قال فضيلة الدكتور شوقي علَّام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الشريعة الإسلامية تمتاز بكونها نبراسًا مضيئًا يهدي إلى الحق والعدل في كل العصور والأزمان. فهي ليست هي جامدة على وتيرة واحدة أو محصورة في زمن مضى، وهي بحكمتها تتعامل مع هذه المستجدات بمرونة وعمق. وقادرة على كيفية التكيف مع التطورات المتلاحقة والظروف المتغيرة دون أن تفقد جوهرها أو تتزعزع قيمها.

وفي رحابها، تتجدد الأحكام والفتاوى بروح العصر، مع الاحتفاظ بالثوابت والأسس التي قامت عليها، مؤكدةً على عالمية رسالتها وشموليتها لكل زمان ومكان، مواكبةً بذلك روح التجدد والإبداع في مواجهة التحديات الجديدة.

وأضاف فضيلة المفتي، خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج "اسأل المفتي" مع الإعلامي حمدي رزق، المذاع على فضائية صدى البلد، أن العلماء عرَّفوا البدعة على أنها كلُّ أمر مستحدث لم يكن موجودًا في عهد النبي وليس له أصل في الدين، مشيرًا إلى أن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ» معناه أن يكون قد أتى بشيء ليس مما أمر به رسول الله، أو يتعارض مع شيء أمر به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وشدَّد فضيلة مفتي الجمهورية على أن هناك أمورًا محدثة لم تكن على عهد سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولكنها موافقة للشرع ولأوامر النبي، وهي أمور مقبولة، وعندما نقرأ النصوص الشرعية مجموعة نخرج بأن البدعة المحرمة هي تلك البدعة التي تبطل أحكام الإسلام، أما ما تتوافق معها فتدخل في دائرة السُّنة الحسنة، مستشهدًا بقول سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم: "من سَنَّ في الإسلام سٌنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة".

صيغة تكبيرات العيد

وأشار فضيلة المفتي إلى أن صيغة تكبيرات المصريين في صلاة العيد، صيغة شرعية صحيحة، لا وجه مطلقًا لاعتراض البعض عليها أو وصفها بالبدعة، قال عنها الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "وإن كبَّر على ما يُكبِّر عليه الناس اليوم فحسن، وإن زاد تكبيرًا فحسن، وما زاد مع هذا من ذكر الله أحببتُه". كما أنه لم ترد صيغة مخصوصة للتكبير في العيد بالسنة المطهرة،

هل كعك العيد بدعة؟

وردًّا على من يزعم أن كعك العيد بدعة قال فضيلته: صنع الكعك أو غيره من الحلويات في العيد يعتبر من العادات الطيبة والمحببة. إنها بدعة حسنة، ما دام أنها لا تصل إلى حد الإسراف والتبذير. فهي تندرج تحت مفهوم إطعام الطعام وإدخال السرور على الأسرة، ومن يدعي بدعيته فهو كلام باطل يدل على جهل قائليه بالشرع الشريف، وضحالة فهمهم لمقاصده وأحكامه، فإنها أقوال مبتدعة مرذولة لم يَقُلْ بها أحدٌ من علماء المسلمين في قديم الدهر ولا حديثه، ولم يُسبَق أصحابُها إليها، ولا يجوز العملُ بها ولا التعويل عليها.

فضل تحري ليلة القدر

واختتم فضيلته حواره بالرد على سؤال عن فضل تحري ليلة القدر قائلًا: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد أرشدنا إلى تحري ليلة القدر في هذه الأيام المباركة خاصة في الليالي ذات الأعداد الفردية، وهي ليلة مشهودة يحصل فيها مزيد اتصال بين العباد وربهم سبحانه، وهي ليلة بدء نزول القرآن الكريم على قلب النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهي ليلة سلام تنزَّل الملائكة فيها بالبركة والرحمة، وهي ليلة جليلة القدر، عظيمة الأجر، يعدل ثوابها ثواب العمل الصالح في ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، كما في قولِه تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ [القدر: 3]، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، أخبرنا عن ليلة القدر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هِيَ فِي رَمَضَانَ الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَإِنَّهَا وِتْرٌ: فِي إِحْدَى وَعِشْرِينَ، أَوْ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ، فَمَنْ قَامَهَا إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ».

اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: زيارة أضرحة آل البيت والصالحين من أقرب القربات إلى الله

مفتي الجمهورية: الإرهابيون يتبنون «التكفير» لـ تبرير القتل.. وهم يخالفون منهجية الأزهر

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية صلى الله علیه وسلم مفتی الجمهوریة لیلة القدر رسول الله ع ش ر ین وهی لیلة

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: الحكم بالتكفير يكون بقرار نهائي من الجهات القضائية

أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن قضية التكفير تُعد واحدة من أخطر القضايا التي تواجه المجتمعات في هذا العصر، واصفًا إياها بالطاعون أو الوباء الذي يتسبب في أضرار جسيمة على المستويات الفكرية والمجتمعية.


وأضاف في تصريح له، أن إطلاق حكم التكفير بلا ضوابط شرعية يترتب عليه نتائج خطيرة، مثل منع الميراث والزواج، واستباحة الدماء، وحرمان الشخص من الدفن في مقابر المسلمين، وهو أمر شديد الخطورة يتطلب حذرًا بالغًا من الأفراد والمؤسسات.  

وأوضح المفتي أن المؤسسات الدينية، بالتعاون مع الجهات القضائية، تضطلع بمسؤولية تحرير المصطلحات ووضعها في سياقاتها الصحيحة، مشددًا على أن الحكم بالتكفير ليس من صلاحيات الأفراد، وإنما هو مسؤولية الجهات المختصة، مثل القضاء.


وأضاف أن دور العلماء يتمثل في الحكم على الأفعال أو الأقوال لا على الأشخاص، بينما يظل الحكم النهائي من اختصاص القضاء، لتجنب الفوضى والاعتداء على حرمات الدين والإنسان.  

واستشهد المفتي بتحذيرات النبي صلى الله عليه وسلم من التسرع في إطلاق أحكام التكفير، مستدلًا بحديثه: "إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما"، مشيرا إلى أن الإسلام يدعو إلى التماس الأعذار للآخرين والبعد عن الظنون السيئة، موضحًا أن الجهل، والخطأ، والإكراه، وسوء التأويل من الموانع التي تحول دون الحكم بالكفر على الشخص.  

وأكد المفتي أن التسرع في إطلاق أحكام التكفير قد يكون مدفوعًا بالهوى الشخصي أو الإعجاب بالرأي، مما يؤدي إلى فساد في الأرض واستباحة النفوس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، مستشهدا بقول الله تعالى: "وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد".
 

هل يجوز صيام الجمعة منفردا بنية قضاء أيام من رمضان؟.. دار الإفتاء تردهل يجوز أداء سُنة العشاء بنية النافلة وقيام الليل؟.. دار الإفتاء تُجيب
بدون الأمن تفسد البلاد ويهلك العباد

نوه بأن الحديث عن الأمن المجتمعي يجب أن يُسبق بالحديث عن الأمن الفكري، لأن أمن المجتمع يعتمد بشكل كبير على هذا الجانب، مؤكدا أن الأمن المجتمعي لا يتعلق فقط بالاستعداد، بل يجب أن يكون هناك تصديق حقيقي بأهمية هذا النوع من الأمن، الذي يعتبر وسيلة أساسية للمحافظة على الكليات الخمس التي تم ذكرها.

وذكر أن الحديث عن الأمن المجتمعي يجب أن يُسبق بالحديث عن الأمن الفكري، لأن أمن المجتمع يتوقف على هذا الجانب بشكل كبير، وعندما نتناول قضية الأمن المجتمعي، يجب أولاً أن نوضح أن المقصود بهذا المعنى هو ليس مجرد الاستعداد فحسب، بل هو استعداد مع تصديق بأهمية هذا النوع من الأمن، باعتباره أحد الوسائل التي تحقق المحافظة على الكليات الخمس.

ولفت إلى أن النعمة التي امتن الله بها على قريش عندما تحدث عن نعمة الأمن في قوله: (لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)، تُبرز أهمية الأمن، فكما أن الإنسان يرتكز على ركيزتين مهمتين: الغذاء، الذي يضمن بقائه، والأمن والاستقرار، الذي هو أساس البناء والعمران، لذا عندما يتحدث النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: (من بات آمناً في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا)، فإنه يشير إلى أن الأمن والصحة هما قاعدة الحياة بأسرها، فإذا ما عدمت قاعدة من هاتين القاعدتين أدى ذلك إلى اختلال نواميس الكون وفساد البلاد وهلاك العباد". 


وأكد أنه عندما تتوقف عند قضية الأمن المجتمعي تجد أن هناك علاقة قوية بين الأمن الفكري والأمن المجتمعي، بل يمكن القول أن أحدهما مقدمة والآخر نتيجة، ولهذا المؤسسات الدينية تقوم بدور إيجابي في هذا المجال، إذ تحرص على احترام وتقدير مفهوم الأمن الشمولي والفكري، لأن سعادة الإنسان تتوقف على توفر الأمن في حياته، سواء في النفس أو المال أو العقل أو الدين.
 

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يهنئ الرئيس السيسي بذكرى الإسراء والمعراج
  • ردده الآن.. دعاء النبي في ليلة الإسراء والمعراج
  • معجزات ليلة الإسراء والمعراج .. 7 أمور ثابتة في شأن النبي
  • رد قوي من مفتي الجمهورية على المشككين في رحلة الإسراء والمعراج .. ماذا قال؟
  • مفتي الجمهورية يرد على المشككين في الإسراء والمعراج: جزء أصيل أثبتته الشرعية
  • مفتي الجمهورية: الحكم بالتكفير يكون بقرار نهائي من الجهات القضائية
  • مفتي الجمهورية:فلسفة الشريعة الإسلامية في تنظيم العلاقات الاجتماعية تنطلق من نظرة "مكسوَّة بالاحترام"
  • عالم أزهري يفجر مفاجأة.. «الإسراء والمعراج» ليس حصرا على النبي محمد صلى الله عليه وسلم
  • مفتي الجمهورية: تعطيل أعمال الناس بدعوى أداء الصلاة فهم قاصر.. (فيديو)
  • مفتي الجمهورية: الصلاة فريضة لا تسقط أبدا.. وعلاقة متجددة بين العبد وربه (فيديو)