لتحقيق هدف سياسي. وإذا تحقق الهدف مع انتظام المستهلك في مقاطعته للمنتج الأجنبي وفق حركة جماعية مثل حركات المقاطعة، يؤدي ذلك إلى صنع تغيير كبير.

ويقول رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان المهندس فتحي الجغبير إن الطلب على منتجات الشركات المحلية شهد تصاعدا ملحوظًا منذ جائحة كورونا، وعزز ذلك العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، موضحًا أن الطلب على المنتجات المحلية الأردنية ارتفع بشكل كبير مع بدء العدوان على غزة.

ويرى الجغبير أن الطلب على المنتج المحلي وصل إلى الضعف لارتفاع الثقة بالمنتج الأردني، وجودته العالية، وأسعاره المنافسة، بالإضافة إلى نجاح حملات المقاطعة الشعبية للسلع الأجنبية إذ وجد المواطن بدائل محلية متعددة للسلع ذاتها، مما شجعه على المقاطعة.

نحو البديل

ويضيف الجغبير أن المؤشرات أظهرت أن الصناعة الوطنية أصبحت مصدرا رئيسيا للعديد من أصناف السلع والمواد الأساسية التي يطلبها المواطنون، إذ ينتج القطاع الصناعي 1500 سلعة مختلفة، من بينها الصناعات الغذائية التي تصل منتجاتها إلى 60% من حجم السوق المحلية.

ويوضح رئيس غرفة صناعة الأردن أن ما حققته الصناعة الوطنية خلال الفترة الأخيرة من تقدم ضمن العديد من المستويات يعزى بشكل رئيس إلى التطور في عملياتها الإنتاجية ومواكبتها للتكنولوجيا الحديثة.

إعلان

ويقول إن القطاع الصناعي ما زال يحقق العديد من النتائج الإيجابية، أبرزها في قيادته لعجلة النمو الاقتصادي إذ تصل مساهمته إلى ما يزيد على 44% في الاقتصاد الوطني بشكل مباشر وغير مباشر إثر ارتباطاته النوعية ودعمه لأداء مختلف القطاعات الاقتصادية.

بدورها، تقول الناشطة الشبابية مرام أبو حسين إن شراء المنتج المحلي ليس مجرد خيار استهلاكي، بل هو موقف وطني ومقاومة فعلية للاحتلال.

وأضافت في تعليق للجزيرة نت أنه "حينما يشتري الأردنيون صناعتهم الوطنية، فهم يدعمون بذلك المصانع الأردنية، ويخلقون فرص عمل لشباب البلد، ويقوّون اقتصادهم في وجه التحديات"، وذلك يعني القدرة على التحكم في الاستثمارات والأمن الاقتصادي وسيادة الأردن الوطنية وقدرته على اتخاذ قرار مستقل بعيدًا عن التبعية للأسواق الداعمة للاحتلال.

وبالنظر إلى ما سبق، فإنه يمكن تلخيص الآثار الاقتصادية للمقاطعة، وتوجه المستهلك الأردني للمنتج المحلي، وفق التالي:

أدى تزايد الإقبال على المنتج المحلي إلى دفع العديد من المستثمرين إلى ضخ رؤوس أموال جديدة في مشاريع إنتاج وتصنيع محلي ساعدت في خلق فرص عمل وتعزيز الاقتصاد الأردني. مع ازدياد الطلب، اتجهت الشركات الأردنية لتحسين جودة منتجاتها، وتبني معايير إنتاج عالمية لمواكبة المنافسة، مما ساهم في تحسين صورة المنتج الأردني لدى المستهلك. أسهمت المقاطعة الشعبية في رفع مستوى الوعي العام بأهمية دعم الاقتصاد الوطني.

وكانت سلسلة متاجر كارفور أغلقت جميع فروعها في الأردن، بعد حملة مقاطعة واسعة طالت الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.

ونفذت الحكومة الأردنية عددا من البرامج والسياسات لدعم القطاع الصناعي، من خلال إطلاق صندوق دعم الصناعة بتمويل يبلغ حوالي 90 مليون دينار (127 مليون دولار)، ويقوم على تقديم منح مالية للشركات الصناعية التي تنطبق عليها شروط الدعم لزيادة قدراتها التصديرية ودعم القواعد الإنتاجية والتشغيل، كما تم إطلاق إستراتيجية وطنية للتصدير من شأنها مساعدة القطاع الصناعي على زيادة صادراته ودخول الأسواق الخارجية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • برلماني أردني: العالم يقف متفرجًا على تدمير غزة بدعم أمريكي مفتوح لإسرائيل
  • ربيع صندوق النقد وقانون المصارف: إصلاح مطلوب أم تسوية مرحلية؟
  • يديعوت أحرونوت: أميركا تخبر إسرائيل بموعد الانسحاب من سوريا
  • البرغوثي يدخل عامه الـ24 في سجون العدو الإسرائيلي
  • المغاربة ينتفضون ضد استخدام مواني المملكة لمصلحة لإسرائيل
  • مروان البرغوثي يدخل اليوم عامه الـ24 في سجون الاحتلال
  • مطلوب للقضاء في ذي قار.. آسايش السليمانية يلقي القبض على شقيق أبو كوثر
  • مقاطعة العلامات الداعمة لإسرائيل في الأردن تنعش الصناعة المحلية
  • خاص| هل أحداث غزة بداية النهاية لإسرائيل؟.. د. على جمعة يكشف الحقيقة
  • محللون: الصمت على إسرائيل بغزة يزيد جرائمها ويجر المنطقة لمربع الدم