إعداد: فرانس24 تابِع | حسين عمارة تابِع إعلان اقرأ المزيد

عوضا عن أن يكون عامل تهدئة الاحتقان بين الجانبين بشأن أوكرانيا، جاء الاتصال الهاتفي الأول منذ أكثر من عام - وبالتحديد في في أكتوبر/تشرين الأول 2022- بين وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان ليكورنو ونظيره الروسي سيرغي شويغو ليصب المزيد من الزيت على نار التوتر بين البلدين.

فقد تنصل ليكورنو من ادعاءات موسكو بأن باريس طلبت إقامة "حوار" مشترك بشأن الحرب في أوكرانيا وأن هناك تفهمًا روسيًا لهذا الطلب. لكن مصدرًا مقربًا من ليكورنو سارع إلى نفي مثل هذا التفاهم، قائلا إن "فرنسا لم تقبل ولم تقترح أي شيء" في هذا الموضوع.

وكان وزير الجيوش الفرنسي قد أصدر بيانا بعد انتهاء الاتصال أكد فيه على استعداد فرنسا لإجراء "مزيد من الاتصالات" مع موسكو من أجل محاربة "الإرهاب". دون أن ينسى بالطبع أن يدين بلا تحفظ " الحرب العدوانية التي شنتها روسيا في أوكرانيا". وكان البيان الوزاري واضحا للغاية في إظهار نية فرنسا وموقفها من الربط بين كييف والهجوم الإرهابي على قاعة الحفلات الموسيقية في موسكو وأن الاتصال جاء بمبادرة من باريس، حيث ذكر أن فرنسا "ليست لديها أية معلومات تسمح بإثبات وجود صلة بين هذا الهجوم وأوكرانيا" وطلبت من روسيا "الكف عن استغلاله.

لكن البيان الصادر عن وزارة الدفاع الروسية يذهب في اتجاه آخر تماما وبجمل مبهمة. فقد ذكر أنه تمت الإشارة خلال الاتصال إلى "الاستعداد للحوار بشأن أوكرانيا"، وأنه يمكن أن "تستند نقاط الانطلاق إلى مبادرة إسطنبول للسلام" دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل أو توضح الوزارة ما تعنيه بالتحديد من هذا الحوار.

بيد أن الإشارة إلى إسطنبول لم تكن عفوية؛ فقد كانت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أعربت عن استعدادها لاستضافة قمة سلام بين روسيا وأوكرانيا، لكن كييف رفضت فكرة التفاوض مباشرة مع موسكو. فالمبادرات الداعية لعقد مؤتمرات للسلام في عواصم مختلفة بشأن الحرب في أوكرانيا تتوالى لكنها لا تجد كلها تجاوبا من موسكو، وآخرها بالطبع الدعوة لعقد مؤتمر في سويسرا دون حضور روسيا، وهو ما أرادت وزارة الدفاع الروسية التنويه إليه بقولها "أن أية فكرة لعقد اجتماع حول أوكرانيا في سويسرا "لا معنى لها" دون مشاركة روسيا.

يذكر أن فرنسا قد صعدت من لهجتها المناوئة في روسيا مؤخرا، حتى أن الرئيس إيمانويل ماكرون دعا صراحة إلى إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا للتصدي للتوغل الروسي ووقف تقدم موسكو العسكري في الميدان. لذا جاء البيان الروسي ليشدد على هذه النقطة بالقول إن أي "تطبيق عملي" لفكرة الرئيس الفرنسي بإرسال قوات إلى أوكرانيا سيسبب مشاكل لفرنسا.

هجوم موسكو

من جهة أخرى، لم يمنع هذا الاتصال النادر بين وزيري دفاع البلدين تلويح موسكو باحتمال تورط فرنسا في الهجوم الإرهابي الدامي على قاعة حفلات كروكوس في 22 مارس/آذار الماضي. فروسيا التي تتهم أوكرانيا بالضلوع في هذا الهجوم لا تريد إعفاء حلفائها الغربيين من المسؤولية أيضا؛ وهو ما دفع شويغو إلى ذكر هذا الموضوع في حديثه مع ليكورنو حيث قال إنه يأمل ألا تكون "الاستخبارات الفرنسية" متورطة في الهجوم بضواحي موسكو الذي أعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" مسؤوليته عنه. وأضاف أن "نظام كييف لا يفعل أي شيء دون موافقة المشرفين الغربيين عليه. نأمل، في هذه الحالة، ألا تكون الاستخبارات الفرنسية ضالعة" في الهجوم.

وعلى الرغم من أن الاتصال الهاتفي بين الوزيرين كان يتناول بالأساس مسألة التعاون بين البلدين في مجال "الإرهاب" تأكيدا لما قاله الرئيس ماكرون عقب الهجوم "عرضنا على روسيا، وكذلك على شركائنا في المنطقة، تعزيز التعاون"، بيد أن موسكو أبت إلا أن تقحم أوكرانيا. وهو أمر طبيعي من وجهة نظرها، فهي تتهم أوكرانيا "بالإرهاب" لذا فإن أي حوار بشأن التعاون في مكافحته يستلزم بالضرورة إدراج كييف فيه. وهو أمر مختلف تماما بالنسبة لباريس التي لا ترى علاقة بين طرفي هذه المعادلة الروسية. 

 

حلف شمال الأطلسي

لا يمكن أن يمر هذا التأكيد والنفي المتبادل بين الطرفين إلا بجرنا إلى الحديث عن توتر آخر أكثر اتساعا، ألا وهو التوتر بين موسكو وحلف شمال الأطلسي. فهذا التوتر الثنائي، بين العاصمتين الأوروبيتين الكبيرتين، يعكس ملامح توتر أكبر وأعظم أهمية لا تمثل فيه باريس إلا ضلعًا واحدًا من عدد كبير من الأضلاع من بينها الولايات المتحدة، وذلك بحكم كونها عضوا في حلف شمال الأطلسي ولا يمكن الفصل كثيرا بين سياستها الخارجية الخاصة وتلك التابعة للحلف.

 

حلف الناتو يريد ضمان إمدادات عسكرية "موثوقة" لأوكرانيا.. ما الرد الروسي؟ 01:43

لعبت فرنسا ورئيسها في بداية أزمة الغزو الروسي لأوكرانيا دورا محوريا في الاتصال مع موسكو لإقناعها بوقف حربها ضد كييف، وكانت همزة الوصل بين حلف شمال الأطلسي وروسيا حتى أدركت بعد عامين أن مجهوداتها في إقناع روسيا لتغيير موقفها لم تجدِ نفعا، فسارعت إلى الالتصاق بالموقف الأمريكي المعادي للرئيس بوتين.

وبدأ الرئيس الفرنسي في اتخاذ مواقف أكثر تصلبا وتشددا ضد روسيا وأشد دعما لأوكرانيا على كافة المستويات، العسكرية والسياسية خصوصا. ولا يمكننا إلا القول بأن حلف شمال الأطلسي قد بات في حرب مفتوحة ضد روسيا تديرها أوكرانيا بالوكالة. وهو ما يفسر التصريحات الأخيرة لأمينه العام يانس ستولتنبرغ والمحذرة لإيران وكوريا الشمالية والصين من دعمهما العسكري المتزايد لموسكو في هذه الحرب، وهو الأمر الذي لن يسكت عليه الحلف بدوله الاثنين والثلاثين.

فقد قال ستولتنبرغ خلال اجتماع للوزراء في بروكسل الأربعاء إن "أصدقاء روسيا في آسيا مهمون لمواصلة هذه الحرب العدائية". وذكر أن الصين "تدعم أيضا اقتصاد الحرب الروسي". وأضاف "هذا له عواقب أمنية على المستوى الإقليمي والعالمي"، موضحا أن وزراء دول الحلف سيناقشون كيفية التعامل مع هذا الموضوع.

وينصب غضب الحلف بالأساس على إيران التي تزود روسيا بطائرات مسيرة من طراز "شاهد" استخدمتها كثيرا في مهاجمة البنية التحتية الأوكرانية، ويتزايد قلقها من أن طهران قد تنقل قريبا أيضا صواريخ باليستية إلى روسيا التي تقدم في المقابل تكنولوجيا وإمدادات تساعد على تطوير قدرات طهران الصاروخية والنووية. وهو الأمر الذي تنفيه موسكو.

من جهة أخرى، تقول موسكو إنه ليس لديها أية نية لبدء صراع عسكري مع الحلف أو أعضائه. بيد أن وضع علاقتها مع حلف شمال الأطلسي يتدهور "بشكل متوقع ومتعمد" على حد تعبير نائب وزير الخارجية ألكسندر جروشكو، الذي اتهم واشنطن وبروكسل بإيصال جميع قنوات الحوار بين موسكو والحلف لمستوى "حرج عند الصفر".

ينسحب هذا التوتر بلا شك بين روسيا والناتو على العلاقات الدبلوماسية بين موسكو والدول الكبيرة من أعضاء الحلف مثل فرنسا وألمانيا، ويزداد انعدام الثقة بين الطرفين يوما بعد آخر ما يؤجج الوضع أكثر فأكثر ويدفع باتجاه مواجهة شاملة بينهما لن تقتصر فقط على الأراضي الأوكرانية بل ربما تدخل أوروبا كلها في أتون حرب لم تشهدها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في منتصف القرن الماضي.

 

فرانس24/ وكالات

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا الانتخابات البلدية التركية ريبورتاج موسكو باريس الحرب في أوكرانيا فرنسا أوكرانيا كييف إسطنبول حلف شمال الأطلسي إيمانويل ماكرون الدولة الإسلامية حلف شمال الأطلسي بروكسل الصين إيران صواريخ طهران أوروبا الحرب العالمية الثانية روسيا موسكو فرنسا إيمانويل ماكرون فلاديمير بوتين دبلوماسية إسرائيل للمزيد إيران حزب الله دمشق الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا حلف شمال الأطلسی

إقرأ أيضاً:

الكرملين يعلن استعداده للحوار مع ترامب بشأن الحرب في أوكرانيا

قال الكرملين اليوم الخميس إنه لا يرى جديدا في تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة بشأن الحرب في أوكرانيا وأكد انفتاحه على الحوار، في حين أسفرت ضربة صاروخية روسية على مدينة زاباروجيا عن مقتل شخص وإصابة العشرات وفق السلطات المحلية.

وقال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف ردا على سؤال صحفي صحافي حول تهديدات ترامب الأربعاء بفرض عقوبات جديدة على روسيا إذا لم تتوصل إلى حل للنزاع مع أوكرانيا بسرعة "لا نرى أي شيء جديد" في التصريحات.

وأوضح بيسكوف أنه كان واضحا ترامب يحب العقوبات، منذ رئاسته الأولى للولايات المتحدة، وأكد أن بلاده تتابع تصريحات ترامب عن كثب.

وأعرب الناطق باسم الكرملين عن استعداد بلاده للحوار شريطة أن يكون مبنيا "على التوازن والاحترام المتبادل".

والأربعاء، توجه ترامب إلى بوتين عبر منشور على منصته "تروث سوشل"، دعاه فيه إلى التوصل إلى اتفاق عاجل، مهددا بـ"مستويات عالية من الضرائب والتعريفات الجمركية والعقوبات" إذا لم يحدث ذلك.

وتتزايد التوقعات بأن يجري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي مكالمة هاتفية بشأن النزاع في أوكرانيا خلال الأيام المقبلة.

هجمات متبادل

من جهة أخرى، قال مسؤولون عينتهم روسيا في منطقة زاباروجيا الأوكرانية إن 4 طائرات مسيّرة أوكرانية هاجمت أمس الأربعاء مدينة إينيرهودار الخاضعة لسيطرة موسكو، دون وقوع إصابات.

إعلان

ووصف القائم بأعمال رئيس بلدية المدينة، ماكسيم بوكا، في تصريح أدلى به لوسائل إعلام روسية الهجوم بأنه "عمل إرهابي"، مشيرا إلى أن المسيّرات استهدفت البنية التحتية المدنية والمناطق السكنية.

في المقابل، أسفرت ضربة صاروخية روسية على مدينة زابوريجيا في جنوب أوكرانيا الخميس عن مقتل شخص وإصابة 25 آخرين، وفق ما أفاد حاكم المنطقة.

ونشر جهاز الطوارئ في المقاطعة صورا لمبنى مدمر وعربة إطفاء متضررة أصيبت في الهجوم.

وأفاد الجهاز في بيان "أسفر الهجوم عن مقتل شخص وإصابة 25 آخرين، بينهم طفل يبلغ شهرين وأربعة عناصر إنقاذ".

من جانبه، أشار سلاح الجو الأوكراني إلى أن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت 57 مسيّرة روسية بينها طائرة من طراز شاهد الإيرانية الصنع.

مقالات مشابهة

  • الكرملين يعلن استعداده للحوار مع ترامب بشأن الحرب في أوكرانيا
  • ترامب يهدد روسيا بفرض عقوبات إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن أوكرانيا
  • فوراً..ترامب يهدد روسيا بالعقوبات إذا لم توقف الحرب على أوكرانيا
  • ترامب يطالب بإنهاء حرب أوكرانيا ويتوعد روسيا بعقوبات قاسية
  • ترامب: على روسيا وبوتين أن يوقفا الحرب السخيفة في أوكرانيا
  • ترامب يلوح بعقوبات على روسيا بشأن أوكرانيا
  • ترامب يلوح بعقوبات على روسيا إذا رفضت التفاوض بشأن أوكرانيا
  • ترامب يوجه انتقادات غير معتادة لبوتين: يدمر روسيا بعدم إبرام صفقة بشأن أوكرانيا
  • ترامب: بوتين يدمر روسيا برفضه إنهاء الحرب مع أوكرانيا
  • بوتين يهنئ ترامب ويؤكد انفتاح موسكو على الحوار بشأن أوكرانيا