رأي.. بشار جرار يكتب عن الصبر الاستراتيجي لإيران بعد كل ضربة إسرائيلية: لا بالنقاط ولا بالضربة القاضية!
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأمريكية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
لا هذه ولا تلك، حتى ساعة كتابة هذه السطور. هو تعبير ورد على لسان أهم أذرع إيران، ميلشيات "حزب الله" اللبناني على لسان أمينه العام حسن نصرالله في خطاب ألقاه خلال حرب السابع من أكتوبر التي تقترب من دخول النصف الثاني من عامها الأول.
"حزب الله" ليس قطعا بحزب، والانتماء فيه قولا واحدا لـ"الولي الفقيه" الذي كان خميني وصار خامنئي الذي وعد وتوعد وتراجع كما فعل إثر ضربات إسرائيلية سابقة، داخل لبنان وسوريا والعراق وحتى إيران. تكاد ردود الأفعال على تصفية اثنين من جنرالات الحرس الثوري المسمى فيلق القدس -في الأول من أبريل/نيسان- تكاد تكون متطابقة كليا مع تلك التي شملت أسماء كبيرة -في معيار محور سموه المقاومة والممانعة- منها على سبيل الإشارة لا الحصر، عماد مُغنية وسمير قنطار وقاسم سليماني ومحسن فخري زادة وصالح العاروري الذي قيل إنه الأقرب فلسطينيا لمحمد رضا زاهدي الذي ضربته صواريخ جو-أرض إسرائيلية في حي المزة الدمشقي، شبه المغلق أمنيا وعسكريا.
إسرائيل ومعها عدد من الدول التي حالت بفيتو ثلاثي أمريكي بريطاني فرنسي دون تمرير مشروع قرار إدانة تقدمت به روسيا في مجلس الأمن الدولي، إسرائيل تصر على توصيف الهدف باسمه وهو أنه مبنى لا قنصلية، وأنه تابع للحرس الثوري الإيراني وأنه كان خلال اجتماع بين قيادات استخبارية إيرانية مع أعضاء قياديين في فصيل الجهاد الإسلامي "فرع فلسطين" أو تحديدا غزة.
إصرار طهران على اعتبار الضربة غير مسبوقة من حيث استهدافها مقرا دبلوماسيا، وإصرار نظام ملالي إيران على رفض التوضيح الأمريكي بأن إدارة بايدن لا علم لديها بالضربة ولم تستشر بها، أوقع طهران في ورطة ستسارع إلى التراجع عنها.
"الرد المؤلم" كما ورد في وعيد خامنئي صار محصورا بمسألتين كلاهما أكثر تعقيدا لحسابات "الشهبندر" الإيراني: إيران لن ترد بنفسها ولديها معضلة حتى الرد عبر وكلائها في ساحات محظورة. فأي استهداف لمقار دبلوماسية على أي دولة مؤثرة سيكون بمثابة انتحار دبلوماسي سياسي عسكري. طهران مازالت تسعى إلى صفقة قبل العودة المرتقبة لدونالد ترامب الرئيس السابق الذي مزق اتفاق سلفه باراك أوباما النووي وأدرج ميلشيات الحوثي على لائحة الإرهاب وكاد أن يعلن جماعة الاخوان المسلمين تنظيما إرهابيا بعد تضييقه عليهم وعلى المتعاطفين أو المتعاملين معهم في واشنطن إبان الربيع العربي المشؤوم.
وإيران لا يمكن أن تنفذ انتقامها على أي ساحة أوروبية لحاجتها إليها كوسيط. ولا في روسيا ولا الصين لأسباب دفاعية واقتصادية. ولا في منافستها تركيا ولا حتى ساحة "دروناتها" أوكرانيا منعا لإحراج موسكو. والاستهداف في أي من الدول العربية ذات الوجود الدبلوماسي بمثابة إعلان حرب، الهزيمة فيها محققة قبل بدئها. التمثيل الدبلوماسي الإسرائيلي لا يقتصر على الأردن (السفارة الإسرائيلية في عمّان خالية تماما بعد طرد السفير) ومصر والدول التي أبرمت اتفاقات إبراهيم، وإنما أيضا تلك التي كان فيها أول مكتب تمثيل اقتصادي لإسرائيل في دولة عربية، وهي قطر الراعي الحالي لمفاوضات حماس مع الموساد والاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) لتفادي معركة رفح أو التفاهم على ما يعرف بـ"اليوم التالي" ويبدو أنه سيشمل دفع المكتب السياسي بعيدا إلى ما وراء الدوحة، إلى طهران أو إحدى المدن الإيراني، كمدينة "قم" مثلا!
ثمة تعبير في الثقافة الأمريكية يحضّ على الإقرار بالهزيمة وهو "العضّ على الطلقات" (بايت ذا بُلِتس)، يقابله في اللهجة الشامية "ابلاع" بمعنى ابلع. طهران ستبلع، ستتجرّع مرارة هزيمتها مرة أخرى. وإن كان من رد، فسيقتصر على ما صار معروفا إعلاميا بـ"المتّفق عليه"، رد لا يفسد لحسابات التخادم الوظيفي والتفاوض الماراثوني قضية!
الصورة ستزداد وضوحا بعد انجلاء غبار حرب غزة الموغلة في دمائها وكارثيتها، خاصة -اقتحام رفح- الذي تبيّن أنه لن يبدأ إلا بعد انقضاء عيد الفطر المبارك، ما لم يتم إبرام صفقة تبادلية. وما رحلة جيك سوليفان مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي للسعودية، التي عطلتها حالته الصحية، بعد ست جولات شرق أوسطية لوزير الخارجية أنتوني بلينكن منذ حرب السابع من أكتوبر إلا الدليل القاطع على سير الترتيبات الإقليمية على قدم وساق فيما يخص اتفاق سلام هو الأهم استراتيجيا للمنطقة برمتها. إيران -المضغوطة صينيا وروسيا- تعلم ذلك جيدا، بصرف النظر إن ثبت تورطها فيما جرى في ذلك اليوم، أم ركبت موجته بعد التنصل من مسؤوليته، كالعادة.
صبر خامنئي الاستراتيجي سيستمر حتى توقيع اتفاق جديد مع واشنطن، ولو كلف الأمر الدفع بكبش جديد إلى المحرقة، يعرف باسم "حزب الله" لكن العراقي الذي كشف عن نوايا غادرة إزاء الأردن بادعاء استعدادها "لتسليح اثني عشر ألف مقاتل" ممن وصفتهم بـ"مجاهدي المقاومة الإسلامية" قبل أيام من الجمعة الأخيرة من رمضان التي سماها خميني يوم القدس، وذكّرنا بها إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس، في خطابه.
نشر الخميس، 04 ابريل / نيسان 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
إقرأ أيضاً:
تعيينات ترامب تكشف سياسته المقبلة ضد إيران
قال وزير في مجلس الوزراء الأمني إن إسرائيل تتوقع أن تتخذ إدارة الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترامب موقفا متشددا ضد إيران وطموحاتها النووية، مما سيتيح الفرصة لإبرام مزيد من اتفاقيات السلام مع دول الجوار العربية.
وذكر وزير الطاقة إيلي كوهين في مقابلة مع رويترز أن إسرائيل أقرب من أي وقت مضى للتوصل إلى اتفاق ينهي القتال في لبنان ويبعد حزب الله المدعوم من إيران عن حدودها، بينما أصر على ضرورة أن تحتفظ إسرائيل بحق القيام بعمل عسكري في حالة انتهاك الاتفاق.
وتخوض إسرائيل حربا على جبهات متعددة منذ أن شنت حركة حماس، المتحالفة مع إيران أيضا، هجوما عليها في السابع من أكتوبر 2023.
وبدأ حزب الله في اليوم التالي شن هجمات على إسرائيل التي ردت بشن حملة جوية وبرية مدمرة على غزة وكثفت عملياتها في جنوب لبنان خلال الأشهر القليلة الماضية.
وأطلقت فصائل مدعومة من إيران النار مرارا على إسرائيل من اليمن والعراق، وتبادلت إسرائيل وإيران الضربات المباشرة.
تعيينات ترامبوذكر كوهين أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عين موظفين كبارا "يدعمون بالتأكيد العمل بحزم ضد إيران".
وأضاف "فترة إدارة ترامب السابقة اتسمت باستقرار إقليمي أكبر... وفي نهاية فترة رئاسته، كادت إيران أن تغير سلوكها بشأن القضية النووية بسبب العقوبات".
جمهوري من "الصقور".. مواقف روبيو تجاه إيران والصين وروسيا أعلن دونالد ترامب، الأربعاء، تعيين ماركو روبيو وزيرا للخارجية، مؤكدا معلومات تداولتها وسائل إعلام أميركية.وأمضى قائلا "وبالتالي نتمنى ونعتقد بالتأكيد أن سياسة إدارة ترامب ستستمر على هذا المنوال، وأولا وقبل كل شيء، نرى أن القضية الأكثر أهمية هي التعامل بحزم مع إيران".
وقال ترامب خلال حملته الانتخابية إن سياسة الرئيس جو بايدن المتمثلة في عدم فرض عقوبات صارمة على صادرات النفط الإيراني أضعفت واشنطن وشجعت طهران وجعلتها تبيع النفط وتجمع الأموال وتزيد من محاولاتها النووية ونفوذها عن طريق الجماعات المسلحة.
واختار ترامب السناتور الأميركي ماركو روبيو، الذي يؤيد اتباع سياسة خارجية صارمة ضد إيران، لمنصب وزير الخارجية. كما دعا مايك والتز، الذي من المقرر أن يصبح مستشار ترامب للأمن القومي، إلى اتخاذ موقف أكثر حزما ضد إيران.
وقال كوهين "نعتقد أنه (ترامب) يستهدف تحقيق الهدف النهائي، وهو كبح جماح العناصر التي تشكل تهديدا وتكوين تحالفات إقليمية جديدة، وهو أمر مهم جدا".
في عام 2018، انسحب ترامب، عندما كان رئيسا للولايات المتحدة وبدعم من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، من الاتفاق النووي بين إيران والقوى الست الكبرى والذي يستهدف منع طهران من صنع قنبلة نووية.
ثم أعادت واشنطن فرض عقوبات لإجبار طهران على إجراء محادثات بشأن اتفاق أوسع يتناول صواريخها ودعم وكلائها الإقليميين.
وتنفي إيران وجود برنامج لديها لصنع أسلحة نووية، على الرغم من أن الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي قال إنه إذا أرادت طهران ذلك فإن زعماء العالم "لن يكونوا قادرين على منعنا".
ويُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل لديها ترسانة نووية لكنها لم تؤكد أو تنكر ذلك أبدا، محافظة على سياسة الغموض بشأن هذه القضية منذ عقود.
ووقعت إسرائيل أيضا خلال فترة ولاية ترامب الأولى اتفاقيات إبراهيم بوساطة الولايات المتحدة وترتب عليها تطبيع العلاقات مع دول إسلامية بينها الإمارات والبحرين.
وتأمل إسرائيل في إبرام اتفاق مماثل مع السعودية التي تقول إنها لن تطبع العلاقات مع إسرائيل ما لم يشمل ذلك على الأقل طريقا لقيام دولة فلسطينية.
وفيما يتعلق باتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، قال كوهين "أعتقد أننا وصلنا إلى مرحلة أصبحنا فيها أقرب إلى ترتيب مما كنا عليه (في أي وقت آخر) منذ بدء الحرب".
وأضاف أن نقطة الخلاف الرئيسية بالنسبة لإسرائيل هي ضمان احتفاظها بحرية العمل في حالة عودة جماعة حزب الله إلى المناطق الحدودية.
وأردف قائلا "سنكون أقل تسامحا مما كنا عليه في الماضي بشأن محاولات إنشاء معاقل في الأراضي القريبة من إسرائيل. هكذا سنكون، وهكذا سنتصرف بالتأكيد".
وفيما يتعلق بآلية تنفيذ الاتفاقية، قال كوهين "هناك مناقشات، لكن لم يتم الاتفاق عليها بعد".