يبدو أن "إسرائيل تحولت من (حرب الظل) إلى الاستهداف المباشر والمكشوف لإيران"،  وذلك بعد أن قامت باغتيال عدد من قادة فيلق القدس في قصف على مبنى ملحق بالقنصلية الإيرانية بدمشق، بمن فيهم القائد البارز محمد رضا زاهدي.

هذا ما جاء في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، التي لفتت قبل الحديث عن السيناريوهات المحتملة إلى أن إسرائيل التي التزمت حتى الآن بالقواعد الضمنية وغير الرسمية لـ"حرب الظل" السرية غيرت إستراتيجيتها بهجومها على هذا المبنى الذي يستضيف قادة فيلق القدس المسؤولين عن العمليات في سوريا ولبنان أي أنها وجهت ضربة مباشرة لإيران.

واعتبرت هآرتس، في مقال لكاتبها آلون بنكاس، أن ما قامت به إسرائيل هو "الشيء الصحيح والحتمي"، غير أنها حذرت من أن اختيار التوقيت لم يكن موفقا بالنظر إلى سياق وظروف الحرب المستمرة في غزة، وهو ما حول هذا الهجوم إلى "عمل متهور من التصعيد المتعمد الذي قد لا يقتصر على توسيع كبير للحرب فحسب، بل قد يشمل أيضا إقحام الولايات المتحدة، وهو ما يتوقف على نطاق الانتقام الإيراني وتوقيته.

لكن ما هي الطرق المحتملة للانتقام الإيراني؟ هذا ما حدده بنكاس في 4 سيناريوهات:

 

أولا، أن تلتزم إيران بسياستها القديمة المتمثلة في عدم الرد الفوري، بل الانتظار بصبر للانتقام في زمان ومكان وهدف يتم اختياره بعناية ويتناسب مع الضرر الرمزي والحقيقي الذي أحدثه الهجوم الإسرائيلي.

لكن أهمية الأهداف التي ضربتها إسرائيل ورمزيتها والاحتجاج السياسي في طهران الذي يطالب بالانتقام لاستعادة الشرف والردع، وسمعة إيران بين وكلائها، يجعل هذا خيارا صعبا ولكنه لا يزال ممكنا، وفقا للكاتب.

ثانيا، أن إيران لم يعد لديها خيار سوى الرد بسرعة وبشكل متناسب، وبالتالي تستهدف السفن والسفارات والأفراد الإسرائيليين في الخارج. ويعتمد هذا على المعلومات الاستخباراتية والفرصة السانحة، وهما عنصران من المرجح أن تمتلكهما إيران، غير أن المشكلة في هذا الخيار هي أنه يطلق العنان لعملية من الخطوات التصعيدية المتبادلة.

أما الخيار الثالث، فهو التوجه نحو تصعيد كامل من خلال حزب الله في لبنان وإشراك إسرائيل في جبهة ثانية أكثر فتكا وتكلفة بكثير مما كانت عليه في غزة.

ويثير هذا الخيار، وفقا للكاتب، سؤالا حاسما فيما يتعلق بمستوى السيطرة والنفوذ الإيراني على حزب الله: هل تستطيع طهران فعلا إجبار الحزب على الانخراط في حرب من شأنها أن تعيث فسادا في لبنان؟

والرابع، هو سيناريو يوم القيامة، حيث تقوم إيران الغاضبة والتي تحس بالإهانة بهجمات لا تقتصر على أهداف إسرائيلية مهمة، بل تشمل أيضا أهدافا أميركية في الخليج العربي.

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

من هو الشهيد محمد الضيف؟.. مرعب إسرائيل الذي أرهق الإحتلال لثلاثة عقود

أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، مساء الخميس 30 يناير 2025، استشهاد قائدها العام محمد الضيف، بعد مسيرة طويلة، توجها بعمليتي "سيف القدس" (2021) و"طوفان الأقصى" (2023).

ولم توضح القسام، في كلمة مصورة لمتحدثها أبو عبيدة، ظروف استشهاد الضيف الملقب بـ"أبو خالد"، واكتفت بالإشارة إلى أنه ارتقى في ساحات القتال بقطاع غزة ضد إسرائيل "مقبلا غير مدبر".

ونعاه أبو عبيدة قائلا إنه "استشهد هو وثلة من الرجال العظماء أعضاء المجلس العسكري العام للكتائب في خضم معركة طوفان الأقصى حيث مواطن الشرف والبطولة والعطاء".

وأضاف أن هؤلاء القادة "حققوا مرادهم بالشهادة في سبيل الله التي هي غاية أمنياتهم كختام مبارك لحياتهم الحافلة بالعمل في سبيل الله، ثم في سبيل حريتهم ومقدساتهم وأرضهم".

وشدد على أن "هذا ما يليق بقائدنا محمد الضيف الذي أرهق العدو منذ أكثر من 30 سنة، فكيف بربكم لمحمد الضيف أن يُذكر في التاريخ دون لقب الشهيد ووسام الشهادة في سبيل الله؟".

وعلى مدى سنوات، نفذت إسرائيل محاولات عديدة لاغتيال الضيف، لكنها فشلت في تحقيق هدفها، رغم إصابته في إحدى تلك المحاولات.

آخر محاولة لاغتياله أعلنتها إسرائيل كانت في 13 يوليو/ تموز 2024، حين شنت طائرات حربية غارة استهدفت خيام نازحين في منطقة مواصي خان يونس جنوب غزة، التي صنفها الجيش الإسرائيلي بأنها "منطقة آمنة"، ما أسفر عن استشهاد 90 فلسطينيا، معظمهم أطفال ونساء، وإصابة أكثر من 300 آخرين.

لكن "القسام" نفت آنذاك صحة اغتياله، قائلة: "هذه ليست المرة الأولى التي يدعي فيها الاحتلال استهداف قيادات فلسطينية، ويتبين كذبها لاحقا، وإن هذه الادعاءات الكاذبة إنما هي للتغطية على حجم المجزرة المروعة".

** فمن محمد الضيف؟

ولد محمد دياب إبراهيم الضيف عام 1965، لأسرة فلسطينية لاجئة عايشت كما آلاف العائلات الفلسطينية آلام اللجوء عام 1948؛ لتعيش رحلة التشرد في مخيمات اللاجئين قبل أن تستقر في مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة.

وفي سن مبكرة، عمل الضيف في أكثر من مهنة ليساعد أسرته الفقيرة، فكان يعمل مع والده في محل "للتنجيد".

درس الضيف في كلية العلوم في الجامعة الإسلامية بغزة، وخلال هذه الفترة برز طالبا نشيطا في العمل الدعوي والطلابي والإغاثي، كما أبدع في مجال المسرح، وتشبع خلال دراسته الجامعية بالفكر الإسلامي.

وبدأ نشاطه العسكري أيام الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حيث انضم إلى حماس في 1989، وكان من أبرز رجالها الميدانيين، فاعتقلته إسرائيل في ذلك العام ليقضي في سجونها سنة ونصفا دون محاكمة بتهمة "العمل في الجهاز العسكري لحماس".

وأوائل تسعينيات القرن الماضي، انتقل الضيف إلى الضفة الغربية مع عدد من قادة "القسام" في قطاع غزة، ومكث فيها مدة من الزمن، وأشرف على تأسيس فرع لكتائب القسام هناك.

في عام 2002، تولى قيادة كتائب القسام بعد اغتيال قائدها صلاح شحادة.

** مدافع عن القدس والأقصى

وعلى مدار حياته وقيادته في القسام، انشغل الضيف بالدفاع عن القدس والمسجد الأقصى في مواجهة اعتداءات إسرائيل.

هذا الأمر جعل اسمه يترد في الهتاف الشهير "إحنا رجال محمد ضيف" الذي بات يردده الفلسطينيون بالمسجد الأقصى في مواجهة الاقتحامات الإسرائيلية له، رغم أنهم لا يهتفون عادة لأي شخصية سياسية سواء كانت فلسطينية أو عربية أو إسلامية.

وبدأ الشبان الفلسطينيون في ترديد هذا الهتاف بمنطقة باب العامود، أحد أبواب بلدة القدس القديمة، في بداية شهر رمضان عام 2021 الذي وافق آنذاك 13 أبريل/ نيسان، حينما كانوا يحتجون على إغلاق الشرطة الإسرائيلية المنطقة أمامهم.

وبعد احتجاجات استمرت أكثر من أسبوعين، تخللها إطلاق أكثر من 45 صاروخا من غزة، على تجمعات إسرائيلية محاذية له، تراجعت إسرائيل وأزالت حواجزها من باب العامود.

وآنذاك، حذر الضيف إسرائيل من مغبة الاستمرار في سياساتها في القدس.

ولاحقًا، تكرر اسم الضيف في مظاهرات تم تنظيمها في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، احتجاجا على قرارات إخلاء عشرات العائلات الفلسطينية من منازلها في الحي لصالح مستوطنين.

وعلى إثر ذلك، خصّ الضيف، في بيان صدر في 4 مايو/ أيار 2021، سكان الشيخ جراح بأول إطلالة بعد سنوات من الاختفاء الإعلامي.

إذ قال إنه يحيي "أهلنا الصامدين في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة"، مؤكدا أن "قيادة المقاومة والقسام ترقب ما يجري عن كثب”.

ووجه "تحذيرا واضحا وأخيرا للاحتلال ومغتصبيه بأنه إن لم يتوقف العدوان على أهلنا في حي الشيخ جراح في الحال، فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسيدفع العدو الثمن غاليا”.

وبعد أكثر من عامين من ذلك التاريخ، عاد الضيف للدفاع عن المسجد الأقصى، عبر عملية "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، الذي يُعتبر من مهندسيها.

إذ كان من أبرز مبررات إقدام "القسام"، على تلك العملية، تمادي إسرائيل في العدوان على القدس والمسجد الأقصى.

وعلى مدى نحو عقدين من الزمن، جاء الضيف على رأس قائمة الأشخاص الذين تريد إسرائيل تصفيتهم، حيث تتهمه بالوقوف وراء عشرات العمليات العسكرية في بداية العمل المسلّح لكتائب القسام.

ويفتخر جل الفلسطينيين بالضيف وبما حققه من أسطورة في التخفي عن أعين إسرائيل عقودا من الزمن، ودوره الكبير في تطوير الأداء العسكري اللافت لكتائب القسام، وخاصة على صعيد الأنفاق والقوة الصاروخية.

ويعزو جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" فشله لسنوات طويلة في تصفية الضيف إلى شخصيته، وما يتمتع به من حذر، ودهاء، وحسن تفكير، وقدرة على التخفي عن الأنظار، لدرجة أنه سماه "ابن الموت".

** "كما أنتِ هنا مزروعٌ أنا"

وسابقا، نجا الضيف من عدة محاولات اغتيال منها في أغسطس/ آب 2014، حيث قصفت إسرائيل منزلا شمالي مدينة غزة بخمسة صواريخ، ما أدى إلى مقتل 5 فلسطينيين بينهم زوجة القيادي الضيف (وداد) وابنه علي.

كذلك، حاولت إسرائيل اغتيال الضيف عام 2006، وهو ما تسبب، وفق مصادر إسرائيلية، في خسارته لإحدى عينيه، وإصابته في الأطراف.

وحاولت إسرائيل اغتياله للمرة الأولى عام 2001، لكنه نجا، وبعدها بسنة تمت المحاولة الثانية والأشهر، والتي اعترفت إسرائيل فيها بأنه نجا بأعجوبة وذلك عندما أطلقت مروحية صاروخين نحو سيارته في حي الشيخ رضوان بغزة.

وكان آخر المشاهد المسجلة للضيف ظهوره ضمن وثائقي "ما خفي أعظم" على قناة الجزيرة، وهو يضع اللمسات الأخيرة لعملية "طوفان الأقصى".

وحينها ردد كلمات لخصت مسيرته وهو يشير إلى خريطة فلسطين، جاء فيها:

كما أنتِ هنا مزروعٌ أنا

ولِي في هذه الأرض آلافُ البُذُور

ومهما حاوَل الطُّغاةُ قلعَنَا ستُنبِتُ البُذُور

أنا هنا في أرضِي الحبيبة الكثيرة العطاء

ومثلُها عطاؤُنا نواصِلُ الطَّريق لا نوقفُ المَسير

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تعترف: المعلومات عن اغتيال قائد كتيبة الشاطئ غير صحيحة
  • بعد ظهوره في مراسم تسليم المحتجزين.. إسرائيل تعترف بفشل اغتيال قيادي بحماس
  • أسمته “إسرائيل” رجل الموت.. من هو محمد الضّيف مهندس معركة “طوفان الأقصى” الذي أرعب الكيان الصهيوني؟ (تفاصيل + فيديو)
  • بقائمة جديدة.. حماس تعلن أسماء 16 من قادتها قتلتهم إسرائيل بغزة
  • خبير علاقات دولية: نشر صحيفة إسرائيلية صورة السيسي مع الرئيس الإيراني السابق تهديد لمصر
  • من هو الشهيد محمد الضيف؟.. مرعب إسرائيل الذي أرهق الإحتلال لثلاثة عقود
  • «الظّل» الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو «محمد الضيف»؟
  • محللون: إعلان استشهاد الضيف يؤكد قوة حماس ولن يفيد إسرائيل إستراتيجيا
  • كتائب القسام تنعى كبار قادتها العسكريين في معركة طوفان الأقصى
  • صحيفة: إسرائيل تمنع الأسير زكريا الزبيدي من العودة لمخيم جنين