وقال عبد السلام في تدوينه له على منصة "أكس" ونتساءل عن سبب امتعاض أمريكا ودول أوروبية جراء ما قام به البنك المركزي اليمني من معالجة جزئية لوضع العملة الوطنية التي تعرضت وتتعرض لحرب شعواء من قبل التحالف ومن قبل أمريكا نفسها.

.

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

إقرأ أيضاً:

سياسة ترامب  تهدد الميزة الأساسية للدولار؟

1 مايو، 2025

بغداد/المسلة: هيثم الخزعلي

لقد كان الجنيه الاسترليني “العملة الاحتياطية العالمية” نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وادار  الانكلير الكثير من التجارة العالمية بالجنيه الذي يصدره “بنك انكلترا المركزي”، حتى  الحرب العالمية الثانية.
حيث اصبحت ديون بريطانيا 255% من ناتجها المحلي الإجمالي، واصبحت مدينة بالكثير من المال للولايات المتحدة الأمريكية، وانخفضت قيمة عملتها بسبب التضخم. وتعيين عليها تسديد ديونها لعقود  ، واصبحت لا تستطيع أن تملي شروطها على باقي دول العالم.

فحل الدولار محل الجنيه الاسترليني كعملة “احتياط دولي ” ومنح الولايات المتحدة قوة كبيرة، اوما كما يقول الرئيس الروسي “بوتين” (الدولار هو حجر الزاوية في القوة الأمريكية).

فما معنى  عملة الاحتياط الدولي؟

العملة الاحتياطية هي العملة ((الأكثر موثوقية في العالم)) ، وكل عملة هي  دين، او ” وعد بالسداد ” على الجهة المصدرة لها، ولذا أصبح الدولار هو العملة الاحتياطية العالمية، لأنه الأكثر موثوقية بين العملات.

فحتى لو لم يكن هناك ما يكفي من الذهب لتغطيته فإن الناس يثقون بأن الولايات المتحدة ستفي بالتزاماتها.

واذكر ان استاذنا في الجامعة  الدكتور علي الراوي ناقش هذا الموضوع معنا وقال (إن الولايات المتحدة تستطيع أن تعطي سلعة مقابل كل دولار يحمله اي شخص في العالم)
على عكس دول أوربا فإن الولايات المتحدة   لم تتضرر من الحربين العالميتين، باستثناء هجوم “بيرل هاربر”
فأصبحت  أقوى واغنى دولة في العالم واصدرت أقوى عملة دوليا. وشاركت قي التجارة اكثر من اي دولة أخرى ، وهذا يعني ان الدولار أصبح مستخدم عالميا على نطاق واسع .

ولأن الدولار  صادر من دولة يثق الجميع بأنها ستفي بالتزاماتها تم استخدامه  بتسعير بعض السلع الأساسية مثل( النفط/ والقمح/ والذهب) ، بالإضافة لسلع أخرى.

وهذا ما يجعل الدولار قوي للغاية، ففضلا عن تسهيله للتجارة أصبح أيضا “مخزن للقيمة” ، كما أنه “اداة لتقييم  العملات ” يحدد قيمة العملات ، حيث تستطيع كل دولة معرفة قيمة الذهب الموجود في عملتها  عبر معرفة قيمتها بالدولار لان العملات غالبا ترتبط  بالذهب والذهب يُسعر بالدولار.

لذا فإن العملة الاحتياطية تساهم في ارساء “معايير التقييم ” في مختلف أنحاء العالم. .
واحيانا يكون( اساس  للعملات) بدل الذهب، مثلا بنما تضع سعر صرف اساس عملتها على اساس سعر صرف ثابت بالدولار، ولكنها تصدر عملتها الخاصة بها .

ولان مؤوسسات مثل” البنك الدولي” و”صندوق النقد الدولي” فضلا عن الكثير من الأسواق المالية العالمية، تصدر ديونها والكثير من الأدوات المالية الأخرى بالدولار.
جعل ذلك   البنوك المركزية تحتفظ  بالدولار لضمان قدرتها على تسوية ديونها .

وبما أن معظم البنوك المركزية في العالم  ترغب بالاحتفاظ بعملة الاحتياط الدولية لتسوية ديون بلدانها. لذا كان الدولار هو العملة التي “تقيم بها ديون العالم” .

وهذا معنى العملة الاحتياطية لان البنوك تحتفظ بها احتياط لسداد  ديونها، ومن هنا جاء الاسم (عملة احتياطية )، وهذا يعني ضرورة توفر كميات كبيرة من الدولار لسداد ديون كل هذه الدول.

وهذا يعني آن على الولايات المتحدة ان تلعب دورا مهما هو( ضخ ما يكفي من الدولارات للعالم) لضمان ان يلعب الدولار هذا  الدور  .
وعليه فإن  خصائص العملة الاحتياطية (تسهيل التجارة العالمية /مخزن للقيمة /ربط قيمة بعض العملات /وظيفة السوق المالية بتوفير الاحتياطات /توفير الثقة والسيولة)
وهذا ما يريد  ترامب الغائه  حيث  يقول انه لايريد اصدار المزيد من الديون للعالم!! ، ويريد خفض قيمة الدين الفدرالي الأمريكي! !
ولكن في الواقع ان قيمة الدين الفدرالي الأمريكي البالغ 37 ترليون الان،هي الدولارات الموجودة في العالم، والتي تستخدم لغرض تحويلها   كعملة احتياط عالمية، ولا احد يرغب باعادتها للولايات المتحدة.

وبما أن الرئيس الأمريكي يريد شن حروب تجارية  وفرض تعريفات كمركية   او يريد من  الفدرالي الأمريكي ان يثبت  سعر الفائدة بطريقة تربك  الاسواق، فان مكانة الدولار كعملة احتياط ستضرر في الحال.

فمجرد التلاعب بالعملة بهذه الطريقة ستتحول ل”عملة سامة” لايريد احد الاحتفاظ بها، كما حدث لليرة  التركية في آخر 10 سنوات  بسبب سياسة الرئيس ” اردوغان” .

وهذا يعني ان الولايات المتحدة تفقد الميزة الاقتصادية الأساسية  التي حصلت عليها من خلال امتلاكها العملة الاحتياط العالمية .
هذه الميزة هي تماما عكس ما يقوله  ” ترامب” ، فالحقيقة ان العالم لايستغل الولايات المتحدة عندما يحقق معها “فوائض تجارية” ، اي تكون صادراتهم للولايات المتحدة اكبر من وارداتهم منها.

فإن من يبيعون للولايات المتحدة يحتاجون الدولارات للاحتفاظ بها لان بنوكهم المركزية تحتاج للدولار “كعملة احتياط”، والا فأنها لن تستطيع توفير السيولة التي تحتاجها الاسواق المالية العالمية.
لذا فإن العالم لا يستطيع تحمل شراء سلع  من الولايات المتحدة بقدر ما يبيعه لها.
والا فإنه لن  يكون هناك ما يكفي من  الدولارات في العالم لكي يصبح (عملة احتياط عالمية ).

والحقيقة الأهم أن الولايات المتحدة اشترت كل تلك الواردات من العالم والتي عززت مستوى معيشة المواطن الأمريكي، ((بدون مقابل))، بسبب ان( العملة هي دين) والناس في الواقع لايريدون استرداد (الدين ) الموجود في الدولارات التي دفعوها لهم.

فهم لايريدون إعادة هذه الدولارات للولايات المتحدة،بل يريدون الاحتفاظ بها كعملة احتياط للتجارة العالمية وتسوية الديون فيما بينهم، وبالتالي فإن العالم يدعم الولايات المتحدة لا يستغلها.
واذا قرر ترامب الغاء كون الدولار عملة احتياط عالمي، فماهو البديل؟

– الحنيه الاسترليني لايمكنه   توفير هذه الخدمة.
– اليورو وهو ليس عملة دولة واحدة، بل عملة عدة دول وهذا يضع الشكوك حوله، بسبب اختلاف سياسات هذه الدول.

– الين الياباني، مع ان الدين الياباني يمثل 200% من الناتج المحلي الاجمالي فهو لايحقق  ذلك أيضا.
– اليوان الصيني  لا تستطيع أن يقوم بهذا الدور أيضا لانه  غير موثوق به بما فيه الكفاية.

[ربما يمكن أن يكون البديل “سلة من العملات” منها الدولار، مثل الذي اقترحه “جون ماينرد ” عام 1945 والذي سماه بانكور (Bnacor)]، والذي كان من المقرر استخدامه لتسوية التجارة الدولية البحتة ، وهو عبارة عن سلة متوازنة  من العملات العالمية  التي  تشترك في “تكوين القيمة”  لتعكس الحركة الواسعة  للتداول بين تلك البلدان.

ومن شأن هذه السلة   ان توفر “وسيلة للتسوية” بين البنوك الدولية يمكنها الاحتفاظ بها لضمان حصولها على “السيولة  الدولية” .
وهنا لابد من اعتماد عملات دول كبرى (البرازيل والهند وجنوب أفريقيا) ، بل حتى الدول الصغيرة، ويمكنها ان تحصل على قروض بعملاتها المحلية.

مما يعني توفر سبيل افضل يجعل الدول اقل اعتمادا على السياسات الداخلية للولايات المتحدة وهذه نعمة للجميع.

ولكن ما الذي سيحدث للولايات المتحدة اذا لم تعد عملتها عملة احتياط دولية؟ .

ترامب يعتقد انه عبر تحقيق الفائض التجاري للولايات المتحدة الأمريكية  سيعاقب الذين حققوا فوائص تجارية معها ، ولكنه في الحقيقة سيعاقب الشعب الأمريكي.
حيث يجب على  الولايات المتحدة، ان تدفع ثمن وارداتها وهذا ما سيؤثر على مستوى المعيشة للمواطن الأمريكي، بشكل كبير لانه سيجبر الامريكان على دفع ثمن ما يشترونه  من العالم ،وهو مالم يكونوا   بحاجه له، عندما يكون الدولار “عملة احتياطية” لان الدين الموجود في الدولار لن يتم استرداده و الدولار لن تتم اعادته للولايات المتحدة الأمريكية  .

وكما يقول أمير المؤمنين ( علي عليه السلام)

“يفعل الجاهل بنفسه مالا يفعله العدو بعدوه”

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • النعيمة: لا مجال للصبر وإقالة جيسوس باتت ضرورية
  • سياسة ترامب  تهدد الميزة الأساسية للدولار؟
  • الدكتور بن حبتور يعزّي في وفاة المعلم عبدالسلام منصور بامحرز
  • أسعار العملات المشفرة مقابل الدولار
  • لماذا تأجّل مشروع العملة الموحدة لدول بريكس وما علاقة ترامب؟
  • عبد السلام موسى وهالة القوصي يكشفان سحر السينما في تجربة بصرية ضمن أسبوع القاهرة للصورة
  • عبد السلام موسى وهالة القوصي يكشفان سحر السينما ضمن أسبوع القاهرة للصورة
  • ريال مدريد يعلن تفاصيل غياب ميندي بعد إصابة الكلاسيكو.. هل يشارك في مونديال أمريكا؟
  • الرقابة الإدارية تكشف مخالفات جسيمة في طباعة الكتاب المدرسي
  • الإمارات: تُخطط لإطلاق عملة رقمية مستقرة مدعومة بالدرهم