حقيقة خلافات أمريكا والكيان الصهيونى!
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
توصف العلاقات بين أمريكا والكيان الصهيونى بأنها فى أسوأ حالاتها على خلفية الحرب الدائرة فى غزة، والخلاف المحورى يدور حول نقطتين، عملية اجتياح رفح مع رفض بدئها قبل تأمين خروج المدنيين ورفض تهجير الفلسطينيين إلى مصر أو الأردن.
لكنها خلافات تبقى بعيدة عن التمسك بأمن الكيان وضرورة تفوقه فى الشرق الأوسط، فصفقات الأسلحة الأمريكية مستمرة رغم ما يظهر فى العلن والذى يعود لأجندات انتخابية لبايدن وشعبيته المتدنية والذى من المتوقع أن يكون آخر أيامه فى البيت الأبيض.
ليتزامن كل ذلك مع الاحتجاجات التى لم تشهدها إسرائيل من قبل ضد نتنياهو.
وتظهر جدية الخلافات بين أمريكا والكيان الصهيونى فى تأثيرها على مسار العلاقات بينهما وأنها حقيقة، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك أصوات كثيرة ترى أن المسألة مجرد تمثيلية وتوزيع أدوار، ولكنها بالفعل خلافات جذرية وأعمق حتى مما هو على السطح، وأن الكلام عن الوصول إلى تفاهمات يخفى أن هناك مسارين مختلفين للسياسة الأمريكية والكيان الصهيونى فى الوقت الحالى.
فالقضية ليست فقط اجتياح رفح وعدد الضحايا من المدنيين، ولكن المسألة أعمق من ذلك وهى رؤية كل منهما لمسار عملية السلام فى المستقبل بل ومستقبل المنطقة كلها عموما، فأمريكا تريد دولة فلسطينية وعودة غزة تحت السلطة الفلسطينية وترفض الاستيطان.
ولا يدرك الكيان تبعات إغضاب أمريكا، خاصة فى ظل الظروف الحالية التى يعيشها، فهو يرى أنه لا بد من التفريق بين الخلافات التى تنشر فى الإعلام وتصريحات المسئولين من الجانبين، واستمرار التعاون الأمنى وتزويد الكيان بالأسلحة المطلوبة من أمريكا لمواصلة العمليات العسكرية فى غزة ولبنان.
ومع وجود فجوة بين الأمرين، ففى الإعلام المراد منه التأثير فى الرأى العام الأمريكى الديمقراطى وخاصة الإسلامى للخروج والتصويت للحزب الديمقراطى فى انتخابات نوفمبر المقبل، والجانب الآخر هو استمرار العلاقات الأمنية بين أمريكا والكيان منذ زمن طويل، وهو ما يؤكده استمرار صفقات السلاح بينما وأنها لم تنقطع، بل والتوقيع على صفقات جديدة لأحدث الأسلحة الأمريكية من طائرات F15 وF35 الحديثة.
وعلينا عدم التصديق أن هذه الخلافات جادة وحقيقية وأنها ليست إلا لعبة انتخابية يقوم بها بايدن والإدارة الأمريكية لمحاولة كسب أصوات مسلمى أمريكا، فالإعلام فى النهاية ما يقوم ويتحدث به كبار المسئولين الأمريكيين، فهو لم يخترع كلام بايدن من أن الكيان الصهيونى لا يبالى كثيرا بحياة المدنيين وأنه يضرب بشكل وحشى وعشوائى فى قطاع غزة، وكذلك لم يخترع الإعلام كلام وتصريحات جاك سوليفان أو جون كيرى أو تونى بلينكن، وهم من كبار المسئولين الأمريكيين الذين يتحدثون عن ضرورة حماية المدنيين ويرفضون ما يقوم به جيش الاحتلال فى غزة.
مع الأخذ فى الاعتبار التناقض فى أن السلاح المستخدم فى قتل المدنيين الفلسطينيين هو سلاح أمريكى وأن لغة أمريكا تختلف تماما عن سياساتها، فهى ترفض ما بقوم به جيش الاحتلال ولكنها فى نفس غلا تستطيع تغيير السياسة الثابتة والاستراتيجية القائمة الفتى تعتمد فى الأساس على دعم الكيان بشكلٍ مطلق، وأنها لم تستطع حتى الآن فى أن توفق بين لغتها وسياساتها.
وخطورة التحول فى الخطاب الإعلامى الأمريكى من إدانات جديدة للكيان حول مقتل المدنيين ظهرت فى موقف أمريكا حليفة الكيان الأولى فى مجلس الأمن من عدم استخدامها الفيتو ضد قرار وقف إطلاق النار، وهو ما اعتبره إعلام الكيان صفعة له، فالتحول الآن ليس على المستوى الشعبى فقط بل على المستوى الرسمى أيضا، وهو ما يشكل خطراً كبيراً، فهو يعتبر أن هناك بعض الأشخاص فى الإدارة الأمريكية يعادون بصورة عامة سياسة الكيان حول ما يحدث فى قطاع غزة، ولكن هناك أشخاص آخرون من وزارة الدفاع الأمريكية يؤيدون ما يفعله الكيان ربما ليس قلباً وقالبا ولكن بصورة أكبر لأنهم يعلمون ما ستكون نتائج عدم القضاء على حركة حماس، والتى تستخدم المدنيين كدروع بشرية -من وجهة نظر الإعلام الصهيونى -.
والأوراق التى يستخدمها ويمتلكها نتنياهو تجعله يستطيع أن يفرض على الإدارة الأمريكية ما يريد، وقدرة الكيان فى التأثير على أمريكا أكبر بكثير من الأدوات التى يستخدمها تمتلكها الإدارة الأمريكية، مع إن بيدها ما هو أكثر وهى قادرة على أن تؤثر بشكل أكبر على حكومة الكيان فهى التى تقدم السلاح والمساعدات وتقدم الغطاء السياسى والدفاع عن الكيان فى الأمم المتحدة وكل المؤسسات الدولية، ولكن الفكرة هنا هى الرغبة والقدرة على استخدام هذه الأدوات، حتى الآن لا توجد هذه الرغبة ولا الإرادة لدى أمريكا لاستخدام ما لديها من أدوات لأسباب عديدة مرتبطة بالعلاقات الدائمة المستقرة مع حكومة الكيان باعتبارها حليفاً قديمًا، وكذلك الأوضاع السياسية الداخلية خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة، وعدم الدخول فى مواجهة مع اللوبى الصهيونى.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تصحيح مسار حقيقة خلافات أمريكا والكيان الكيان الصهيونى الکیان الصهیونى أمریکا والکیان
إقرأ أيضاً:
مؤتمر دولي بلندن منتصف أبريل لـ«السلام وحماية المدنيين» في السودان .. وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: زيارة وفد بريطاني للتشاور
وصف وزير الخارجية السوداني علي يوسف، الزيارة التي يقوم بها وفد دبلوماسي بريطاني للعاصمة الإدارية بورتسودان بـ«المهمة جداً»، وإنها تهدف للتشاور مع الحكومة السودانية بشأن رغبة لندن في «عقد مؤتمر دولي حول السودان» منتصف أبريل (نيسان) المقبل، الذي يوافق ذكرى مرور عامين على الحرب، والتنسيق بين الوزارتين بشأنه.
وقال يوسف، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، إن «المؤتمر سيبحث القضايا الإنسانية وحماية المدنيين والسلام، وليس لأي أغراض أخرى»، وأضاف: «زيارة الوفد البريطاني غرضها تنوير الحكومة السودانية بأهداف المؤتمر والجهات المدعوة له».
واعتبر المسؤول السوداني، المبادرة البريطانية «خطوة إيجابية، أعقبت لقاءً مهماً مع مسؤولين بريطانيين في مدينة ميونيخ الألمانية، ناقش القضايا الثنائية بين البلدين، والتواصل الدبلوماسي بين الحكومتين السودانية والبريطانية، من أجل تفادي التصعيد في المنابر الدولية». وأضاف: «الأمور تمضي بشكل جيد حتى الآن».
وأكد الوزير يوسف استمرار التواصل واللقاءات بين بورتسودان ولندن، وقال: «السفير السوداني في لندن رتب لي لقاءً مع وزير الدولة البريطاني للشؤون الأفريقية، وكان لقاءً جيداً».
واستقبلت العاصمة المؤقتة بورتسودان، الثلاثاء، وفداً دبلوماسياً بريطانياً يضم المدير العام بالخارجية البريطانية لشؤون أفريقيا والأميركتين وما وراء البحار هاريد ماثيوث، والمبعوث البريطاني الخاص للسودان ريتشارد كراودر وعضوية مستشار السفارة البريطانية في القاهرة مارك تايلور، ورئيس المكتب البريطاني للشؤون السودانية.
وفي أول لقاءاته مع المسؤولين السودانيين، التقى الوفد حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، وتناول اللقاء تدهور الأوضاع الإنسانية للنازحين، خصوصاً في معسكرات دارفور.
وقال مناوي للوفد إن «قوات الدعم السريع، لا تزال تغلق الطرق وتمنع دخول قوافل المساعدات»، وانتقد مواقف المجتمع الدولي تجاه ما يجري في دارفور، وحضّ بريطانيا على لعب دور في حل أزمة سكان الإقليم.
وينتظر أن تتطرق محادثات الوفد البريطاني مع المسؤولين السودانيين إلى الاتهامات السودانية لبريطانيا «بالتنكر لواجبها الأخلاقي والسياسي بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن، ودعم ممولي الحرب في السودان، وإجرائها لقاءات سرية مع قادة قوات الدعم السريع، تجعل منها شريكة في المسؤولية عن الفظائع التي ترتكبها».
وكانت بريطانيا، بالتضامن مع سيراليون، قد تقدمت بمشروع قرار لمجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، لتعزيز التدابير الرامية لحماية المدنيين، طالبت فيه القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» باحترام وتنفيذ التزاماتهما بموجب «إعلان جدة» الإنساني، لكن روسيا استخدمت حق النقض ضد القرار، باعتباره «تقويضاً للسيادة السودانية».
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أبلغ نائب رئيس «مجلس السيادة» مالك عقار، المبعوث البريطاني، اعتراض حكومته على مواقف بلاده من الحرب السودانية، وقال إن حكومته غير راضية عن «الموقف البريطاني السلبي غير الداعم للشعب السوداني».