د. محمد بشاري يكتب: الدين.. حيث هو حجر أساس
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
لو تخيلنا حزمة من الاستعدادات الذهنية، وحقيبة غنية من المؤونة الأخلاقية، يضاف إليها حاجة نابضة نشطة يحملها كل منا في صدره، تلح عليه مرةً تلو الأخرى بالسكون والطمأنينة الدينية، نستطيع ها هنا أن نلخص معنى أن تكون إنساناً.
وإن هذا لا يعد من قبيل الاختصار أو التهويل فيما ذكر، أو التهوين فيما لم يذكر، وإنما هو محاولة تفكيكية إيضاحية لجل ما يقوم عليه كينونة الوجود الآدمي، مالم يتعكر بمنغصات أو انحرافات دخيلة، فالاستعداد الذهني، هو الهبة الربانية الخَلقية التي تعني قدرة الأفراد على التصرف والإدراك والاحساس من خلال سيالات عصبية بالغة الدقة، تتحد مع شتى الأعضاء البيولوجية من أجل الوصول لأدق منتوج سلوكي أو معرفي جديد.
وأما فيما يتعلق بالنزوع إلى الدين، هو ميول وتوجه روحي بعيد عن التقيد بالجسد، سيما أن هذا الجسد يمثل أداة تحقيق الغايات الإنسانية بطبيعة عملية، ولا يمكن أن يشبع أو يقوم بمتطلبات روحية بحتة، ولذا عد الجسد "مكون عرضي" غير تأسيسي في أيما موضع عند الحديث عن تفكيك وتحليل عمق الذات الإنسانية.
إن الإمعان في هذه الأسس الثلاث : (العقل، القيم، الدين )، لا يضعنا في محور المبالغة، إذا ما وصفناها بأنها "تركيبة" متجانسة ينتمي لها جل النجاحات والاخفاقات في المجتمع البشري، بل أن لكل منها تسلسل وهيكلة لا يمكن عزله عن الدين، أو الحاجة له، فإذا ما فقدت، أو اعتراها أي من تأثرات التيارات الفكرية التي تسعى لفصل الدين عن كل شيء، وجدت عقبات وتحديات مستحدثة في الواقع الإنساني، فالعقل وإن يرغب في إطلاق عنانه، وإشباع جماحه الفائر، إلا أنه إن لم يقيد بسراج الوعي والدراية بالحد المسموح والخطوط الحمراء انقلب ترجمةً واضحة من عقل مفكر، إلى سلوك مدمر، وهنا تتجلى الاطروحات الدينية التي تحث على الاستزادة المعرفية، والتفكير والتفكر دونما خروج عما لا يفيد الإنسان، وإهدار طاقاته في ما يضره. وأما عن القيم ومؤنساتها الأخلاقية التي تتضيف البهجة والمعنى للحياة، فإنها وإن كانت عامة وفطرية، وسابقة للدين، إلا أنها تظل قاصرة معوزة لما يتممها، ويشحذ حوافها حتى تبدو أكثر دقةً واستقامة ولتزيل أي استثناءات قد تحول من الأخلاق لأداة تمييز أو ظلم أو تطويع، خدمةً لفكر ما أو انتماء، أو غيرها. وبالتالي فإن الدين هو حلقة وصل متينة تؤدي للتطوير والقوة والاستمرارية المبنية على أسس ثابتة صلبة.
و إن ما يجدر ذكره، في أكثر من هذا الموضع والمقام، أن كل ما يجري تدارسه وتناقله، وإن عد متفرداً أو أصيلاً، فلا بد من الإشارة لانتمائه وما مثل أساساً في تكونه، وترعرعه، من مرجعية تاريخية ودينية واجتماعية وثقافية، وبالتالي يظل هناك آفاق طولها كطول أشعة الشمس، ممتدة كثيرة العطاء، دافئة ومهمة، ولكن انكسارها على الأجسام، أو تبدل قوتها وشكلها لا يمثل حقيقتها المطلقة، ولا يعني صيغتها الأخيرة. وبالتالي علينا دائماً الإصغاء للصورة الفلسفية الأولى، دون تردد في مد البصر لما يختبئ ورائها، وما دفع بها لتطفو على السطح.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
القرقاوي: الإمارات مستمرة في دعم المؤسسات الإنسانية الرائدة في المنطقة العربية والعالم
زار محمد القرقاوي، الأمين العام لمؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية"، مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب، حيث التقى جراح القلب المصري العالمي البروفيسور السير مجدي يعقوب.
واطلع محمد القرقاوي، خلال الزيارة التي رافقته فيها مريم الكعبي، سفيرة الإمارات لدى مصر والمندوبة الدائمة لدى جامعة الدول العربية، وسعيد العطر الأمين العام المساعد لمؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية"، على مراحل العمل وحجم الإنجاز في مجمع المباني الطبية لمركز مجدي يعقوب العالمي للقلب في القاهرة، والذي يحمل اسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.
واستمع القرقاوي من فرق العمل في المركز، إلى شرح عن الخطوات التالية لاستكمال مجمع المباني الطبية وجميع التجهيزات اللازمة، والآليات المتبعة لتجاوز التحديات خلال فترة الإنشاء.
وأكد القرقاوي، أن دولة الإمارات مستمرة في دعم المؤسسات الإنسانية الرائدة في المنطقة العربية والعالم، بما يترجم توجيهات قيادتها في تحسين حياة المجتمعات إلى الأفضل، ومساندة كل جهد خيري يستهدف تلبية الاحتياجات الأساسية لأبنائها وفي مقدمتها الرعاية الطبية ومساعدة المرضى من الشرائح العمرية والاجتماعية المختلفة وخصوصاً ممن يواجهون ظروفاً اقتصادية صعبة.
وثمن الدور الكبير الذي يقوم به مركز مجدي يعقوب العالمي للقلب في القاهرة، لمساعدة مرضى القلب في مصر والدول المجاورة.
وقدمت دولة الإمارات في سبتمبر (أيلول) الماضي، دعماً جديداً لمؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب بقيمة 220 مليون درهم، للإسهام في استكمال مركز مجدي يعقوب العالمي للقلب في القاهرة، ليصل إجمالي الدعم المقدم للمؤسسة إلى حوالي 320 مليون درهم، وذلك تحت مظلة مؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية"، حيث ستزيد المباني الجديدة من قدرة المركز على استيعاب ما يصل إلى 120 ألف مريض خارجي و12 ألف عملية جراحية سنوياً، وبما مجموعه 132 ألف مريض سنوياً.
وبفضل الدعم الذي قدمته دولة الإمارات، والذي يصل مجموعه إلى 320 مليون درهم، يجري العمل اليوم للانتهاء من المشروع الطبي الحيوي لمركز مجدي يعقوب العالمي للقلب، وبناء منشأة جديدة على مساحة 35.67 فدان في مدينة 6 أكتوبر، حيث تركز المنشأة الجديدة بشكل خاص على تعزيز القدرات في علاج حديثي الولادة الذين يعانون من أمراض القلب الخلقية المعقدة، بهدف توفير الفرصة للأطفال المرضى من هذه الشريحة العمرية لعيش حياة طبيعية تصل إلى نسبة 95%.
وتضم المنشأة الجديدة مركزاً رئيسياً متكاملاً يضم 5 غرف عمليات و5 مختبرات قسطرة، ومركزاً للتشخيص والتصوير، إضافة إلى 300 سرير، و36 عيادة خارجية.
ويسعى المركز إلى زيادة عدد الخريجين من برامج التدريب ثلاثة أضعاف العدد الحالي، ليصل إلى 2625 من خلال تدريب 1750 متخصصاً جديداً في مجال الصحة سنوياً.