القدس/ عبد الرؤوف أرناؤوط/ الأناضول حذر الخبير القانوني الإسرائيلي دانيال سيدمان، من التداعيات المحلية والدولية التي قد تنعكس على إسرائيل، إثر تمرير قانون “الحد من المعقولية”، الذي أقره الكنيست، مطلع الأسبوع. وأعرب سيدمان خلال حديث للأناضول، عن تخوفه من أن ينقل القانون إسرائيل باتجاه “دولة قوانين شريعة يهودية قائمة” يقابلها في الوقت ذاته، معارضة قوية.

ورأى أن المحكمة العليا الإسرائيلية- أعلى هيئة قضائية في البلاد- ستعيش “معضلة حقيقية” عندما تبدأ النظر في الالتماسات في إلغاء هذا القانون، في سبتمبر/ أيلول المقبل. وكانت عدة مؤسسات بما فيها “الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل” (خاصة) وأحزاب إسرائيلية أعربت عن معارضتها لقانون “الحد من المعقولية” الذي أثار موجة غضب في صفوف المعارضة الإسرائيلية والشارع لنحو 8 أشهر. ومن شأن القانون أن يمنع المحاكم الإسرائيلية بما فيها المحكمة العليا، من تطبيق ما يعرف باسم “معيار المعقولية” على القرارات التي يتخذها المسؤولون المنتخبون. ويعد قانون “الحد من المعقولية” واحد من 8 مشاريع قوانين طرحتها الحكومة في إطار “إحداث التوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية”، ضمن خطة “إصلاح القضاء” التي تصفها المعارضة بـ”الانقلاب”. ** تهديد للديمقراطية الإسرائيلية وفي السياق، أوضح سيدمان أن القانون يمثل تهديدا لـ”الديمقراطية الإسرائيلية” واستقلال القضاء. وقال للأناضول: “عادة ما لا تتدخل المحكمة بقرارات الحكومة، وعندما تفعل ذلك تكون دوافعها جيدة، وهذا ما أجمع عليه المجتمع الإسرائيلي، وهذه هي أسس الديمقراطية الإسرائيلية”. وأضاف أن المحكمة العليا الإسرائيلية “لديها سجل جيد وإن لم يكن مثاليا، وصلاحيتها هي التدخل عندما تتصرف الحكومة بطريقة غير قانونية أو بشكل شائن”. بيد أنه في المقابل، لفت إلى أن القانون الأخير “دمر هذه الأسس، كونه سيحد من تدخل المحكمة العليا حينما تخطئ الحكومة أو ترتكب أعمال شائنة”. ووصف سيدمان القانون أيضا بأنه “غير قانوني”، مشيرا إلى أنه “تغيير جوهري في طبيعة الديمقراطية الإسرائيلية، وهو تغيير للنظام وهو تغيير دستوري”. وقال: “لا يملك الكنيست الصلاحية للقيام بتغيير دستوري في إسرائيل”. وفي معرض الحديث عن مساوئ القانون الجديد، ضرب سيدمان مثالا، بمسألة التعيينات، باعتبارها تعكس أشكال من سوء استخدام السلطة، في حالة غياب دور المحكمة العليا. وتسائل: “هل تستطيع أن تطرد أي شخص؟ هل يمكنك أن تعين من تريد؟ هل يمكن (لوزير الأمن القومي إيتمار) بن غفير تعيين أي من اتباعه الإرهابيين كرئيس للشرطة؟ الجواب بعد هذا التشريع هو نعم يمكنك ذلك، لأنه لم يعد بإمكان المحكمة التدخل”. ** معضلة حقيقية لم يملك سيدمان إجابة محددة على ماهية القرار الذي قد تتخذه المحكمة بعد نظرها في الالتماسات المقدمة من مؤسسات حقوقية وأحزاب لإلغاء قانون “الحد من المعقولية”. وقال إن المحكمة “في معضلة”، واصفا عملية اتخاذ القرار بشأن مسألة إلغاء القانون بأنها “صعبة جدا”. وأضاف: “لقد وقفت في أكثر من 30 قضية أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، ودائما ما كنت أقول لموكلي: أنتم لا تعلمون ماذا سيكون قرار المحكمة”. وأردف: “كان هذا هو الحال في الماضي، وسيكون الوضع أكثر من ذلك في الوضع الحالي”. وعلى النقيض، انتقد سيدمان المحكمة العليا لعدم اتخاذها بعض القرارات، التي كان من شأنها تجنب الوقوع في المأزق الحالي. وقال: “لقد تلكأت المحكمة العليا عن التدخل في الماضي، وأعتقد أن هذا كان خطأ”. وكان سيدمان يتحدث عن توقيع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في وقت سابق، على “تعهد بعدم التورط في أي شيء يتعلق بالإصلاح القضائي يؤثر على محاكمته”، ورغم ذلك أصبح الآن “يقود التشريعات”. وتابع: “عاد (نتنياهو) لتولي (التعديلات القضائية) وهذا انتهاك لتعهده، وحينما تم تقديم الالتماس للمحكمة العليا قالت إنها لن تتدخل”. وكانت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية غالي بهاراف ميارا، حذرت رئيس الوزراء نتنياهو في مارس/آذار الماضي من مغبة التدخل في إجراء تعديلات على الجهاز القضائي، كونه ممنوعا من ذلك بسبب مثوله أمام القضاء. ويحاكم نتنياهو في 3 قضايا جنائية، حيث يواجه اتهامات بالرشوة والاحتيال وإساءة الأمانة. ** أزمة دستورية محتملة ولم يستبعد سيدمان وقوع أزمة دستورية في إسرائيل، في حال قررت المحكمة إلغاء القانون وأصر الكنيست على إبقاءه. وقال: “السؤال هو هل ستكون هناك أزمة دستورية؟ نحن بالفعل في أزمة ولكن هناك أزمة أكبر قادمة، ماذا سيحدث إذا ما قررت المحكمة أن قرار ما اتخذته الحكومة غير قانوني، هل ستنصاع الحكومة؟”. ورجح سيدمان أن تنصاع غالبية فئات الشعب وقطاعات الدولة إلى المحكمة العليا، إذا أصدرت قرارا يتعارض مع الحكومة. وتابع: “أعتقد أن هذا سيكون موقف قادة الجيش والشاباك والموساد وربما الشرطة، فإذا ما كان هناك قرارا من المحكمة العليا لا تقبله الحكومة، فإن أعضاء دولة إسرائيل سيكونون اوفياء للمحكمة العليا”. ** قانون الشريعة اليهودية وبشكل عام، تبرز مخاوف في إسرائيل من أن الأحزاب الدينية والوطنية الدينية الشريكة في الحكومة الحالية، قد تدفع الأمور باتجاه تطبيق قانون الشريعة اليهودية. وفي هذا الشأن، قال سيدمان: “نتنياهو ليس متدينا، ولكن من الواضح أن هناك أناس معنيون بفرض المزيد من القيود الدينية على الإسرائيليين بطريقة تشكل تهديدا لحقوق الإنسان والحريات”. واعتبر أن ما يعزز تلك المخاوف هو موقف نتنياهو في الكنيسيت، حيث اعتبره “رهينة للعناصر الأكثر راديكالية وتشددا في الحكومة”. وأعرب سيدمان عن مخاوفه قائلا: “أعتقد أن إمكانية انتقال إسرائيل باتجاه دولة قوانين شريعة يهودية قائمة، ولكن بالمقابل ستكون هناك معارضة قوية”. ** تداعيات دولية مقلقة وترفض إسرائيل نظر محاكم دولية في قضايا ضد جنودها ومسؤوليها بادعاء إن فيها نظام قضائي مستقل يمكنه النظر في هذه القضايا. ولكن تصريحات الكثير من المسؤولين في المعارضة الإسرائيلية بأن إسرائيل لم تعد دولة ديمقراطية، جعل سيدمان يعلن عدم استبعاده أن تفتح الأوضاع الحالية الطريق أمام فلسطينيين ومؤيدين للقضية الفلسطينية حول العالم، برفع قضايا في محاكم وطنية ودولية ضد الحكومة الإسرائيلية وجيشها ومسؤوليها وقال: “أعتقد أن التداعيات الدولية لهذا القرار ضخمة، ونحن نرى البداية فقط”. وأضاف: “الأمر لا يقتصر على المحكمة الجنائية الدولية، فأولئك الموجودون في أوروبا وأعربوا عن قلقهم المتزايد حيال عنف الاحتلال في الضفة الغربية وعنف المستوطنين وكانوا مترددين في محاسبة إسرائيل، سيكونون أكثر استعدادا لجعل إسرائيل عرضة للمساءلة”.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: المحکمة العلیا فی إسرائیل

إقرأ أيضاً:

مؤسسة يهودية يدعمها توني بلير تضم أراضي محتلة إلى إسرائيل على موقعها (شاهد)

عرضت مؤسسة "الصندوق القومي اليهودي" المرتبطة برئيس الوزراء السابق توني بلير خريطة على موقعها الإلكتروني تتضمن مرتفعات الجولان المحتلة والضفة الغربية المحتلة، وقطاع غزة كجزء من دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وبحسب موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، تعرض فرع المؤسسة في المملكة المتحدة، والذي يدرج بلير كراع فخري له، لانتقادات شديدة في الماضي بسبب أنشطته، والتي تضمنت التبرع بمليون جنيه إسترليني لـ "أكبر ميليشيا في إسرائيل".

الآن تخاطر المنظمة البريطانية، التي تتمتع بصفة "منظمة خيرية"، بالتورط في فضيحة جديدة بسبب خريطة على موقعها الإلكتروني الرسمي.

ويقول الموقع الإلكتروني للمؤسسة: "إن مركز إسرائيل مزدهر ولكنه مزدحم. إن أطرافها بها مساحة كافية لملايين المنازل الجديدة، لكن البنية الأساسية مفقودة".

ويضيف أن الصندوق القومي اليهودي في المملكة المتحدة "يعمل على جلب حياة جديدة واستثمارات إلى أطرافها، وتحويل مستويات المعيشة في جميع أنحاء المنطقة".

بجوار هذا النص توجد خريطة تصور أراضي محتلة بما في ذلك الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان المحتلة، على أنها داخل حدود "إسرائيل".




ويتناقض هذا مع وضع الأراضي بموجب القانون الدولي - ويتناقض أيضًا مع موقف الحكومة البريطانية، التي تعترف بالضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة ومرتفعات الجولان على أنها تحت الاحتلال الإسرائيلي.

ومن بين الرعاة الفخريين الآخرين إلى جانب بلير الحاخام الأكبر لبريطانيا إفرايم مارفيس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقالت ميرا ناصر، المسؤولة القانونية في المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين، لموقع ميدل إيست آي: "إن هذه المحاولات لتأكيد السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية والسورية المحتلة تشكل انتهاكاً مباشراً لسياسة الحكومة البريطانية - ناهيك عن التصريحات المتعاقبة من قبل محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

مقالات مشابهة

  • مؤسسة يهودية يدعمها توني بلير تضم أراضي محتلة إلى إسرائيل على موقعها (شاهد)
  • زيباري:تهديدات إسرائيل للعراق بسبب أفعال الحشد الشعبي الخارجة عن القانون
  • وسط دعوات لإقالة بن غفير.. "أزمة دستورية" تهدد إسرائيل
  • نتنياهو ردًا على قرار المحكمة الجنائية الدولية: لن نستسلم للضغوط.. إسرائيل لن تعترف بالقرار
  • خبير دولي يعلق على قرار اعتقال نتنياهو.. يثير تحديا كبيرا لداعمي إسرائيل
  • الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت قرار تاريخي
  • المحكمة الدستورية تُقّر بعدم دستورية التعديلات الواردة في قانون المالية 2025
  • خبير قانون دولي: مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وجالانت أداة ضغط لوقف الحرب
  • الحكومة العراقية تعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو ووزير دفاعه
  • النيابة العامة الإسرائيلية تقدم لائحة اتهام بحق المتحدث باسم نتنياهو بتهمة تسريب معلومات أمنية بهدف المس بأمن إسرائيل