أسست ضربة القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق لمرحلة جديدة على صعيد الهجمات التي تنسب لإسرائيل في البلاد، كونها استهدفت هدفا غير عادي راح إثره ضباط وقادة كبار لا عناصر ووكلاء.

الضربة أسفرت عن مقتل 7 قادة ومستشارين أبرزهم العميد البارز بـ"الحرس الثوري" الإيراني، محمد رضا زاهدي ونظيره بذات الرتبة حسين أمان اللهي.

وعكست وفق خبراء ومراقبين درجة كبيرة من المخاوف والشعور بالخطر، ما دفع إسرائيل لتحييد عدة أهداف داخل موقع دبلوماسي حساس واتخاذ قرار يختلف بكل مجرياته عن القرارات المتعلقة بالضربات السابقة.

لإيران وجود كبير داخل سوريا ويعود أول موطئ قدم لها في البلاد إلى عام 2012 عندما أدخلت الكثير من الميليشيات لدعم النظام السوري وحماية رئيسه بشار الأسد من السقوط.

وعلى مدى السنوات الماضية تغلغلت عسكريا في مختلف أنحاء سوريا وشتى مجالاتها وكان الكثير من قادتها يجولون في محافظات البلاد، وأشهرهم قاسم سليماني الذي قتل بضربة أميركية قرب مطار بغداد.

وبعدما خاضت معظم المعارك ضد فصائل المعارضة وحرفت بوصلة الميدان لصالح الأسد إلى جانب الدعم المقدم من روسيا انتقلت مؤخرا إلى مرحلة الانتشار والتثبيت.

ومع ذلك، ورغم تغلغلها ونجاحها في دعم الأسد واجهت خطرا متواصلا منذ سنوات وتمثل بضربات جوية وصاروخية لم توقف إسرائيل عملية تنفيذها.

وبينما ركزت تلك الضربات أولا على مستودعات الأسلحة والذخائر ومقار الوكلاء وقادة الميليشيات أخذت منحى تصعيديا مختلفا بعد الحرب في غزة.

إسرائيل بدأت بعد الحرب بحصد الرؤوس الكبار من "الحرس الثوري" داخل الشقق السكنية في المدن السورية، وتطورت قبل أيام إلى حد استهدافهم داخل مقر دبلوماسي.

ما الذي تعنيه سوريا بالنسبة لإيران؟ وما الذي يثير مخاوف إسرائيل؟

هل الوجود الإيراني في سوريا يدار الآن من قبل الوكلاء أم الإيرانيون؟ وما انعكاسات الضربات المتواصلة؟

"مظلة ووكلاء"

الضربة الأخيرة على القنصلية الإيرانية في دمشق تدحض التقارير التي أفادت قبل أشهر عن تقليص "الحرس الثوري" الإيراني لوجوده في سوريا.

وتثبت من جانب آخر أن القرار المتعلق بالوجود الإيراني يديره قادة كبار لا عاديون، كما يشير مراقبون تحدث إليهم موقع "الحرة".

على اللائحة الأميركية.. من هو رضا زاهدي الذي قتل بضربة القنصلية الإيرانية؟ أعلن التلفزيون الرسمي الإيراني مقتل القائد الكبير بـ"فيلق القدس" التابع للحرس الثوري، محمد رضا زاهدي، في ضربة "إسرائيلية" استهدفت مبنى قنصلية إيران في العاصمة السورية، دمشق، الاثنين

تنتشر إيران في شرق سوريا حيث محافظة دير الزور، وتكشف خارطة الأهداف الإسرائيلية توسع نفوذها إلى دمشق وريفها وحلب شمالا وحمص وسط البلاد، بالإضافة إلى محافظتي درعا والقنيطرة جنوبا.

الباحث السوري في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، نوار شعبان يرى أن "الحرس الثوري هو المظلة الكبيرة للإيرانيين في سوريا، من الناحية العسكرية والأمنية".

ويقول لموقع "الحرة" إن "تواجد إيران وتمددها في سوريا وقدرتها على تحمل الضربات الأميركية والإسرائيلية يؤكد أن نظام الحرس الثوري يشمل العديد من التشكيلات العسكرية والأمنية".

"التواجد الأمني في مرحلة ما بعد الحرب هو الأهم على صعيد ضمان الاستمرار"، كما يضيف الباحث السوري.

ويشير إلى أن أساس تواجد إيران في البلاد الآن هو "أمني يقوم اختراق منظومات أمنية وخلق فرص للتغلغل في المكونات الاجتماعية".

ولم يعد التواجد محصورا في "الحرس الثوري" فحسب، بل هناك تشكيلات "نعرفها ولا نعرفها"، على حد تعبير الباحث. 

ويتابع: "الإرث الأمني والعسكري خلق الجو المناسب للانتشار والسيطرة اقتصاديا واجتماعيا، وصولا إلى استغلال ذلك في الشق السياسي".

"سوريا قاعدة أساسية"

قبل ضربة القنصلية نسب لإسرائيل أكثر من هجوم استهدف شققا سكنية في دمشق وحمص وسط البلاد، وأسفر عن مقتل قادة إيرانيين من "الحرس الثوري".

أبرز الضربات استهدفت بناء سكنيا في منطقة المزة فيلات غربية، ما أسفر عن مقتل مسؤول استخبارات "الحرس" في سوريا، صادق أوميد زاده و5 قادة آخرين.

كما قتل القيادي البارز رضي موسوي جراء 3 صواريخ استهدفت البناء الذي يقطنه في منطقة السيدة زينب بريف العاصمة دمشق.

لكن ومع كل هذه الهجمات وعمليات قتل القادة الكبار لا توجد مؤشرات حتى الآن عن تضاؤل التواجد الإيراني في سوريا أو حتى اتخاذ طهران فكرة بالتراجع خطوة للوراء، وهو ما يشير إليه الباحث، وجدان عبد الرحمن.

ويقول المختص بالشأن الإيراني لموقع "الحرة": "عمليات إرسال السلام بشكل مستمر لسوريا يؤكد أن إيران ما تزال باقية ومتمسكة في البلاد"، وأنها يوما بعد يوم تهيمن على القرار العسكري وحتى السياسي لنظام الأسد.

ورغم معرفة الحكومة السورية أن التواجد الإيراني خطر على أمن وبنية سوريا التحتية لا تستطيع أن تطلب من إيران ترك البلاد، كما يضيف الباحث.

عبد الرحمن يشير إلى "المشروع الإيراني في سوريا قديم منذ بداية الثورة الإيرانية".

ويوضح أن إيران تسعى من خلال شعار "تصدير الثورة" بتحقيق هدفها الاستراتيجي، وهو الوصول إلى البحر المتوسط.

الهدف لا يمكن أن يتحقق إلا بالعبور من العراق ومن ثم سوريا ولبنان، وفق الباحث.

ويضيف: "سوريا قاعدته الأساسية، ولذلك نرى أن التواجد الإيراني يزداد فترة بعد أخرى ولا ينحسر بفعل الضربات".

ويوضح آفي ميلاميد وهو ضابط مخابرات إسرائيلي سابق وخبير أمني واستراتيجي من جانبه أن الوجود الإيراني في سوريا جزء من "الهيمنية الإيرانية، المعروفة أيضا "بالهلال الشيعي". 

وكجزء من ذلك، يقوم النظام الإيراني بتوسيع نفوذه وسيطرته في بعض الدول العربية بين إيران والبحر المتوسط، وهي العراق وسوريا ولبنان. 

في هذا الصدد "يُعتبر نظام الأسد في سوريا حجر الزاوية الأكثر أهمية في الخطة الرئيسية الإيرانية للهلال الشيعي"، كما يقول ميلاميد لموقع "الحرة".

ويضيف أن "مسألة الممر البري هي ضمن هذا الهلال الشيعي الإيراني الذي يهدف في نهاية المطاف إلى خلق موقف يجعل إيران القوة العظمى في المنطقة".

ويجعلها أيضا "متحكمة في الدول العربية (العراق، سوريا، لبنان)، مع توسيع نفوذها إلى اليمن وقطاع غزة والآن في محاولات التغلغل والتسلل إلى الأردن"، وفق ميلاميد.

"بين إسرائيل وإيران"

على مدى السنوات الماضية دائما ما ربط المسؤولون الإسرائيليون الوجود الإيراني في سوريا بعمليات نقل الأسلحة إلى "حزب الله" اللبناني، عبر سوريا.

وأشارت إلى ما سبق ضرباتهم، التي كانت تستهدف الطرق البرية والبحرية والموانئ.

لكن وبعد الحرب في غزة تطورت الحالة لتصل إلى حد قتل قادة كبار، مسؤولون في غالبيتهم عن عمليات تمرير الأسلحة والتخطيط لتنفيذ هجمات وتوريد أسلحة دقيقة وصاروخية.

ويوضح الباحث المختص بالشأن الإيراني عبد الرحمن أن إيران تحاول من خلال مشروع "الهلال الشيعي" تحقيق أمرين:

الأول: الضغط على الدول العربية، وهو ما يمكن قراءته الآن في الأردن.

الثاني: أن يكون لها تواجد للضغط على إسرائيل.

وكانت إسرائيل قد تمكنت من التواجد في أكثر من منطقة حول الجغرافيا الإيرانية من شمال العراق لأذربيجان وصولا إلى الخليج العربي واليمن.

وتتواجد اليوم ضمن الأسطول الخامس وتبني علاقات مع دول عربية.

ويوضح عبد الرحمن أن ما سبق دفع إيران "للالتفاف على إسرائيل والضغط عليها من خلال المتوسط ومحيطها وعبر باب المندب".

كما يتابع أن "هنالك تنافس إسرائيلي – إيراني"، وأن "كل طرف يحاول الضغط على خصمه".

لماذا تستهدفها إسرائيل؟

تتخوف إسرائيل من "الرؤية الهيمنية الإيرانية"، كما يقول الخبير الأمني آفي ميلاميد.

وتعتبر أن "النظام الإيراني يلعب بشكل فعال ومعقد بالورقة التي تسمى تحرير فلسطين والدفاع عن الفلسطينيين"، ويعمل على استغلالها لتوسيع نفوذه عبر الشرق الأوسط، وبخاصة في العالم العربي.

"من خلال لعب ورقة المقاومة والتقديم المزعوم لنفسه كروح لهذا المعسكر المقاوم كان نظام الملالي قادرا بشكل كبير على السيطرة في لبنان، سوريا، العراق، وغزة"، وفق الخبير الأمني الإسرائيلي.

ويضيف: "هذا تهديد جدي جدا لإسرائيل، لأنه كجزء من خطة نظام الملالي الإيراني أو كما نسميه بالحلقة النارية".

ما الحلقة النارية؟

تقوم الحلقة النارية على الميليشيات المدعومة من إيران: "حزب الله" في لبنان، والميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية والباكستانية الموجودة في سوريا و"حماس" و"الجهاد الإسلامي" في غزة، على حد تعبير ميلاميد.

ويوضح أنها تهدف إلى "محاصرة إسرائيل ومحو دولتها بشكل كامل عن طريق تفعيلها (الحلقة) في وقت واحد".

ولذلك تعمل إسرائيل باستمرار في سوريا وأماكن أخرى لاعتراض وتفكيك هذا الهيكل الكامل الذي يحاول النظام الإيراني بناءه، وخصوصا من خلال مهاجمة أهداف في سوريا، وفق الخبير الأمني. 

ويشمل ذلك الأهداف العسكرية الإيرانية، مستودعات الصواريخ، القيادة الإيرانية وأشخاص كبار في "حزب الله" في لبنان وفي سوريا. 

وهكذا يفسر حقيقة أن "إسرائيل قد هاجمت مئات المرات في سوريا في السنوات القليلة الماضية"، وستستمر في القيام بذلك "بقدر الحاجة من أجل اعتراض خطة الحلقة النارية الإيرانية"، كما يضيف الخبير الأمني الإسرائيلي.
 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الإیرانی فی سوریا الحلقة الناریة الخبیر الأمنی الحرس الثوری عبد الرحمن فی البلاد بعد الحرب من خلال

إقرأ أيضاً:

فوكس: ما الذي يعنيه فعلا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟

تبرر إسرائيل وحلفاؤها كل ما قامت وتقوم به من تدمير في الأراضي الفلسطينية بحقها في الدفاع عن نفسها، ولكن بعض الخبراء القانونيين يجادلون بأنها لا تستطيع التذرع بهذا الحق تلقائيا، كما يُفهم في السياق القانوني.

وذكرت نشرة فوكس بأن إسرائيل، منذ دخول الاتفاق بينها وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) حيز التنفيذ، صعّدت غاراتها في الضفة الغربية، مما أدى إلى نزوح أكثر من 40 ألف فلسطيني، وبعد انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار الهش أصلا، قطعت الكهرباء ومنعت دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، بعد أكثر من عام من الحرب قتلت فيه أكثر من 61 ألف فلسطيني، ودمرت البنية التحتية للرعاية الصحية في القطاع، وشردت حوالي 90% من السكان.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إيكونوميست: هذه أوراق بيد أوروبا حال تعمق خلافها مع أميركاlist 2 of 2تايمز: ما قصة الثورة التي يريد ستارمر إطلاق شرارتها في بريطانيا؟end of list

ومع أن لكل دولة حسب القانون الدولي الحق في الدفاع عن النفس -كما تقول النشرة في تقرير بقلم مراسلها عبد الله فياض- فإن لهذا الحق الذي أصبح يتكرر منذ عقود، حدودا تربطه بهجوم مسلح من دولة أخرى، وهو ما ليس متوفرا في حالة إسرائيل التي هاجمتها حماس من أراضٍ تسيطر عليها.

وإذا كان البعض يجادل بأنه لم يكن أمام إسرائيل، من الناحية الأخلاقية، خيار سوى استخدام القوة لمحاسبة حماس على أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فإن هذه الحجج الأخلاقية لا تكفي، لأنه في النهاية لا شيء يمكن أن يُبرر أخلاقيا قتل عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء.

إعلان حجج قانونية مبهمة

ولأن القوانين هي التي تحكم العالم، يمكن لإسرائيل الرد بقوة متناسبة لاستعادة النظام، لكن شن حرب والادعاء القاطع بأنها دفاع عن النفس لا يستند إلى أساس قانوني ظاهريا، وادعاؤها لا يغير جوهريا كيفية تصرفها في قطاع غزة والضفة الغربية، ولن يضفي شرعية على جميع أفعالها خلال هذه الحرب، حسب النشرة.

وأشارت النشرة إلى أن الفهم العميق لمعنى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها سيساعد في توضيح ما إذا كانت حربها دفاعا عن النفس أو عدوانا، وإذا تبين أنها عدوان، فإن ذلك يجب أن يدفع حلفاءها إلى إعادة النظر في نوع الدعم السياسي الذي يقدمونه لها في مثل هذه الأوقات.

ويعتمد ادعاء إسرائيل بالدفاع عن النفس على حجج قانونية مبهمة، مع أن هناك إطارين قانونيين رئيسيين للنظر في حق الدفاع عن النفس، أولهما ميثاق الأمم المتحدة، وهو معاهدة ملزمة قانونا للدول الأعضاء، وثانيهما، القانون الإنساني الدولي الذي يُرسي قواعد السلوك المتعلقة بالنزاعات المسلحة.

وقالت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن حالة إسرائيل لا ينطبق عليها الحق في الدفاع عن النفس، لأنها لم تتعرض لهجوم من دولة أخرى، بل إن الهجوم شنته جماعة مسلحة داخل منطقة تسيطر عليها إسرائيل وتحتلها بشكل غير قانوني، لا يمكنها ادعاء الحق في الدفاع عن النفس.

وفي عام 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيا استشاريا بشأن الجدار الذي كانت إسرائيل تبنيه حول الضفة الغربية، واعتبرت أن الحاجز غير قانوني، لأنه سيحمي من التهديدات القادمة من منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالفعل، مما يعني أنها لم تكن تتصرف كما زعمت، دفاعا عن النفس. وكتبت محكمة العدل الدولية "لا يمكن لإسرائيل بأي حال من الأحوال الاستناد إلى تلك القرارات لدعم ادعائها بممارسة حق الدفاع عن النفس".

إعلان

وفي سياق هذا الرأي الاستشاري، يُمكن اعتبار أي إجراء يُتخذ لتعزيز أو إدامة قبضة إسرائيل العسكرية على الفلسطينيين امتدادا للاحتلال، وليس دفاعا عن النفس، وقال محامو جنوب أفريقيا إن "ما تفعله إسرائيل في غزة، تفعله في أراض خاضعة لسيطرتها"، واستنتجوا أن أفعالها تُعزز احتلالها، وبالتالي لا ينطبق عليها قانون الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة".

وقد كتب رئيس محكمة العدل الدولية عند إصداره رأي المحكمة الاستشاري، الذي قضى بعدم قانونية الاحتلال، أن "دولة إسرائيل ملزمة بإنهاء وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة بأسرع وقت ممكن"، ولكن إسرائيل استمرت في بناء المستوطنات غير القانونية على الأراضي المحتلة، وحصار غزة، وفرض حكم عسكري على الفلسطينيين ينتهك حقوقهم الإنسانية.

وهذا -حسب النشرة- ما يجعل إسرائيل معتدية بموجب القانون الدولي، قبل وبعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وما دامت كذلك فلا يحق لها ادعاء حق الدفاع عن النفس، وتقول ألبانيز إن "استمرار احتلال ينتهك بشكل عميق لا رجعة فيه حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، يعد شكلا دائما ومستمرا من أشكال العدوان".

حجة إسرائيل

ورغم ذلك يجادل بعض الخبراء بأن مبرر إسرائيل للحرب يندرج ضمن الإطار القانوني الدولي، وذلك لأن السابع من أكتوبر/تشرين الأول يرقى إلى مستوى "هجوم مسلح"، وهو ما تنص عليه المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، ومن شأنه أن يُفعّل حق الدولة في الدفاع عن نفسها.

وقد أوضح إريك هاينز، أستاذ الدراسات الدولية بجامعة أوكلاهوما، أسباب لجوء إسرائيل إلى الدفاع عن النفس في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بحجة أن حجم الهجوم وعدد الضحايا المدنيين، يُشكل "هجوما مسلحا" ويجعل الرد العسكري مبررا.

بيد أن المسألة لا تقف عند كون السابع من أكتوبر/تشرين الأول كان هجوما مسلحا، إذ يرى أردي إمسيس، أستاذ القانون الدولي بجامعة كوينز، أن ذلك لا يبرر حق الدفاع عن النفس لأن ذلك الحق لا ينطبق داخل الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.

إعلان

وهذا يقود إلى الجزء الثاني من الأساس وراء حجة إسرائيل -كما تقول النشرة- وهي المقولة بأن غزة لم تكن تحت الاحتلال منذ أن سحبت إسرائيل مستوطناتها وجيشها من القطاع عام 2005، ومع ذلك، فإن هذا الوصف مرفوض على نطاق واسع من قبل جماعات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، وحتى وزارة الخارجية الأميركية تُدرج قطاع غزة في تعريفها للأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، كما أكدت محكمة العدل الدولية مجددا أن غزة، من وجهة نظر قانونية، تحت الاحتلال.

وتساءلت النشرة كيف يمكن لإسرائيل الرد قانونيا ما دام الاحتلال لا نهاية له في الأفق؟ لترد بأن هناك العديد من السبل القانونية التي يمكن لإسرائيل اتباعها مع ضرورة الالتزام بقانون الاحتلال، وهو فرع من القانون الإنساني الدولي، يحدد كيفية التعامل مع الهجمات الصادرة من الأراضي المحتلة.

والرد في هذه الحالة -كما تشير النشرة- يكون من خلال إنفاذ القانون، وذلك بالقمع المتناسب الذي تشنه الشرطة على مرتكبي العنف إذا لم ينتهك حقوق الناس، وكقوة احتلال، كان بإمكان إسرائيل استخدام "القوة الضرورية والمتناسبة لصد الهجوم، كما قال إمسيس، موضحا أنه لكي يكون أي استخدام للقوة قانونيا، "يجب أن يكون ضروريا ومتناسبا مقارنة بالقوة المستخدمة ضدها".

نهج انتقائي

ووصلت النشرة إلى أن إسرائيل يصعب عليها الادعاء بأن حربها على غزة كانت دفاعا عن النفس، أو حربا ضد حماس فقط، ناهيك عن كونها ردا مُتناسبا مع أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لأنها خلال عام، استخدمت التجويع الجماعي كسلاح في الحرب، ودفعت البنية التحتية للرعاية الصحية في غزة إلى الانهيار، وخلقت ظروفا مواتية لانتشار أمراض تمكن الوقاية منها، كما قتلت أكثر من 150 صحفيا.

كل هذا يعني أن إسرائيل، حتى لو استطاعت الادعاء بأنها بدأت الحرب دفاعا عن النفس، فإن أفعالها في الحرب نفسها لا يمكن اعتبارها قانونية، وقال كلايف بالدوين، كبير المستشارين القانونيين في المكتب القانوني والسياسي لمنظمة هيومن رايتس ووتش، "مهما كانت المبررات القانونية المحتملة لاستخدام القوة، يجب على جميع الأطراف دائما الامتثال لقانون النزاع المسلح ومعرفة أن جرائم الحرب لا يمكن تبريرها أبدا".

إعلان

هناك أيضا حقيقة مزعجة لإسرائيل وحلفائها عندما يجادلون بأن مبادئ الدفاع عن النفس تمنح إسرائيل ترخيصا لشن هذا النوع من الحرب في غزة، وهي أن للفلسطينيين، كشعب خاضع للاحتلال، الحق في المقاومة بموجب القانون الدولي، وذلك يشمل المقاومة المسلحة.

وخلصت النشرة إلى أن قبول كون إسرائيل تتصرف دفاعا عن النفس بدلا من كونها قوة احتلال تُوسّع سيطرتها العسكرية، يعني أن حلفاءها على استعداد لانتهاك القانون الدولي كلما كان ذلك مناسبا، وهذا النوع من النفاق نهج انتقائي في تحديد القوانين التي ينبغي تطبيقها على إسرائيل وتلك التي ينبغي تجاهلها، ولا بد أن تكون له عواقب عالمية، لأنه يقوض شرعية النظام القانوني الدولي، ويشجع إسرائيل ودولا أخرى على الاستمرار في انتهاك القوانين دون عقاب.

مقالات مشابهة

  • الحرس الثوري الإيراني يتوعد بالرد على أي هجوم بعد تهديدات ترامب
  • رداً على ترامب..الحرس الثوري الإيراني يهدد بالرد على أي هجوم
  • قائد الحرس الثوري الإيراني: نحذر أعداء إيران من أي تهديد.. وردنا سيكون صارمًا ومدمرًا
  • قائد الحرس الثوري الإيراني: سنرد بقوة إذا تم تهديدنا
  • الحرس الثوري الإيراني: الحوثيون يتخذون قراراتهم بشكل مستقل وردنا سيكون حاسما إذا تم تهديدنا
  • الخطة الإيرانية الثلاثية تجاه سوريا الجديدة
  • قائد الحرس الثوري الإيراني يعلق على قضية المفاوضات مع الولايات المتحدة
  • فوكس: ما الذي يعنيه فعلا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟
  • عاجل | أ. ب: إسرائيل تريد أن ترى سوريا مجزأة بعد أن تحولت البلاد في عهد الأسد إلى منصة انطلاق لإيران ووكلائها
  • تركيا.. اعتقال 5 متهمين بالتجسس لصالح الحرس الثوري الإيراني