الوطن:
2025-04-28@21:36:17 GMT

د. يوسف عامر يكتب: نبذ التخاصم والتشاحن

تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT

د. يوسف عامر يكتب: نبذ التخاصم والتشاحن

فى هذه الأيام المباركات -العشر الأواخر من رمضان- يتلمس المسلمون ليلة القدر التى أنزل الله تعالى فى شأنها سورة كاملة {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 1 - 5].

وترتبط هذه الذكرى فى نفوس المسلمين وقلوبهم بطهارة القلوب، ليس فقط لأنها موسم من مواسم الخير التى ينبغى أن يتهيأ فيها القلب للأنوار، والقلوب أوعية إما أن تملأ بالنور أو تكون محلاً لسواه! وإنما لأن فرص الخير قد تفوت المرء إذا انشغل بشىء من التخاصم والتشاحن.

وقد جاء فى السُّنةِ ما يؤيدُ هذا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «تُفتحُ أبوابُ الجنةِ يومَ الِاثنينِ والخميسِ فيغفرُ لكلِّ عبدٍ لا يُشركُ باللهِ شيئاً إِلَّا لعبدٍ بينَهُ وبينَ أخيهِ شحناءُ، فيقولُ: أَنظِرُوا هذينِ حتى يصطلحَا» [رواه مسلم]، وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: «إنَّ اللهَ لَيطلعُ ليلةَ النصفِ مِن شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خَلقِهِ إِلَّا لمشركٍ أو مشاحنٍ» [رواه ابن ماجه].

وقد ورد ما يؤيد هذا المعنى وهو خاص بليلة القدر، فقد خرج سيدُنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يُخبرُ بليلةِ القَدرِ، فتَلَاحَى [تَنازَعَ وتخاصَمَ] رجلانِ مِن المسلمينَ، فقال: «إنى خَرجتُ لِأخبرَكُم بليلةِ القدر، وإنه تَلاحَى فلانٌ وفلانٌ، فرُفعَتْ [أى نُسيّتُها]، وعسَى أنْ يكونَ خيراً لكم، التمسُوها فى السبعِ والتسعِ والخمسِ» [رواه البخاري]. إنَّ التنازعَ والتخاصمَ والتشاحنَ والبغضَ كلّها أمورٌ تحجبُ صاحبَها عن نفحاتِ اللهِ تعالى، فإذا أراد المسلمُ أن يُوفّقَ لمواسمِ الخيرِ التى مِن أفضلِهَا وأكرمِها على اللهِ تعالى ليلةُ القدرِ فعليهِ أنْ يُطهرَ نفسَهُ مِن التنازع والتشاحن والتخاصم.

وقد يتساءلُ البعضُ: لم إذِنْ قال صلى الله عليه وسلم: «وعسَى أنْ يكونَ خيراً لكم»؟! وهل فى مِثلِ هذا خيرٌ؟!

نقول: نعم فى هذا خير كثيرٌ...، وبوسعنا أن ندرك طَرَفاً من هذا الخيرِ بقليلٍ من التأملِ، فهذه الحادثةِ عرفَتْ منها الأمةُ كلُّها مدى أثَرِ التشاحنِ والتنازعِ فى حجبِ الإنسانِ عن الخيرِ، ففى هذا دعوة لتطهير الإنسان نفسه، ولمنع التخاصم بين الناس، ودعوة للتحاب والتآلف، وفى هذا خيرٌ لا يُنكرُ للمجتمعِ كلِّه.

كما أنَّ فى هذا خيراً من جهةٍ أخرَى، أَلَا وهى الاجتهاد فى سائرِ أيامِ الشهرِ الفضيلِ، وفى زيادةِ الاجتهادِ زيادةُ البركةِ والنورِ والخيرِ والثوابِ ودوامِ التحلِّى بالفضائلِ والتخلِّى عن الرذائل، وهل مِن شكٍّ فى أنَّ هذا خيرٌ عظيمٌ؟!

وها هو سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يرشد الأمة إلى مظانِّ هذه الليلةِ، فيقول صلى الله عليه وسلم: «التمسُوها فى السبعِ والتسعِ والخمسِ»، أى: التمسوها فى الليلةِ التاسعةِ والعشرينَ، وفى الليلةِ السابعةِ والعشرينَ، وفى الليلةِ الخامسَةِ والعشرينَ من شهرِ رمضان.

والتماسُ ليلةِ القدرِ فى هذه الليالى وفى غيرِها يستدعى مِن كلِّ مسلمٍ مزيداً من العبادة لله تعالى والإقبال عليه سبحانه، فهو أيضاً يَستدعى مزيدَ تَنزّهٍ عن الشحناءِ والتخاصمِ والتنازعِ، وإلى مزيدٍ من التحابِّ والتآلفِ والتوادِّ والتراحمِ.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر العتق من النار صلى الله علیه وسلم هذا خیر فى هذا

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: تعدد أسماء النبي في القرآن دليل على عظمة مكانته

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء، إن تعدد أسماء النبي محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم، حيث سُمي "محمداً" و"أحمد"، جاء لمخاطبة العرب بحسب لغتهم وما يفهمونه من معاني التعظيم والحب والمهابة.

دعاء تحصين المنزل.. من القرآن الكريم والسنة المطهرةخالد الجندي: البعث في القرآن معناه ليس القيام من الموت فقط

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الجمهورية الأسبق، خلال تصريح اليوم الأحد، أن الصحابة الكرام كانوا يهابون النظر مباشرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم من شدة مهابته، مشيراً إلى أن أم معبد، وهي من القلائل الذين وصفوه وصفاً دقيقاً، استطاعت أن تدقق النظر فيه لأنها لم تكن تعرفه مسبقاً.

وأضاف أن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم ليس بدعة، بل هو أمر أكدته نصوص الشرع، فقد عظّمه الله تعالى حين قرن اسمه باسمه على قوائم العرش، كما توسل به آدم عليه السلام إلى الله بعدما أُخرج من الجنة، عندما قال: "رأيت اسم محمد مقروناً باسمك".

وأشار إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قبل البعثة، عُرف بين قومه بلقب "الصادق الأمين"، وهو ما يدل على كمال خلقه. ومع نزول الوحي، انتقل النبي إلى مقام الربانية، حيث شُق صدره الشريف ثلاث مرات وطُهر قلبه وملئ بالحكمة ونُزع منه حظ الشيطان، في إشارة إلى إزالة أي ميل رحيم قد يمتد حتى للشيطان، إذ أُرسل النبي صلى الله عليه وسلم "رحمة للعالمين".

وأكد أن فهم هذه المعاني العظيمة حول شخصية النبي ومكانته واجبٌ على المسلمين، لأنه يمثل جوهر الإيمان ومحور التعظيم الذي أمر به الشرع.

طباعة شارك الدكتور علي جمعة علي جمعة أسماء النبي تعدد أسماء النبي الصحابة القرآن

مقالات مشابهة

  • الأزهر للفتوى يحدد القدر المجزئ في الوقوف بعرفة لكبار السن
  • أفضل وقت لـ صلاة الضحى.. لا تفوت ثوابها العظيم
  • دعاء الغضب.. كلمات مستحبة تتخلص بها من العصبية
  • حكم الصلاة على النبي لطلب الشفاء من الأمراض.. الإفتاء توضح
  • علي جمعة: تعدد أسماء النبي في القرآن دليل على عظمة مكانته
  • خطأ شائع يقع فيه الحجاج يوم عرفة.. أمين الإفتاء يحذر منه
  • بالفيديو... هكذا اغتالت إسرائيل عامر عبد العال اليوم في جنوب لبنان
  • الأزهر يحذر من كلمة تفتح باب للشيطان
  • رزق راغب ضيف الله ناعيا شقيقه: عمل الخير ومعاملة المواطنين برفق تشهد له
  • ما حكم ترديد الصلاة على النبي أثناء الصلاة؟.. الإفتاء تجيب