محللون إسرائيليون: الرد الإيراني مسألة وقت لكنه لن يتطور لحرب إقليمية
تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT
القدس المحتلة- على محمل الجد، أخذت إسرائيل تهديدات طهران التي عبّر عنها المرشد الإيراني علي خامنئي، في تغريدة باللغة العبرية نشرها على حسابه في منصة "إكس"، توعد من خلالها إسرائيل بالندم والاستهداف.
وذلك ردا على هجوم إسرائيلي على القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، أسفر عن مقتل 13 شخصا بينهم قادة ومستشارون في الحرس الثوري الإيراني.
وتوعد المرشد الإيراني الأعلى -في تغريدة أخرى- إسرائيل، قائلا إنها "ستتلقى صفعة لاستهدافها القنصلية الإيرانية في دمشق"، مؤكدا أن "إيران سترد على الضربة".
ومنذ الحرب الإسرائيلية على غزة ومعركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، عمد المرشد الإيراني بين الحين والآخر على نشر تغريدات باللغة العبرية، يتوعد من خلالها إسرائيل، ويؤكد دعمه للمقاومة الفلسطينية في الحرب على غزة.
لكن التغريدة التي أعقبت الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق، وفقا لتقديرات المحللين الإسرائيليين، تختلف في مضمونها وجوهرها عن التغريدات السابقة للمرشد الإيراني باللغة العبرية، وإن كانت جميعها تتوعد إسرائيل.
سنجعل الصهاينة يندمون على جريمة الاعتداء على القنصلية الإيرانية في دمشق ومثيلاتها، بحول من الله وقوّة.
— الإمام الخامنئي (@ar_khamenei) April 2, 2024
تهديدمن وجهة نظر المحللين الإسرائيليين، فإن تغريدة خامنئي تبدو جدية وأكثر حدة، حيث تحمل في طياتها رسائل مزدوجة للمجتمع والقيادة الإسرائيلية، وتعكس جدية إيران بالرد والانتقام لمقتل قادة الحرس الثوري بالهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق، بينهم القائد الأعلى في الحرس الثوري محمد رضا زاهدي، والقائد محمد هادي حاجي رحيمي.
وبحسب تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، فإن الرد الإيراني الانتقامي على اغتيال كبار المسؤولين في دمشق قد يأتي بمحاولة معينة من قبل طهران تنفيذ عملية عسكرية أو استهداف مواقع وأهداف إسرائيلية، في الوقت نفسه، قالت إسرائيل في رسالة إلى مواطنيها إنه "لا يوجد سبب للذعر، ولا يوجد خوف من الانجرار إلى حرب إقليمية".
وسعى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، إلى طمأنة الجمهور الإسرائيلي في ظل حالة الذعر بسبب تهديدات إيران، قائلا "نحن نأخذ كل تصريح وكل عدو على محمل الجد، ويجب ألا نكون براحة بال، لكن في الوقت نفسه لا يوجد تغيير في توجيهات قيادة الجبهة الداخلية، والتوصية الوحيدة هي أن نكون يقظين".
ووفقا لكل التغريدات والإشارات والتحذيرات التي أرسلتها إيران، يقول المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، إن "النظام في طهران مصمم على الرد على عملية الاغتيال المنسوبة إلى إسرائيل لكبار أعضاء الحرس الثوري في دمشق، وعلى رأسهم الجنرال حسن مهدوي".
وتحسبا من الرد الإيراني، يقول المحلل العسكري "تشهد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية درجة عالية من اليقظة وحالة استنفار غير مسبوقة، وتعبئة تامة لسلاح الجو، وإلغاء الإجازات بصفوف الجيش، على خلفية احتمال وقوع هجوم انتقامي".
واستعرض هرئيل السيناريوهات المحتملة للرد الإيراني، حيث لا يستبعد أن تهاجم طهران العمق الإسرائيلي، وذلك عبر هجوم مباشر بطائرات دون طيار وصواريخ كروز من إيران نفسها، ضد مواقع البنية التحتية في إسرائيل.
وقدّر المحلل العسكري أن "السيناريوهات الأكثر واقعية للتنفيذ تكمن في إطلاق صواريخ على نطاق واسع، من لبنان أو سوريا، عبر حزب الله أو من المليشيات المسلحة الموالية لإيران، أو محاولة لضرب إحدى السفارات الإسرائيلية ومقرات للجاليات اليهودية حول العالم".
ويقول هرئيل "الأساس المنطقي للرد الإيراني المخطط له، هو تعزز القناعات لدى طهران بأن إسرائيل خططت لاستهداف قادة الحرس الثوري بغية توسيع أبعاد الصراع مع حزب الله وجر إيران إلى تورط أكبر".
وعليه، يقدر المحلل العسكري أنه "سيكون هناك رد من لبنان، في الزمان والمكان الذي تختاره طهران، لكن السؤال هنا هو مدى قدرة طهران على إعداد عملية عسكرية في وقت قصير، وإمكانية مهاجمة العمق الإسرائيلي في الوقت الحاضر؟".
الاستعداد الإسرائيليوفي قراءة لمعاني ودلالات تغريدة خامنئي وتهديدات إيران، كتب مراسل الشؤون العسكرية والأمن في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشع، مقالا بعنوان "في مواجهة التهديدات الإيرانية، حان وقت اللعب بقوة في الدفاع"، في إشارة لضرورة أن تكون الدفاعات الجوية الإسرائيلية في أعلى جهوزية، كونها ستكون قبالة أول اختبار جدي لحماية الجبهة الداخلية.
ويعتقد مراسل الشؤون العسكرية والأمن، أنه لا يوجد أي مسؤول في إسرائيل يعرف كيف سيكون الانتقام الإيراني، مشيرا إلى أن هناك تقديرات مختلفة في مقر وزارة الأمن الإسرائيلية في تل أبيب، قائلا إنه "يتعين على إسرائيل أن تدافع عن نفسها، وأن تعرف كيف ترد بالطريقة الصحيحة في مواجهة أي عمل انتقامي، عندما يحدث ذلك".
وقبل استعراض الخيارات وسيناريوهات الرد المتنوعة، لفت يهوشع إلى أن القوات الجوية الإسرائيلية رفعت درجة التأهب إلى الدرجة القصوى، وستزيد من منظومة الدفاع الجوي، ولكن ينبغي توضيح أن هناك صعوبة حقيقية في اعتراض المسيّرات المتفجرة، وأنه لا توجد دولة في العالم لديها قدرة مثبتة على القيام بذلك، قائلا "في بعض الأحيان يكون التوقع أعلى من القدرة على الأداء".
وأشار إلى أن لدى الإيرانيين عدة خيارات للرد، بدءا من الهجوم المباشر على إسرائيل من أراضيها بالصواريخ، مرورا بتفعيل وكلائها في سوريا واليمن والعراق، وصولا إلى تفعيل حزب الله الذي تجنب حتى الآن القيام بذلك تماما، وبالطبع الإضرار والمساس بالمسؤولين الإسرائيليين أو في السفارات الإسرائيلية حول العالم.
قيد الانتظارالطرح ذاته تبناه المحلل العسكري في الموقع الإلكتروني "واينت" رون بن يشاي، لكنه استبعد أن يؤدي الرد الإيراني إلى حرب إقليمية، قائلا إن "خامنئي الذي غرد بالعبري يريد الانتقام، حتى لا يظهر وكأنه ضعيف وعاجز، ولكن من المرجح أن يكون الإجراء والرد محدودا".
ومع ذلك، يقول بن يشاي "من الواضح أن عطلة نهاية الأسبوع والأيام المقبلة، هي وقت حساس جدا ومتفجر، وذلك عندما يصادف يوم القدس الإيراني، والجمعة الأخيرة من شهر رمضان"، مشيرا إلى أن الإيرانيين قد يحاولون قتل جنود وقادة في الجيش الإسرائيلي قبالة الحدود الشمالية، وكذلك تنفيذ عمليات مسلحة من الضفة الغربية أو عمليات تسلل من الجولان عند خط وقف إطلاق النار.
ويضيف المحلل العسكري "في الوقت نفسه، يمكن التقدير أن الإيرانيين لم يضعوا بعد الخطوط العريضة لخطة العمل العسكرية والرد، وأنهم يدرسون الخيارات، ومن الممكن أيضا أن نقدر بدرجة كبيرة من اليقين أنهم معنيون بعمل عسكري ورد محدود، لن يؤدي إلى حرب إقليمية، بل سيلحق ضررا كبيرا بالجمهور في إسرائيل ويهين قوات الأمن الإسرائيلية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات القنصلیة الإیرانیة فی دمشق على القنصلیة الإیرانیة فی المحلل العسکری الرد الإیرانی الحرس الثوری فی الوقت لا یوجد إلى أن
إقرأ أيضاً:
قراصنة ومجرمون.. جيش الظل الإيراني يخوض حروباً سرية
تشن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، خارج حدودها، حروباً لا هوادة فيها ضدّ خصومها وأعدائها، عبر هجمات إلكترونية، وعملاء نفوذ، ومُجرمين وقتلة مأجورين يتم تجنيدهم من قبل تُجّار مُخدّرات إيرانيين وأوروبيين.
وقال ماثيو غديري، العميل المزدوج السابق لجهاز الأمن الوطني الفرنسي، وهو مؤلف كتاب "عميلنا الإيراني، من طالب إلى جاسوس لفرنسا"، إنّه "من الشائع أن يعرض النظام الإيراني على المُجرمين تخفيض العقوبات مقابل خدماتهم".
L'Iran intensifie ses tactiques de cyberguerre. Et un cessez-le-feu à Gaza n'y changera rien https://t.co/ofQPxvkWyn #PreventionInternet #Cybersécurité
— Prevention Internet ® (@Prevention_web) September 15, 2024 الترهيب عبر وسائل التواصل الاجتماعيوهذا ما يؤكده المحللان السياسيان الفرنسيان ديمتري كرير، وفينسنت مونييه، أنّه بالإضافة إلى الهجمات التي يُنفّذها عملاؤها الإقليميون، تشنّ طهران حرباً أخرى في الظل، باستخدام الدعاية والترهيب على شبكات التواصل الاجتماعي، والهجمات الإلكترونية، والاغتيالات، في حرب جنودها هم عملاء وقراصنة كمبيوتر وأعضاء شبكات إجرامية.
ومن جهته، يقول جوليان نوسيتي، الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، إنّ "الأهداف هي نفسها دائماً: مُعارضو النظام في إيران وخارجها، والجهات الفاعلة الإقليمية التي تُعتبر مُعادية لطهران، وأعضاء الجاليات اليهودية في الدول الغربية". وعلى الصعيد الداخلي، يستهدف النظام بشكل رئيسي الأقليات والمُعارضين السياسيين والناشطين النسويين والفنانين.
وباتت طهران تستثمر مبالغ ضخمة في مجال الأمن السيبراني. ومع فقدان البلاد لنفوذها السياسي، أصبحت استراتيجية الحرب الرقمية هي الاستراتيجية المركزية. ويقول كافي سالاماتيان، الأستاذ المتخصص في الأمن السيبراني "إنّها طريقة منخفضة التكلفة لإظهار النجاح وإظهار أنّ النظام الإيراني لا يزال صامداً".
Cyberattaque: l'Iran accusé d'avoir envoyé 15.000 SMS en Suède appelant à "venger" les ... https://t.co/oIBXA1yFgC #PreventionInternet #Cybersécurité
— Prevention Internet ® (@Prevention_web) September 24, 2024 فتوى رقميةويعتبر سالاماتيان أنّ الجمهورية الإسلامية، بنت هيكلاً مُحكم الصنع من جيش من المؤثرين للترويج لرواية النظام على الإنترنت، وقوة شبه عسكرية يقودها جزئياً الحرس الثوري، والتي تشنّ هجمات إلكترونية، وكياناً للتحكم بخدمة الإنترنت في البلاد، قادر على قطع الشبكة حسب المدينة أو الحي.
وتقول شيرين أردكاني، المحامية المُقيمة في باريس، والمُدافعة عن المُعارضين الإيرانيين في الخارج: "العملية هي نفسها في كل مرّة: يُصدر الحرس الثوري فتوى رقمية، تليها على الفور حملة من المُضايقات عبر الإنترنت، والتضليل، وتشويه السمعة".
ويُوضح أمير رشيدي من منظمة "مياان غروب" الأمريكية غير الحكومية، أنّ النظام الإيراني يقوم أيضاً بإنشاء حسابات وهمية على شبكات التواصل الاجتماعي، بهدف الحصول على بيانات الناشطين، بما يسمح بتحديد هوياتهم وحتى اعتقالهم.
وتخوض إيران حربها الافتراضية أيضاً في الخارج. فخلال دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024، حسب مجلة "لوبس" الفرنسية، تمّ تسريب بيانات الرياضيين الإسرائيليين عبر الإنترنت بعد أن تمكّن قراصنة إيرانيون، مُتنكّرين في هيئة أعضاء في منظمة يمينية مُتطرّفة، من السيطرة على هواتفهم. وحاول النظام أيضاً الدخول إلى شبكة الشركة الفرنسية المزودة للوحات الإعلانية، المُستخدمة خلال الأولمبياد لبثّ صور مُعادية لإسرائيل.
وفي الولايات المتحدة، وفقاً لشركة مايكروسوفت، تمّ كذلك تنفيذ هجمات إلكترونية من طهران في العام الماضي ضدّ الحملة الرئاسية لدونالد ترامب. وكانت ألبانيا، موطن أكبر جماعة إيرانية مُعارضة في المنفى، منظمة مجاهدي خلق، هدفاً لتسريب بيانات من مواقعها الحكومية على الإنترنت. كما تمّ إرسال آلاف الرسائل الهاتفية النصّية للمُشتركين في السويد تحمل تهديدات وتحريضاً على العنف.
ويُشير جوليان نوسيتي إلى أنّه "كما هو الحال في موسكو أو بكين، حيث تعلّمت طهران منهم الكثير، فإنّ الفضاء الإلكتروني يُستخدم للحفاظ على النظام الإسلامي، من خلال زيادة المُراقبة وتشويه المعلومات حول المُعارضين".
L'opposition iranienne(@iran_policy) à Bruxelles proteste contre l'augmentation du nombre d'exécutions - La Libre#StopExecutionsInIran https://t.co/f0W04XtsaR
— Amin Bagheri (@Bagheri_Amin00) May 4, 2024 تحذيرات غربية من شبكات إجراميةولشنّ حروبه السرّية، يعتمد نظام الملالي أيضاً على عناصر لهم سجلات إجرامية واسعة النطاق، حسب تحذيرات الأجهزة الغربية. ويقول ماثيو ليفيت، المسؤول السابق في مكافحة التجسس الأمريكي والذي يعمل محللاً في معهد أبحاث واشنطن، إنّ "استئجار المُجرمين لتنفيذ هذه العمليات، يجعل من الأسهل على إيران إنكار المسؤولية، وخلق مساحة فصل بين النظام وهذه الهجمات".
وكما هو الحال مع حزب الله، الذي يُشارك بشكل كبير في غسل الأموال من تجارة المخدرات، يُقال إنّ الأجهزة الإيرانية أقامت روابط مع العديد من المنظمات الإجرامية، بما في ذلك "مافيا موكرو" في بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ، وهي مجموعة غامضة من العصابات التي تُهيمن على عالم الجريمة هناك.
-عجب سوسیسیه
همش گوشته
( موصاد قبل کتلت کردن رامین ) https://t.co/7heuGTOOD3
وفي السنوات الأخيرة، أصبحت العاصمة الإيرانية ملاذاً للعديد من المُجرمين من جنسيات أوروبية صدرت بحقهم نشرات حمراء من الإنتربول الدولي، وهم من الذين وضعوا شبكاتهم في تجارة المُخدرات في خدمة الملالي مُقابل استقبالهم في طهران وحمايتهم.
ومن أخطر هؤلاء رجل العصابات الألماني الإيراني رامين يكتاباراست، وهو حارس أمن سابق يحمل خريطة إيران مطبوعة على صدره ووجه هتلر على إحدى ذراعيه. وكان مطلوباً في ألمانيا بتهمة القتل، لكنّه فرّ إلى طهران في 2021 حيث عاش حياة مُترفة دون عمل.
وبحسب القضاء الألماني، فإنّه كان يتلقى أوامره من وكالات حكومية إيرانية لاغتيال مُعارضين في أوروبا. لكنّ يكتاباراست تمّ اغتياله في طهران في أبريل (نيسان) 2024، بعد أن اتهمه جهاز الموساد بالتخطيط لهجمات ضدّ دبلوماسي إسرائيلي، وجنرال أمريكي، وضدّ الكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي.