تقرير :رواندا تجربة مصالحة ملهمة في الذكرى الـ 30 للإبادة الجماعية
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
نيويورك "د. ب. أ": تحل يوم السابع من أبريل الحالي الذكرى الثلاثين للمذابح الدامية التي شهدتها رواندا عام 1994 بسبب الحرب الأهلية بين قبائل التوتسي والهوتو التي راح ضحيتها أكثر من 800 ألف شخص. ففي ذلك العام شن فصيل من عرقية الهوتو التي تمثل أغلبية سكان الدولة، حملة تطهير عرقي ضد مواطني الأقلية من التوتسي وغيرهم من الخصوم.
وقال بعض الخبراء إن إرث سياسات الاستعمار البلجيكي للدولة الأفريقية كان السبب الرئيسي في هذه الابادة الجماعية التي استمرت 100يوم، اسفرت عن مقتل 800 ألف شخص على الأقل. ومنذ ذلك الوقت تسعى رواندا لإعادة بناء المجتمع بالتركيز على المصالحة والتنمية الاقتصادية، وهي الجهود التي أحاطها الجدل في ظل الحكم السلطوي للرئيس بول كاجامي.
وفي تقرير نشره موقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي قالت المحللة السياسية ماريل فيراجامو إن المذابح انتهت بانتصار عسكري لمجموعة سياسية تقودها عرقية التوتسي وأصبحت هي حزب الجبهة الوطنية الرواندية الحاكم، برئاسة كاجامي. وتتبنى الحكومة الرواندية الجديدة بقيادة حزب الجبهة الوطنية منهج "الوحدة والمصالحة"، كما أعدت دستورا جديدا يؤكد المساواة بين المواطنين الروانديين ويمنع أي شكل من أشكال تحديد الهوية العامة على أساس الانتماء العرقي لتأكيد التماسك الاجتماعي.
ورغم ذلك أشار تقرير أخير لمنظمة هيومان رايتس ووتش إلى أن هذه الجهود تعرقلها بدرجة كبيرة عمليات إعادة التوطين القسري ومعسكرات إعادة التأهيل لأنصار الحكومة السابقة وغير ذلك من الإجراءات المتطرفة الأخرى.
وواجه مرتكبو المذابح في رواندا قنوات مختلفة للعدالة.
فالأمم المتحدة قادت محكمة جنائية دولية لمحاكمة قادة المذابح، في حين تولى النظام القضائي المحلي الرواندي محاكمة المتورطين في التخطيط لها. وتمت إحالة أغلب القضايا الأخرى إلى ما تسمى "محاكم العشب" وهي نظام قضائي محلي يستند إلى الوسائل التقليدية لتسوية المنازعات عندما تجتمع المجموعات المتنازعة في أماكن عامة لتسوية نزاعات محلية. ونظرت أكثر من 12 ألف محكمة من "محاكم العشب" أكثر من1.2مليون قضية.
من ناحيته يقول كلاود جيتبوك الناشط الحقوقي وأحد الناجين من مذابح رواندا إن "التعافي من أي مذبحة يحتاج إلى الحقيقة والعدالة... والعدالة لا تعني فقط مجرد العدالة التصالحية وإنما المحاسبة الحقيقية للجناة".
تولى بول كاجامي الحكم في رواندا من خلال انقلاب داخلي، ومازال يحكمها حتى الآن. ويرجع إليه الفضل في كثير مما تتمتع به البلاد حاليا من تنمية واستقرار. كما عزز سيطرة النظام السياسي وفاز في ثلاثة انتخابات رئاسية بأكثر من 90% من الأصوات، لكن المحللين يقولون إنها لم تكن انتخابات حرة ولا نزيهة.
ويقول المنتقدون إن حكومة كاجامي، تعمل على إضعاف المعارضة بشكل متزايد، بما في ذلك قمع أعضاء المعارضة والصحفيين الذين ينتقدون الحكومة، التي تواجه اتهامات بخطف واغتيال وتعذيب المعارضين وفرض رقابة صارمة على المعارضة. وتعتبر منظمة فريدوم هاوس رواندا "دول غير حرة" بسبب انتهاك الحريات المدنية مثل حرية التعبير وافتقار الانتخابات للحرية والنزاهة.
وفي عام 2015 صوت الروانديون على دستور يسمح لكاجامي بخوض انتخابات الرئاسة مجددا. وفي ظل غياب مرشحين حقيقيين للمعارضة، فإن فوز كاجامي بفترة حكم جديدة تستمر 7 سنوات في الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 15 يوليو المقبل أمر شبه محسوم لأن المنافسين المحتملين إما فشلوا في تحقيق أي شعبية حقيقية في استطلاعات الرأي العام، أو تم منعهم من خوض الانتخابات من الأساس. لكن بعض المحللين يقولون إن شباب روندا الذين ولدوا بعد المذبحة، يمكن أن يطالبوا فورا بالمزيد من الانفتاح السياسي في البلاد.
ورغم هذه المشكلات نجحت رواندا في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية جيدة. ويعتبر معدل النمو الاقتصادي فيها من بين الأعلى في أفريقيا وبلغ خلال العقدين الماضيين حوالي 8% سنويا. واستند هذا النجاح إلى أرباح الصادرات الزراعية مثل الشاي والقهوة، واستخراج المعادن والسياحة والقطاع العام الكبير. في الوقت نفسه نجحت جهود تنويع مصادر الاقتصاد مؤخرا في صعود قطاع التكنولوجيا، ومبادرات تطوير القوة العاملة.
كما شهدت البلاد تحسنا كبيرا في الناحية الصحية بفضل نظام التأمين الصحي الذي غطى حوالي 90% من السكان. وزاد متوسط العمر المتوقع للمواطن الرواندي إلى الضعف خلال عقدين بعد المذبحة. وانخفضت معدلات وفيات الأطفال والإصابة بمرض نقص المناعة المكتسب (إيدز). علاوة على ذلك تعاملات رواندا مع جائحة فيروس كورونا المستجد بطريقة جيدة وسجلت أحد أعلى معدلات التطعيم ضد الفيروس على مستوى أفريقيا، وضخت استثمارات كبيرة في المنشآت الصحية الريفية.
أما على الصعيد الاجتماعي، فتعتبر رواندا نموذجا نجاحا لتقليل الفجوة بين الجنسين في البرلمان حيث يضم أكبر نسبة من النساء مقارنة بأي برلمان آخر في العالم. وأصبحت نسبة استمرار الأطفال في المدارس الأعلى على مستوى قارة أفريقيا. ورغم ذلك فإن مدى التقدم الحقيقي في رواندا مازال موضع جدل بسبب التناقضات المحتملة في البيانات.
جندي إثيوبي من بعثة الأمم المتحدة لمساعدة رواندا يقف أمام آلاف اللاجئين الروانديين في الوقت الذي ستحيي رواندا الذكرى الثلاثين للإبادة الجماعية التي استمرت 100 يوم.أ.ف.ب
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
إحياء الذكرى الـ20 لمقتل 230 ألفا في تسونامي
أحيت دول آسيوية، اليوم الخميس، ذكرى أكثر من 230 ألف شخص لقوا مصرعهم قبل عقدين عندما دمر تسونامي مناطق ساحلية حول المحيط الهندي، في إحدى أسوأ الكوارث الطبيعية التي شهدها التاريخ الحديث.
في 26 ديسمبر عام 2004، تسبب زلزال بقوة 9,1 درجة قبالة إندونيسيا بحدوث سلسلة من الأمواج الضخمة التي ضربت سواحل 14 دولة من إندونيسيا إلى الصومال.
وتكبدت إندونيسيا أعلى حصيلة قتلى، حيث قضى أكثر من 160 ألف شخص على طول ساحلها الغربي بينما لقي الآلاف حتفهم أيضا في سريلانكا والهند وتايلاند.
في إقليم آتشيه بإندونيسيا حيث قتل أكثر من 100 ألف شخص، دوت صفارات الإنذار لمدة ثلاث دقائق في مسجد بيت الرحمن الكبير في الوقت نفسه الذي وقعت فيه الكارثة، وتلا ذلك إقامة صلاة في المسجد وزيارة المقابر الجماعية للضحايا.
ومن المقرر أن تقام مراسم دينية وتكريمية بعضها على الشواطئ في سريلانكا والهند وتايلاند التي تعد من أكثر الدول تضررا.
وكان من بين ضحايا الأمواج، التي بلغ ارتفاعها 30 مترا، العديد من السياح الأجانب الذين كانوا يحتفلون بعيد الميلاد على شواطئ المنطقة، ما أدخل المأساة إلى منازل في جميع أنحاء العالم.
ولم يصدر أي تحذير من حصول وشيك لتسونامي بعد الزلزال، ما منح الناس مهلة قصيرة للإخلاء، على الرغم من أن ساعات فصلت بين الأمواج التي ضربت سواحل قارات مختلفة.
تسببت أمواج المد العاتية في تشريد 1,7 مليون شخص معظمهم في البلدان الأربعة الأكثر تضررا: إندونيسيا وسريلانكا والهند وتايلاند.