خبير: بناء العاصمة الإدارية بداية التحول الرقمي للاقتصاد المصري
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
قال الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية إن فكرة إقامة جمهورية جديدة في أي دولة تأتي بعد تحول كبير وجذري يحدث داخل الدولة وبداية انطلاقة جديدة متوقعة.
وأضاف مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية لـ"صدى البلد" أن مصر شهدت تحولات كبيرة وجذرية اقتصادية واجتماعية خلال الـ 9 سنوات الماضية، وبدأت البلاد في عام 2015 بوضع رؤية تنمية مستدامة من خلال رؤية مصر 2030 لتطوير وتحديث المجالات والقطاعات وبدأت حركة التطوير والبناء بشكل متكامل وسريع وتم بناء العاصمة الإدارية الجديدة وهي إحدى مدن الجيل الرابع.
وأشار السيد، إلى أن مشروع العاصمة الإدارية هو بداية التحول الرقمي للاقتصاد أو ما يطلق عليه الرقمنة الاقتصادية ويعد نقلة حضارية في منطقة الشرق الأوسط بالكامل، حيث تم إنفاق أكثر من 750 مليار جنيه عليه من خارج الموازنة العامة للدولة، فضلا عن حل مشكلة زحام القاهرة.
وأكدت دراسة صادرة عن للبنك الدولي في 2014، أن مصر تخسر 47 مليار جنيه سنويا بسبب الزحمة بالقاهرة الكبرى، وتوقعت ارتفاع الخسارة لـ 80 مليار بحلول عام 2030 حال استمرار المشكلة، فيما تشير الدراسات إلى أن عدد سكان مصر سيتجاوز حاجز الـ 160 مليون نسمة بحلول عام 2050، بالإضافة إلى احتياج السوق المصري لمليون وحدة سكنية سنويا.
وتابع: أمام هذه المعوقات والأزمات كان على الدولة المصرية أن تتحرك، فاتخذ الرئيس عبد الفتاح السيسي قرار بناء عاصمة جديدة شرق القاهرة، تهدف لتحقيق طفرة في تقديم الخدمات الحكومية للمواطنين، وبناء مدن جديدة ومشروعات تستوعب الزيادة السكانية المستقبلية.
المشروعات القومية الكبرى
وأضاف الدكتور عبد المنعم السيد، أن تكلفة المشروعات القومية الكبرى التي بدأت الدولة إنجازها منذ شهر يونيو 2014 وحتى الآن، لتحقيق «المخطط الاستراتيجي للتنمية العمرانية والاقتصادية والاجتماعية أو ما يُوصف بـ «الجمهورية الجديدة» بلغت نحو 9 تريليون جنيه.
وذكر، أنه تم العمل على إنشاء 22 مدينة وتجمع عمراني جديد، ضمن مخطط استراتيجي يضم 30 مدينة جديدة؛ حيث سيتم تنفيذ 8 مدن أخرى، ومساحة المدن الثلاثين ستكون 580 ألف فدان، يستوعبون 30 مليون نسمة، كما تم إنشاء 5 مطارات جديدة أضيفت لمصر، مضيفا أن مصر المأهولة بالسكان لأول مرة من مئات السنين تتحرك من 7% إلى 14 % في معجزة تحققت في 10 سنوات فقط.
وأوضح مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أنه مع بداية الولاية الجديدة للرئيس عبد الفتاح السيسي والتي تمتد إلى 6 سنوات من الآن وحتي 2030، بدأت بترسيخ عهد جديد من الأمل وقد حدد الرئيس السيسي ملامح ومستهدفات المرحلة الجديدة علي كافه الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية أهمها القطاعات التي ستكون قاطرة التنمية خلال المرحلة القادمة وهي الزراعة والصناعة والاتصالات والطاقة الجديدة والمتجددة.
ونوه بأن بين المستهدفات التي تعمل عليها الدولة خلال الفترة المقبلة زيادة صادراتها لنحو 100 مليار دولار سنويا، الوصول بالرقعة الزراعية إلى 12 مليون فدان من 9,8 مليون فدان، رفع مساهمه قطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي من 17,5% حاليا إلي 25% خلال الـ 6 سنوات القادمة، وكذلك زياده مساهمة قطاع الاتصالات ليصل الي 10%، بالإضافة إلى تمكين القطاع الخاص و مساندته وجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية لزياده معدلات التشغيل وتقليل معدلات البطالة.
وقال مدير مركو القاهرة للدراسات الاقتصادية، إن الرئيس السيسي حدد ملامح المرحلة الجديدة والتي تتمثل في ترشيد الانفاق الحكومي واتباع سياسات مالية خاضعه للحوكمة وتعزيز إيرادات الدولة وزيادة حجمها لتقليل عجز الموازنة، فضلا عن وضع سقف للديون ووضع إجراءات مشددة على عملية الاستدانة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العاصمة الادارية الشرق الاوسط سكان مصر صناعة مصر القاهرة للدراسات الاقتصادیة
إقرأ أيضاً:
ساير والثورة في النماذج الاقتصادية... هل نحن أمام نظام مالي جديد؟
نشر موقع " شيناري إيكونومتشي" تقريرا سلّط فيه الضوء على فشل النماذج الاقتصادية التقليدية "دي إس جي إي" في التنبؤ بالأزمات المالية، إذ تفترض أن البنوك المركزية تتحكم في المعروض النقدي، بينما الواقع يُظهر أن 90% من الأموال تُخلق عبر القروض البنكية الخاصة، ما يجعل النظام المالي أكثر هشاشة وأقل قدرة على الاستجابة للصدمات.
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن النماذج الاقتصادية التقليدية تفترض، وجود نظام نقدي تسيطر فيه البنوك المركزية بشكل كامل على عرض النقود من خلال أدوات مثل أسعار الفائدة، وإن هذه الفرضية ليس لها أي أساس من الصحة، إذ إن العرض النقدي الإجمالي اليوم هو بنسبة 90% نتيجة لنشاط الإقراض الذي تقوم به البنوك الخاصة، وهو مستقل تقريبًا عن البنك المركزي.
ومع ذلك، فإنه من خلال دمج النماذج الاقتصادية التقليدية مع المستجدات في مجال العملة المالية التي أنشأتها المبادرة الاقتصادية الإيطالية للإصلاح النظام النقدي "مونيطا بوزيتيفا" من خلال "ساير" (النظام المتكامل للادخار الحكومي)، سيأخذ النظام النقدي شكلًا مختلفًا جذريًا:
1- سيتم إنشاء النظام المتكامل للادخار الحكومي"ساير" مباشرة من قبل الدولة، دون أي ديون مرتبطة به. وهذا الإصدار النقدي سيؤدي تدريجيًا بمرور الوقت إلى تقليل آلية إنشاء النقود القائمة على الدين، والتي تميز النظام المصرفي الحالي.
2- لن يكون النظام المصرفي التقليدي بعد الآن هو الجهة التي تنشئ الغالبية العظمى من النقود الموجودة في النظام الاقتصادي من خلال الائتمان، بل سيعمل في منافسة مع "ساير" الذي يتم إنشاؤه من قبل الدولة.
وأوضح الموقع أنه لدمج "ساير" في النماذج الاقتصادية التقليدية، فسيكون من الضروري إعادة تصميم آلية الإصدار المباشر للنقود: إدخال عنصر "الدولة" كوكيل اقتصادي يقوم بإصدار النقود وفقًا لاحتياجات الاقتصاد، دون توليد ديون. ويتطلب ذلك إعادة صياغة معادلات عرض النقود بحيث تعكس الواقع بشكل أكثر دقة.
إن إعداد آلية إدارة لـ"ساير" يتم تمثيلها كوحدة تنظم عرض النقود استنادًا إلى مؤشرات الاقتصاد الكلي، مثل الرفاهية العادلة والمستدامة "بي إي إس"، ومستويات التوظيف، والتضخم، كي تعمل كأداة استقرار تلقائي.
وأشار الموقع إلى أنه في النماذج الاقتصادية التقليدية، تعكس معادلات التوازن المالي للوكلاء الاقتصاديين (الأسر، الشركات، الدولة) التفاعلات بين الادخار والاستثمار والديون، ومع إدخال "ساير" و"مونيطا بوزيتيفا" سيتوجب إعادة النظر في هذه المعادلات مع الأخذ في الاعتبار ما يأتي:
1- التأثير على الدين العام: من خلال إصدار "ساير"، ستقوم الدولة تدريجيًا بتقليل إصدار السندات الحكومية في السوق، ما سيؤدي إلى تغيير جذري في ديناميكيات وإدارة الموازنة العامة.
2- إدخال متغير جديد عبر "ساير": يوفّر "ساير" آلية حقيقية لحماية الادخار الخاص، وفقًا لما ينص عليه الدستور الإيطالي في المادة 47، من خلال عزله عن التقلبات والمضاربات السوقية. هذا المتغير سيؤثر بشكل مباشر على قرارات الإنفاق العام وإعادة التوزيع، ليصبح عنصرًا أساسيًا في استقرار الاقتصاد.
في النماذج الجديدة للنماذج الاقتصادية التقليدية سيكون من الضروري تحليل التأثيرات التي ستنتج عن السياسات الاقتصادية الجديدة المستندة إلى عمل "ساير"، خاصة في حالة حدوث صدمات اقتصادية.
في الواقع، في حالة:
صدمة في الطلب: إذا حدث انخفاض في الطلب الكلي، فإنه يمكن لـ"ساير" تنشيط استثمارات عامة جديدة لتحفيز الاقتصاد، ما يساهم في تخفيف الآثار السلبية لهذه الصدمة.
سياسات مالية مضادة للدورات الاقتصادية: يتيح "ساير" اختبار سياسات مالية تلقائية تقلل من الحاجة إلى التدخلات الاستثنائية، ما يحسن سرعة الاستجابة الاقتصادية.
التحكم في التضخم والانكماش: يمكن ضبط عرض النقود مباشرة عبر "ساير" لدراسة تأثيره على التضخم واستقرار الأسعار، ما يوفر رؤى جديدة حول إدارة السياسة النقدية.
أزمة الائتمان: في حال حدوث انخفاض في الإقراض للقطاع الخاص، يمكن لـ"ساير" أن يتيح تقديم قروض جديدة مباشرة به، أو استخدامه كضمان للحصول على تمويل من النظام المصرفي التقليدي.
وذكر الموقع أن دمج "ساير" في النماذج الاقتصادية التقليدية سيفتح المجال أمام عمليات محاكاة وسيناريوهات جديدة، يمكنها أن تُبرز الإمكانات الهائلة لهذه الأداة. فهي تتيح لكل دولة إمكانية اتباع سياسة اقتصادية مستقلة، بعيدًا عن القيود والتدخلات الخارجية.
من خلال "ساير" وتبنّي الرفاهية العادلة والمستدامة، سيصبح النظام الاقتصادي:
أكثر استقرارًا: حيث ستنخفض كمية الائتمان المصرفي داخل النظام، ما يقلل من مخاطر الأزمات المالية.
أكثر كفاءة من حيث النمو المتوازن والمستدام: وذلك بفضل تفضيل الإنفاق على الاستثمارات بدلًا من الإنفاق الذي يؤدي فقط إلى الاستهلاك أو المضاربات.
أكثر تجانسًا: إذ سيساهم في تصحيح الفجوات الاجتماعية الكبيرة التي تفاقمت خلال الأربعين عامًا الماضية، ما يجعل النمو الاقتصادي أكثر عدالة وشمولية.
وبذلك يُعد دمج النظام المتكامل للادخار الحكومي (ساير) في النماذج الاقتصادية التقليدية فرصة مثيرة لاستكشاف آثار نظام نقدي بديل قائم على "مونيطا بوزيتيفا".
واختتم الموقع تقريره بالتأكيد على أن هذا يتطلب مراجعة جذرية للأسس النظرية للنماذج الاقتصادية التقليدية وتكييف هياكلها بحيث تستوعب مفاهيم جوهرية، مثل الإصدار المباشر للنقود من قبل الدولة دون توليد ديون. ومع ذلك، فإن هذا الجهد سيفتح المجال لنقاش تقني معمّق حول الإمكانات الحقيقية للنقدية الضريبية وكيفية تفاعلها مع النظام الاقتصادي ككل.