الوطن:
2025-03-03@22:48:03 GMT

الشيخ أحمد البهي يكتب: وهل الدين إلا الحب؟

تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT

الشيخ أحمد البهي يكتب: وهل الدين إلا الحب؟

وهل الدين إلا الحب؟.. قائل هذه العبارة هو إمام عصره وفقيه زمانه الإمام محمد بن على زين العابدين الشهير بـ(محمد الباقر) -رضى الله عنه وعن أهل بيته- فقد رَوى ابن حَیُّون المغربى عَنْ أَبِى جَعْفَرٍ ‏مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ أَنَّ قَوْماً أَتَوْهُ مِنْ خُرَاسَانَ فَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ قَدْ تَشَقَّقَتَا رِجْلَاهُ فَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا؟! فَقَالَ: بُعْدُ الْمَسَافَةِ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، وَوَاللَّهِ مَا جَاءَ بِى مِنْ حَيْثُ جِئْتُ إِلَّا مَحَبَّتُكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ.

قَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: «أَبْشِرْ، فَأَنْتَ وَاللَّهِ مَعَنَا تُحْشَرُ».

قَالَ: مَعَكُمْ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ؟!

قَالَ: «نَعَمْ، مَا أَحَبَّنَا عَبْدٌ إِلَّا حَشَرهُ اللَّهُ مَعَنَا، وَهَلِ الدِّينُ إِلَّا الْحُبُّ؟».

نعم، وهل الدين إلا الحب؟!

عبارة موجزة تحمل معانى جمة، فالحب هو الذى يحرك الإنسان فى كل أموره، فهو إما محب لنفسه ويسير على هواها بغير هدًى من الله، أو يحب مولاه فيكون فى طريق المفلحين..

والمؤمن الحقيقى هو الذى يحرك نفسه من حب الذات إلى حب الله، وإذا أحب الله أحب كلَّ من يحبه الله عز وجل من أنبيائه ورسله وعباده الصالحين، بل يحب الخير والهداية للناس أجمعين، فطريقه قد تبدَّل من حب نفسه إلى حب مولاه وصدق فيه قوله تعالى {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُباً لِّلهِ}.

ونجد فى صحيح البخارى فى حديث أنس بن مالك -رضى الله عنه- أنَّ رَجُلاً مِن أهْلِ البَادِيَةِ أتَى النَّبىَّ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ قَائِمَةٌ؟ قالَ: ويْلَكَ! وما أعْدَدْتَ لَهَا؟ قالَ: ما أعْدَدْتُ لَهَا إلَّا أنِّى أُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ، قالَ: إنَّكَ مع مَن أحْبَبْتَ. فَقُلْنَا: ونَحْنُ كَذلكَ؟

قالَ: نَعَمْ. فَفَرِحْنَا يَومَئذٍ فَرَحاً شَدِيداً...

لو تأملنا فى هذا الحديث سنجد أن هذا الرجل كان أعرابياً بسيطاً لم يُذكر اسمه فى الروايات، والرجل يُقِرُّ بلسانه أنه ما أعد للقيامة غير حب الله ورسوله، وفى بعض الروايات: «مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَوْمٍ، وَلا صَلاةٍ، وَلا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّى أُحِبُّ اللَّه وَرَسُولَهُ».

أى أن الرجل بالكاد يصلى الفرض ويصوم الفرض، ولكنه محب لله ولرسوله حباً خالصاً نقيَّاً استشعره منه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولذلك أجابه قائلاً: أنت مع من أحببت!

هذا الحديث لا يدعو لإغفال قدر العمل، ولكنه يدعو لتنمية جانب المحبة فى قلب كل مؤمن.

ونسبوا إلى ابن حجر العسقلانى رحمه الله قوله:

وقائل هل عمل صالح… أعددته يدفع عنك الكُرَب

فقلت حسبى خدمة المصطفى… وحبــــه فالمرء من أحب

وإذا أحب العبد ربه فإن الله عز وجل يبادله حباً بحب، بل يجازيه بأن يجعله محبوباً من جميع خلقه الصالحين فى أرضه وسمائه فقد روى البخارى عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذَا أحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَاناً فأحْبِبْهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فيُنَادِى جِبْرِيلُ فى أهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَاناً فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ فى الأرْضِ».

تخيل أن هذه المحبة تكون سبباً فى حفظك من شر كل ذى شر فإن الله -تعالى- لما حكى لنا قصة التقاط آل فرعون لنبيه موسى وهو طفل رضيع فقد ذكر لنا أنه قد حفظه «بالحب» فقال: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّى وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِى}، بل نجد أن الله تعالى قد جعل من أبرز صفات من يختارهم لنصرة دينه «الحب» فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}.

يحبهم الله وهم يحبون الله، وما داموا يحبون الله فإنهم يحبون خلقه ويشفقون عليهم ولا يريدون لهم إلا الخير والهداية... فلا ينصر دين الله إلا من امتلأ قلبه بالحب والسلام لا بالكراهية والعداء...

فهل بعد ذلك يحق لأحد أن يسأل ويتشكك فى أهمية قضية الحب وتعلقها بدين الله عز وجل؟

ساعتها لن نجد إجابة أفضل من أن نقول له: «وهل الدين إلا الحب؟».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الدين الحب محمد الباقر

إقرأ أيضاً:

مجدي أبوزيد يكتب.. رمضان فرصة الجميع لإصلاح النفس والتغيير

هل علينا شهر الصيام الذى يجمع اللحظات والليالي والأيام المعدودات التي ينتظرها المؤمنين ليتزودوا من خيرها وأجرها في الدنيا لتكون لهم مشعل يُنير طريقهم يوم القيامة بين جموع الخلق بالصبر والالتزام بأوامر الخالق سبحانه وتعالى.

ومن بين أسمى الغايات التي يجب أن يسعى المسلم لتحقيقها في هذا الشهر الكريم إصلاح النفس وتغيرها نحو الأفضل، فكل ما في رمضان يتغير، سلوك وعبادة وخلق، فهو يمضي بنا وتتغير فيه بعض أحوالنا، ونسعى جاهدين إلى تغيير أنفسنا.

شهر رمضان فرصة من أعظم فرص التغيير في كل المجالات لمن أراد التغيير، حيث الجو الملائم والتهيئة الربانية، والقرب من الله تعالى والمعينات في هذا الشهر كثيرة، فرمضان فرصة الجميع للتغيير.

شهر رمضان فرصة للتوبة والرجوع إلى الله تعالى: فالله - عز وجل- قد هيأ لعباده هذا الشهر للتوبة والرجوع، ولأجل هذا يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له".

شهر مضان فرصة لتفقد النفس ومحاسبتها وحثها على الخير، والتغيير يبدأ عند محاسبة النفس وتصحيح أخطائها، وهذا ما يجب أن تكون عليه، عادة مستمرة يترقى بها المسلم إلى أفضل درجات السمو والرفعة.

شهر رمضان فرصة للإقبال على الله والإكثار من العبادة : فالله - عز وجل- قد فضل شهر رمضان على سائر الشهور، وجعل أيامه من خير أيام العام، ولذلك يُعد فرصة عظيمة لمن أراد الإقبال على الله تعالى والاستزادة من العبادة.

شهر رمضان فرصة للتغيير الأخلاقي، فرمضان بطبيعته يغرس في المسلمين الأخلاق الحميدة، ويربي في الأفراد معنى الوحدة والترابط والتآخي والشعور بالآخرين.

ورمضان فرصة عظيمة لكظم الغيظ والعفو على الناس، لأنه يعود المسلم على الصبر والتحمل، فمن يستطع الصبر على الجوع والعطش، يستطيع أن يكظم غيظه ويصبر على أذى غيره

وأؤكد أن التغيير لا يحصل بالتمني، ولكن لابد أن يتحرك دافع التغيير الكامن في النفس من خلال الإرادة والعزيمة والعمل الجاد على التغيير، وتكون نتيجته هي الباقية حتى بعد رمضان، وهذا هو التغيير الحقيقي.

مقالات مشابهة

  • مجدي أبوزيد يكتب.. رمضان فرصة الجميع لإصلاح النفس والتغيير
  • تطرحها فى عيد الفطر.. مروة ناجي تكشف عن أغنيتها الجديدة | خاص
  • هل الحب بين الولد والبنت حراما؟ علي جمعة: الحبيب له أجر شهيد
  • سحر رامي: أحمد زكي كان يندمج في الشخصية لدرجة الحب والكراهية الحقيقية
  • أحمد البهي: الإمام علي زين العابدين قدوة في العبادة والعلم والتضرع إلى الله |فيديو
  • علي جمعة يكشف عن قواعد الحب بين الرجال والنساء
  • أحمد البهي: الإمام علي زين العابدين قدوة في العبادة والعلم والتضرع إلى الله
  • الشيخ خالد الجندي: لا تدعو بقول "ربنا يخليك" بل قل "ربنا يحفظك"
  • محمد يسري يكتب: العلوم الإسلامية كلها جاءت لبيان فضائل كتاب الله والحفاظ على سنته
  • محمد غنيم يكتب: مع الشيخ محمد رفعت